الطعن رقم 1164 لسنة 44 بتاريخ : 2000/05/28
____________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سعيد أحمد محمد حسين برغش ، وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وسعيد سيد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة
* الإجراءات
في يوم السبت الموافق 13/12/1997 أودع الأستاذ/ رجاء زيد المحامى، نائبا عن الأستاذ/ مهاب كامل المحامى بصفته وكيلا عن الطاعنين- قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1164 لسنة 44ق. ع ، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بأسيوط بجلسة 29/10/1997 في الدعوى رقم 792 لسنة 4ق، والذي قضى فيه بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعيين المصروفات.
وطلب الطاعنون- للأسباب المبينة بتقرير الطعن- إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه- فيما تضمنه من افتتاح صيدلية خاصة بمستشفي أبو تيج المركزي، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلنت صحيفة الطعن على النحو الثابت بالأوراق .
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/5/1999، وتدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وقدم الحاضر عن الطاعنين حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من كتاب رئيس المجلس الشعبي المحلى لمركز أبو تيج المؤرخ 10/5/1999، ومذكرة بالدفاع صمم فيها على الطلبات الواردة بصحيفة الطعن ، وقدم الحاضر عن هيئة قضايا الدولة مذكرة بالدفاع طلب فيها الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات، وبجلسة 6/12/1999 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه المحكمة فتداولته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفي إجراءاته الشكلية.المقررة قانونا ومن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن الأول كان قد أقام الدعوى رقم 793 لسنة 4ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بأسيوط في 6/3/1993، وطلب في ختامها: الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 290 لسنة 1992 الصادر من المجلس الشعبي لمحافظة أسيوط- فيما تضمنه من الموافقة على إنشاء صيدلية بمستشفي أبو تيج المركزي.
وقال شرحا لدعوى أنه يمتلك صيدلية الإسعاف المجاورة لمستشفي أبو تيج المركزي، وحصل على ترخيص من إدارة الصيدلة بمديرية الشئون الصحية بأسيوط في 2/9/1992، وصدر القرار المطعون فيه متضمنا الموافقة على افتتاح صيدلية خاصة بكل مستشفي مركزي لصرف الأدوية غير المتوافرة، وقدم أصحاب الصيدليات المجاورة عدة شكاوى إلى نقابة الصيادلة دون جدوى مما دفعه إلى إقامة الدعوى الماثلة، ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفة المادة (39) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، فضلا عن صدوره من غير المختص قانونا بإصداره، وتدخل في الدعوى كل من الطاعنين الثاني والثالث، وبعد تحضير الدعوى بهيئة مفوضي الدولة أصدرت المحكمة حكمها بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المدعين المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الصيدليات التي تقع في المستشفيات العامة والمركزية لا تعدوا أن تكون قسما من أقسام المستشفي، وأن قرار وزير الصحة رقم (93) لسنة 1998 أجاز في مادته الخامسة أن تنقضي المستشفيات العامة أجورا رمزية نظير الخدمات الطبية التي تقدمها للمرضى ، وقضى في المادة (13) بأن المحافظ هو السلطة المختصة بتحديد موارد صندوق الخدمات بتلك المستشفيات، وأضافت المحكمة أن للمحافظ بناء على توصيات المجلس المحلى الشعبي للمحافظة إصدار قرار بإنشاء أو إضافة قسم بالمستشفيات المركزية باعتباره الوزير المختص بالنسبة للمديريات الخدمية التابعة لمحافظته ومنها مديرية الشئون الصحية- دون حاجة إلى استصدار ترخيص بذلك، وأن القرار المطعون فيه صدر من محافظ أسيوط بناء على ما عرضه المجلس الشعبي المحلى للمحافظة وبموافقة المجلس التنفيذي- على إنشاء صيدلية خاصة داخل مستشفي أبو تيج وذلك لصرف العلاج للمرضى بالثمن- على أن تلتزم الصيدلية باشتراطات وتعليمات وزارة الصحة ومنها البند (45) من تلك التعليمات والتي تجيز إنشاء صيدليات خاصة بمستشفيات العامة بحيث يقتصر دورها على بيع وتحضير الأدوية لمرضاها دون التعامل مع الجمهور إلا في حالة عدم وجود صيدلية أهلية بالمنطقة أو عدم وجود الصنف المطلوب بالصيدليات الأهلية، وانتهت المحكمة إلى أن القرار المطعون فيه قد صدر وفقا لأحكام القانون والتعليمات التي تنظم العمل بصيدليات وزارة الصحة وأن الطعن عليه غير قائم على سند من القانون.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله فضلا عما شابه من فساد في الاستدلال ذلك للأسباب الآتية:-
أولا: أن القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة- ساوى بين الصيدليات العامة والخاصة وحظر إنشاء أي منها إلا بترخيص من وزارة الصحة ونظم إجراءات الحصول على الترخيص وحدد الشروط الواجب توافرها في مدير الصيدلية وكذلك شرط المسافة الواجب مراعاته من صيدلية وأخرى- ومع ذلك قضى الحكم المطعون فيه بأن من سلطة المحافظ بناء على توصيات المجلس الشعبي المحلى للمحافظ إصدار قرار بإنشاء صيدلية دون حاجة إلى استصدار ترخيص بذلك- وهذا القضاء يخالف أحكام القانون رقم 127 لسنة 1955 المشار إليه، ولا يجوز الاستناد إلى أحكام قرار رئيس مجلس الوزراء والوزير المختص بالحكم المحلى ووزير الصحة رقم (3ح) لسنة 1988 بإصدار اللائحة الأساسية للمستشفيات والوحدات الطبية التابعة لوحدات الحكم المحلى- فيما تضمنه من اختصاص المحافظ بتحديد مقابل رسم زيارة المرضى في غير الأوقات المسموح فيها بالزيارة- للقول بأنه يختص منفردا بإنشاء صيدلية داخل مستشفي دون التحقق من الاشتراطات الخاصة بالموقع وغيرها من الشروط المنصوص عليها من القانون رقم 127 لسنة 1955 وقرار وزير الصحة الصادر في 2/4/1956 بتحديد الاشتراطات الصحية للصيدلية.
ثانيا: الفهم الخاطئ للوقائع: فالقرار المطعون فيه صدر من سكرتير عام محافظة أسيوط بالتفويض بناء على ما عرضه عليه المجلس المحلي للمحافظة وبموافقة المجلس التنفيذي للمحافظة، ولم يعرض على المحافظ ولم يستوف موافقة إدارة الصيدلية في المحافظة- مما يصمه بغصب السلطة.
ومن حيث أن الثابت من حافظة مستندات الطاعن الأول، وحافظة مستندات هيئة قضايا الدولة – المتقدمتين إلى محكمة القضاء الإداري بأسيوط- أن القرار رقم 290 لسنة 1992 المؤرخ 4/10/1992 (المطعون فيه) صدر من المجلس الشعبي المحلى للمحافظة بجلسته التاسعة عشرة- بشأن تقرير لجنة الشئون الصحية في اجتماعها المنعقد بتاريخ 9/9/1992 بخصوص شكوى المواطنين من عدم وجود الأدوية ومصل العقرب بمستشفي البدارى المركزي والوحدات الريفية بدائرة المركز، وتضمن البند الثاني من القرار المطعون فيه موافقة المجلس الشعبي المحلى للمحافظة- على إنشاء صيدلية بكل مستشفي مركز لصرف الأدوية الغير متوافرة بالمستشفي – بالثمن.
ومن حيث أن المادة (12) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 معدلا بالقانون رقم 50 لسنة 1981- تنص على أن يتولى المجلس الشعبي المحلى للمحافظة في حدود السياسة العامة للدولة الرقابة على مختلف المرافق والأعمال التي تدخل في اختصاص المحافظة…..
وتنص المادة (6) من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة1979 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون نظام الإدارة المحلية- على أن تتولى الوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصها الشئون الصحية والطبية وإنشاء وتجهيز وإدارة الوحدات الطبية في إطار السياسة العامة وخطة وزارة الصحة……
ومن حيث أن مفاد النصين السابقين أن المجالس الشعبية المحلية للمحافظات تتولى الرقابة على مختلف المرافق التي تدخل في اختصاص المحافظات وذلك في حدود السياسة العامة للدولة وقد ناط المشرع بالوحدات المحلية كل في دائرة اختصاصه- إنشاء وتجهيز وإدارة الوحدات الطبية، ومؤدى ذلك أنه يجوز للمجلس الشعبي المحلى للمحافظة أن يقرر إنشاء صيدلية بكل مستشفي مركز لصرف الأدوية والأمصال غير المتوافرة- بالثمن- بعد أن تبين له من خلال لجنة الشئون الصحية أن المواطنين قد ضجوا بالشكوى من نقص بعض الأدوية والأمصال- إلا أن ذلك ليس معناه إنشاء الصيدلية بغير ترخيص- فالصيدليات العامة والخاصة لا يجوز إنشاء أي منها إلا بترخيص من وزارة الصحة بالشروط والإجراءات المنصوص عليها في القانون رقم 127 لسنة 1955 في شأن مزاولة مهنة الصيدلة، وقرار وزير الصحة الصادر في 24مايو سنة 1956 بالاشتراطات الصحية العامة للمؤسسات الصيدلية، وقراره رقم 223 لسنة 1996 بمعاينة صيدليات المستشفيات الحكومية.
ومن حيث أن قرار المجلس الشعبي المحلى لمحافظة أسيوط (المطعون فيه) قد تضمن موافقة المجلس على إنشاء صيدلية بكل مستشفي مركزي لصرف الأدوية غير المتوافرة- بالثمن، وكان ذلك بناء على تقرير لجنة الشئون الصحية بتاريخ 9/9/1992 بشأن شكوى المواطنين من نقص الأدوية ومصل العقرب- ومن ثم يكون القرار المذكور قد صدر من المختص قانونا بإصداره وبهدف تحقيق الصالح العام لجموع المرضى المترددين على المستشفيات الحكومية في نطاق المحافظة.
ومن حيث أنه عما جاء بدفاع الطاعنين من أن المجلس الشعبي المحلى لمركز أبو تيج والشئون القانونية للوحدة المحلية لمركز- قد اعترضا على إنشاء صيدلية بمستشفي أبو تيج المركزي- لمخالفته شرط المسافة المنصوص عليه في القانون رقم 127 لسنة 1955 المشار إليه- وتعارضه مع تعليمات الصيدليات التابعة لوزارة الصحة والتي نصت في المادة (45) على أن يرخص لصيدليات الوزارة الملحقة وحداتها في الجهات التي لا يوجد بها صيدليات أهلية أن تبيع الأدوية للجمهورية وتحصل أثمانها، وانه ليس من سياسية الدولة تحويل العلاج المجاني إلى علاج بأجر- فإن ذلك كله لا ينال من سلامة القرار المطعون فيه- فالرأي الذي انتهي إليه المجلس الشعبي المحلى للمركز لا يقيد قرار المجلس الشعبي المحلى للمحافظة والذي يمارس سلطة رقابية عليه بمقتضى نص المادة (13) من قانون نظام الإدارة المحلية والذي يقضى بأن المجلس الشعبي المحلى للمحافظة يختص بالأشراف والرقابة على أعمال ونشاط المجالس الشعبية المحلية الأخرى في نطاق المحافظة، كما أن القرار المطعون فيه لم يتضمن أية إستثناءات من القوانين واللوائح والقرارات المتعلقة بالصيدليات التي تنشأ داخل المستشفيات الحكومية.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه وقد انتهي إلى ذات النتيجة فأن الطعن عليه يكون ولا أساس له من القانون متعينا رفضه.
ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم مصروفاته بنص المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه وألزمت الطاعنين ضده المصروفات.