الدعوى 4 لسنة 15 – تنازع – المحكمة الدستورية العليا – مرفوعة علنية رقم 4 لسنة 15 بتاريخ 03/12/1994
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت 3 ديسمبر سنة 1994 الموافق 29 من جمادي الآخرة سنة 1415 هـ
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: الدكتور/ محمد إبراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
:
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 15 قضائية تنازع.
المقامة من
الشركة المصرية العامة للسياحة والفنادق إيچوت
ضد
1- ورثة جيد جيوفانى ميتزجر وهم :
أ ) اديت اتربشيا ميتزجر ب) جون كريستيان ميتزجر
ج) سوزان جين مارى كريستيان د ) مارلين ألبرت ميتزجر
2- مارلين البرت ميتزجر عن نفسه وبصفته
وريث البرت ميتزجر وجين جيوفانى ميتزجر ممثلا للتركه
3- كريستيان البرت ميتزجر عن نفسه وبصفته
وريث البرت ميتزجر ، وجين جيوفانى ميتزجر ممثلا للتركه
الإجراءات
بتاريخ 9 أغسطس 1993 أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ، طلبت فى ختامها الاعتداد بالحكم الصادر من هيئة التحكيم بجلسة 2/3/1980 فى طلب التحكيم رقم 280 لسنة 1979 – فيما قضى به من صحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10 6/1963 – دون الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 15/6 /1993 فى الاستئنافات أرقام 1332 ، 1337 ، 1339 لسنة 47 قضائية.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة.
حيث إن الوقائع -على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن السيد رئيس الجمهورية كان قد أصدر القرار رقم 622 لسنة 1963 بفرض الحراسة على منشأة سيسل الفندقية الكائن مقرها بالعقار رقم 8 تنظيم العطارين بميدان سعد زغلول بالإسكندرية – والتى كان يملكها انئذ البرت ميتزجر. وإعمالاً لأحكام قرار رئيس المجلس التنفيذى رقم 27 لسنة 1963 الذى خول الحارس العام على أموال الخاضعين لأحكام قانون الطوارى ء، سلطة بيع المنشآت التجارية التى يملكونها ، فقد باع الحارس العام – بتاريخ 10/3/1963 -كامل أرض وبناء هذا الفندق ولقاء ثمن محدد – إلى شركة فنادق الوجه القبلى التى حلت محلها المدعية فى النزاع الراهن. بيد أن الحراسة العامة ، ومن بعدها جهاز تصفية الحراسات، لم توقع من جانبها على العقد النهائى ، مما حمل المدعيه على أن تقيم الدعوى رقم 1717 لسنة 1971 مدنى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بغية الحكم لها بصحة عقد البيع الابتدائى ونفاذه. وإذ كانت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية قد أحالت هذه الدعوى إلى هيئة التحكيم تأسيساً على أن موضوع النزاع يدخل فى ولايتها المنفرده وفقاً لأحكام قانون المؤسسات العامة وشركات القطاع العام الصادر بالقانون رقم 60 لسنة 1979 ، وكان قضاء هذه الهيئة فى طلب التحكيم المقيد أمامها تحت رقم 128 لسنة 1979، قد خلص إلى صحة التعاقد (عقد البيع الابتدائى ) المؤرخ 10/3/1963 باعتبار ان هذا العقد أبرم فيما بين الحارس العام وشركة فنادق وجه قبلى ، وتم مستجمعا كامل أركانه، مستوفيا لشروطها، وصحيحا بالتالى ، وكان البيع المحكوم بصحته على النحو المتقدم يتصل بعقار ومنشأة تجارية آلا إلى السيدة جين جوفانى ميراثا على زوجها، فقد سعت هذه إلى أن تتخذ من التدابير ما يكون كفيلاً ببقاء الفندق فى حوزتها، واقتضاها ذلك ان تقيم أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد المدعية وآخرين دعويين هما على التوالى -الدعوى رقم 5273 لسنة 1977 والدعوى رقم 5186 لسنة 1977 مدنى كلى ، وذلك بطلب الحكم فى اولاهما بتثبيت ملكيتها للعقار الذى يقع الفندق فيه، وفى ثانيتهما بعدم سريان عقد بيع الفندق فى حقها وتسليمه لها وقد أجابت محكمة الإسكندرية الابتدائية السيدة جين جيوفانى إلى طلبيها فى هاتين الدعويين، إلا ان حكمها هذا لم يلق قبولاً، لا من المدعية ، ولا من وزير المالية بصفته ممثلاً لجهاز تصفية الحراسات، فاستأنفاه بالاستئنافين رقمى 1337 ، 1339 لسنة 47 قضائية ، ناعيين على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، وانتهيا أصليا إلى طلب الحكم بإلغائه، وإحالة موضوع النزاع إلى محكمة القيم لاختصاصها ولائيا دون غيرها بالفصل فيه ، واحتياطياً إلى طلب الحكم بعدم جواز نظر الدعويين محل الحكم المطعون فيه لسابقة الفصل فى الخصومة المثارة فيهما من قبل هيئة التحكيم فى الطلب رقم 280 لسنة 1973 آنف البيان. وقد قضت المحكمة الاستئنافية بتاريخ 15 يونيه 1993 بقبول الاستئنافين شكلاً وفى الموضوع برفضهما، وتأييد الحكم الابتدائى المطعون فيه، حملاً على أمرين: أولهما أن النزاع الراهن يدخل فى ولاية جهة القضاء العادى التى خولها المشرع سلطة نظر المنازعات جميعها عدا ما استثنى منها بنص خاص، وأن محكمة القيم ليس لها من ولاية فى شأن نزاع يتصل بمنشأة تجارية كالفندق محل النزاع، بل تقتصر ولايتها على الفصل فيما ينشأ عن الحراسات المفروضة على الأشخاص الطبيعيين، وذلك إعمالاً لأحكام القانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة.
ثانيهما أن السيدة جين جوفانى لم تكن طرفاً فى التحكيم، ولا يجوز بالتالى أن تحاج بالحكم الصادر فيه.
وحيث إن المدعية -وعلى ما جاء بصحيفة دعواها الراهنة – قد بدا لها أن الحكم الصادر من المحكمة الاستئنافية يناقض الحكم الصادر من هيئة التحكيم باعتبار أن الحكم بعدم سريان عقد البيع الابتدائى فى حق المالك الحقيقى للفندق، يحول دون تنفيذ الحكم بصحة هذا العقد ونفاذه، ومن ثم فقد رفعت دعواها الماثلة لفض التناقض بين هذين الحكمين.
وحيث إن البين من نص المادة 167 من الدستور، انها تفوض السلطة التشريعية فى أن تقر القواعد القانونية التى ترتئيها محققة للصالح العام فى مجال توزيع الاختصاص الولائى بين الجهات القضائية على اختلافها. وإذ كان إعمال المحكمة الدستورية العليا لهذه القواعد، لتحدد على ضوئها الجهة القضائية التى اختصها المشرع دون غيرها بولاية الفصل فى النزاع، يفترض بالضرورة أن يكون الحكمان النهائيان الصادران عن جهتين قضائيتين مختلفتين، قد تناقضا فيما بينهما بما يحول دون تنفيذهما معاً، وكان تعذر التنفيذ -على هذا النحو- يعكس جوهر الشروط التى يتطلبها قانون المحكمة الدستورية العليا لفض التناقض بين هذين الحكمين، فإن تثبتها من توافرها، يكون سابقاً لزوماً على فصلها فيمن هو أحق وأجدر بالتنفيذ من بينهما، ذلك أن تلك الشروط هى مناط اختصاصها المنصوص عليه فى البند ثالثا من المادة 25 من قانونها، بل هى علة مزاولتها لهذا الاختصاص، ومعها يدور وجوداً وعدماً.
وحيث إن التناقض الذى يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا للفصل فيه وفقاً للبند ثالثا من المادة 25 من قانونها، هو ذلك الذى يقوم بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين إذا كانا متعامدين على محل واحد، وتعذر تنفيذهما معاً. فإذا كانا غير متحدين محلاً أو مختلفين نطاقاً، فلا تناقض. وكذلك الأمر كلما كان التعارض بينهما ظاهرياً لا يتعمق الحقائق القانونية ، أو كان مما تزول الشبهة فيه من خلال التوفيق بين دلالة ما رميا إليه. ويظهر ذلك بوجة خاص كلما كان الحكمان المدعى تناقضها وامتناع تنفيذها معاً، كاشفين -بقضائهما- عن مجموع الآثار القانونية التى رتبها المشرع على أحد العقود التى نظمها، سواء فى نطاق العلاقة فيما بين المتعاقدين، أو فى مواجهة الغير. ذلك أن تفرق هذه الآثار بين حكمين نهائيين، لا يخل بوحدتها أو ينال من تكاملها. باعتبار أن هذين الحكمين حلقتان متصلتان لا تنفصلان عن بعضهما البعض.
وحيث إن وحدة الموضوع التى تعلق بها الحكمان النهائيان المدعى تناقضهما تتحصل فى انصبابهما على محل واحد، ممثلا فى منشأة سيسل الفندقية التى كان البائع لا يملكها حين قام ببيعها إلى المدعية.
وإذ قضى أحد هذين الحكمين -وهو الحكم الصادر عن هيئة التحكيم- بصحة التعاقد على بيعها، وكان ثانيهما قد صدر عن محكمة استئنافية منتهياً إلى عدم سريان هذا العقد فى حق مالكها الحقيقى ، فإن الفصل فيما اذا كان هذان الحكمان يطرحان تناقضاً فى التنفيذ مما تختص به المحكمة الدستورية العليا وفقاً لقانونها، يقتضى بالضرورة الرجوع إلى الأحكام التى اختص بها القانون المدنى هذا النوع من البيوع، لتقرير ما إذا كان هذان الحكمان -فيما خلصا اليه- يتواءمان معها فلا يتصادمان، أم يتناقضا ويتهادمان، ليكون اجتماع تنفيذهما معاً متعذراً.
وحيث إن الفقرة الأولى من المادة 466 من القانون المدنى تنص على أنه إذا باع شخص شيئاً معيناً بالذات وهو لا يملكه، جاز لمن قام بشراء هذا الشئ أن يطلب إبطال البيع. ويكون الأمر كذلك ولو وقع البيع على عقار سجل العقد أو لم يسجل.
كما تنص فقرتها الثانية على أن هذا البيع لا يكون سارياً -فى كل حال- فى حق المالك للعين المبيعة ولو أجاز مشتريها العقد. كذلك تنص الفقرة الأولى من المادة 467 منه على أنه إذا اقر المالك البيع سرى العقد فى حقه وانقلب صحيحاً فى حق المشترى ، كما تقضى فقرتها الثانية بأن البيع ينقلب كذلك صحيحاً فى حق المشترى ، إذا آلت ملكية المبيع إلى البائع بعد صدور العقد.
وحيث إن الأحكام السابق بيانها التى نظم بها القانون المدنى بيع ملك الغير، تدل فى مجموعها على أن البيع يكون كذلك كلما باع شخص عينا معينة بذاتها لا يملكها حين العقد، إذا قصد بالبيع نقل ملكيتها فى الحال. وإذ كان من المقرر أن بيع العين على هذا النحو لا يعتبر موقوفاً على إجازة مالكها أو إقراره، وإلا كانت آثاره جميعها متوقفا سريانها على هذه الاجازة ، ومتراخية -حتى فيما بين المتعاقدين- إلى حين تمامها، حال أن بيع ملك الغير وفقاً لقواعد القانون المدنى لا يعتبر كذلك ، إذ ينتج هذا العقد أثره فى الحال كالشأن فى كل عقد قابل للإبطال. كذلك لا يعتبر هذا العقد باطلاً بطلاناً مطلقاً، إذ لو كان كذلك، لكان عقداٍ من عدماً وجوداً انعداماً كاملاً، فلا يولد أثراً ولو فيما بين المتعاقدين، ولا يقبل اجازة إذ العدم لا يصير وجوداً ولو أجيز، ولا يتقادم الدفع ببطلانه مهما طال عليه الأمد. إنما يظل البطلان المطلق جزاءً قانونياً مترتباً على عدم استجماع العقد لكامل أركانه مستوفية لشروطها. وهو بعد بطلان تمليه طبائع الاشياء، ولا يتصور أن يزول بالنزول عنه. ذلك أن القانون لا يقرره رعاية لمصلحة أحد المتعاقدين، بل لمواجهة مصلحة عامة لها اعتبارها. ومن ثم جاز لكل ذى شأن أن يتمسك بهذا النوع من البطلان. وللمحكمة أن تقضى به من تلقاء نفسها. وعلى خلاف ذلك بيع ملك الغير، إذ يعتبر هذا العقد قابلا للإبطال لمصلحة متعاقد بذاته، هو من ابتاع العين من غير مالكها، ولعلة بذاتها مرجعها منافاة هذا البيع للأصل فيه باعتباره عقداً ناقلا للملكية.
بما مؤداه أن بطلان بيع ملك الغير لا يقع بقوة القانون، بل يعتبر هذا البيع -وإلى أن يحكم ببطلانه- مكتملا وجوداً من الناحية القانونية ، شأن بيع ملك الغير فى ذلك شأن كل عقد تكاملت أركانه مستوفية لشروطها -ولو حمل سبباً لبطلانه- ليكون بيع ملك الغير بذلك -وإلى أن يبطل – منتجاً لكل آثار البيع، عدا تلك التى يحول دون قيامها عدم ملكية البائع للمبيع.
وحيث إن المشرع جاوز فى بيع ملك الغير جانباً من القواعد العامة التى اختص بها العقد القابل للإبطال، وذلك من جهتين على الأخص: أولاهما أن القانون المدنى وإن خول من ابتاع العين من غير مالكها الحق فى إجازة عقد بيعها باعتبار أن البطلان تقرر أصلا لمصلحته، إلا أن هذا القانون أجاز كذلك أن تصدر الإجازة من مالكها الحقيقى ، مع أنه لا يملك التمسك بالبطلان. كما يزول هذا البطلان وينقلب العقد صحيحاً فى حق من قام بشراء العين إذا آل المبيع إلى البائع بعد صدور العقد ، إذ لم يعد للبطلان فى هاتين الصورتين من محل بعد أن زال العائق الذى كان يحول دون انتقال الملكية.
ثانيهما: أن العقد القابل للإبطال لا يفترض إنعدام الإرادة أو فقدان التمييز، بل يجوز وفقاً للقواعد العامة إبطال العقد لنقص فى اهلية المتعاقد، أو لأن عيباً داخل رضاءه كغلط أو إكراه أو تدليس أو استغلال. بيد أن هذين العارضين لا شأن لهما بإبطال بيع ملك الغير، بل يقوم الحق فى هذا الإبطال -ولو وقع البيع على عقار سجل العقد أم لم يسجل- مستقلاً تماماً عنه ما. ذلك آن ما يتغياه المشرع بتقرير هذا الحق، هو أن يمكن من قام بشراء العين من اتقاء دعوى الا ستحقاق التى قد يقيمها عليه مالكها الحقيقى ومن التخلص من الالتزامات التى يرتبها عقد البيع القائم فى ذمته، وأن يرد عنه أيضا غير ذلك من الأضرار، كالرجوع على البائع بما يكون قد أداه إليه من الثمن مع التعويض، ولو كان البائع حسن النية.
وحيث إن من المقرر وفقاً لنص المادة 139 من القانون المدنى -وحكمها قاعدة عامة فى شأن العقد القابل للإبطال – أن حق إبطال العقد يزول بالإجازة صريحة كانت أم ضمنية.
وتستند الإجازة دوما إلى التاريخ الذى تم فيه العقد دون إخلال بحقوق الغير. وإذ كان من المقرر أن الإجازة الصادرة ممن يملكها تصح ولو لم يقترن قبول بها، إذ تعد تصرفاً قانونياً منفرداً صادراً من قبل من تقرر البطلان لمصلحته. ولا يجوز الرجوع فيها بالتالى بادعاء أن هذا القبول لم يصدر بعد. وبها يستقر وجود العقد بصورة نهائية بعد أن كان مهدداً بالزوال. وهى تلحق العقد القابل للإبطال لأن وجوده قانوناً لا شبهة فيه ما دام بطلانه لم يتقرر بعد. ويدل عليها كل عمل يفيد معناها، ويكون كاشفاً عن دلالتها، إذا صدر ممن يملكها فى شأن عقد قائم، وكان عالماً بما داخل هذا العقد من عيوب قاصداً التجاوز عنها. بما مؤداه أن دعواه بإبطال العقد، تكون مفتقرة إلى أساسها منافية لمقاصدها، إذا أتى عملاً يدل صراحة أو ضمناً على أنه أجازه، ذلك أن هذه الإجازة هى التى تزيل قابليته للإبطال، وهى التى ينقلب بها العقد صحيحاً على الدوام بعد أن كان وجوده قلقاً، وإن كان ذلك لا يخل بالحقوق التى كفلها القانون للغير.
ذلك ان العقد يظل- حتى مع هذه الاجازة – وعلى ما تقضى به الفقرة الثانية من المادة 466 من القانون المدنى -غير نافذ فى حق المالك الحقيقى للعين، باعتبار أن بطلان العقد وإن كان يزول بالإجازة ، إلا أن الآثار التى تتولد عن عدم سريان هذا العقد فى حق مالكها، لا يزيلها إلا إقراره إعمال ذلك العقد إنفاذاً لمحتواه.
وحيث إن البين من الأوراق، أن المدعية لم تعمد على الإطلاق إلى إبطال عقد البيع الابتدائى الصادر لصالحها فى شأن فندق سيسل -رغم علمها بأن مالكها من الغير- وكان موقفها هذا حتى وإن دل على اتجاه إرادتها إلى تنفيذه، وانصرافها إلى إجازة أحكامه لضمان استقرار وجوده قانونا فيما بين المتعاقدين، إلا أن قضاء المحكمة الاستئنافية عدم سريان هذا العقد ذاته فى حق مالكها، لا يعدو أن يكون إعمالاً من جانبها للفقرة الثانية من المادة 466 من القانون المدنى ، وتسليماً من جهتها بأن هذا العقد -حتى ولو كان قد أجيز فى شأن عين النزاع ممن تقرر البطلان لمصلحته- إلا أن ذلك العقد يظل قاصراً عن أن ينقل ملكيتها إلى مشتريها بعد أن بذل من أجلها الثمن. ولايجوز بالتالى أن يضارمالكها بهذا العقد من خلال الاحتجاج بآثاره فى مواجهته، إذ هو اجنبى عنه، ولأن إجازة المشترى للعقد القابل للإبطال، لا تعنى أكثر من استبقاء هذا العقد بالعناصر التى اشتمل عليها دون تعديل لمضمونها، ومن بينها -فى واقعه النزاع الموضوعى – أن محل البيع ليس مملوكاً للبائع، ولا يتصور أن تنتقل ملكيته إلى من سعى إلى كسبها إلا بإقرار صاحبها لهذا العقد. وتلك قاعدة لا استثناء منها، ولا قيد عليها من أحكام القانون المدنى.
ذلك أن هذا الإقرار لا يعدو أن يكون تصرفاً قانونياً متضمناً إسقاطاً لحق. وهو يصدر عن المقر باعتباره من الغير فى خصوص ذلك العقد، ليزول بصدوره ما كان يحول دون انتقال الملكية برضاه. بما مؤداه أن الإقرار أبعد من الإجازة أثراً، ذلك أن بيع ملك الغير ينقلب بذلك الإقرار -وعلى ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 467 من القانون المدنى – صحيحاً فى حق من قام بشراء العين، ونافذاً كذلك فى حق مالكها، على خلاف الإجازة التى يقتصر اثرها على مجرد تصحيح العقد فيما بين المتعاقدين.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الحكمان المدعى تعارضهما -فى نطاق النزاع الراهن – يجمعان معا الآثار التى رتبها المشرع على بيع ملك الغير، إذ يقتصر اولهما على مجرد تقرير صحته، وكان ثانيهما كاشفاً عن عدم سريانه فى مواجهة مالكه الحقيقى باعتباره أجنبيا عنه، وكانت هذه الآثار على تفرقها لاتتصادم فيما بينها، ولكنها تتكامل بتضاممها ، فإن تنفيذ هذين الحكمين معاً يكون ممكناً، وتكون قالة التناقض بينهما مفتقرة إلى شروط قبولها، وهو ما يتعين الحكم به.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.