الطعن رقم 1668 لسنة 43 بتاريخ : 2000/11/11 الدائرة الثانية
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق على عبد القادر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: سعيد أحمد حسين برغش ومحمود إسماعيل رسلان وعطية عماد الدين نجم
ومحمد عبد الحميد أبو الفتوح نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 30/1/1997 أودعت هيئة مفوضى الدولة بصفتها نائباً عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل، فى حكم محكمة القضاء الإدارى – دائرة أسيوط – الصادر بجلسة 10/12/1996 فى الدعوى رقم 540 لسنة 5ق، والذى قضى: بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بالتقرير – الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً: أصلياً: بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم مراعاة المواعيد القانونية، واحتياطياً:
أ- بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثانى لرفعها على غير صفة.
ب- وفى الموضوع برفضها، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم: بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، حيث أودع الحاضر عن المطعون ضده مذكرة خلص فيها للأسباب الواردة بها إلى طلب الحكم برفض الطعن، كما أودع الحاضر عن الدولة مذكرة صمم فيها على الطلبات الواردة بتقرير الطعن، وبجلسة 14/8/2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثانية – لنظره بجلسة 7/10/2000.
وعليه ورد الطعن إلى هذه المحكمة، حيث نظر بالجلسة المشار إليها، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 4/11/2000، مع التصريح بمذكرات ومستندات لمن يشاء خلال ثلاثة أسابيع، ولم يودع أى شئ خلال هذا الأجل ثم رؤى مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم (11/11/2000) وبهذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً، ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة – تتلخص حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 3/2/1994 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 540 لسنة 5 ق أمام محكمة القضاء الإدارى – دائرة أسيوط – ضد الطاعنين – طالباً الحكم بإلغاء القرار رقم 14 لسنة 1985 المؤرخ 3/12/1985 فيما تضمنه من إنهاء خدمته للانقطاع اعتباراً من 1/11/1984، وذلك تأسيساً على أنه منح إجازة بدون مرتب للعمل بالجماهيرية الليبية لمدة ثلاث سنوات متتالية تنتهى فى 28/10/1984، وقبل انتهاء الإجازة تقدم بطلب لتجديدها لعام رابع مرفقاً به عقد عمل ثابت به عنوانه بالخارج، ولدى عودته إلى أرض الوطن فوجئ بالقرار المطعون فيه، وذلك بتاريخ 25/8/1993 دون سابق إنذار، حيث لم يصله أى إنذار فى هذا الشأن.
وبجلسة 10/12/1996 قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه، وأقامت قضاءها على أن الجهة الإدارية قد أصدرت القرار رقم 14 لسنة 1985 بتاريخ 3/12/1985 (المطعون فيه) بإنهاء خدمة المدعى اعتباراً من 1/11/1984 لانقطاعه عن العمل بعد إنتهاء الإجازة الخاصة بدون مرتب الممنوحة له للعمل بدولة ليبيا، ولم تورد بديباجة هذا القرار ما يفيد سبق إنذاره قبل إنهاء خدمته، كما أن الأوراق قد خلت مما يفيد ذلك، سيما وأن تلك الجهة لم تودع صوراً من هذه الإنذارات، وبذلك تكون قد أصدرت القرار المطعون فيه دون إتخاذ أحد الإجراءات الجوهرية التى أوجبها القانون.
لم يصادف هذا الحكم قبولاً لدى الطاعنين، فأقاما طعنهما الماثل، والذى شيد على مخالفة المطعون فيه القانون، والخطأ فى تطبيقه وتأويله، ذلك أن القرار المطعون فيه صدر عام 1985 ولم يقم المطعون ضده دعواه الصادر فيها الحكم الطعين إلا بعد ما يقرب من العشر سنوات على إنتهاء الإجازة الممنوحة له، وهى مدة طويلة يستشف منها عمله بإنتهاء خدمته، وبذلك تكون تلك الدعوى قد أقيمت بعد الميعاد، مما يتعين عدم قبولها، هذا فضلاً عن أن المذكور لدى إنتهاء إجازته الخاصة فى 28/10/1984 لم يعد لاستلام عمله، بل تعاقد على العمل للعام الرابع دون الحصول على موافقة مسبقة من جهة عمله، واستمر بدولة ليبيا لمدة عشر سنوات، وهو بذلك يكون قد التحق بخدمة دولة أجنبية دون تصريح سابق، ومن ثم لا يشترط إنذاره فى هذه الحالة قبل صدور قرار إنهاء خدمته ورغم ذلك قامت الجهة الإدارية بإنذاره حسبما ورد بالأوراق.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه ولئن كان العلم بالقرار الذى يعول عليه فى مجال سريان ميعاد دعوى الإلغاء يتعين أن يكون بالغاً حد اليقين، بحيث لا يقوم على ظن أو يبنى على افتراض، إلا أن هذا المبدأ لا ينبغى اتخاذه ذريعة للطعن على القرارات الإدارية مهما طال عليها الأمد، ذلك أن استطالة الأمد بين صدور القرار مثار الطعن وبين سلوك سبيل الدعوى بطلب إلغائه هو مما يرجع العلم بالقرار، إذ على العامل أن ينشط دائماً إلى معرفة القرارات التى من شأنها المساس بمركزه القانونى، وأن يبادر إلى اتخاذ إجراءات اختصامها فى الوقت المناسب، خاصة وأن تحديد ميعاد الطعن بستين يوماً من تاريخ العلم بالقرار إنما يتغيا استقرار المراكز القانونية وعدم زعزعتها درءاً لتعرض الأوضاع الإدارية للإضطراب. سيما وأنه لا مراء فى أن الإدعاء بعدم العلم حال استطالة الأمد مؤداه إهدار لمراكز قانونية استتبت على مدار السنين وهو ما لا يمكن قبوله. وغنى عن البيان أن المدة التى لا يقبل بانقضائها التذرع بانتفاء العلم بالقرار إنما تتحدد بالمدى المعقول وفقاً لتقدير القاضى الإدارى تحت رقابة هذه المحكمة، أخذاً فى الاعتبار ظروف وملابسات كل حالة على حدة استهداء بوضع القرار موضع التنفيذ، وما إذا كان مقتضاه مما يتحقق معه توافر العلم لحكم اللزوم من عدمه كذلك لا يستوى فى هذا المجال من ثبت وجوده خارج أرض الوطن ومن لم يغادره، ولا من حالت دون علمه قوة قاهرة وقرينه الذى تخلف فى حقه هذا الاعتبار.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن المطعون ضده منح إجازة بدون مرتب للعمل بالجماهيرية العربية الليبية لمدة ثلاث سنوات تنتهى فى 28/10/1984، ولم توافق جهة الإدارة على تجديد الإجازة لعام آخر، وانقطع عن العمل عقب إنتهائها، ومن ثم قامت الجهة الإدارية بإنهاء خدمته بعد إنذاره – اعتباراً من 1/11/1984 بموجب القرار رقم 14 الصادر فى 3/12/1985، بيد أنه لم يقم دعواه محل الطعن الماثل بطلب إلغاء هذا القرار إلا فى 3/2/1994، أى بعد انقضاء أكثر من ثمانى سنوات على تاريخ صدور القرار المشار إليه بمقولة إنتفاء علمه اليقينى به فى تاريخ سابق على 25/8/1993 استناداً إلى ارتداد الإنذارات المرسلة إليه. إذ أنه بانقضاء هذه المدة الطويلة – فى حد ذاتها – دون أن يراجع جهة الإدارة لمعرفة موقفه الوظيفى، لا سيما وأنه ملزم قانوناً بتجديد تصريح العمل بالجماهيرية الليبية سنوياً سواء من السلطات المختصة فى مصر أو من السفارة المصرية بليبيا، وأول مستند يتعين تقديمه لتجديد تصريح العمل هو موافقة جهة العمل بجمهورية مصر العربية على تجديد الإجازة الخاصة له ما يرجح سابقة العلم لديه فضلاً عن أن ذلك مدعاة لتغليب استقرار المراكز القانونية التى ترتبت على القرار المطعون فيه، ومن ثم تكون الدعوى بطلب إلغائه قد أقيمت بعد الميعاد المقرر قانوناص، مما يتعين – والحالة هذه – الحكم بعدم قبولها شكلاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد نحى غير هذا المنحى، وأخذ بغير هذا النظر، ومن ثم يكون قد جانبه الصواب، مما يتعين الحكم بإلغائه، وبعدم قبول الدعوى شكلاً.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى شكلاً، وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.