الدعوى 95 لسنة 12 – دستورية – المحكمة الدستورية العليا – مرفوعة علنية رقم 95 لسنة 12 بتاريخ 07/12/1991
صورة التشريع
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت 7 ديسمبر سنة 1991 م، الموافق غرة جمادى الآخرة سنة 1412 ه .
صدر الحكم الآتي :
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
والسادة المستشارين: الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف ومحمد على عبد الواحد أعضاء
والسيد المستشار/ السيد عبد الحميد عمارة المفوض
والسيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 95 لسنة 12 قضائية دستورية .
المقامة من :
السيد / نور الدين فهمى عوض وشهرته جمال .
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية .
2- السيد رئيس مجلس الوزراء.
3- السيد رئيس مجلس الشعب.
4- السيد وزير العدل.
5- السيد وزير الداخلية .
6- السيد المستشار النائب العام .
الإجراءات
بتاريخ 27 نوفمبر سنة 1990 أودع المدعي قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة طالباً الحكم بعدم دستورية أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 المعدل للقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فىها.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فى ها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث أن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن النيابة العامة اتهمت المدعى بأنه فى يوم 27 ديسمبر سنة 1979 بدائرة قسم باب شرقي محافظة الإسكندرية أحرز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً حشيشاً فى غير الأحوال المصرح بها قانونا، وأحالته إلى المحاكمة الجنائية فى القضية رقم 2 لسنة 1990 جنايات مخدرات باب شرقي (13 كلى شرق)، طالبة معاقبته بالمواد 1، 2، 37/1، 42/1 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فى ها المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون المشار إليه. وبجلسة 17 نوفمبر سنة 1990 دفع الحاضر عن المتهم بعدم دستورية أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 فقررت محكمة جنايات الإسكندرية تأجيل نظر الدعوى لجلسة 11 ديسمبر سنة 1990 وصرحت له برفع الدعوى الدستورية فأقام الدعوى الماثلة .
وحيث أن البين من استقراء أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 – الذي صرحت محكمة الموضوع للمدعى بالطعن عليه بعدم الدستورية – أنه أدخل تعديلا جوهريا على بعض أحكام القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 فى شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فى ها، وذلك بأن استعاض عن بعض مواده بنصوص أخرى ، فضلا عن إضافة مواد جديدة إليه وإحلال جدول جديد يتضمن تعريفا بالمواد المعتبرة جواهر مخدرة محل الجدول رقم (1) الملحق بهذا القرار بقانون.
وحيث أن الدفع بعدم الدستورية الذي أثاره المدعى أمام محكمة الموضوع وقدرت هي جديته قد انصب على أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 دون غيرها – وكان من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن مناط المصلحة فى الدعوى الدستورية – وهي شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازما للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة أمام محكمة الموضوع، لما كان ذلك وكانت الجريمة التى نسبتها النيابة العامة إلى المدعي هي إحرازه بقصد التعاطي وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا الجوهر المخدر المنصوص عليه فى البند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق بالقرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 المشار إليه، فإن المصلحة الشخصية والمباشرة للمدعي فى الدعوى الماثلة تنحصر فى الطعن على النصوص المتعلقة بهذه الجريمة وحدها دون غيرها من أحكام القانون رقم 122 لسنة 1989 التى لا صلة لها بها كتلك المتعلقة بإنتاج الجواهر المخدرة أو استخراجها أو فصلها أو صنعها أو شرائها أو زرع نباتاتها، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الراهنة يتحدد بالفقرة الأولى من المادتين (37) ، (42) من القرار بقانون المشار إليه وبما تضمنه البند 57 من الجدول رقم (1) الملحق به، من تحديد للجوهر المخدر المنسوب للمدعي تعاطيه، وذلك دون المادتين الأولى والثانية منه اللتين وإن وردتا فى قرار الاتهام فى الدعوى الموضوعية وكانتا متعلقتين بالجريمة المنسوب للمدعي اقترافها، إلا أن القانون رقم 122 لسنة 1989 لم يتناولهما بالتعديل، وبالتالي لم تصرح محكمة الموضوع بالطعن عليهما، فلا تمتد إليهما – فى الدعوى الماثلة – ولاية المحكمة الدستورية العليا التى لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالا مطابقا للأوضاع المنصوص عليها فى البند (ب) من المادة (29) من قانونها.
وحيث أن الفقرة الأولى من المادة (37) المشار إليها تنص على أن يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو أنتج أو استخرج أو فصل أو صنع جوهراً مخدراً أو زرع نباتاً من النباتات الواردة فى الجدول رقم (5) أو حازه أو اشتراه وكان ذلك بقصد التعاطى أو الاستعمال الشخصي فى غير الأحوال المصرح بها قانونا، وللمحكمة أن تأمر فى الحكم الصادر بالإدانة بتنفى ذ العقوبات المقضي بها فى السجون الخاصة التى تنشأ للمحكوم عليهم فى جرائم هذا القانون أو فى الأماكن التى تخصص لهم بالمؤسسات العقابية ، وتنص الفقرة الأولى من المادة (42) المشار إليها على أنه مع عدم الإخلال بحقوق الغير حسن النية يحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة والنباتات المضبوطة الواردة بالجدول رقم (5) وبذورها وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة والأدوات ووسائل النقل المضبوطة التى استخدمت فى ارتكابها، كما يحكم بمصادرة الأرض التى زرعت بالنباتات المشار إليها إذا كانت هذه الأرض مملوكة للجاني، أو كانت له بسند غير مسجل، فإن كان مجرد حائز لها، حكم بإنهاء سند حيازته ، وينص البند 57 من الجدول المشار إليه والذى يتضمن بيانًا بالمواد المعتبرة مخدرة على أن كلمة حشيش تشمل ( جميع أنواعه ومسمياته مثل الكمنجة أو البانجو أو المارجوانا أو غير ذلك من الأسماء التى قد تطلق عليه، الناتج أو المحضر أو المستخرج من أزهار أو أوراق أو سيقان أو جذور أو باتلنج نبات القنب الهندي كنابيس ( سانينا ) ذكرا كان أو أنثى …….) .
وحيث أن المدعي ينعى على النصوص سالفة البيان بطلانها من الناحية الشكلية بمقولة أن القانون رقم 122 لسنة 1989 المشار إليه أدخلها كتعديل على القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960 الذي أصدره رئيس الجمهورية فى غيبة مجلس الأمة إعما لا لنص المادة (53) من الدستور المؤقت الصادر سنة 1958 والتى كانت توجب عرض ما يصدره رئيس الجمهورية من تشريعات وفقا لحكمها على مجلس الأمة فور انعقاده لإقرارها أو الاعتراض عليها، وهو ما لم يتحقق بالنسبة إلى ذلك القرار بقانون الذي خلت مضابط المجلس مما يدل على عرضه عليه، مما يترتب على ذلك من بطلانه وبطلان القانون رقم 122 لسنة 1989 المعدل لبعض أحكامه والذي يدور وجودا وعدما وصحة وبطلانا مع القانون الأصلي.
وحيث أن هذا النعي مردود بأن القانون رقم 122 لسنة 1989 المدعى بطلانه تبعا لقالة بطلان القرار بقانون رقم 182 لسنة 1960، قد أعاد من جديد تنظيم الموضوع الذي تناولته النصوص التشريعية المطعون عليها وذلك بأن أحل محل النصوص المقابلة لها التى كان يتضمنها القرار بقانون المشار إليه أحكاما جديدة اعتبارا من اليوم التالي لتاريخ نشرها فى الجريدة الرسمية – ملغية ضمنا لما يقابلها من أحكام فى التشريع السابق عليها وتقوم بالتالي مستقلة عنها، ذلك أن الأصل فى النصوص التشريعية هو سريانها بأثر مباشر من تاريخ العمل بها ما لم يلغها المشرع بتشريع لا حق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع نص التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعد ذلك التشريع، ولما كان ذلك، وكانت النصوص البديلة التى أحلها المشرع بالقانون رقم 122 لسنة 1989 محل النصوص السابقة عليها كتنظيم جديد لموضوعها هي التى جرى تطبيقها – واعتبارا من تاريخ العمل بها – فى شأن الواقعة الإجرامية المنسوبة إلى المدعى ، فإن أي عوار يكون قد شاب النصوص الملغاة يظل مقصورا عليها ولا يمتد إلى النصوص التشريعية التى حلت محلها، وذلك أيا كان وجه الرأي فى شأن الآثار التى رتبها الدستور المؤقت الصادر سنة 1958 على عدم عرض التشريعات التى يصدرها رئيس الجمهورية وفقا لنص المادة (53) منه، على مجلس الأمة فور انعقاده.
وحيث أن المدعي ينعى على النصوص التشريعية المطعون عليها عدم دستوريتها بمقولة أن مجلس الشعب الذي أقرها باطل فى تكوينه بطلانا ينحدر به إلى درجة الانعدام وذلك ترتيبا على الأحكام التى أصدرتها محكمة القضاء الإداري فى العديد من الدعاوى من بينها الدعاوى أرقام 3385، 3453، 3483 لسنة 41 قضائية ، بوقف تنفيذ كل من قرار لجنة إعداد نتيجة الانتخابات وقرار وزير الداخلية بإعلان النتيجة ، فى ما تضمناه من عدم إعلان فوز المحكوم لصالحهم فى تلك الدعاوى بعضوية مجلس الشعب، تلك الأحكام التى أيدتها المحكمة الإدارية العليا بقضائها قبول الطعون المقامة عنها شكلا وبرفضها موضوعا – فضلا عما قضى به فى ما بعد من إلغاء القرارين المشار إليهما – مما مؤداه انتفاء الصفة النيابية لعدد من أعضاء مجلس الشعب بلغ خمسة وسبعين عضوا على حد قول المدعى – ليفقد المجلس بذلك ولايته التشريعية التى افترض الدستور لجواز ممارستها أن تكون عضوية أعضاء المجلس ثابتة وفقا لأحكامه، ومن ثم تكون النصوص المطعون عليها مخالفة للمادة (86) من الدستور التى تنص على أن يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع… ولنص المادة (87) من الدستور التى تقضي بأن يحدد القانون الدوائر الانتخابية التى تقسم إليها الدولة وعدد أعضاء مجلس الشعب المنتخبين على ألا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوا، نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويكون انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السري العام…. ولنص المادة (88) من الدستور التى ناطت بالمشرع تحديد الشروط الواجب توافرها فى أعضاء مجلس الشعب، وبيان أحكام الانتخاب والاستفتاء، وتقع مخالفة كذلك للمادة (107) من الدستور التى تنص على أنه لا يكون انعقاد المجلس صحيحا إلا بحضور أغلبية أعضائه، ويتخذ المجلس قراراته بالأغلبية المطلقة للحاضرين، وذلك فى غير الحالات التى تشترط فيها أغلبية خاصة …….
وحيث أن الأصل فى حقى الانتخاب والترشح، أن القيود التى يفرضها المشرع على أيهما إنما تنعكس على الآخر وتؤثر فى مداه، وقد كفلهما الدستور للمواطن لضمان أن تكون المجالس النيابية ممثلة لإرادة هيئة الناخبين تمثيلا منصفا وفعالا، ومن ثم يكون الحق فى هذا التمثيل بشرائطه التى نص عليها الدستور، عاصما من تكوين المجالس النيابية بالمخالفة لأحكامه، فإذا وقع إخلال بهذا الحق آل ذلك إلى بطلان تكوينها، وهو ما قررته هذه المحكمة بحكمها الصادر بجلسة 19 مايو سنة 1990 فى الدعوى رقم 37 لسنة 9 قضائية دستورية وذلك بتوكيدها أن حقي الانتخاب والترشيح حقان متكاملان لا تقوم الحياة النيابية بدون أيهما، ولا تتحقق للسيادة الشعبية أبعادها الكاملة إذا هما أفرغا من المضمون الذي يكفل ممارستهما ممارسة جدية وفعالة ، وأنهما بوصفهما هذا لازمان لزوما حتميا لأعمال الديمقراطية فى محتواها المقرر دستوريا ولضمان أن تكون المجالس النيابية كاشفة فى حقيقتها عن الإرادة الشعبية ، ومعبرة عنها تعبيرا صادقا.
وحيث أن هذه المحكمة – انطلاقا من الأبعاد التى حددتها لهذين الحقين – قد انتهت فى الدعوى المشار إليها، وبعد استعراضها للنظام الانتخابي الذي تضمنته المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب المعدل بالقانون رقم 188 لسنة 1986، إلى إخلاله بحق المستقلين فى الترشيح على قدم المساواة وعلى أساس من تكافؤ الفرص مع باقي المرشحين من أعضاء الأحزاب السياسية ، إخلالا أدى إلى التمييز بين هاتين الفئتين فى المعاملة القانونية وفى الفرص المتاحة للفوز بالعضوية ، وآل بالتالي إلى بطلان تكوين مجلس الشعب – المطعون عليه فى الدعوى الماثلة – منذ انتخابه.
وحيث أن هذه المحكمة – وبوصفها الجهة القضائية العليا التى حملها الدستور أمانة صون أحكامه – قد قررت فى حكمها فى الدعوى المشار إليها – وحجيته مطلقة فى مواجهة الكافة وسلطات الدولة جميعها – أن بطلان تكوين هذا المجلس لا يستتبع لزوما إسقاط القوانين والقرارات التى أقرها ولا يمس الإجراءات التى اتخذها منذ انتخابه وحتى تاريخ نشر الحكم فى الجريدة الرسمية ، بل تظل حجيتها محمولة على أصلها من الصحة ، وتبقى بالتالي نافذة مرتبة لكامل آثارها إلى أن يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستوريا أو تقضي هذه المحكمة بعدم دستورية نصوصها التشريعية إن كان لذلك ثمة وجه آخر غير ما بني عليه هذا الحكم، إذ كان ذلك كذلك، وكان ما ينعاه المدعي فى الدعوى الماثلة من عدم دستورية النصوص المطعون عليها ترتيبا على قاله انتفاء الصفة النيابية عن خمسة وسبعين من أعضاء مجلس الشعب الذي أقرها وزوال صفتهم بالتالي فى التعبير عن الإرادة الشعبية ، مؤداه – وبفرض صحة الاستناد إلى الأحكام التى أصدرتها جهة القضاء الإداري فى شأنهم – أن المجلس النيابى الذي كان يضمهم قد أضحى باطل التكوين، وإذ كانت هذه النتيجة عينها هي التى خلصت إليها هذه المحكمة وقررتها بالنسبة إلى المجلس (ذاته) وذلك فى حكمها الصادر فى الدعوى رقم 37 لسنة 9 قضائية مستندة فى إقامتها على دعامة إخلال التنظيم الانتخابي المطعون عليه فى تلك الدعوى بالحق فى أن تكون المجالس النيابية كاشفة عن صفتها التمثيلية ، ومعبرة بالتالي عن إرادة هيئة الناخبين، وكان قضاء هذه المحكمة فى الدعوى المشار إليها يحول دون تقرير بطلان جديد فى شأن مجلس نيابي دمغته هذه المحكمة ( من قبل ) بالبطلان، ذلك أن تكوين المجالس النيابية إما أن يكون صحيحا من البداية أو باطلا. ولا ينحصر بطلان التكوين – بالضرورة – فى وجه معين أو أوجه بذاتها، وإنما قد تتعدد أو جهه أو روافده، ومن ثم لا يتنوع هذا البطلان بتنوع المخالفة الدستورية التى تؤدي إليه، ولا تتمايز أو جهه فى ما بينها فى مجال الآثار التى يرتبها الدستور عليها، وإنما تتحد جميعها فى كونها مفضية إلى بطلان من نوع واحد سواء فى طبيعته أو درجته أو مداه، ولا يتصور – والحالة هذه – أن يرد أكثر من بطلان على محل واحد.
وحيث أنه إذ كان ما تقدم، وكانت كل مخالفة دستورية يؤول أمرها إلى بطلان تكوين المجلس النيابي، تعتبر من أو جهه أو روافده وذلك أيا كان مضمون هذه المخالفة أو الوقائع التى تقوم عليها، وكان هذا البطلان بالتالي لا يتعدد بالتالى بتعدد روافده، فإنه سواء كانت المخالفة الدستورية المؤدية إلى ذلك البطلان مترتبة على ما ذهب إليه المدعي من زوال الصفة النيابية عن العديد من أعضاء المجلس النيابي بناء على أحكام جهة القضاء الإداري التى أسلفنا الإشارة إليها أم كانت هذه المخالفة ناشئة عن بطلان التنظيم الانتخابي الذي قام عليه هذا المجلس بأكمله ومؤدية – من ثم – إلى بطلان عضوية أعضائه جميعا وفقا لما قررته هذه المحكمة فى حكمها فى الدعوى رقم 37 لسنة 9 قضائية آنفة البيان، فإن بطلان التكوين فى الصورة الأولى لا يكون مختلفا فى الخصائص التى يتسم بها ولا فى الآثار التى يرتبها عن بطلانه فى الحالة الثانية ، ولا يجوز بالتالي الاستناد إلى ما يثيره المدعي فى منعاه لتقرير بطلان على بطلان، ولا أن يعتبر نعيه وجها جديدا مغايرا فى محصلته النهائية للوجه الذي قام عليه قضاء هذه المحكمة فى الدعوى المشار إليها، إذ لا يتغيا المدعي – فى حقيقة الأمر – إبطال مجلس نيابي لا زال قائما، وإنما إسباغ بطلان مبتدأ على مجلس نيابي سبق أن كشفت هذه المحكمة عن أنه مشكل بالمخالفة للدستور، ومن ثم باطل التكوين بأثر رجعي يرتد إلى اللحظة التى ولد فيها، ولا يتصور أن تكون الآثار القانونية التى قصد المدعي إلى ترتيبها على منعاه، سابقة فى وجودها من حيث الزمان على هذه اللحظة ذاتها، الأمر الذي يصبح معه هذا الشق من الطعن أيضا على غير أساس حريا بالالتفات عنه.
وحيث إن النصوص المطعون عليها فى الدعوى الراهنة لا تنطوي على مخالفة لأي حكم فى الدستور من أوجه أخرى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر رئيس المحكمة
صدر هذا الحكم من الهيئة المبينة بصدره أما السيد المستشار محمد ولى الدين جلال الذى سمع المرافعة وحضر المداولة ووقع مسودة الحكم فقد جلس بدله عند تلاوته السيد المستشار عبد المجيد محمد فياض.