الطعن رقم 1999 لسنة 43 بتاريخ : 2000/02/13 الدائرة الأولي
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: سعيد أحمد محمد حسين برغش، وسامي أحمد محمد الصباغ،ومحمود إسماعيل رسلان مبارك، وأحمد عبد العزيز أبو العزم (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
في يوم الأحد الموافق 23/2/1967 أودع الأستاذ/ الشحات أحمد عبد الله يوسف المحامي بصفته وكيلاً عن السيد الدكتور/ رئيس جامعة المنصورة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد برقم 1999 لسنة 43 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بجلسة 28/12/1996 في الدعوى رقم 1510 لسنة 18 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء قيد المدعي لدرجة الماجستير في طب الأطفال مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جامعة المنصورة مصروفات هذا الطلب، وانتهى تقرير الطعن إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددًا برفض الدعوى المطعون في حكمها مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة في الدرجتين
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا مسهمًا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا والتي قررت بجلسة 7/6/1999 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 25/7/1999 حيث نظر الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر حجز الطعن للحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة الماثلة تخلص –حسبما يبين من الأوراق- في أن المدعي أقام الدعوى رقم 1510 لسنة 18 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بتاريخ 30/10/1996 طالبًا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار جامعة المنصورة فيما تضمنه من إلغاء قيده لدرجة الماجستير في طب الأطفال وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب عليه من آثار وإلزام الجامعة المدعي عليها المصروفات، وقال المدعي شرحًا لدعواهُ أنه حصل على بكالوريوس الطب والجراحة سنة 1988 ثم حصل على دبلوم طب الأطفال سنة 1993 وبتاريخ 18/11/1993 وافقت جامعة المنصورة على قيده لدرجة الماجستير في طب الأطفال واستمر في الدراسة حتى فوجئ في 11/12/1995 بصدور قرار من الجامعة (نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا) بإلغاء قيده لدرجة الماجستير، وأضافَ المدعي أنه ينعي على هذا القرار مخالفته لأحكام القانون لأنه بعد حصوله على دبلوم طب الأطفال وقبول قيده لدرجة الماجستير اجتاز امتحانات الجزء الأول من الماجستير في مارس 1995 بتقدير جيد ثم وافق مجلس كلية الطب بتاريخ 8/10/1995 على الجزء الثاني منه باعتماد تسجيل موضوع البحث المقدم منه وتعيين المشرفين عليه وبذلك يكون قرار قيده لدرجة الماجستير قد تحصن بعد ستين يومًا على تاريخ صدوره وأكسبه مركزًا قانونيًا لا يجوز المساس به بالسحب أو الإلغاء.
وبجلسة 28/12/1996 أصدرت المحكمة حكمها الطعين وشيدت هذا الحكم على أن اللائحة الداخلية للدراسات العليا لكلية الطب جامعة المنصورة قد اشترطت للقيد لدرجة الماجستير أن يكون الطالب حاصلاً على تقدير جيد على الأقل وأن المدعي حصل على بكالوريوس الطب والجراحة بتقدير عام مقبول ومن ثم فإن القرار الصادر بقبول قيده لدرجة الماجستير قد صدر مخالفًا للقانون إلا أن هذه المخالفة ليست من الجسامة التي تنحدر بهذا القرار إلى درجة الانعدام والتي تجرده من صفته كتصرف قانوني وكان يمكن للجامعة أن تسحبه خلال الستين يومًا من تاريخ صدوره أما وإنه قد انقضت هذه المدة فإن القرار يكون قد اكتسب حصانة تعصمه من الإلغاء وأصبح للمدعي حق مكتسب فيما تضمنه هذا القرار ويجعل القرار الساحب له (المطعون فيه) بحسب الظاهر من الأوراق مخالف للقانون.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حيث أن الحكم لم يتناول الرد على الدفاع الجوهري المبدى من الجامعة الطاعنة حيث قدمت حافظة مستندات بجلسة 20/7/1996 تضمنت مستندات تؤكد عدم صحة ادعاءات المدعي وتبين أنه ذكر وقائع غير صحيحة فالثابت من خطاب نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والعلاقات الثقافية والبحوث المؤرخ 12/12/1995 أن المدعي لم يكن قد سجل بعد للماجستير وأن أوراقه عرضت على نائب رئيس الجامعة لاستكمال إجراءات التسجيل إلا أنه لم يوافق على التسجيل لحصول المدعي على تقدير مقبول في كل من درجة البكالوريوس والدبلوم، وأضاف تقرير الطعن أن شروط القيد للدراسات العليا يختلف عن شروط القيد لرسائل الماجستير كما تختلف السلطة المختصة بإصدار القرار في كل حالة.
ومن حيث أن المادة (167) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 تنص على أن مع مراعاة أحكام هذا القانون تحدد اللائحة التنفيذية موعد بدء…… وتحدد اللوائح الداخلية للكليات والمعاهد التابعة للجامعة –كل في دائرة اختصاصها وفي حدود الإطار العام المقرر في القانون وفي اللائحة التنفيذية –الهيكل الداخلي لتكوينها والأحكام التفصيلية لنظم القيد والدراسة والامتحان فيما يخصها وتنص المادة (174) على أن يكون القيد للدراسات العليا في المواعيد المحددة في اللوائح الداخلية ويتم القيد بعد أخذ رأي مجالس الأقسام المختصة بموافقة مجلس الكلية أو المعهد واعتماد نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث وتنص المادة 197 على أن تصدر لكل كلية أو معهد تابع للجامعة لائحة داخلية بقرار من وزير التعليم العالي بعد أخذ رأي مجلس الكلية أو المعهد ومجلس الجامعة وموافقة المجلس الأعلى للجامعات. وتتولى هذه اللائحة بيان الإطار الخاص للكلية أو المعهد… والمسائل الآتية بصفة خاصة: 1)……. 4) الشروط التفصيلية للحصول على الدرجات والشهادات العلمية والدبلومات من الكلية أو المعهد…. وتنص المادة (97) من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات على أن تحدد اللوائح الداخلية للكليات إجراءات التسجيل لدرجتي الماجستير والدكتوراة.. وتنص المادة (155) على أن يشترط في الطالب لنيل درجة ماجستير في أحد فروع التخصص الإكلينيكية أن يكون حاصلاً على درجة البكالوريوس في الطب والجراحة… وذلك وفقًا لأحكام اللائحة الداخلية.
ومن حيث أن اللائحة الداخلية لكلية الطب جامعة المنصورة (الدراسات العليا) الصادرة بالقرار الوزاري رقم 593 بتاريخ (17/11/1973 والمعدلة بالقرار الوزاري رقم 523 بتاريخ 13/5/1993 تنص في المادة (3) على أنه يشترط في قيد الطالب لدرجة الماجستير … 1) …… 2) ……… 3).. أن يكون حاصلاً على تقدير جيد على الأقل في التقدير العام ومادة التخصص وأن يتفرغ للدراسة لمدة عام في الجزء الثاني.
ومن حيث أن البين من هذه النصوص أن المشرع أوجب بأن تكون لكل كلية أو معهد تابع لجامعة من الجامعات التي تسري عليها أحكام القانون رقم 49 لسنة 1972 لائحة داخلية تصدر بقرار من وزير التعليم العالي بعد أخذ رأي مجلس الكلية ومجلس الجامعة وموافقة المجلس الأعلى للجامعات، وأناط للوائح الداخلية وضع الهيكل الداخلي لتكوين الكلية أو المعهد والإطار الخاص لها والأحكام التفصيلية لنظم القيد والدراسة والامتحانات بها والشروط التفصيلية للحصول على الدرجات والشهادات العلمية، وإعمالاً لذلك صدر قرار وزير التعليم رقم 593 لسنة 1973 والمعدل بالقرار رقم 526 بتاريخ 13/5/1993 عميدًا الشروط اللازمة لقيد الطالب لنيل درجة الماجستير ومن هذه الشروط أن يكون الطالب حاصلاً على تقدير جيد على الأقل في التقدير العام ومادة التخصص.
ومن حيث أنه من المقرر والمستقر في قضاء هذه المحكمة أن القرارات الإدارية التي تولد حقًا أو مركزًا شخصيًا للأفراد لا يجوزُ سحبها متى صدرت سليمة أما القرارات الفردية غير المشروعة فالقاعدة عكس ذلك إذ يجب على جهة الإدارة أن تسحبها التزامًا منها بحكم القانون وتصويبًا للأوضاع المخالفة له إلا أن دواعي المصلحة العامة تقتضي أيضًا إذا صدر قرار معيب من شأنه أن يولد حقًا أن يستقر هذا القرار عقب فترة معينة من الزمن بحيث يسري عليه ما يسري على القرار الصحيح وقد اتفق على تحديد هذه الفترة بستين يومًا من تاريخ نشر القرار أو إعلانه قياسًا على مدة الطعن القضائي بحيث إذا انقضت هذه الفترة اكتسب القرار حصانة تعصمه من أي إلغاء أو تعديل ويصبح عندئذ لصاحب الشأن حق مكتسب فيما تضمنه القرار وكل إخلال بهذا الحق بقرار لاحق يعد أمرًا مخالفًا للقانون يعيب القرار الأخير ويبطله.
ومن حيث أن البادي من مذكرة عميد كلية الطب جامعة المنصورة المودعة حافظة مستندات المدعى أن المدعي (المطعون ضده) مقيد لدرجة الماجستير في طب الأطفال بموافقة الجامعة في 28/11/1993 وأنه حصل على الجزء الأول من الماجستير دور مارس 1995، وبتاريخ 8/10/1995 تم الموافقة على تسجيل موضوع البحث والمشرفين من مجلس الكلية، وأنه تم إرساء استمارات التسجيل من الكلية إلى إدارة الدراسات العليا بتاريخ 24/10/1995 إلا أن إدارة الدراسات العليا بالجامعة قامت بإعادة استمارة التسجيل بتاريخ 31/10/1995 لأن تقدير المدعي كان بمرتبة مقبول.
ومفاد ما تقدم أن المدعي قد قيد بالفعل لنيل درجة الماجستير في 28/11/1993 وأنه اجتاز الجزء الأول لنيل هذه الدرجة في دور مارس 1995 نظرًا لأن دراسة الماجستير تشمل مقررات دراسية عالية وتدريبًا في رسائل البحث واستقراء النتائج ثم تنتهي بإعداد رسالة تقبلها لجنة الامتحان، وأن اعتراض الدراسات العليا بالجامعة تم بالفعل بعد قيد المدعي للماجستير وبعد مرور ما يقارب العامين وبعد اجتيازه الجزء الأول واختيار موضوع البحث والمشرف عليه ومن ثم فلا صحة لما يذهب إليه تقرير الطعن من أن المدعي لم يكن قد سجل بعد للماجستير.
ومن حيث أنه ترتيبًا على ما تقدم فإن قيد المدعي لنيل درجة الماجستير وإن كان قد صدر في 28/11/1993 مخالفًا للائحة الداخلية لكلية الطب بجامعة المنصورة لعدم حصوله على تقدير جيد على الأقل في بكالوريوس الطب والجراحة وإنما على تقدير مقبول إلا ان جهة الإدارة الطاعنة لم تنشط لسحب قرار قيده المخالف للقانون خلال المواعيد المقررة لسحب القرارات الإدارية غير المشروعة ومن ثم أضحى هذا القرار بعد مرور تلك المواعيد حصينًا من السحب باعتباره قد أنشأ للمدعي مركزًا قانونيًا ذاتيًا لم يعد من الجائز المساس به. ويكون القرار الساحب لقيده لنيل درجة الماجستير بعد فوات المواعيد المقررة لسحب القرارات الإدارية غير المشروعة قرار غير مشروع ومخالفًا للقانون ويكون طلب وقف تنفيذه قائم –على حسب الظاهر من الأوراق- على أساس سليم من القانون.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب فإنه يكون قد صدر سليمًا ومطابقًا لصحيح حكم القانون.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وألزمت الجامعة الطاعنة المصروفات.