الدعوى 45 لسنة 12 – دستورية – المحكمة الدستورية العليا – مرفوعة علنية رقم 45 لسنة 12 بتاريخ 07/12/1991

Facebook
Twitter

الدعوى 45 لسنة 12 – دستورية – المحكمة الدستورية العليا – مرفوعة علنية رقم 45 لسنة 12 بتاريخ 07/12/1991
صورة التشريع

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت 7 ديسمبر سنة 1991 م، الموافق غرة جمادى الآخرة سنة 1412 ه .
صدر الحكم الآتي :
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
و عضوية الساده المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف ومحمد على عبد الواحد أعضاء
والسيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة المفوض
والسيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 45 لسنة 12 قضائية دستورية .
المقامة من :
السيد / أحمد عبد الكريم أحمد مكي.
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية .
2- السيد رئيس مجلس الوزراء.
3- السيد رئيس مجلس الشعب.
4- السيد وزير العدل.
5- السيد المستشار النائب العام .

الإجراءات
بتاريخ 20 مايو سنة 1990 أودع المدعي قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة طالباً الحكم بعدم دستورية أحكام القانون 122 لسنة 1989 المعدل للقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم أحكامها والاتجار فى ها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ها أصلياً الحكم بعدم قبول الدعوى واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فى ها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث أن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن النيابة العامة اتهمت المدعى بأنه فى يوم 14 ديسمبر سنة 1989 بدائرة قسم الجمرك محافظة الإسكندرية أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين هيرويناً وحشيشاً فى غير الأحوال المصرح بها قانونا، وأحالته إلى المحاكمة الجنائية فى القضية رقم 173 لسنة 1989 جنايات مخدرات الجمرك (1001 كلى مخدرات)، طالبة معاقبته بالمواد 1، 2، 7/1، 34 فقرة 1 بند أ وفقرة 2 بند 6 والمادة 42/1 من القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فى ها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبندين 2 من القسم الأول، 57 من القسم الثاني من الجدول الملحق بالقرار بقانون المشار إليه، وبجلسة 12 إبريل سنة 1990 دفع الحاضر عن المتهم بعدم دستورية القانون رقم 122 لسنة 1989 فقررت محكمة جنايات الإسكندرية تأجيل نظر الدعوى وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فى موعد غايته أول يوليو سنة 1990 فأقام الدعوى الماثلة .
وحيث أن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى على سند من خلو صحيفتها من البيانات الجوهرية التي تنبئ عن حجيتها ويتحدد بها موضوعاً قولاً منها بأن المطاعن التي تضمنتها هذه الصحيفة موجهة إلى تشكيل مجلس الشعب فى ذاته، وليس فى القانون المطعون فى ه، وتقصر بالتالي عن استيفاء ما تطلبته المادة (30) من قانون هذه المحكمة من بيان أوجه مخالفة النصوص التشريعية المدعى بطلانها للدستور.
وحيث أنه يبين من الرجوع إلى صحيفة الدعوى الماثلة أنها تتضمن بياناً وافى اً بالنصوص التشريعية المطعون عليها وكذلك النصوص الدستورية المدعى بمخالفتها وأوجه هذه المخالفة وذلك باسنادها البطلان إلى أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 برمتها ونعيها عليها صدورها كتعديل لقرار بقانون غير دستوري ليلحقها بذلك العوار الذي شاب القانون الأصلي، هذا بالإضافة إلى ما ورد بهذه الصحيفة من أن جانباً من أعضاء مجلس الشعب الذي أقر القانون المطعون عليه قد زايلته الصفة النيابية الأمر الذي يصم هذا المجلس النيابي – وفى ذاته – ببطلان التكوين، إذ كان ذلك كذلك، فإن صحيفة الدعوى الماثلة تكون مستوفى ة للبيانات التي استلزمتها المادة (30) المشار إليها، ويكون الدفع بعدم قبول الدعوى قائماً على غير أساس حرياً بالالتفات عنه.
وحيث إن البين من استقراء أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 الذي صرحت محكمة الموضوع للمدعي بالطعن عليه بعدم الدستورية أنه أدخل تعديلا جوهريا على بعض أحكام القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فى ها، وذلك بأن استعاض عن بعض مواده بنصوص أخرى ، فضلا عن إضافة مواد جديدة إليه وإحلال جدول جديد يتضمن تعريفا بالمواد المعتبرة جواهر مخدرة محل الجدول رقم (1) الملحق بهذا القرار بقانون.
وحيث أن الدفع بعدم الدستورية الذي أثاره المدعى أمام محكمة الموضوع وقدرت هي جديته، قد انصب على أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 دون غيرها، وكان من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية – وهي شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع، لما كان ذلك وكانت الجريمة التي نسبتها النيابة العامة إلى المدعي هى إحرازه بقصد الاتجار وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا الجوهرين المخدرين المنصوص عليهما فى البند رقم 2 من القسم الأول، وفى البند رقم 57 من القسم الثاني من الجدول المشار إليه، فإن المصلحة الشخصية والمباشرة للمدعي فى الدعوى الماثلة تنحصر فى الطعن على النصوص المتعلقة بهذه الجريمة وحدها دون غيرها من أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 التي لا صلة لها بها كتلك المتعلقة بإنتاج الجواهر المخدرة أو استخراجها أو فصلها أو صنعها أو زرع نباتاتها أو إحرازها بقصد التعاطي، ومن ثم يتحدد نطاق الدعوى الراهنة بالبند (أ) من الفقرة الأولى من المادة (34) والبند السادس من فقرتها الثانية وبالفقرة الأولى من المادة (42) من القرار بقانون المشار إليه، وبما تضمنه البندان 2 من القسم الأول و 57 من القسم الثاني من الجدول الملحق به، وذلك دون المواد 1، 2، 7/1 منه التي وإن تضمنها قرار الاتهام فى الدعوى الموضوعية وكانت متعلقة بالجريمة المنسوب إلى المدعي اقترافها، إلا أن القانون رقم 122 لسنة 1989 لم يتناولها بالتعديل، وبالتالي لم تصرح محكمة الموضوع بالطعن عليها، فلا تمتد إليها – فى الدعوى الماثلة – ولاية المحكمة الدستورية العليا التي لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالا مطابقا للأوضاع المنصوص عليها فى المادة ( 29 / ب) من قانونها.
وحيث أن الفقرة الأولى من المادة (34) المشار إليها تنص على أن يعاقب بالإعدام أو بالأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه: (أ) كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهرا مخدرا وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فى ه وذلك فى غير الأحوال المصرح بها قانونا…. وينص البند السادس من الفقرة الثانية من ذات المادة على أن تكون عقوبة الجرائم المنصوص عليها فى هذه المادة الإعدام والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه فى الأحوال الآتية :
6- إذا كان الجوهر المخدر محل الجريمة من الكوكايين أو الهيروين أو أي من المواد الواردة فى القسم الأول من الجدول رقم (1) المرفق………..
وتنص الفقرة الأولى من المادة (42) على أنه مع عدم الإخلال بحقوق الغير حسن النية يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة ……….
ويتضمن الجدول المشار إليه الذي يتضمن بيانا بالمواد المعتبرة جواهر مخدرة في نص في البند الثاني من قسمه الأول على أن كلمة هيروين وتشمل:
( Acetomorphinc-Diamolphine )- Heroin Diacetylmorphino
ثنائى ستيل مورفين… وينص فى البند 57 من قسمه الثاني على أن كلمة حشيش تشمل ( جميع أنواعه ومسمياته مثل الكمنجة أو البانجو أو المارجوانا أو غير ذلك من الأسماء التي تطلق عليه، الناتج أو المحضر أو المستخرج من أزهار أو أوراق أو سيقان أو جذور أو ما تنتج نبات القنب الهندي كنابيس ( سانينا ) ذكرا كان أو أنثى …….) .
وحيث أن المدعي ينعى على النصوص سالفة البيان بطلانها من الناحية الشكلية بمقولة أن القانون رقم 122 لسنة 1989 المشار إليه أدخلها كتعديل على القرار رقم 182 لسنة 1960 الذي أصدره رئيس الجمهورية فى غيبة مجلس الأمة إعمالا لنص المادة (53) من الدستور المؤقت الصادر سنة 1958 والتي كانت توجب عرض ما يصدره رئيس الجمهورية من تشريعات وفقا لحكمها على مجلس الأمة فور انعقاده لإقرارها أو الاعتراض عليها، وهو ما لم يتحقق بالنسبة إلى ذلك القرار بقانون الذي خلت مضابط المجلس مما يدل على عرضه عليه، بما يترتب على ذلك من بطلانه وبطلان القانون رقم 122 لسنة 1989 المعدل لبعض أحكامه والذي يدور وجودا وعدما وصحة وبطلانا مع القانون الأصلي.
وحيث أن هذا النعي مردود بأن القانون رقم 122 لسنة 1989 المدعى بطلانه تبعا لقالة بطلان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960، قد أعاد من جديد تنظيم الموضوع الذي تناولته النصوص التشريعية المطعون عليها وذلك بأن أحل محل النصوص المقابلة لها التي كان يتضمنها القرار بقانون المشار إليه أحكاما جديدة استعاض بها كلية عنها، ومن ثم تكون هذه النصوص البديلة – والتي عمل بها اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشرها فى الجريدة الرسمية – ملغية ضمنا لما يقابلها من أحكام فى التشريع السابق عليها وتقوم بالتالي مستقلة عنها، ذلك أن الأصل فى النصوص التشريعية هو سريانها بأثر مباشر من تاريخ العمل بها ما لم يلغها المشرع بتشريع لا حق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، لما كان ذلك، وكانت النصوص البديلة التي أحلها المشرع بالقانون رقم 122 لسنة 1989 محل النصوص السابقة عليها كتنظيم جديد لموضوعها هي التي جرى تطبيقها – واعتبارا من تاريخ العمل بها – فى شأن الواقعة الإجرامية المنسوبة إلى المدعى ، فإن أي عوار يكون قد شاب النصوص الملغاة يظل مقصورا عليها ولا يمتد بالتالي إلى النصوص التشريعية التي حلت محلها، وذلك أيا كان وجه الرأي فى شأن الآثار التي رتبها الدستور المؤقت الصادر سنة 1958 على عدم عرض التشريعات التي يصدرها رئيس الجمهورية وفقا لنص المادة (53) منه، على مجلس الأمة فور انعقاده.
وحيث أن المدعي ينعى على النصوص التشريعية المطعون عليها عدم دستوريتها بمقولة أن مجلس الشعب الذي أقرها باطل فى تكوينه بطلانا ينحدر به إلى درجة الانعدام وذلك ترتيبا على الأحكام التي أصدرتها محكمة القضاء الإداري فى العديد من الدعاوى من بينها الدعاوى أرقام 3385، 3453، 3483 لسنة 41 قضائية بوقف تنفى ذ كل من قرار لجنة إعداد نتيجة الانتخابات وقرار وزير الداخلية بإعلان النتيجة ، فى ما تضمناه من عدم إعلان فوز المحكوم لصالحهم فى تلك الدعاوى بعضوية مجلس الشعب، تلك الأحكام التي أيدتها المحكمة الإدارية العليا بقضائها قبول الطعون المقامة عنها شكلا ورفضها موضوعا – فضلا عما قضى به فيما بعد بإلغاء القرارين المشار إليهما – مما مؤداه انتفاء الصفة النيابية لعدد من أعضاء مجلس الشعب بلغ خمسة وسبعين عضوا على حد قول المدعى – ليفقد المجلس بذلك ولايته التشريعية التي افترض الدستور لجواز ممارستها أن تكون عضوية أعضاء المجلس ثابتة وفقا لأحكامه، ومن ثم تكون النصوص المطعون عليها مخالفة للمادة (86) من الدستور التي تنص على أن يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع… ولنص المادة (87) من الدستور التي تقضي بأن يحدد القانون الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الدولة وعدد أعضاء مجلس الشعب المنتخبين على ألا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوا، نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويكون انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السري العام…. ولنص المادة (88) من الدستور التي ناطت بالمشرع تحديد الشروط الواجب توافرها فى أعضاء مجلس الشعب وبيان أحكام الانتخاب والاستفتاء، وتقع مخالفة كذلك للمادة (107) من الدستور التي تنص على أنه لا يكون انعقاد المجلس صحيحا إلا بحضور أغلبية أعضائه، ويتخذ قراراته بالأغلبية المطلقة للحاضرين، وذلك فى غير الحالات التي تشترط فيها أغلبية خاصة …….
وحيث إن الأصل فى حقي الانتخاب والترشيح أن القيود التي يفرضها المشرع على أيهما إنما تنعكس على الآخر وتؤثر فى مداه، وقد كفلهما الدستور للمواطن لضمان أن تكون المجالس النيابية ممثلة لإرادة هيئة الناخبين تمثيلا منصفا وفعالا، ومن ثم يكون الحق فى هذا التمثيل بشرائطه التي نص عليها الدستور، عاصما من تكوين المجالس النيابية بالمخالفة لأحكامه، فإذا وقع إخلال بهذا الحق آل ذلك إلى بطلان تكوينها، وهو ما قررته هذه المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 19 مايو سنة 1990 فى الدعوى رقم 37 لسنة 9 قضائية دستورية وذلك بتوكيدها أن حقي الانتخاب والترشيح حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بدون أيهما، ولا تتحقق للسيادة الشعبية أبعادها الكاملة إذا هما أفرغا من المضمون الذي يكفل ممارستها ممارسة جدية وفعالة ، وأنهما بوصفهما هذا لازمان لزوما حتميا لأعمال الديمقراطية فى محتواها المقرر دستوريا ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة فى حقيقتها عن الإرادة الشعبية ، ومعبرة عنها تعبيرا صادقا.
وحيث إن هذه المحكمة – انطلاقا من الأبعاد التي حددتها لهذين الحقين – قد انتهت فى الدعوى المشار إليها، وبعد استعراضها للنظام الانتخابي الذي تضمنته المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986، إلى إخلاله بحق المستقلين فى الترشيح على قدم المساواة وعلى أساس من تكافؤ الفرص مع باقي المرشحين من أعضاء الأحزاب السياسية ، إخلا لا أدى إلى التمييز بين هاتين الفئتين فى المعاملة القانونية وفى الفرص المتاحة للفوز بالعضوية ، وآل بالتالي إلى بطلان تكوين مجلس الشعب – المطعون عليه فى الدعوى الماثلة – منذ انتخابه.
وحيث إن هذه المحكمة – وبوصفها الجهة القضائية العليا التي حملها الدستور أمانة صون أحكامه – قد قررت فى حكمها فى الدعوى المشار إليها – وحجيته مطلقة فى مواجهة الكافة وسلطات الدولة جميعها – أن بطلان تكوين هذا المجلس لا يستتبع لزوما إسقاط القوانين والقرارات التي أقرها ولا يمس الإجراءات التي اتخذها منذ انتخابه وحتى تاريخ نشر الحكم فى الجريدة الرسمية . بل تظل جميعها محمولة على أصلها من الصحة ، وتبقى بالتالي نافذة مرتبة لكل آثارها إلى أن يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستوريا أو تقضي هذه المحكمة بعدم دستورية نصوصها التشريعية إن كان لذلك ثمة وجه آخر غير ما بني عليه هذا الحكم، إذا كان ذلك كذلك، وكان ما ينعاه المدعي فى الدعوى الماثلة من عدم دستورية النصوص المطعون عليها ترتيبا على قاله انتفاء الصفة النيابية عن خمسة وسبعين من أعضاء مجلس الشعب الذي أقرها وزوال صفتهم بالتالي فى التعبير عن الإرادة الشعبية ، مؤداه – وبفرض صحة الاستناد إلى الأحكام التي أصدرتها جهة القضاء الإداري فى شأنهم – أن المجلس النيابي الذي كان يضمهم قد أضحى باطل التكوين، وإذ كانت هذه النتيجة عينها هي التي خلصت إليها هذه المحكمة وقررتها بالنسبة إلى المجلس ( ذاته) وذلك فى حكمها الصادر فى الدعوى رقم 37 لسنة 9 قضائية مستندة فى إقامتها على دعامة إحلال التنظيم الانتخابي المطعون عليه فى تلك الدعوى بالحق فى أن تكون المجالس النيابية كاشفة عن صفتها التمثيلية ، ومعبرة بالتالي عن إرادة هيئة الناخبين، وكان قضاء هذه المحكمة فى الدعوى المشار إليها يحول دون تقرير بطلان جديد فى شأن مجلس نيابي دمغته هذه المحكمة ( من قبل ) بالبطلان، ذلك أن تكوين المجالس النيابية إما أن يكون صحيحا من البداية أو باطلا. ولا ينحصر بطلان التكوين – بالضرورة – فى وجه معين أو أوجه بذاتها، وإنما قد تتعدد أو جهه أو روافده، ومن ثم لا يتنوع هذا البطلان بتنوع المخالفة الدستورية التي تؤدي إليه، ولا تتجاوز أو جهه فى ما بينها فى مجال الآثار التي يرتبها الدستور عليها، وإنما تتحد جميعها فى كونها مفضية إلى بطلان من نوع واحد سواء فى طبيعته أو درجته أو مداه ولا يتصور – والحالة هذه – أن يرد أكثر من بطلان على محل واحد.
وحيث أنه إذ كان ما تقدم، وكانت كل مخالفة دستورية يؤول أمرها إلى بطلان تكوين المجلس النيابي تعتبر من أو جهه أو روافده وذلك أيا كان مضمون المخالفة الدستورية أو الوقائع التي تقوم عليها، وكان هذا البطلان بالتالي لا يتعدد بتعدد روافده، فإنه سواء كانت المخالفة الدستورية المؤدية إلى ذلك البطلان مترتبة على ما ذهب إليه المدعي من زوال الصفة النيابية عن العديد من أعضاء المجلس النيابي بناء على أحكام جهة القضاء الإداري التي سلفت الإشارة إليها أم كانت هذه المخالفة ناشئة عن بطلان التنظيم الانتخابي الذي قام عليه هذا المجلس بأكمله ومؤدية – من ثم – إلى بطلان عضوية أعضائه جميعا وفقا لما قررته المحكمة فى حكمها فى الدعوى رقم 37 لسنة 9 قضائية آنفة البيان، فإن بطلان التكوين فى الصورة الأولى لا يكون مختلفا فى الخصائص التي يتسم بها ولا فى الآثار التي يرتبها عن بطلانه فى الحالة الثانية ، ولا يجوز بالتالي الاستناد إلى ما يثيره المدعي فى منعاه لتقرير بطلان على بطلان، ولا أن يعتبر نعيه وجها جديدا مغايرا فى محصلته النهائية للوجه الذي قام عليه قضاء هذه المحكمة فى الدعوى المشار إليها، إذ لا يتغيا المدعي – فى حقيقة الأمر – إبطال مجلس نيابي لا زال قائما، وإنما إسباغ بطلان مبتدأ على مجلس نيابي سبق أن كشفت هذه المحكمة عن أنه مشكل بالمخالفة للدستور، ومن ثم باطل التكوين بأثر رجعي يرتد إلى اللحظة التي ولد فى ها، ولا يتصور أن تكون الآثار القانونية التي قصد المدعي إلى ترتيبها على منعاه، سابقة فى وجودها من حيث الزمان على هذه اللحظة ذاتها، الأمر الذي يصبح معه هذا الشق من الطعن أيضا على غير أساس حريا بالالتفات عنه.
وحيث إن النصوص المطعون عليها فى الدعوى الراهنة لا تنطوي على مخالفة لأي حكم فى الدستور من أوجه أخرى .

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر رئيس المحكمة

صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره أما السيد المستشار محمد ولى الدين جلال الذي سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع مسودة الحكم فقد جلس بدله عند تلاوته السيد المستشار على أحمد البحيرى .

اشترك في القائمة البريدية