الطعن رقم 1082 لسنة 43 بتاريخ : 2000/11/05 الدائرة الرابعة
_____________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل محمود ذكى فرغلى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: على فكرى حسن صالح د/ عبدالله إبراهيم فرج ناصف وعبدالمنعم أحمد عامر وسعيد سيد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 26/12/1996 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بجلسة 11/11/1996 في الطعن رقم 301/29ق والمقام من المطعون ضده ضد الطاعن والقاضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تحميل الطاعن بمبلغ 950 جنيهاً ورفض ما عدا ذلك من طلبات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء تحميل المطعون ضده بمبلغ تسعمائة وخمسون جنيهاً والقضاء مجدداً بتأييد هذا القرار وبرفض دعوى طلب الحكم بإلغاء ذلك القرار.
وقد أعلن تقرير الطعن للمطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الدائرة الرابعة جلسة 26/5/99 وتم تداوله على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 23/2/2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة موضوع لنظره بجلسة 22/4/2000 حيث نظرته المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 15/10/2000 قررت هذه المحكمة الحكم في الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد القانونى واستوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الطعن رقم 301/29ق بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة التربية والتعليم وملحقاتها بتاريخ 8/5/1995 طالباً في ختامها الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لطعنه أنه كان يعمل مديراً لمدرسة ثورة التصحيح منذ عام 1992 وعلم بتاريخ 27/3/1995 بصدور قرار إدارة غرب الجيزة التعليمية بشأن قضية النيابة الإدارية رقم 725 لسنة 1994 بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه بمقولة أنه جمع مبلغ 950 جنيهاً من طلاب المدرسة كمقابل لإعداد ورق الإجابة الخاصة بامتحان نصف العام الدراسى 93/1994 على الرغم من صرف المبلغ من حساب خامات الامتحان ولم يقم برد هذا المبلغ للتلاميذ وأنه حصل على مبلغ 450 جنيهاً من أرباح الجمعية التعاونية بالمدرسة (المقصف) وتضمن القرار إخطار التوجيه المالى والإدارى بالإدارة بعمل أوجه التعليمات المالية نحو المبالغ المستحقة على المطعون ضده لتسويتها.
وذكر المطعون ضده أنه تظلم من هذا القرار بتاريخ 17/4/1995 وإذ رفض تظلمه أقام طعنه المشار إليه ناعياً على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون وقيامه على غير سبب صحيح لأنه لم يحصر على أية مبالغ لنفسه وخلص إلى طلب الحكم بإلغاء هذا القرار وكذلك إلغاء قرار التحميل مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 11/11/1996 أصدرت المحكمة التأديبية حكمها المطعون فيه والقاضى بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تحميل الطاعن بمبلغ 950 جنيهاً ورفض ما عدا ذلك من الطلبات والمتقدم إيراد منطوقه وشيدته على أساس أنه بالنسبة لما نسب إلى الطاعن (المطعون ضده في الطعن الماثل) من أنه حصل على مبلغ 540 جنيهاً من أرباح المقصف لنفسه فقد ثبت ذلك في جانبه بأقوال الشهود من العاملين بالمدرسة خلال التحقيق الذى أجرته في جانبه بأقوال الشهود من العاملين بالمدرسة خلال التحقيق الذى أجرته النيابة الإدارية في هذا الشأن وكذلك ثبت من هذا التحقيق أن الطاعن اعترف في محضر التحقيق الإدارى الذى أجرى معه بتاريخ 10/2/1994 بجمع مبلغ 75 قرشاً من كل تلميذ لشراء خامات امتحان نصف العام ولم يردها إليهم وشهد بذلك سكرتير المدرسة وأن المبلغ الذى تم جمعه هو 950 جنيهاً.
وأضافت المحكمة التأديبية أن حصول الطاعن لنفسه على مبلغ 540ج من أرباح المقصف دون سند قانونى قد ألحق ضرراً بجهة الإدارة ومن ثم فقد تكاملت أركان المسئولية المدنية من خطأ شخصى وضرر وعلاقة سببية في حقه ويكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تحميله بالمبلغ المذكور قد صدر سليماً متفقاً وأحكام القانون وذلك خلافاً لما حصل عليه الطاعن من مبلغ 950ج جمعها من تلاميذ المدرسة إذ لم يلحق الإدارة ضرر جراء ذلك فلا تتوافر أركان المسئولية المدنية كاملة تجاه الطاعن ولم يثبت كذلك أن جهة الإدارة قامت برد هذا المبلغ إلى التلاميذ حتى يحق لها الرجوع به على الطاعن الأمر الذى يكون معه تحميله بهذا المبلغ مخالفاً للقانون متعين الإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله لأن الثابت من تحقيقات النيابة الإدارية اعتراف المطعون ضده بجمع مبالغ من التلاميذ جملتها 950 جنيهاً لزوم أعمال الامتحانات على الرغم من صرفه لذلك المبلغ من حساب الامتحانات الأمر الذى يشكل في حقه جريمة جنائية هى التربح المؤثمة بموجب قانون العقوبات وبالتالى فقد توافر فى جانبه الخطأ الشخصى ومن ثم يحق لجهة الإدارة تحميله بهذا المبلغ دون محاجة بقاعدة الإثراء بلا سبب لأنه لم يثبت أن الإدارة أعادت المبلغ للتلاميذ حيث لا يسوغ إعمال هذا القاعدة في مجال المنازعة الإدارية لإختلاف طبيعتها عن المنازعة المدنية.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 78 من قانون نظام العاملون المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/1978 تنص على أن كل عامل يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يجازى تأديبياً ….. ولا يسأل العامل مدنياً إلا عن خطئه الشخصى.
كما تنص المادة 163 من القانون المدنى على أن “كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض.
ومفاد ذلك على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المشرع جعل كل خروج على واجب وظيفى أو إخلال بكرامة الوظيفة مرتباً لمسئولية العامل التأديبية في حين لم يرتب المسئولية المدنية للعامل إلا إذا اتسم الخطأ الذى وقع منه بوصف شخصى وذلك بالطبع إذا كان هذا الخطأ الشخصى هو الذى أدى إلى وقوع الضرر والخطأ الشخصى وحده لا يكفى لتقرير مسئولية الموظف بل يجب أن يحدث ضرراً بسبب هذا الخطأ هو الذى يتعين جبره على نحو ما اشترطه المشرع بنص المادة 163 سالفة الذكر.
ومن حيث إن المسلم به في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن المقصود بالخطأ الشخصى الذى يسأل الموظف في ماله الخاص عن الضرر المترتب عليه هو ذلك الخطأ الذى يكشف عن الإنسان بضعفه ونزواته وعدم تبصره أو إذا تبين أن العامل لم يعمل للصالح العام أو كان يعمل مدفوعاً بعوامل شخصية بقصد النكاية أو الإضرار أو لتحقيق منفعة ذاتية أو كان خطأه جسيماً فإنه يعتبر في هذه الحالة خطأ شخصى يسأل عنه في ماله الخاص.
ومن حيث إنه لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق والتحقيقات أن المخالفة المنسوبة للمطعون ضده والمتمثلة في قيامه بجمع مبلغ مالى من تلاميذ النقل بمدرسة ثورة التصحيح الإعدادية التابعة لإدارة غرب الجيزة التعليمية مقداره (950) جنيهاً لشراء أوراق امتحان نصف العام الدراسى بالمخالفة لما تقضى به التعليمات الصادرة من مديرية التربية والتعليم بالجيزة تنفيذاً للقرار الوزارى رقم 185 بتاريخ 11/6/1990 من أن تقوم كل مدرسة بتوفير أوراق إجابة موحدة فولسكاب من بند خامات الامتحان هذه المخالفة قد توافرت الأدلة على ثبوتها في حقه وذلك باعترافه خلال التحقيق الذى أجرى معه بتاريخ 10/2/1994 بقيامه بجمع مبلغ 75 قرشاً من كل تلميذ لشراء خامات امتحان نصف العام وشهد بذلك أيضاً سكرتير المدرسة أثناء تحقيق النيابة الإدارية في الموضوع حيث قرر أن مدير المدرسة (المطعون ضده) قام بتحصيل مبلغ 75 قرشاً عن كل تلميذ لشراء خامات الامتحان رغم أنه (المطعون ضده) حصل منه على مبلغ 950 ج من حساب خامات الامتحان الأمر الذى تعتبره المحكمة إخلالاً جسيماً من المطعون ضده بواجبات وظيفته يعمل إلى حد الخطأ الشخصى الذى يسأل في ماله الخاص عما ترتب عليه من ضرر لحق بالجهة الإدارية في تحملها بما يقابل الـ 950ج دون مقتضى إذ ثبت أن هذا المبلغ قد تحمله تلاميذ المدرسة ولم يرد إليهم ومن ثم فقد كان يتعين على المطعون ضده ألا يأخذ من بند خامات الامتحان مقابل هذا المبلغ أو أن يرده إلى هذا البند إذا كان قد حصل عليه من قبل وهو ما لم يفعله على نحو ما ثبت بالأوراق الأمر الذى يشكل في جانبه خطأ جسيماً ترتب عليه ضرر بخزينة الجهة الإدارية يتمثل في انقاص هذا المبلغ (950) جنيهاً منها يتعين جبره بتحميل المطعون ضده به على نحو ما انتهت إليه الجهة الإدارية بقرارها المطعون عليه ولا يسوغ التحدى بأن الجهة الإدارية لم تقم برد المبالغ المتبرع بها من الطلبة لصالح توفير خامات للامتحان ذلك أن المفترض فيها أن الطلبة قد قبلوا دفع هذه المبالغ نيابة عن الوزارة لتوفير أوراق الامتحان بجهودهم الذاتية مما كان يتعين معه على المطعون ضده والحال هذه أن يمتنع عن المساس بالمبالغ التى قدمت من الوزارة والتى شهد السكرتير بتقديمها للمدير الذى استولى عليها قيد بعد أن تم توفير الخامات بالجهود الذاتية من قبل الطلبة.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك وقضى بإلغاء هذا القرار فيما تضمنه من تحميل الطاعن (المطعون ضده في الطعن الماثل) بمبلغ 950ج فإنه يكون مجانباً الصواب حرياً بالإلغاء والقضاء برفض الطعن رقم 301 لسنة 29ق المقدم من الطاعن على القرار المذكور.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء المستند الخاص بتحميل المطعون ضده مبلغ 950 جنيهاً من القرار المطعون وبرفض الطعن التأديبى بشقيه.