الطعن رقم 160 لسنة 44 بتاريخ : 2000/12/10
___________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد أمين المهدى رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / د. فاروق عبد البر وأحمد عبد الفتاح حسن ومصطفى سعيد حنفى وأحمد عبد الحميد عبود نواب رئيس مجلس الدولة
* الإجراءات
فى يوم الخميس الموافق 9/10/1997 أودع الأستاذ / عزت محمد الفقى المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها برقم 160 لسنة 44 القضائية عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 4869 لسنة 48 القضائية بجلسة 27/8/1997 الذى قضى منطوقه بقبول الدعوى شكلا، ورفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بإلغاء القرار المطعون فيه باعتبار الطاعن فلسطينى الجنسية، وبتقرير جنسيته المصرية الثابتة له، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن مرحلتى التقاضى. وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع برفضه، وإلزام الطاعن المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5/7/1999، وبجلسة 15/11/1999 قررت إحالته إلى هذه المحكمة، والتى نظرته بجلساتها على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 26/11/2000، وبها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 10/12/2000، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4869 لسنه 48 القضائية بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 12/4/1999 وطلب فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار اعتبار الطالب فلسطينى الجنسية، وفى الموضوع بتقرير جنسيته الثابتة، ومن باب الاحتياط إلغاء قرار اعتبار الطالب فلسطينى الجنسية. وذكر المدعى شرحا لدعواه: أنه من مواليد جمهورية مصر العربية فى 17/6/1945 بناحية عزبة الطحاوى قسم البساتين القاهرة من أب مصرى وأم مصرية كما هو ثابت من صورة قيد الميلاد المستخرجة من مصلحة الأحوال المدنية، كذلك وثيقة زواج والده بتاريخ 29/4/1921 على يد مأذون ناحية مركز الزقازيق، كما أن أولاًده ولدوا فى مصر وأن له بطاقة عسكرية رقم 45/78/815 صادرة من إدارة التجنيد، واستخرج صحيفة حالة جنائية بتاريخ 1971 لتقديمها للإصلاح الزراعى، فضلا عن أن ابنه / خالد يونس عبد الله سالم أنهى مدة خدمته العسكرية بجمهورية مصر العربية بتاريخ 1/9/1992. وأضاف المدعى أنه اعتقل بتاريخ 9/12/1990 بمقولة إنه فلسطينى الجنسية، واستخرجت له وزاره الداخلية وثيقة سفر لاجئ فلسطينى بتاريخ 20/6/1991. وطلب المدعى فى ختام صحيفة دعواه الحكم له بالطلبات سالفة البيان.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وإلزام المدعى المصروفات. وبجلسة 27/8/1997 صدر الحكم المطعون فيه وقضى برفض الدعوى، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعى يهدف من دعواه إلى الحكم بثبوت الجنسية المصرية له مع ما يترتب على ذلك من آثار وأن المدعى عجز عن إثبات جنسيته المصرية وهو المكلف طبقا لنص المادة (24) من القانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية بإثباتها، كما عجز عن تقديم تاريخ ومحل ميلاد والده أو ما يثبت إقامة والده بالأراضى المصرية قبل 5 من نوفمبر سنة 1914 وأن كل ما قدمه المدعى صوره طبق الأصل من وثيقة زواج والده بتاريخ 29/4/1921 بمركز الزقازيق، وقد خلت الأوراق من دليل على إقامته قبل هذا التاريخ، كما لم يقدم المدعى ما يثبت استمرار إقامة والده بالأراضى المصرية سوى شهادة ميلاد (المدعى) و أنه ولد فى عام 1945.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه إذ إن الطاعن ولد بمصر ولأب مصرى، وأن الحالة الظاهرة تفيد جنسيته المصرية وذلك لقيام عناصرها.
ومن حيث إن الجنسية المصرية، قد بدأ تنظيمها فى أول تشريع للجنسية صدر فى الدولة العثمانية سنة 1869، وخضعت مصر لهذا التشريع بحسبانها ولاية عثمانية إلى أن انفصمت عرى هذه الرابطة وزالت التبعية وأصبح لمصر الحق فى إنشاء جنسية خاصة بها فصدر أول مرسوم بقانون للجنسية المصرية فى 26/5/1926، ثم أصدر المشرع المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بديلا عن القانون الصادر فى سنة 1926، ثم صدر القانون رقم 160 لسنة 1950 وظل العمل به حتى صدر القانون رقم 391 لسنة 1956 لمسايرة ظروف المجتمع والتغير الاجتماعى فى عهد الجمهورية، ولما قامت الوحدة بين مصر وسوريا فى 22 من فبراير سنة 1958 تم إصدار القانون رقم 82 لسنة 1958 بشأن جنسية الجمهورية العربية المتحدة، وبعد الانفصال فى 28/9/1961 صدر قانون الجنسية رقم 26 لسنة 1975 فى 21/5/1975 وهو التشريع المعمول به حاليا.
ومن حيث إن الجنسية المصرية مركز قانونى يتحدد وفق ما تقرره أحكام قانون الجنسية الواجبة التطبيق التى تحدد أحكامه الشروط الواجب توافرها فيمن يعتبر مصريا طبقا لهذه الأحكام، دون أن يكون للمواطن أو للجهات الإدارية سلطه تقديرية فى تحديد من يتمتع بالجنسية المصرية من عدمه وفى ضوء هذه الأصول والمبادئ القانونية صاغت القوانين المتتابعة فى شأن الجنسية المصرية أحكامها فنصت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنه 1929 فى شأن الجنسية المصرية على أن يعتبر داخلا فى الجنسية المصرية بحكم القانون أولاً: ………… ثانيا : ………. ثالثا : من عدا هؤلاء من الرعايا العثمانين الذين كانوا يقيمون عادة فى الأراضى المصرية فى 5 من نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 من مارس سنه 1921 سواء كانوا بالغين أو قصر. كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 160 لسنة 1950 على أن : المصريون هم : 1- ……. 2- ………. 3- ………… 4- ……….. 5- الرعايا العثمانيون الذين كانوا يقيمون عادة فى الأراضى المصرية فى نوفمبر سنة 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 من مارس سنة 1929 سواء كانوا بالغين أم قصر. كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 بأن المصريون هم أولاً: المتوطنون فى الأراضى المصرية قبل أول يناير سنة 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون، ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع والزوجة متى كانت لديهم نية التوطن. ونصت المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة1975 على أن المصريون هم أولاً: المتوطنون فى مصر قبل 5من نوفمبر سنة 1914 من غير رعايا الدول الأجنبية المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون . وتنص المادة الثانية من ذات القانون على أن يكون مصريا : 1- من ولد لأب مصرى ……..
ومن حيث إن المستفاد من هذه النصوص، على نحو ما سلف البيان، أن الجنسية المصرية مركز قانونى يتحقق للشخص بواقعة ميلاده لأب مصرى أو من خلال إقامة أصوله أو إقامته وفقا للشروط والمدد التى تحددها القوانين المتعاقبة والتى حددت طوائف المصريين الأصلاء والاشتراطات الواجب توافرها فى كل طائفة من الطوائف بالتوطن فى مصر فى تواريخ معينة بحسب الأحوال، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع والمحافظة على الإقامة فى مصر حتى تاريخ العمل بقانون الجنسية الواجب التطبيق .
ومن حيث إن الأوراق أجدبت عن إثبات توافر أى من الشروط والأحكام التى تطلبها القانون للدخول فى الجنسية المصرية بحكم القانون فى حق والد الطاعن، ومن ثم لا يكون الطاعن متمتعا بالجنسية بالميلاد لأب مصرى؛ الأمر الذى يضحى معه طلب الطاعن إثبات الجنسية المصرية له، على هذا الأساس، مفتقراً إلى السند الصحيح من الواقع والقانون متعين الرفض.
ولا اعتداد فى هذا الشأن بما أثاره الطاعن من أن حالته وحالة أبيه الظاهرة تعتبر دليلا كافيا على جنسيتهما المصرية من واقع المستندات المقدمة واللى تمثلت فى شهادة ميلاد المدعى ووثيقة زواج والده بتاريخ 29/4/1921 على يد مأذون ناحية مركز الزقازيق وصحيفة الحالة الجنائية للمدعى، وشهادة أداء ابنه للخدمة العسكرية فى 1/9/1992 لأنه لا اعتداد بكل ذلك إذ إن هذه المستندات أو الشهادات كلها وأن كانت أوراقا رسمية إلا أنها ليست معدة لإثبات الجنسية. ولأن الحالة الظاهرة ليست هى الدليل القاطع على التمتع بالجنسية المصرية والشهادات المقدمة لإثبات الحالة الظاهرة لا تضفى على الشخص الجنسية بذاتها لأنها لم تعد أصلا لإثبات الجنسية وإنما هى محض قرائن عليها، تزول قيمتها إذا ما أسفر البحث عن عدم توافر أركان وشروط قيام هذه الجنسية فى حق صاحب الشأن قانونا .
ومن حيث إن والد الطاعن لم تتوافر فى شأنه واقعة الميلاد أو التوطن فى مصر وهى الواقعة القانونية التى يشترط القانون تحققها للتمتع بالجنسية المصرية فمن ثم لا تثبت للطاعن بالتبعية الجنسية المصرية، فلا يكون بمجد، والحال كذلك، التحدى بالحالة الظاهرة إذ إنها لا تكفى وحدها سنداً لإسباغ الجنسية المصرية مادامت لم تتحقق فى الشخص الشروط المحددة قانونا لتحققها بها.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم المصروفات .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا و ألزمت الطاعن المصروفات