الدعوى 3 لسنة 12 – دستورية – المحكمة الدستورية العليا – مرفوعة علنية رقم 3 لسنة 12 بتاريخ 02/01/1993
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 2 يناير سنة 1993 الموافق 9 رجب سنة 1413 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين : الدكتور محمد ابراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض. أعضاء
وحضور السيد المستشار/ محمد خيرى طه عبد المطلب رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 12 قضائية دستورية
المقامة من
الاستاذ / احمد فؤاد عبد الحميد القليوبي المحامى
ضد
1- السيد / رئيس الجمهورية
2- السيد / رئيس الوزراء
3- السيد / وزير الداخليه
4- السيد / مفتي الجمهورية
5- السيد / وزير السياحه
6- السيد / وزير الاوقاف
7- السيد / وزير شئون الازهر
8- السيد / وزير الحكم المحلي
الإجراءات
بتاريخ 3 من فبراير سنة 1990 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا طالبا الحكم بعدم دستورية المواد 17، 18 ، 20 ، 25 ، 26 ، من القانون رقم 371 لسنة 1956 والمعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1957 فى شأن المحال العامة، وبعدم دستورية المواد 21، 24، 26، بند 8 من القسم الأول، وكذلك بند 8 من القسم الثانى من جدول بيان أنواع الملاهى من القرار بقانون رقم 372 لسنة 1956 فى شأن الملاهى، وبعدم دستورية المادة الثانية من القانون رقم 63 لسنة 1976 بشأن حظر شرب الخمر، مع كل ما يترتب على ذلك من آثار.
أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة.
حيث إن الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 18256 لسنة 1988 مدنى كلى جنوب القاهرة طالبا الحكم أصلياً: بإلزام المدعى عليهم بصفاتهم بمصادرة الخمور على اختلاف أنواعها، ومصادرة الأدوات والنقود وغيرها من الأشياء التى استخدمت فى جرائم الميسر، وبتعويض أدبى بإقامة مساجد لله تعالى فى ذات أماكن الحانات الليلية بجميع أنحاء الجمهورية ، واحتياطياً : بعدم دستورية القانون رقم 371 لسنة 1956 المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1957 والقانون رقم 372 لسنة 1956، والقانون رقم 63 لسنة 1976. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع بعدم الدستورية المثار فى الطلب الاحتياطى ، فقد صرحت للمدعى فى حكمها الصادر بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1989 بإقامة دعواه الدستورية خلال ثلاثة أشهر منذئذ، فأقام دعواه الماثلة.
وبتاريخ 25 من مارس سنة 1990 حكمت المحكمة المذكورة بوقف الدعوى تعليقا حتى يفصل فى الدعوى الدستورية الراهنة.
وحيث إن المدعى ينعى على النصوص التشريعية المطعون عليها أنها فيما أباحته من شرب الخمر والاتجار فيها، وصرحت به من لعب الميسر، ورخصت به من فتح الحانات الليلية وتقديم الخمور والعروض المثيرة للغرائز الجنسية الفاضحة لروادها تكون قد أحلت ما حرمه الله تعالى فى محكم كتابه بنصوص قرآنية صريحة حرمت الخمر والميسر تحريما قاطعا ولم تلتزم نهى السنة النبوية الشريفة عنه ما، وتكون بذلك مخالفة لأحكام المواد 2و 9و 12و 79و 155 من الدستور، وكذلك أحكام القانون رقم 34 لسنة 1972 بشأن حماية الوحدة الوطنية والقانون 95 لسنة 1980 بشأن حماية القيم من العيب.
وحيث إن المدعى يتوخى بدعواه أمام محكمة الموضوع – ووعلى ما جاء فى طلباته الختامية التى أوضحتها صحيفتها ما كان منها أصليا أو احتياطيا- مجرد تقرير عدم دستورية النصوص التشريعية التى حددها، وإبطال الآثار المترتبة عليها دون أن يقرن ذلك بأية طلبات لحقوق موضوعية يدعيها يكون الفصل فيها مرتبطا بالفصل فى دستورية هذه النصوص.
وحيث إن الدستور أفرد المحكمة الدستورية العليا بتنظيم خاص حدد قواعده فى الفصل الخامس من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم، فناط بها دون غيرها- فى المادة 175 منه – مباشرة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، كما اختصها بولاية تفسير النصوص التشريعية ، وذلك كله على الوجه المبين فى القانون.
وحيث إنه إعمالا لهذا التفويض- الذى يستمد أصله من الدستور- حدد قانون المحكمة الدستورية العليا القواعد الموضوعية والإجرائية التى تباشر هذه المحكمة – من خلالها وعلى ضوئها، الرقابة القضائية على دستورية النصوص التشريعية ، فرسم لاتصال الدعوى الدستورية بهذه المحكمة طرائق بذاتها حددتها تفصيلا، وبينتها حصرا المادتان 27، 29 من قانون هذه المحكمة باعتبار أن ولوجها وإقامة الدعوى الدستورية من خلالها من الأشكال الإجرائية الجوهرية التى لا تجوز مخالفتها كى ينتظم التداعى فى المسائل الدستورية فى إطارها ووفقا لأحكامها.
وحيث إن المشرع نظم بالمادة 29 المشار إليها المسائل الدستورية التى تعرض على هذه المحكمة من خلال محكمة الموضوع، وهى قاطعة فى دلالتها على أن النصوص التشريعية التى يتصل الطعن عليها بالمحكمة الدستورية العليا اتصالا مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً، هى تلك التى تطرح عليها بعد دفع بعدم دستوريتها يبديه خصم أمام محكمة الموضوع وتقدر هى جديته، أو إثر إحالتها إليها مباشرة من محكمة الموضوع لقيام شبهة قوية لديها على مخالفتها لأحكام الدستور، وأنه فى كلتا الحالتين يتعين أن يكون الحكم الصادر فى الدعوى الدستورية مؤثراً فيما تنتهى إليه محكمة الموضوع فى شأن الطلبات الموضوعية المرتبطة بها. فإذا لم يكن له بها من صلة، كانت الدعوى الدستورية غير مقبولة.
والأمر كذلك إذا كانت الدعويان الموضوعية والدستورية تتوجهان كلتاهما لغاية واحدة ممثلة فى مجرد الطعن على بعض النصوص التشريعية بغية تقرير عدم دستوريتها، ذلك أن هاتين الدعويين تكونان عندئذ متحدتين محلا، لاتجاه أولاهما إلى مسألة وحيدة ينحصر فيها موضوعها هى الفصل فى دستورية النصوص التشريعية التى حددتها، وهى عين المسألة التى يقوم بها موضوع الدعوى الدستورية.
واتحاد هاتين الدعويين فى محليهما، مؤداه أن محكمة الموضوع لن يكون لديها ما تجيل فيه بصرها بعد أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى دستورية النصوص المطعون عليها سواء بتقرير صحتها أو بطلانها، وبالتالى لن يكون الحكم الصادر عن هذه المحكمة لازما للفصل فى الدعوى الموضوعية إذ ليس ثمة موضوع يمكن إنزال القضاء الصادر فى المسألة الدستورية عليه.
وحيث إنه من المقرر قانونا- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المصلحة الشخصية المباشرة هى شرط قبول الدعوى الدستورية ، وأنه مما ينافيها الطعن فى النصوص التشريعية بالطريق المباشر من خلال دعوى أصلية تقوم بذاتها من فصلة عن أى نزاع موضوعى ، ذلك أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها.
لما كان ذلك، وكان ما تتغياه الدعوى الأصلية بعدم الدستورية لا يعدو تقرير حكم الدستور مجردا فى شأن النصوص التشريعية التى حددها المدعى، بما مؤداه انتفاء ارتباطها بأية طلبات موضوعية واستقلالها عنها، وكان الطلب الاحتياطى الذى قدمه المدعى إلى محكمة الموضوع وإجابته إليه يقوم – فى حقيقته – على دفع بعدم دستورية النصوص التشريعية التى تنتظم بأحكامها تقديم المشروبات الروحية أو الاتجار فيها وألعاب القمار فى المحال العامة والملاهى والحانات الليلية ، فى حين يقوم طلبه الأصلى على مصادرة الخمور على اختلاف أنواعها، ومصادرة الأدوات والنقود وغيرها من الأشياء التى استخدمت فى جرائم الميسر، وتعويض أدبى ممثل فى إقامة مساجد لله تعالى فى ذات أماكن الحانات الليلية بجميع أنحاء الجمهورية ، وكان الطلبان الأصلى والاحتياطى من فصلين عن أى نزاع موضوعى، فإن الخصومة المطروحة على محكمة الموضوع تستنفذ موضوعها بالنسبة إلى كل من الطلبين تبعا للحكم فى الدعوى الدستورية.
هذا بالإضافة إلى أن دعوى الموضوع- فى النزاع الماثل- إنما تتمحض عن نزاع مع النصوص المطعون عليها بقصد إهدارها وإسقاط الآثار القانونية المترتبة عليها، وتنحل بالتالى إلى دعوى أصلية بعدم دستوريتها، رفعت إلى هذه المحكمة بالمخالفة لنص المادة 29 من قانونها، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبولها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة.