الطعن رقم 1947 لسنة 43 بتاريخ : 2000/04/30 الدائرة الأولي
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات ، ومحمد عبد الرحمن سلامة ، وسعيد أحمد محمد حسين برغش ، وسعيد سيد أحمد (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
في يوم الأربعاء الموافق 19/2/1997 أودع الأستاذ / فايق توفيق محمد المحامى – بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة – قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا – تقريراً بالطعن قيد برقم 1947 لسنة 43 ق ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بجلسة 23/12/1996 فى الدعوى رقم 1545 لسنة 49ق والذى قضى فيه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وباختصاصها، وبقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 9 لسنة 1994، وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات.
وطلب الطاعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى – وذلك للأسباب الواردة تفصيلاً بتقرير الطعن.
وقد أعلنت عريضة الطعن إلى المطعون ضدها على النحو الثابت بالأوراق .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى قررت بجلسة 6/12/1999 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الأولى موضوع – لنظره بجلسة 30/1/2000 وقد تداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 9/4/2000 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسباب عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى إجراءاته الشكلية المقررة قانوناً ومن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المدعية أقامت دعواها بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية بتاريخ 12/1/1995 وطلبت فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 9 لسنة 1994، وفى الموضوع بإلغائه وإزالة ما أقيم تنفيذاً له من منشآت وأعمال مع إلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالت المدعية شارحة لدعواها أن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة أعلنت عن إقامة قرية مارينا العلمين طبقاً لكراسة تضمنت تخطيط القرية والذى درسته المدعية – فتبين لها أنه تضمن تدرج الوحدات بحيث تتمتع كل منها برؤية البحر، وكذلك ترك مساحات خضراء ومساحات فاصلة – لذا أقبلت على شراء وحدة بالمنطقة السابعة بالقرية وسددت كامل ثمنها وتسلمتها – وبعد مرور عدة سنوات شرعت الهيئة المدعى عليها فى البناء فى عرض الطريق وأقام أصحاب الوحدات المجاورة دعوى وقف الأعمال الجديدة برقم 5398 لسنة 1993 مستعجل القاهرة وقضى فيها بجلسة 12/1/1994 بوقف أعمال البناء وتأيد هذا الحكم بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 247 لسنة 1994 مدني مستأنف مستعجل القاهرة – إلا أن الهيئة المذكورة لم تمتنع عن أعمال البناء وشرعت فى بناء أربع فيلات فى الشوارع الأربعة التي تصل بين وحدة المدعية ووحدات جيرانها والبحر وكانت تلك الشوارع تتوسطها حدائق وأشجار، وبها مرافق العقارات المجاورة، وحرر بالواقعة المحضر الإدارى رقم 1337 لسنة 1994 – قسم الحمام، وأحيل للنيابة العامة فتناولته بالتحقيق وأثناء ذلك أصدر رئيس مجلس إدارة الهيئة المذكور قراراً برقم 9 لسنة 1994 – المطعون فيه – باعتماد التخطيط العمرانى النهائى للمركز السياحى مارينا العلمين بمرحلتيه الأولى والثانية، وأضافت المدعية أن القرار المطعون فيه انطوى على غصب للسلطة لصدوره من رئيس مجلس إدارة الهيئة بينما المختص بإصداره هو مجلس إدارة الهيئة طبقاً لنص المادة (36) من القانون رقم 59 لسنة 1979 بإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، كما أن القرار المشار إليه صدر مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة لإهداره حقوق الارتفاق المقررة على الشوارع والحدائق لخدمة وحدات القرية – فضلاً عن أنه لم يصدر لتحقيق مصلحة عامة.
وبجلسة 22/12/1996 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة لرفض الدفع بعدم الاختصاص المحلى للمحكمة – على أن القرية الصادر بشأنها القرار المطعون فيه باعتماد تخطيطها تقع بمنطقة الساحل الشمالى بمحافظة مطروح والتى تدخل فى نطاق اختصاصها المحلى، كما أسست حكمها في موضوع الدعوى بعد استعراضها لنصوص القانون رقم 59 لسنة 1979 المشار إليه – على أن مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة هو المختص باختيار المواقع اللازمة لإنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة وإعداد التخطيط العام والتفصيلى لها، وأنه ليس لرئيس مجلس الإدارة منفرداً أن يمارس هذا الاختصاص بغير تفويض من مجلس الإدارة، ولما كان القرار المطعون فيه قد صدر من وزير الدولة للمجتمعات العمرانية الجديدة بصفته رئيساً لمجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، باعتماد التخطيط العمرانى النهائي للمركز السياحى مارينا العلمين – بمرحلتيه الأولى والثانية – دون أن يكون مفوضاً فى هذا الشأن مجلس إدارة الهيئة ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر ممن لا يملك سلطة إصداره قانوناً – ولا ينال من ذلك صدور قرار برقم 5 لسنة 1996 بتفويض رئيس مجلس إدارة الهيئة فى اعتماد التخطيطات العامة والتفصيلية للمجتمعات العمرانية الجديدة – فهذا القرار لا يسرى إلا بأثر فورى من تاريخ صدوره.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وخالف ما أستقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا من التفرقة بين عيب عدم الاختصاص الجسيم وعدم الاختصاص البسيط – وأن العيب الأخير يمكن تصحيحه وهو ما قامت به الهيئة المذكورة عندما أصدرت قراراً برقم 5 لسنة 1996 بتفويض رئيس مجلس إدارتها فى اعتماد التخطيطات العامة والتفصيلية للمجتمعات العمرانية الجديدة، وبذلك تكون الهيئة قد صححت القرار رقم 9 لسنة 1994 المطعون فيه، ويسرى التصحيح بأثر رجعى وليس بأثر فورى.
ومن حيث أن المادة (7) من القانون رقم 59 لسنة 1979 فى شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة – تنص على أنه تتولى الهيئة اختيار المواقع اللازمة لإنشاء المجتمعات العمرانية وإعداد التخطيطات العامة والتفصيلية لها وذلك طبقاً للخطة العامة للدولة …………. وتنص المادة (28) من القانون المذكور – على أنه تختص الهيئة ببحث واقتراح ورسم وتنفيذ ومتابعة خطط وسياسات وبرامج إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة ……. ويكون لها على الأخص ……… إجراء التخطيط العام والتخطيط التفصيلى للمواقع التى يقع عليها الاختيار …….. وتنص المادة (36) على أن مجلس إدارة الهيئة هو السلطة العليا المهيمنة على شئونها ويباشر اختصاصاته على الوجه المبين فى هذا القانون… ويكون له على الأخص ما يلى: وضع سياسة إقامة المجتمعات العمرانية الجديدة واختيار مواقعها واعتماد تخطيطاتها العامة والتفصيلية…… وتنص المادة (38) على أن يجوز لمجلس إدارة الهيئة أن يشكل من بين أعضائه لجنة أو أكثر يعهد إليها بصفة مؤقتة ببعض اختصاصاته، كما يجوز له أن يعهد ببعض اختصاصاته إلى رئيس الهيئة أو أن يفوضه بمهمة محددة .
ومن حيث أن مفاد النصوص المشار إليها أن المشرع أنشأ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ومنحها شخصية اعتباريه مستقلة وعهد إليها ببحث واقتراح ورسم وتنفيذ خطط وسياسات وبرامج إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة بالإضافة إلى اختصاصاتها الأخرى، وحدد المشرع نطاق اختصاص كل من مجلس إدارة الهيئة ورئيسه، فأناط بمجلس الإدارة بوصفه السلطة العليا المهيمنة على شئون الهيئة أن يتخذ ما يراه لازماً من قرارات لتحقيق الغرض الذى أنشئت من أجله وانتقل المشرع من التعميم إلى التخصيص فخص مجلس الإدارة باختيار مواقع المجتمعات العمرانية الجديدة واعتماد تخطيطاتها التفصيلية والعامة، وأجاز لمجلس الإدارة أن يفوض لجنة تشكل من بين أعضائه – في بعض اختصاصاته بصفة مؤقتة ، وأن يفوض رئيس مجلس الإدارة فى بعض الاختصاصات المنوطة بمجلس الإدارة.
ومن حيث أن المشرع قد أسند إلى مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة اختيار مواقع المجتمعات العمرانية الجديدة واعتماد تخطيطاتها العامة والتفصيلية ومن ثم لا يجوز لسلطة أخرى أن تمارس هذا الاختصاص دون تفويض فى ذلك وإلا أعتبر قراراها مشوباً بعيب عدم الاختصاص.
ومن حيث أن المستقر عليه أن لجهة الإدارة تصحيح القرار المشوب بعيب عدم الاختصاص وذلك بإصدار القرار مجدداً من السلطة المختصة بإصداره أو باعتمادها للقرار المعيب وإقراره بذات مضمونه.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه متى طعن على القرار المشوب بعيب عدم الاختصاص وتم تصحيح العيب وتدارك ما شاب القرار من عوار – من السلطة المختصة وكان ذلك قبل صدور الحكم فى الدعوى فإنه لا يجوز للمحكمة أن تقضى بإلغاء القرار المطعون فيه ما دام بعد تصحيحه قد احتفظ بمضمونه دون تعديل.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن رئيس مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة كان قد أصدر القرار رقم 9 لسنة 1994 المطعون فيه – باعتماد التخطيطات العامة والتفصيلية للمركز السياحى مارينا العلمين – بمرحلتيه الأولى والثانية – دون تفويض من السلطة المختصة وهى مجلس إدارة الهيئة وكان مقتضى ذلك ولازمه أن القرار المذكور صدر مشوباً بعيب عدم الاختصاص – إلا أن الثابت من الأوراق أن مجلس إدارة الهيئة المذكورة أصدر قراراً برقم 5 لسنة 1996 بتفويض رئيس مجلس الإدارة فى اعتماد التخطيطات العامة والتفصيلية للمجتمعات العمرانية الجديدة – وهو ما أثبته الحكم المطعون فيه، ومن ثم تكون جهة الإدارة قد صححت عيب عدم الاختصاص الذي شاب القرار المطعون فيه، وكان ذلك أثناء نظر الدعوى، وإذ تغاضى الحكم المطعون فيه من أعمال أثر ذلك التصحيح وانتهى إلى إلغاء القرار المطعون فيه فإنه يكون قد صدر مخالفاً لحكم الواقع والقانون مما يتعين معه والحال كذلك القضاء بإلغائه .
ومن حيث أنه ولئن كان من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بنص المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية – إلا أنه وقد ثبت من الأوراق أن جهة الإدارة هى التى ألجأت المطعون ضدها إلى القضاء بطلب إلغاء القرار المطعون فيه ثم تداركت عيب عدم الاختصاص الذى شابه – بقرار لاحق أعاد الأمور إلى نصابها الصحيح، وكان ذلك أثناء نظر الدعوى وقبل الفصل فيها – ومن ثم فإن المحكمة تقضى بإلزام الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات عملاً بنص المادة (185) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.