الطعن رقم 1669 لسنة 42 بتاريخ : 2000/01/16 الدائرة الأولي
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات ومحمد عبد الرحمن سلامة وسعيد أحمد محمد حسين برغش، ومحمود إسماعيل رسلان مبارك (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجـــــراءات
فى يوم الأحد الموافق 28/1/1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1669/42 ق.ع فى حكم محكمة القضاء الإدارى المشار إليه والذى قضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام جهة الإدارة – مصروفات هذا الطلب.
وطلبت الجهة الإدارية الطاعنة فى ختام تقرير طعنها وللأسباب الواردة به الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه. و برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات، وقد تم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدها على الوجه المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً فى الطعن طلبت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون فى 7/12/1998، وبجلسة 21/6/1999 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الأولى – موضوع – لنظره بجلسة 25/7/1999 حيث تم نظر الطعن أمام المحكمة على الوجه المبين بالأوراق إلى أن قررت حجزه لإصدار الحكم فيه لجلسة اليوم وفيه صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمـــة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الطعن الماثل تتحصل فى أنه بتاريخ 22/2/1994 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 3427/48ق أمام محكمة القضاء الإدارى بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 29/1994 الصادر من منطقة الإسكان بحى الزيتون بغلق المصنع الكائن فى 849 شارع بور سعيد وبإلغاء القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لدعواه إنه يمتلك مصنعاً لصهر وتكرير الرصاص المشار إليه وقد نما إلى علمه فى 19/2/1994 أن إدارة الإسكان بحى الزيتون أصدرت القرار رقم 39/94 بغلق المصنع على زعم تصاعد دخان منه يضر بصحة السكان بالمنطقة، ونعى المدعى على القرار أنه قد أجحف بحقوقه لأن جهة الإدارة سبق لها أن أصدرت القرار رقم 172/1990 بغلقه لذات السبب فأقام الدعوى رقم 1070/46 ق و قضى له بجلسة 25/6/1992 بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه ثم عادت جهة الإدارة وأصدرت القرار رقم 197 لسنة 1993 عن ذات المنشأة فأقام الدعوى رقم 7295/47 ق حيث قضى له بوقف تنفيذ القرار ثم عادت وأصدرت القرار موضوع الطعن الماثل وأضاف أنه سبق لجهة الإدارة أن ألزمته بالاستعانة بمركز بحوث الفلئزات لتركيب فلتر بالمصنع وقام فعلاً بتركيبه ومع ذلك أصدرت الجهة الإدارية قرارها المطعون فيه.
وخلص المدعى إلى طلب الحكم له بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه.
وبجلسة 30/11/1995 صدر الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأقام الحكم قضائه على سند من القول إنه يتضح من ظاهر الأوراق أن المدعى نفذ توجيه الجهة الإدارية له وقام بتركيب الفلتر مما يزيل أسباب التلوث بنسبة جيدة كما أنه تقدم بطلب للجهات المعنية للحصول على موقع آخر ينقل إليه المصنع ودفع عن ذلك مقدم الحجز ببنك التنمية الصناعية المصرى ورغم ذلك عادت الجهة الإدارية وأصدرت قرارها المطعون فيه بعد الحكم بوقف تنفيذ قرارين سابقين عليه بحجة خطورة المصنع على الصحة العامة دون أن تقدم ما يفيد هذه الخطورة وطبيعتها أو تقيم الدليل على ثبوت هذه الخطورة من الجهات الصحية المختصة.
ومن ثم خلص الحكم المطعون فيه إلى أن القرار المطعون فيه يكون بذلك قد صدر فاقداً لسببه الصحيح ويتحقق بالتالى فى القرار المطعون فيه ركنا الجدية والاستعجال ومن ثم قضت بوقف تنفيذه.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد أسست طعنها على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله إذ أن المشرع قد أجاز لجهة الإدارة بالمادة 12 من القانون رقم 453/1954 أن توقف إدارة المحل جزئياً أو كلياً فى حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة نتيجة لإدارة المحل وكانت جهة الإدارة قد تلقت توصية مركز بحوث الفلزات التى تضمنت ضرورة تركيب المدعى فلاتر بمواصفات معينة لتنقية العوادم ولضمان عدم تسرب أى غازات سامة وتنبه على المطعون ضده بذلك إلا أنه قام بتركيب فلاتر من نوع مخالف فى المواصفات ومن ثم استمرت خطورته حيث استمر ارتفاع نسبة الرصاص السام بالهواء الجوى عن المعدلات المسموح بها فى المنطقة التى بها المصنع ومن ثم يكون قرار الغلق قد قام على سببه الصحيح وخلص تقرير الطعن إلى طلب الحكم للجهة الإدارية بالطلبات السابق بيانها.
ومن حيث إن المادة 12 من القانون رقم 453/1654 فى شأن المحال الصناعية والتجارية والمعدل بالقانون رقم 351/1956 تنص على أنه (فى حالة وجود خطر داهم على الصحة العامة أو الأمن العام نتيجةً لإدارة محل من المحال التى تسرى عليها أحكام هذا القانون يجوز للجهة الإدارية إصدار قرار مسبب بإيقاف إدارة المحل كلياً أو جزئياً.
كما نصت المادة 16 من ذات القانون على إلغاء ترخيص المحل إذا أصبح المحل غير قابل للتشغيل أو اصبح فى استمرار إدارته خطر داهم على الصحة العامة أو الأمن يتعذر تداركه.
ومن حيث إن الثابت من الحكم المطعون فيه أن سبب غلق المصنع قد صدر بقصد المحافظة على الصحة العامة نظراً لخطورة ما يتصاعد من المصنع من أدخنة ضارة بسكان المنطقة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن وقف التنفيذ يقوم على ركنين الأول قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها والثانى يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون إدعاء الطالب فى هذا الشأن قائماً بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد أقامت قرار الغلق موضوع النزاع على ما ورد من مركز بحوث الفلزات التى تضمنت ضرورة تركيب المدعى فلاتر بمواصفات معينة لتنقية العوادم المتخلفة من المصنع وضمان عدم تسرب أى غازات سامة إلا أن المطعون ضده قد قام بتركيب فلاتر غير مطابقة للمواصفات وهو ما أكده الحكم المطعون فيه من أن الفلاتر التى قام المطعون ضده بتركيبها قد (أزالت أسباب التلوث بنسبة جيدة) وهو ما ينفى بطبيعة الحال تسليم الحكم المطعون فيه من أن الفلاتر التى قام المطعون ضده بتركيبها قد أزالت أسباب التلوث بشكل كامل.
ومن حيث إنه وقد استبان ذلك فإن القرار المطعون في يبدو من ظاهر الأوراق قرارا مشروعاً إذ يكون قد صدر حماية للصحة العامة ووقاية للسكان من الخطر الدائم المتمثل فى الأدخنة المتصاعدة من المصنع والتى لم يتم إزالتها بشكل كامل بتركيب المطعون ضده للفلاتر بالمصنع.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك سبق صدور أحكام له بوقف تنفيذ قرارات غلق صدرت عن ذات المنشأة بل أن ذلك يؤكد بالفعل خطورة استمرار تشغيل المصنع مع ما يشكله من خطورة على الصحة العامة.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك أيضاً القول بأن الجهة الإدارية لم توفر له موقع بديل لنقل المصنع على الرغم من دفع مقدم الحجز لذلك إذ أن هذا السبب لا يصلح سبب لاستمرار تشغيل المصنع موضوع النزاع مع ما يمثله ذلك من خطر داهم على الصحة العامة فى مدينة يعانى سكانها من ازدياد التلوث.
ولا ينال من ذلك أيضاً القول بأن الجهة الإدارية لم تقدم ما يفيد ثبوت حالة التلوث من الجهة الصحية المختصة إذ أن توصية مركز بحوث الفلزات قد أوصى بضرورة تركيب فلاتر للمصنع بمواصفات معينة ولم يقم المطعون ضده بتركيب تلك الفلاتر بالمواصفات المطلوبة الأمر الذى سلم به الحكم المطعون فيه من أن الفلاتر التى تم تركيبها قد أزالت التلوث بنسبة جيدة ولم يقل الحكم بأن الفلاتر التى قام المطعون ضده بتركيبها قد منعت تماماً تسرب الأدخنة السامة من المصنع.
ومن حيث إنه وقد أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا الفهم لصحيح حكم القانون، ومن ثم يتعين الحكم بإلغائه.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات.