الطعن رقم 1516 لسنة 43 بتاريخ : 2000/02/20 دائرة فحص الطعون
__________________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد عبد الرحمن سلامة وسعيد أحمد محمد حسين برغش وسامي أحمد محمد الصباغ وأحمد عبد العزيز أبو العزم (نواب رئس مجلس الدولة)
* الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق 22/1/1997 أودع الأستاذ سمير صبور المحامي نائباً من الأستاذ حسن الدهشان المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 1516 لسنة 43 ق. ع طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الاداري في الدعوى رقم 5222 لسنة 50 ق جلسة 26/11/1996 والقاضي برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وبرفضها موضوعاً وإلزام المدعين بالمصروفات.
وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء القرار الصادر باعتماد نتيجة بكالوريوس الطب بجامعة القاهرة دفعة ديسمبر سنة 1995 وأحقية الطاعنين في تقدير درجة نجاح كل منهم على أساس النتائج الثابتة بوجه رسمي مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضدهما المصروفات عن الدرجتين. وتم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/1/1999 وبجلسة 18/10/1999 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلسة 26/12/1999 وفيهما قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 1/4/1996 أودع المدعيان قلم كتاب محكمة القضاء الإداري صحيفة الدعوى رقم 5222 لسنة 50 ق طلباً في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر في فبراير سنة 1996 باعتماد نتيجة بكالوريوس الطب بجامعة القاهرة دفعة يناير سنة 1996 وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من اعتماد تقدير نجاح كل منهما بجيد جداً والحكم بأحقية كل منهما في تقدير نجاحه بامتياز على اساس النتائج الثابتة بوجه رسمي مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعي عليهما بصفتهما بالمصروفات والأتعاب. وقال المدعيان شرحاً لدعواهما أن الكلية قد أعلنت نتيجة امتحان السنة النهائية بكشوف لوحة الإعلانات في فبراير سنة 1996 وكان نجاحهما بتقدير امتياز، وفوجئ المدعيان برفع النتيجة وبعد فترة أعلنت الكلية نتيجة أخرى ورد بكشوفها نجاح كل منهم بتقدير جيد جداً وترتب عليه تراجع ترتيب كل منهما بزعم أن درجاتهما في السنوات الثلاث الأولى هي السبب في هذا التغيير، ولما كان حكم الفقرة الثانية من المادية (85) سالفة الذكر يقتضي الرجوع إلى درجات كل سنة من سنوات الدراسة وما يؤيد صحة هذه البيانات بأوراق الإجابة في الامتحانات التحريرية وكشوف الدرجات للامتحانات الشفهية، إلا أنه وقد نما إلى علم المدعيان أن أصول النتائج الخاصة بسنوات الدراسة الثالث الأولى قد فقدت وأن مجلس الكلية قد أحيط علماً بذلك في شهر يوليو سنة 1995 وليس هناك أي مصدر رسمي يمكن الرجوع إليه لاستيفاء هذه الدرجات فقد اعتدت الكلية في تحصيل البيانات بمصدر شخصي هو ديسك كمبيوتر شخصي لأحد الأساتذة في منزله واعتمد مجس الكلية هذه النتيجة على أساس ذلك رغم أنها لا تمثل الواقع الفعلي وما حصل عليه كل منهما في السنوات الثلاث الأولى من درجات تؤهلهما لتقدير امتياز، وأضاف المدعيان أن من شأن استمرار تنفيذ القرار المطعون فيه ترتيب نتائج يتعذر تداركها تؤثر على مستقبلهما العلمي.
وبجلسة 26/11/1996 صدر الحكم المطعون فيه وأقامت المحكمة قضاءها على أنه لما كان الأصل أن قرار إعلان النتيجة شأنه شأن القرارات الإدارية الأخرى يجب استخلاصه من أصول ثابتة تنتجه، وأن الثابت من أقوال الشهود الذين سمعت المحكمة شهادتهم بجلستي 7/5/1996، 28/5/1996 أنه في بعض السنوات كان يتم عمل نتائج يدوية بالنسبة للامتحانات التحريرية حيث يتم عمل كشوف يدوية فيها أسماء الطلاب ودرجات كل منهم، ويتم تفريغها وتغذية الحاسب الآلي بها، كذلك الحال بالنسبة لامتحانات الشفوية والعملية، وفي بعض السنوات الأخرى كان يتم تغذية الحاسب الآلي مباشرة بالدرجات التي يتم رصدها بكراسات الإجابة وذلك بالنسبة إلى الامتحانات التحريرية ، أما الامتحانات الشفوية والعملية فكانت تتم تغذية الحساب الآلي من كشوف بها أسماء ودرجات الطلاب، وأن المحررات التي يعدها الأستاذ أو مجموعة من الأساتذة والتي تثبت فيها درجات الطلاب الذي أدوا الامتحانات في فروع المواد المختلفة تعتبر بمثابة إجراءات تحضيرية يتم إعدادها تمهيداً للوصول إلى المستند الأصلي الذي يعبر عن النتيجة لكل طالب، هذه الإجراءات التحضيرية يضطلع بها عديد من الأساتذة حيث يقومون باختيار مئات الطلاب، ويدونون درجاتهم في العديد من المحررات وكان يتم تفريغ هذه المحررات بخط اليد على كشوف نهائية حس محلها الحاسب الآلي.
وأضافت المحكمة – أنه ولئن كانت المحررات العديدة التي يتم تفريغ محتوياتها في الكشوف النهائية تفقد أهميتها بتمام هذا التفريغ، وتعتبر تلك الكشوف بمثابة النسخة الأصلية على التفصيل السابق، وبهذه المثابة تعتبر وفقاً لحكم المادتين (12، 13) من قانون الإثبات محرراً رسمياً ويحتج بها طالما كانت سليمة في مظهرها الخارجي، ويصدق هذا القول على النتائج المسجلة على الحاسب الآلي، ولما كان ما تقدم وكان المدعون لم يحددوا على وجه الدقة المواد والتقديرات والدرجات التي جاءت نتائجها المستخرجة من الحاسب الآلي مغايرة لتلك التي سبق لكلية الطب بجامعة القاهرة أن أعلنتها للفرق الثلاث الأولى والثانية والثالثة، وجاء قولهم محض ادعاء مرسل لا يسانده دليل، ولو كان المدعون جادين في ادعائهم لسلكوا السبيل الذي رسمه القانون لدحض هذه المستندات وذلك بالطعن عليها بالتزوير على النحو المبين بالمادة (49) من قانون الإثبات ومن ثم وإذ لم يسلكوا ذلك السبيل فإن النتيجة التي أعلنت بجميع مكوناتها للفرق الست من الأول حتى السادسة هي النتيجة الحقيقية وفقاً للواقع والقانون ويكون القرار الصادر بإعلانها متفقاً وصحيح حكم القانون.
ومن حيث أن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وللثابت في الأوراق، وأنه أخطأ في فهم الوقائع في الدعوى وأخل بحق الدفاع للأسباب الآتية:
أولا: مخالفة القانون لأن مؤدى المواد 11، 12، 13 من قانون الإثبات أن المحرر الرسمي الذي له حجية على الناس كافة هو الذي له أصل موجود وتكون صورته حجة بالقدر الذي تكون فيه مطابقة الأصل إلا أن الحكم المطعون فيه لم يستوعب هذه المبادئ فقد تمسك الطاعنون منذ بدء النزاع أن الأصول اليدوية الموقعة من الأساتذة الدكاترة الممتحنين عن السنوات من الأولى والثانية والثالثة مفقودة وهذا الدفاع جوهري ويمثل مقطع النزاع واقتنعت المحكمة بأهمية هذه الأصول وطلبت بجلسة 7/5/ 1966 من الجامعة تقييم أصول النتائج والمدخلات التي تم اعتمادها من مجلس الجامعة الخاصة بالفرق من الأولى حتى السادسة للطلاب المدعيين ولم يتم تقديمها.
كما قامت المحكمة بسؤال اثنين من الأساتذة المسئولين عن النتائج وقرر الاثنان أن الأصول الرسمية اليدوية الموقعة من الأساتذة الممتحنين مفقودة وتأكدت هذه الحقيقة بعجز الجامعة عن تقديم الكشوف، واصطنعت المحكمة كشوفاً قالت أنها مستخرجة من الحاسب الآلي ووضعت عليها خاتم الدولة وقالت أنها أوراقاً رسمية ، وتمسك الطاعنان بجحد تلك الكشوف لأنها أوراق لا ترقى إلى مرتبة الأوراق العرفية ومن ثم ليس لها أية حجية وفقاً للقواعد القانونية إلا أن الحكم المطعون فيه خالف ذلك اعتد بحجية هذه الكشوف.
ثانياً: مخالفة الثابت من الأوراق حيث ثبت أيضاً من أقوال الأستاذين بالكلية محمد حسن حسين وعاصم الفقي بجلسة 28/5/1996 أن الحاسب الآلي الذي سجلت عليه تلك النتائج هو جهاز شخصي وليس جهاز خاص بالكلية وأنه لم تتبع الإجراءات القانونية الواجهة في تغذية ذلك الحاسب الآلي الشخصي ورغم ذلك فقد اتخذ الحكم من وجود الحاسب الآلي سبباً لاعتداده بالأوراق المستخرجة منه إلا أنه نسي أنه لا توجد لجنة للإشراف على تغذية هذا الحاسب ولم تحرر محاضر بكيفية حصول تغذيته بالنتائج، وتأكيداً لما تقدم شكل عميد الكلية لجنة برئاسة الدكتور محمد كمال السروجي لحصر تلك النتائج واستلامها، وقد كشفت أعمال اللجنة عن فقد تلك الأصول من السنوات الثلاث.
ثالثا: الإخلال بحق الدفع حيث أن الثابت بمذكرات الطاعنين أمام محكمة القضاء الإداري أنهم تمسكوا بالحقيقة التي قررها رئيس الكنترول للسنة الأولى ورئيس اللجنة التي كلفها عميد الكلية لفقدان الأصول اليدوية لنتائج السنوات الثلاث الأولى وكان ضرورة ذلك أن تتحقق المحكمة من فقدان أصول نتائج السنوات الثلاث الأولى إلا أن الحكم المطعون فيه أغل هذا كله، كما أن المستقر عليه أنه لا يجوز لشخص أن يصطنع بنفسه دليلاً لنفسه ومؤدى هذا أنه لا يجوز للجامعة أن تسخر الحاسب الآلي لاصطناع أوراق تتضمن ما يؤازرها أمام المحكمة طالما لم تقدم الدليل القاطع أمام المحكمة على أن هذه المعلومات قد أدخلت الحاسب الآلي بطرية رسمية وأن الديسكات محفوظة في مكان أمين.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن عدم تقديم أصول الأوراق بسبب إعدامها أو فقدها وضياعها لا يجعل القرار تلقائياً كأنه منتزع من غير أصول، ما دام أنه من الممكن التوصل إلى الحقيقة بطرق الإثبات الأخرى وتقديم العناصر التكميلية التي تيد في مجموعها، مع سائر القرائن والشواهد والدلائل على تكوين عقيدة المحكمة وقناعتها بشأن القرار المطعون فيه.
وحيث أن الثابت من الأوراق أن الطاعنين لم يطعنا على القرارات الصادرة بإعلان نتائجهما في السنوات الثلاث بحل النزاع في حيده لإثبات ما يدعيانه بشأن عدم صحة وسلامة هذه القرارات، ولم يقيما الدعوى إلا بمناسبة إعلان نتيجة البكالوريوس بعد حساب المجموع على أساس الدرجات التي تم الحصول عليها في جميع السنوات الدراسية، وجاءت ادعاءاتهما ذريعة للتوصل إلى قصر حساب الدرجات على أساس الثلاث سنوات الأخيرة فقط، دون أن يبينا على وجه القطع واليقين وجوه الاختلاف بين الدرجات المعلنة والدرجات الحقيقية.
وحيث أنه إلى أن يتم تعديل أحكام الإثبات في المواد المدنية والتجارية لبيان حجية الأوراق المستخرجة من الوسائل الحديثة في الكتابة كالحاسب الآلي والكمبيوتر والفاكس وغيره، فإنه لا مناص من التسليم بأن البيانات المستخرجة من هذه الوسائل ليست إلا صورة مأخوذة من صورة أصلية، مما ينطبق في شأنه نص الفقرة ج من المادة (13) من قانون الإثبات، ويتد بها على سبيل الاستئناس تبعاً للظروف.
ولما كان الثابت كما سلف بيانه أن الطاعنين لم يعينا على وجه الدقة وجوه الاختلاف بين النتائج المستخرجة من الحاسب الآلي بكلية الطب عن نتائج السنوات الثلاث المشار اليها، والنتائج الحقيقية المستمدة من الأصول وجاءت أقوالهما مرسلة غير مدعمة بأي دليل يؤيد هذا الادعاء خاصة وأن البادي أن النتائج المدونة بالحاسب مستمدة من مصادرها الأصلية، وقام بإدراجها المختصون بالكلية بناءً على تكليف من العميد، وأن الحاسب الآلي ملك الكلية ويتم حفظه في مكان أمين وأن الديسك المستخرج منه البيانات مؤمن فنياً ضد العبث والإتلاف والسرقة، مما تطمئن معه المحكمة إلى صحة وسلامة البيانات المستخرجة بشأن السنوات الدراسية مثار النزاع.
ومتى كان ما تقدم، فإن القرار المطعون فيه والحال كذلك يكون قد استمد من عناصره قائماً على أسبابه واقعاً وقانوناً، مما يتعين معه القضاء برفض الطعن.
ومن حيث أن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملااً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الطاعنين بالمصروفات.