الدعوى 63 لسنة 4 – دستورية – المحكمة الدستورية العليا – مرفوعة علنية رقم 63 لسنة 4 بتاريخ 07/03/1992
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت 7 مارس سنة 1992 الموافق 3 رمضان سنة 1412 ه .
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين: الدكتور/ محمد إبراهيم أبوالعينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبدالرحيم غنيم ومحمد على عبدالواحد والدكتور/ عبدالمجيد فياض وماهر البحيرى أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبدالحميد عماره المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبدالواحد أمين السر
أصدر الحكم الآتى
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 63 لسنة 4 قضائية دستورية .
المرفوعة من
الدكتور/ حسين أحمد على مظلوم
السيدة / ملك أحمد على مظلوم
السيدة / هدايت حسين مصطفى رياض
ضد
1 – السيد/ رئيس الجمهورية
2 – السيد/ رئيس مجلس الوزراء بصفته ممثلاً للحكومة
3 – السيد/ وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لجهاز تصفية الحراسات
4 – السيد/ رئيس جهاز تصفية الحراسات بصفته
5 – السيد/ وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمكاتب الشهر العقارى والتوثيق
6 – السيد / رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بصفته
7 – السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة الشرق للتأمين بصفته
8 – السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة مصر للتأمين بصفته
9 – السيد/ عادل عزمى قطان
10 – السيد/ عباس محمد عبده وآخرين
الإجراءات
بتاريخ الأول من أبريل سنة 1982 أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبين الحكم بعدم دستورية القانون رقم 141 لسنة 1981 والمادة العاشرة من القانون رقم 69 لسنة 1974.
وقدمت هيئة قضايا الدولة ، والمدعى عليها الثامنة ، والمدعى عليه التاسع مذكرات ، طلبوا فيها رفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات ، والمداولة .
حيث إن الوقائع– على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن مورث المدعين كان قد أقام الدعوى رقم 2371 لسنة 1980 مدنى كلى جنوب القاهرة بطلب الحكم ببطلان عقود البيع الصادرة من جهاز الحراسة العامة إلى كل من شركتى الشرق للتأمين ومصر للتأمين والهيئة العامة للإصلاح الزراعى ببيع العقارين المملوكين له كامل أرض وبناء المنزل رقم 13 بشارع عدلى بالقاهرة والنصف شيوعاً في كامل أرض وبناء المنزل رقم 5 (أ) بشارع البستان بالقاهرة ، وكذلك الأطيان الزراعية المملوكة له بناحية ديبو عوام مركز المن صورة محافظة الدقهلية ، مع كل ما يترتب على هذا البطلان من آثار ، مؤسساً دعواه على انعدام الأمر رقم 140 لسنة 1961 الصادر من رئيس الجمهورية بفرض الحراسة على أمواله وممتلكاته، والذى تم بموجبه بيعها إلى آخرين. وبتاريخ 28 مايو سنة 1981 قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ببطلان عقود البيع التى أبرمتها الحراسة مع الجهات سالفة البيان في شأن عقارات المدعين وتسليمها إليهم بالحالة التى تكون عليها وقد طعن المدعى عليهما الثالث والسادس والمدعى عليهما السابعة والثامنة والمدعى عليه التاسع والمدعى عليهم الآخرين استئنافياً على هذا الحكم ، وأحيلت استئنافاتهم جميعها – إعما لاً للمادة السادسة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 – إلى محكمة القيم حيث قيدت بعد ضمها لبعضها بجدولها العام برقم 22 لسنة 2 قضائية قيم ، وأثناء نظر الدعوى أمامها دفع المدعون بعد دستورية القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 والمادة العاشرة من القانون رقم 69 لسنة 1974، وبجلسة 14 من مارس سنة 1982 صرحت لهم المحكمة برفع دعواهم الدستورية خلال شهرين ، فأقاموا الدعوى الماثلة .
وحيث إن المدعين ينعون على القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 مخالفته للمادتين (108) ، (147) من الدستور، لصدوره من رئيس الجمهورية دون تفويض من مجلس الشعب بإصداره، ولعدم توافر الحالة التى تسوغ سرعة إصداره في غيبة مجلس الشعب إذ فى ذات اليوم الذى أصدر فيه رئيس الجمهورية القرار بقانون المطعون فيه، أصدر قراراً جمهورياً بدعوة مجلس الشعب إلى الانعقاد، كما ينعون على المادة الثانية من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 ابتداءً من الجملة الثانية من فقرتها الأولى مخالفتها للمواد (2) ، (34) ، (36) ، (68) ، (178) من الدستور لانطوائها على عدوان على الملكية الخاصة ومصادرة لها لتحصينها البيع الباطل الذى سبق أن أبرمته الحراسة وإهدارها لحجية الحكم الصادر من هذه المحكمة بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964، أما المادة السادسة منه فيصمونها بالمخالفة المادتين (68) ، (167) من الدستور، ويقررون كذلك – ومن جهة أخرى – أن المادة العاشرة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 قاطعة فى دلالتها على عدم جواز إلغاء عقود البيع التى يبكون محلها عقاراً مبنياً تزيد قيمته على ثلاثين ألف جنيه بما مؤداه امتناع رد هذه الأموال عيناً إلى مستحقيها ومن ثم تكون المادة العاشرة المشار إليها منطوية على إهدار للملكية الخاصة بالمخالفة لنص المادة (34) من الدستور ومناقضة كذلك للمادة (178) منه لخروجها على الحجية التى أثبتتها المادة (49) من قانون هذه المحكمة للحكم الصادر منها بجلسة 16 مايو سنة 1981 في الدعوى رقم 5 لسنة 1 قضائية دستورية وذلك فيما قضى به من عدم دستورية الحد الأقصى لما يرد للخاضعين ، وهو الحد المنصوص عليه فى المادة الرابعة من ذات القانون .
وحيث إن هذه المناعى جميعها – وفيما يتعلق بالقرار بقانون رقم 41 لسنة 1981 – سبق أن تناولتها هذه المحكمة وأصدرت قضاءها في شأنها بتاريخ 21 يونيو سنة 1986 في الدعويين رقمى 139 ، 140 لسنة 5 قضائية دستورية المنضمين ، والدعوى رقم 142 لسنة 5 قضائية دستورية إذ قضت بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 بتصفية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة فيما نصت عليه من وذلك ما لم يكن قد تم بيعها ….. وبرفض ما عدا ذلك من طلبات ، وقد نشر هذان الحكمان في الجريدة الرسمية بتاريخ 3 يوليو 1986 .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة – فيما فصل فيه في هاتين الدعويين – سواء من ناحية العيوب الشكلية أو المطاعن الموضوعية إنما يحوز حجية مطلقة في مواجهة الكافة و بالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة ، تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه من جديد أمام هذه المحكمة لمراجعته ، ذلك أن الخصومة في الدعوى الدستورية – هى بطبيعتها من الدعاوى العينية – إنما توجه إلى النصوص التشريعية المدعى مخالفتها للدستور ، ولا يعتبر قضاء المحكمة باستيفاء العمل التشريعى لأوضاعه الشكلية أو بتوافق النصوص المطعون عليها أو تعارضها مع الأحكام الموضوعية في الدستور منصرفاً إلى الخصوم في الدعوى التى صدر فيها ، بل متعدياً إلى الكافة ، منسحباً إلى كل سلطة في الدولة بما يردها عن التحلل منه أو مجاوزة مضمونه ، متى كان ذلك ، فإن الخصومة في الدعوى الماثلة بالنسبة للطعن على القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 وقد حسمتها هذه المحكمة من قبل بحكميها المشار إليهما – وهما مستعصيان على الجدل – تكون منتهية – وهو ما يتعين الحكم به .
وحيث إن المادة (10) من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 تنص على أن تلغى اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون عقود البيع الابتدائية المبرمة بين الحراسة العامة أو إدارة الأموال التى آلت إلى الدولة وبين الحكومة أو وحدات الإدارة المحلية أو القطاع العام أو الهيئات العامة أو الوحدات التابعة لها والتى لم يتم التصرف فيها لغير هذه الجهات ولو بعقود ابتدائية ، متى طلب مستحقوها استلامها طبقاً لأحكام المواد (1) ، (2) ، (3) ، (4) وذلك فى الأحوال الآتية :
(أ) الأراضى الفضاء التى لا تجاوز قيمتها ثلاثين ألف جنيه بشرط ألا تكون قد هيئت لإقامة مبان عليها أو أقيمت عليها مبان .
وحيث إن
(ب) العقارات المبنية التى لا تجاوز قيمتها ثلاثين ألف جنيه ما لم تكن قد تغيرت معالمها أو خصصت لمشروع سياحى أو لغرض قومى أو ذى نفع عام.
(ج) العقارات المملوكة على الشيوع إذا كان يترتب على إلغاء عقود بيعها إنهاء حالة الشيوع مع الجهة المشترية ورد العقارات المبيعة لمستحقيها كاملة .
(د) العقارات المثقلة بحق عينى ضماناً لدين يجاوز ثمن بيعها أو التى لا تجاوز قيمتها بعد خصم هذا الدين ثلاثين ألف جنيه .
(ه) المنشآت الفردية التى لا تجاوز قيمتها ثلاثين ألف جنيه ما لم تكن أدمجت في منشآت أخرى أو تغيرت معالمها بحيث لا يمكن ردها بحالتها التى كانت عليها فى تاريخ البيع .
ويعتد في تحديد هذه العقارات والمنشآت وثمنها بما ورد في عقود بيعها إلى الجهات المشار إليها ، وفي جميع الأحوال تسلم هذه العقارات أو الأراضى أو المنشآت إلى مستحقها محملة بعقود الإيجار المبرمة قبل العمل بهذا القانون .
وحيث إن المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 تنص على أن تسرى أحكام القانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليه فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا القانون وبما لا يتعارض مع أحكامه.
وحيث إنه من المقرر – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مناط المصلحة في الدعوى الدستورية – وهى شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع ، لما كان ذلك ، وكان المدعون قد دفعوا أثناء نظر الدعوى الموضوعية بعدم دستورية المادة العاشرة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 ، وكان النص المطعون فيه قد جرى تطبيقه فى شأنهم وترتبت بمقتضاة آثار قانونية بالنسبة إليهم ، وكانت محكمة الموضوع قد قدرت جدية الدفع بعدم دستورية هذا النص ، وكانت مصلحة المدعين – محددة على ضوء طلباتهم الموضوعية – ولا ترتبط بالفعل في دستورية المادة العاشرة المشار إليها بكامل بنودها ، وإنما تتحقق فقط بالنسبة إلى ما ينطبق من أحكامها على شق من نزاعهم الموضوعى ممثلاً في البند (ب) منها وذلك فيما تضمنه من عدم جواز رد العقارات المبنية التى يزيد ثمن بيعها على ثلاثين ألف جنيه إلى أصحابها عيناً ، متى كان ذلك ، فإن الدعوى الماثلة تكون مقبولة بالنسبة إلى هذا البند وحده ، ولا تمتد إلى ما سواه من أحكام المادة العاشرة سالفة البيان.
وحيث إن المادة الأولى من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 تنص على أن ترفع الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم بمقتضى أوامر جمهورية طبقاً لأحكام قانون الطوارئ ، وتنص المادة الثانية منه على أن تؤول إلى الدولة ملكية الأموال والممتلكات المشار إليها في المادة السابقة ويعوض عنها صاحبها بتعويض اجمالى قدره 30 ألف جنيه ، ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك فيعوض عنها بمقدار هذه القيمة ، على أنه إذا كانت الحراسة قد فرضت على الشخص وعلى عائلته بالتبعية له ، فيعوض جميعهم عن جميع أموالهم وممتلكاتهم المفروضة عليها الحراسة بما لا يجاوز قدر التعويض الاجمالى السابق بيانه ….. .
وحيث إن البين من المادة الأولى من قانون إصدار قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 – إنها تنص على أن تسوى طبقاً لأحكام هذا القانون الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين استناداً إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ ، كما تنص المادة الثانية من قانون تسوية هذه الأوضاع في فقرتها الثانية على أن يرد عيناً ما قيمته ثلاثون ألف جنيه لكل خاضع بالتبعية وفى حدود مائة ألف جنيه للأسرة إذا كانت هذه الأموال والممتلكات قد آلت إليه عن طريق الخاضع الأصلى . وطبقاً للمادة الثالثة منه يتم التخلى عن عناصر الذمم المالية – أصولاً وخصوماً – للأشخاص الطبيعيين الذين شملتهم الحراسة بصفة أصلية أو تبعية – وطبقت عليهم أحكام القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 المشار إليه – إذا كان صافى الذمة المالية لا يزيد على ثلاثين ألف جنيه للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة ، وتنص مادته الرابعة على أنه إذا كانت الأموال والممتلكات التى فرضت عليها الحراسة مملوكة جميعها للخاضع الأصلى ، وكان صافى ذمته المالية يزيد على ثلاثين ألف جنيه رد إليه القدر الزائد عيناً بما لا يجاوز ثلاثين ألف جنيه لكل من أفراد أسرته ، وفي حدود مائة ألف جنيه للأسرة ما لم تكن هذه الأموال قد بيعت ولو بعقود ابتدائية قبل العمل بأحكام هذا القانون ، أما المادة العاشرة منه فقد نصت في البند (ب) منها – المطعون فيه – على إلغاء عقود البيع الابتدائية المبرمة مع الجهات الحكومية وما في حكمها إذا كانت العقارات المبنية محلها لا يزيد ثمنها على ثلاثين ألف جنيه وردها عيناً إلى مستحقيها ما لم تكن قد تغيرت معالمها أو خصصت لمشروع سياحى أو لغرض قومى أن ذى نفع عام .
وحيث إنه على ضوء ما تقدم ، فان ما قرره القانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليه من أحكام توخى بها تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة على الأشخاص الطبيعيين ، لا يكون قد تضمن تعديلاً جوهرياً في الأساس الذى قام عليه القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 ، باعتبار أن الأصل الذى التزمه القانون رقم 69 لسنة 1974 هو أيلولة أموالهم وممتلكاتهم إلى ملكية الدولة مع تعويضهم عنها في الحدود المنصوص عليها فيه ، وأية ذلك ما تضمنته المذكرة الإيضاحية المرافقة لمشروع القانون رقم 69 لسنة 1974 وكذلك تقرير اللجان المختصة بمجلس الشعب عنه ، إذ كشفاً عن الأسس التى التزمها هذا المشروع ومن بينها التقيد بوجه عام بالحد الأقصى المقرر في القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 – وهو ثلاثون ألف جنيه – وذلك لتحديد قيمة ما يرد عينا أو نقدًا باعتبار أن هذا الحد يمثل خطأ اشتراكياً قصد به تذويب الفوارق بين الطبقات ، ولأنه بالنظر إلى أن شركات التأمين قد استثمرت جانباً هاماً من احتياطياتها في شراء العقارات المبنية التى خضعت للقرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 فقد استلزم الحفاظ على المركز المالى لهذه الشركات واستقرار مراكزها القانونية وضع ضوابط لردها عيناً ، مما جرى به نص المادة العاشرة – سالفة البيان –من استبعاد العقارات والمنشآت المبيعة لجهات الحكومة والقطاع العام التى تم تسجيل عقودها وتلك التى يتجاوز ثمنها فى العقد ثلاثين ألف جنيه من الرد العينى ما لم يترتب على إلغاء عقد بيعها إنهاء حالة الشيوع مع الجهة المشترية .
وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان المشرع قد أقر النص التشريعى المطعون فيه مستلهما الاعتبارات التى كشفت عنها أعماله التحضيرية ، وعلى ضوء مفهوم التعويض الاجمالى الذى قررته المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 ، مستبعداً بمقتضاه من الإلغاء عقود البيع الابتدائية المبرمة مع الجهات الحكومية وما في حكمها في شأن العقارات المبنية التى تزيد قيمتها على ثلاثين ألف جنيه ، بما مؤداه بقاء العقارات محلها الجهات المذكورة دون ردها عيناً إلى أصحابها وبغير تعويضهم تعويضاً كاملاً عن قيمتها الحقيقة .
وحيث إن هذه المحكمة قد سبق لها أن قضت بتاريخ 16 مايو سنة 1981 في الدعوى رقم 5 لسنة 1 قضائية دستورية بعدم دستورية المادة الثانية من القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 – سالفة البيان – فيما نصت عليه من أيلولة أموال وممتلكات الأشخاص الطبيعيين الذين فرضت عليهم الحراسة طبقاً لأحكام قانون الطوارئ إلى ملكية الدولة ، وذلك على سند من أ، هذه الأيلولة إنما تشكل اعتداء على الملكية الخاصة ومصادرة لها بالمخالفة للمادة (34) من الدستور التى تنص على أن الملكية الخاصة مصونة ، ولخروجها عل حكم المادة (36) منه التى تحظر المصادرة العامة ولا تجيز المصادرة الخاصة إلا بحكم قضائى ، وأنه لا يحاج بأن القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 والقانون رقم 69 لسنة 1974 المشار إليهما قد تضمنا تعويض الخاضعين للحراسة عن أموالهم وممتلكاتهم وأن تقدير هذا التعويض يعد من الملاءمات السياسية التى يستقل بها المشرع ، ذلك أن كلا من هذين التشريعين قد تعرض للملكية الخاصة التى صانها الدستور ووضع لحمايتها ضوابط وقواعد محددة ، الأمر الذى يحتم إخضاعهما لما تتولاه هذه المحكمة من رقابة دستورية ، وإذ كان القانون رقم 69 لسنة 1974 قد استعاض عن التعويض الجزافى الذى كانت تقضى به أحكام القرار بقانون رقم 150 لسنة 1964 بحد أقصى مقداره ثلاثون ألف جنيه وقرر رد بعض أموالهم عيناً أو نقداً في حدود هذا المبلغ للفرد ومائة ألف جنيه للأسرة ، فإنه يكون بما نص عليه فى المادة الرابعة منه من تعيين حد أقصى لما يرد من كافة الأموال والممتلكات التى فرضت عليها الحراسة قد انطوى على مخالفة لأحكام الدستور القائم الذى لا يجيز تحديد حد أقصى إلا بالنسبة للملكية الزراعية طبقاً للمادة (37) منه الأمر الذى يتضمن بدوره مساساً بالملكية الخاصة بالمخالفة لحكم المادة (34) من الدستور سالفة البيان .
وحيث إنه متى كان ما تقدم ، وكان النص المطعون عليه قد استبعد من الرد العينى العقارات المبينة فيه إذا كان ثمن بيعها يجاوز ثلاثين ألف جنيه بما يعنيه ذلك من استمرار أيلولتها وتمكين الجهات الحكومية وما في حكمها منها ، وبالتالى بقاء العدوان عليها قائماً ، فإنه يكون منطوياً على مخالفة لنص المادتين (34) ، (36) من الدستور .
وحيث إنه لا وجه لقالة أن المشرع قد التزم بالحد الأقصى المشار إليه باعتباره يمثل خطأ اشتراكياً قصد به تذويب الفوارق بين الطبقات ، ذلك أن التزام المشرع بالعمل على تحقيق هذا المبدأ – وعلى ما سبق أن جرى به قضاء هذه المحكمة – لا يعنى ترخصه في تجاوز الضوابط والخروج على القيود التى تضمنتها مبادئ الدستور الأخرى ومنها صون الملكية الخاصة وعدم المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفي الحدود وبالقيود التى أو ردتها نصوصه ، وفضلاً عن ذلك فإن المشرع الدستورى قد عنى – في التعديل الصادر بتاريخ 22 مايو سنة 1980 – عند تحديد الأساس الاقتصادى للدولة في المادة الرابعة من الدستور بأ، يستبدل بعبارة ويهدف إلى تذويب الفوارق بين الطبقات عبارة ويؤدى إلى تقريب الفوارق بين الدخول ويحمى الكسب المشروع ويكفل عدالة توزيع الأعباء والتكاليف العامة . وهى ذات العبارات التى أو ردها في المادة (23) منه والتى تنص على أن ينظم الاقتصاد القومى وفقاً لخطة تنمية شاملة تكفل زيادة الدخل القومى وعدالة التوزيع ، ورفع مستوى المعيشة ، والقضاء على البطالة ، وزيادة فرص العمل ، وربط الأجر بالإنتاج ، وضمان حد أدنى للأجور ، ووضع حد أعلى يكفل تقريب الفوارق بين الدخول ، وبذلك يكون الأساس الذى أقام عليه النص المطعون فيه حكمه مصادماً للدستور .
وحيث إنه على ضوء ما سلف بيانه ، فإنه يتعين الحكم بعدم دستورية نص البند (ب) من المادة العاشرة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 فيما اشترطه من حد أقصى لقيمة ما يلغى بيعه ويرد عيناً من العقارات المبينة فيه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بانتهاء الخصومة في الدعوى بالنسبة لشقها المتعلق بالطعن على القرار بقانون رقم 141 لسنة 1981 ، وبقبولها بالنسبة للطعن على البند (ب) من المادة العاشرة من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 ، وبعدم دستورية هذا البند فيما نص عليه من التى لا تجاوز قيمتها ثلاثين ألف جنيه ، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر رئيس المحكمة