الدعوى 32 لسنة 9 – دستورية – المحكمة الدستورية العليا – مرفوعة علنية رقم 32 لسنة 9 بتاريخ 07/12/1991

Facebook
Twitter

الدعوى 32 لسنة 9 – دستورية – المحكمة الدستورية العليا – مرفوعة علنية رقم 32 لسنة 9 بتاريخ 07/12/1991

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت 7 ديسمبر سنة 1991 م، الموافق غرة جمادى الآخرة سنة 1412 ه .
برئاسة السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولي الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وسامي فرج يوسف ومحمد علي عبد الواحد والدكتور عبد المجيد محمد فياض. أعضاء
و السيد المستشار / السيد عبد الحميد عمارة المفوض
و السيد / رأفت محمد عبد الواحد أمين السر

أصدرت الحكم الآتي :
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 32 لسنة 9 قضائية دستورية .
المرفوعة من :
السيد / كمال السيد أحمد بسيونى .
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية .
2- السيد رئيس مجلس الشعب.
3- السيد رئيس مجلس الوزراء.
4- السيد رئيس مجلس إدارة هيئة قناة السويس.

الإجراءات
بتاريخ 15 يولية سنة 1987 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية القانون رقم 9 لسنة 1986 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث أن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعي أقام الدعوى رقم 596 للسنة الأولى القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طعناً قي القرار الصادر عن عضو مجلس إدارة هيئة قناة السويس المنتدب رقم 322 لسنة 1976 بتصحيح أوضاع العاملين بالهيئة ، لما تضمنه ذلك القرار من مساس بالحق المكتسب للمدعي فى الوظيفة والدرجة المالية بأثر رجعي. وبجلسة 23 يونية سنة 1983 قضت المحكمة بأحقية المدعى فى طلباته وبإهدار ما طرأ من تعديل فى أقدميته فى الوظيفة التى يشغلها، فطعنت هيئة قناة السويس فى هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 3342 لسنة 29 قضائية طالبة إلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة لصالح المدعي، وخلال تداول هذا الطعن أمام المحكمة ، صدر القانون رقم 9 لسنة 1986 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس. وإذ دفع المدعي أمام المحكمة الإدارية العليا بعدم دستورية هذا القانون، وصرحت له المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث أن القانون رقم 9 لسنة 1986 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس ينص فى مادته الأولى على أنه مع عدم الإخلال بالأحكام النهائية، تعتبر صحيحة التسويات التى أجرتها هيئة قناة السويس للعاملين بالهيئة الموجودين فى خدمتها فى 31 ديسمبر سنة 1974 متى كانت مطابقة لأحكام قرار مجلس إدارة الهيئة الصادر فى هذا الشأن بتاريخ 12 مايو سنة 1976 . كما تنص مادته الثانية على أن ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره .
وحيث أن من بين ما ينعاه المدعي على أحكام هذا القانون، انطواءه على أثر رجعي أفصحت عنه مادته الأولى وذلك بتحصينها التسويات التى انقضى عليها زهاء عشر سنين، دون أن يقره مجلس الشعب بالأغلبية الخاصة التى تطلبتها المادة (187) من الدستور بالنسبة للقوانين الم تضمنة أثراً رجعياً.
وحيث أن هذا النعي فى محله، ذلك أن الأصل فى القانون هو أن يسري بأثر مباشر على ما يقع بعد نفاذه، فإذا سرى على وقائع تم تكوينها أو على مراكز قانونية اكتملت عناصرها قبل العمل بأحكامه، فإن هذا القانون يكون متضمناً أثراً رجعياً لا يجوز تقريره إلا فى المواد غير الجنائية وبعد استيفاء الأغلبية الخاصة التى اشترطتها المادة (187) من الدستور كضمانة أساسية للحد من الرجعية وتوكيداً لخطورتها فى الأعم الأغلب من الأحوال وإزاء ما تهدره من حقوق وتخل به من استقرار، ويتعين بالتالي أن تصدر القوانين رجعية الأثر عن السلطة التشريعية بأغلبية أعضائها ، وليس بالأغلبية المعتادة المنصوص عليها فى المادة (107) من الدستور وهى الأغلبية المطلقة للحاضرين منهم، إذ كان ذلك، وكانت التسويات التى اعتمدتها المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1986 المشار إليه، هي فى حقيقتها وقائع قانونية اكتمل تكوينها قبل العمل بالقانون المطعون فيه الذي أقرها، إذ أجرتها هيئة قناة السويس إعمالاً لقرار صدر عن مجلس إدارتها فى 12 مايو سنة 1976 وهو تاريخ سابق على العمل بأحكام القانون رقم 9 لسنة 1986 المطعون فيه، وكان من المقرر فى مجال تحديد الرجعية من عدمها أن الأمر المعتبر فى هذا التحديد إنما يتعلق بتاريخ تحقق الواقعة القانونية التى رتب عليها المشرع أثراً، وكان إسباغ القانون المشار إليه الصحة على التسويات التى تمت فى تاريخ سابق على العمل بأحكامه مؤداه انفاذها جبراً على أطرافها بحكم القانون بأثر ينعطف على الماضي ويرتد إلى تاريخ إجرائها، فإن قالة انتفاء الأثر الرجعي لحكم المادة الأولى من القانون المطعون فيه لا يكون لها محل، كما أنه لا وجه كذلك للاستناد إلى المادة الثانية من القانون المطعون فيه للقول بأن مادته الأولى لا تسري بأثر مباشر، ذلك أن المشرع لم يتدخل بالمادة الأولى من القانون المطعون فيه لتعديل أسس التسوية التى أجرتها هيئة قناة السويس قبل نفاذه، وإنما اعتد فى مجال تقريره لصحتها، بحالتها التى نشأت عليها ابتداء بشرط أن تكون مطابقة فى مضمونها لأحكام قرار سابق صدر عن مجلس إدارة الهيئة فى 12 مايو سنة 1976، وبذلك لا يتعلق هذا القانون بغير التسويات التى تمت فى الماضي والتى اكتمل تكوينها قبل العمل بأحكامه، ولا يعدو إضفاء الصحة عليها، إلا توكيداً لمشروعيتها منذ إجرائها، فجاء بذلك متضمناً أثراً رجعياً، وهي رجعية تكمن مقوماتها فى مادته الأولى ومستفادة بالضرورة من دلالة عبارتها. يؤيد هذا النظر أن مشروع القانون المطعون فيه كان ينص صراحة على الأثر الرجعي لأحكامه حيث تضمنت مادته الثانية آنذاك أن يعمل به اعتباراً من تاريخ العمل بقرار مجلس إدارة هيئة قناة السويس الصادر بتاريخ 12 مايو سنة 1976 غير أن السيد وزير شئون مجلس الشعب والشورى – وعلى ما يبين من مضبطة الجلسة الخمسين لمجلس الشعب المعقودة فى 21 إبريل سنة 1986 – أفصح عن رغبة الحكومة فى محو شبهة الأثر الرجعي واقترح – تحقيقاً لهذه الغاية العمل بالقانون اعتباراً من اليوم التالى لتاريخ نشره فى الجريدة الرسمية ، وهو اقتراح لم يغير من مضمون المادة الأولى من القانون المطعون فيه ولا يبدل من حقيقتها، ولا ينال من الأغراض التى استهدفتها ممثلة فى إقرار أوضاع وظيفية تمت تسويتها فعلاً فى مرحلة سابقة على العمل بهذا القانون.
لما كان ذلك، وكانت المادة (107) من الدستور تنص على أن انعقاد مجلس الشعب لا يكون صحيحاً إلا بحضور أغلبية أعضائه، ويتخذ المجلس قراراته بالأغلبية المطلقة للحاضرين وذلك فى غير الحالات التى تشترط فيها أغلبية خاصة ، وكانت المادة (187) من الدستور تنص على أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها ولا يترتب عليها أثر فى ما وقع قبلها، ومع ذلك يجوز – فى غير المواد الجنائية – النص فى القانون على خلاف ذلك بموافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب. إذ كان ذلك، وكان الإجراء الذي تطلبه الدستور لإقرار الأثر الرجعي للقانون، هو إجراء خاص فرضه استثناء من الأصل المقرر فى هذا الشأن، إنطلاقاً من خطورة الآثار التى تحدثها الرجعية فى محيط العلاقات القانونية ، فإن الدليل على استيفاء هذا الإجراء يتعين أن يكون جلياً لا يحتمل التأويل ثابتاً على وجه قطعي. وإذ كان القانون المطعون فيه – بعد تعديل مشروعه على الوجه السالف بيانه – قد ووفق عليه بالأغلبية حسبما تدل على ذلك مضبطة الجلسة الخمسين لمجلس الشعب المعقودة صباح الإثنين الموافق 21 من إبريل سنة 1986، وكانت هذه المضبطة ذاتها قد خلت مما يؤكد أن هذه الأغلبية هي الأغلبية الخاصة التى اشترطتها المادة (187) من الدستور ممثلة فى أغلبية أعضاء المجلس فى مجموعهم لا الأغلبية المطلقة للحاضرين منهم، فإن استيفاء الإجراء الخاص لا يكون قد تم على الوجه الذي يتطلبه الدستور. يؤكد ذلك أن الاقتراع على هذا المشروع قد تم بافتراض انتفاء الأثر الرجعي لمادته الأولى وهو افتراض يصادم مفهومها وينقض الأساس الذي تقوم عليه، الأمر الذي يتعين معه الحكم بعدم دستوريتها.
لما كان ذلك، وكانت المادة الثانية من القانون المطعون فيه لا يمكن تصور وجودها مستقلة ومن فصلة عن مادته الأولى بالنظر إلى ارتباطهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة ، فإنها تسقط بسقوطها ويلحقها البطلان تبعاً لإبطال المادة الأولى مما يستوجب القضاء بعدم دستورية القانون رقم 9 لسنة 1986 المشار إليه برمته.
لهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية القانون رقم 9 لسنة 1986 بتصحيح أوضاع العاملين بهيئة قناة السويس، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر رئيس المحكمة

صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره أما السيد المستشار محمد ولى الدين جلال الذى سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع مسودة الحكم فقد جلس بدله عند تلاوته السيد المستشار عبد الرحمن نصير.

اشترك في القائمة البريدية