الطعن رقم 2236 لسنة 42 بتاريخ : 1999/06/13 الدائرة الأولي
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ الدكتور محمد جودة أحمد الملط رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ رائد جعفر النفراوى وجودة عبد المقصود فرحات وأدوارد غالب سيفين وسعيد أحمد محمد حسين برغش (نواب رئيس مجلس الدولة).
* الإجراءات
فى يوم السبت الموافق 17/2/1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة دائرة الترقيات فى الدعوى رقم 9612 لسنة 49 ق بجلسة 18/12/1995 القاضى بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم حصول نجل المدعى على الدرجات النهائية فى مواد اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى واللغة الأجنبية الثانية والميكانيكا والجبر والتفاضل والتكامل ومادة الفيزياء ومادة الكيمياء ومادة الاحياء والمادة الاختيارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة فى تقرير الطعن أن تأمر دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع للحكم بقبوله شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا الدائرة الأولى جلسة 2/3/1998 والجلسات التالية، وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى دائرة الموضوع لنظره بجلسة 14/3/1999، وبعد تداول نظره قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمرافعة والمداولة قانونا.
من حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان وقائع الطعن تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضده أقام دعواه بتاريخ 5/9/1995 أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وقيدت برقم 9612 لسنة 49ق طالبا الحكم بقبول الدعوى شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار اعتماد نتيجة امتحان الثانوية العامة لعام 1995 وبأحقية نجله الطالب/ أحمد فى الحصول على الدرجات النهائية بسبب سرقة أوراق اجابته وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب عليه من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال شرحا للدعوى ان نجله تقدم لامتحان الثانوية العامة لعام 94/1995 برقم جلوس 802451 بمدرسة بنى مزار الثانوية بنين، وفوجئ عند إعلان النتيجة برسوبه وحصوله على مجموع درجات 24.5درجة من المجموع الكلى 400 درجة، زاعما أنه كان من المرشحين لأن يكون الطالب الأول على المدرسة لسبق تفوقه فى الشهادتين الابتدائية والاعدادية.
واستطرد المدعى قائلا أنه تقدم بشكوى للوزارة التى تحققت من تزوير أوراق إجابة الطالب وأصدرت قرارها باعتباره ناجحا وحصوله على مجموع كلى بنسبة 83% من الدرجات، لكنه يطعن على هذا القرار، ويطالب بحساب الدرجات النهائية للمواد التى ثبت فقدان أوراق اجابته فيها نظرا لأن اعطاء الطالب درجات بطريقة تقديرية أو جزافية، لا تعتبر عن الواقع من خلال الإجابات الثابتة فى كراسات الإجابة، لا يستند إلى أساس سليم من القانون.
وأضاف بأن تنفيذ هذا القرار سوف يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها، ومن ثم فانه يطلب الحكم له، على وجه السرعة، بطلباته الواردة فى ختام صحيفة الدعوى.
وجرى تداول نظر الشق العاجل من الدعوى أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضرها، وقدم الحاضر عن المدعى حافظة مستندات طويت على صورة استمارة نجاح الطالب فى الشهادة الثانوية العامة لعام 1995 بمجموع 232 درجة، وصورة بيان معتمد بدرجات الطالب ورسوبه فى ذات الامتحان وحصوله على مجموع 24.5 درجة من المجموع الكلى للدرجات وقدره 400 درجة، وبجلسة 27/11/1995 قدم أيضا حافظة مستندات طويت على صورة أوراق التحقيق فى موضوع فقد أوراق إجابات الطالب، المنتهية إلى التوصية بمجازاة المسئولين إداريا، وصورة من تقرير اللجنة المشكلة لبحث حالة الطالب، وتوصيتها بمنحة متوسط درجات نجاحه فى السنوات الثلاث السابقة، واعتماد الوزير لهذه التوصية بتاريخ 21/8/1995.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة أوضحت فيها أن هناك عوامل خارجية أدت لفقدان أوراق الإجابة وتم التحقيق فى الموضوع ومجازاة المسئولين عن المخالفة إداريا، وأن الوزارة وضعت درجات تقديرية لإجابات الطالب، اعتمادا على القدر المتيقن لديها لمستواه فى الشهادة الاعدادية وفى الفرقتين الأولى والثانية من المرحلة الثانوية، وهو مسلك صحيح، وأن مطالبته بالدرجات النهائية لا سند له من القانون، وطلبت رفض الدعوى بشقيها.
وبجلسة 18/12/1995 حكمت المحكمة بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم حصول نجل المدعى على الدرجات النهائية فى مواد اللغة العربية واللغة الأجنبية الأولى واللغة الأجنبية الثانية والميكانيكا والجبر ومادة التفاضل والتكامل ومادة الفيزياء ومادة الكيمياء ومادة الاحياء والمادة الاختيارية مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها واعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها.
واستندت المحكمة فى قضائها، إلى أن الظاهر من الأوراق، إقرار الجهة الإدارية بمسئولية موظفيها عن فقد أوراق إجابات نجل المدعى فى المواد المشار إليها، وصدور قرار إدارى بمجازاتهم على النحو الثابت بالأوراق، وأن قرار إعلان النتيجة يجب أن يكون مطابقا لما حصل عليه الطالب من درجات حقيقية فى مواد الامتحان، فاذا استحال على جهة الإدارة الوصول إلى كراسات إجابات الطالب نتيجة خطأ الموظفين بها، فانه يحق للطالب، والحال كذلك، الحصول على الدرجات النهائية فى تلك المواد، ويكون قرار الجهة الإدارية باعطائه 332 درجة موزعة على المواد المشار إليها على النحو المبين سلفا، مرجحا الحكم بإلغائه لعدم قيامه على سند صحيح من القانون، ويكون ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ متوافرا، فضلا عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها، تتمثل فى عدم التحاق نجل الطالب بالكلية التى يرغب الالتحاق بها، وتفويت الفرصة عليه فى استكمال الدراسة بداية من العام الدراسى التالى، الأمر الذى يتعين معه القضاء بذلك مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث ان مبنى الطعن فى الحكم سالف الذكر، يقوم على أنه أخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره وتأويله، حيث انه تجاوز ولاية القضاء فى نطاق الشق العاجل من الدعوى، وقضى بأحقية الطالب فى الحصول على الدرجات النهائية فى المواد المشار إليها، كما أنه خالف المبادئ المستقرة فى مسائل التعويض، ومنها أن التعويض لا يجوز أن يفوق مقدار الضرر.
ومن حيث ان مقطع النزاع فى الطعن الماثل، يدور حول ما إذا كان من حق نجل الطاعن ان يحصل على الدرجات النهائية أو العظمى فى مواد امتحان الثانوية العامة لعام 94/1995، بعد ثبوت فقد أوراق إجابات فى بعض المواد، وإجراء التحقيق مع بعض الموظفين بوزارة التربية والتعليم ومجازاتهم إداريا عن هذه المخالفة، أم أن ما قامت به الوزارة من تعديل نتيجة الطالب المذكور من راسب إلى ناجح بمجموع كلى من الدرجات مقداره 332 درجة موزعة على مواد الامتحان وفقا لمستوى الدرجات الحاصل عليها فى الثلاث سنوات السابقة على امتحان الثانوية العامة لعام 94/1995، يعتبر إجراء صحيحا مطابقا لأحكام القانون.
ومن حيث أنه ازاء عدم وجود نص فى القانون، يقرر منح الدرجة النهائية فى الامتحان للطالب الذى تفقد كراسة اجابته، وكذلك عدم وجود قاعدة قانونية استنتها جهة الإدارة أو درجت على تطبيقها فى مثل هذه الحالة، من ثم فانه ما كان يجوز لمحكمة القضاء الإدارى أن تقرر هذه القاعدة، وتفرض على جهة الإدارة تطبيقها، اذ أن ذلك يعتبر من قبيل إصدار أمر لجهة الإدارة على خلاف على ما استقر عليه القضاء الإدارى، من أنه لا يجوز فرض أو إصدار أوامر لجهة الإدارة، وفضلا عما سبق فان إقرار القاعدة المتقدمة، من شأنه ترتيب آثار، خطيرة سواء على مستوى مرفق التعليم بجميع مراحله، أو على مستوى المجتمع، فقد يترتب على ذلك أن يميز طالب ضعيف المستوى فى أى مرحلة تعليمية حتى الجامعية منها، أقرانه من الطلبة المتفوقين لمجرد فقد أوراق إجاباته فى الامتحان، ويحظى بما يخوله منح الدرجات النهائية فى الامتحان، من مزايا فى الحالات المختلفة من تعليم ووظائف وغير ذلك، بالإضافة إلى ما يمثله إقرار القاعدة المشار إليها من إخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، وهو من المبادئ الأساسية فى الدستور، وما قد يترتب عليه من فتح المجال واسعا للتحايل والتواطؤ بما يهدر المنافسة الشريفة بين الطلاب، وتقرير تفوق ظاهر لا يستند إلى أساس من واقع أو قانون.
ومن حيث انه عن مدى مشروعية القرار المطعون فيه، الذى أصدرته جهة الإدارة لمعالجة الحالة الواقعية والقانونية للطالب المذكور، بتعديل النتيجة من راسب إلى ناجح بمجموع كلى من الدرجات مقداره 332 درجة بنسبة 83% استهداء بدرجات فى امتحانات الثلاث سنوات السابقة على الامتحان على النحو السالف إيضاحه، ولما كان الظاهر من الأوراق أن جميع أوراق إجابات الطالب المذكور فقدت، عدا ورقتى مادتى التربية الفنية التى حصل فيها على ثمانى درجات من عشرة ومادة المستوى الرفيع (لغة انجليزية) وحصل فيها على ثلاث درجات من عشرة أو حرصا على مصلحة الطالب، فقد كان أمام جهة الإدارة عدة بدائل لتقدير مستواه العلمى، الأول هو حساب متوسط درجات فى المادتين المذكورتين، وهو ما يترتب عليه حصوله على احدى عشرة درجة من عشرين درجة بمتوسط 55% من المجموع الكلى للدرجات، والثانى حساب درجة الطالب على أساس متوسط الدرجات التى حصل عليها فى امتحان النقل من الصف الاول إلى الصف الثانى ومن الصف الثانى إلى الصف الثالث الثانوى وكانت فى الصف الاول 259 درجة من 280 درجة وفى الصف الثانى 230 درجة من 280 درجة وهى تمثل 78.5% من المجموع الكلى، والثالث حساب متوسط الدرجات التى حصل عليها الطالب فى امتحان شهادة التعليم الأساسى (الاعدادية) وفى امتحانى النقل من الصفين الاول والثانى الثانوى، وهذا المتوسط يمثل المجموع الصادر به القرار المطعون فيه ومقداره 332 درجة من 400 درجة بنسبة 83% من المجموع الكلى، مما يكون معه القرار قد حقق للطالب أعلى المستويات التى يمكن الحصول عليها، وتم استخلاصه استخلاصا سائغا من الأوراق، وخلا مما يشوب القرار الإدارى من عيوب، بما فى ذلك عيب اساءة استعمال السلطة، ويكون النعى عليه بعدم المشروعية غير سديد، وبالتالى لا يتوافر فى طلب وقف تنفيذه ركن الجدية، وكان يتعين على محكمة أول درجة القضاء برفض ذلك الطلب.
ومن حيث أنه فى ضوء ما سلف، ولما كان الحكم المطعون فيه، قضى بعكس ما تقدم، فانه يكون خليقا بالإلغاء.
ولا يفوت المحكمة ان تنوه إلى الآثار الخطيرة الناجمة عن غياب التنظيم القانونى الذى يواجه مثل الحالة المعروضة أو غيرها مما يتعلق بفقد أو سرقة أوراق إجابة أحد الطلبة كلها أو بعضها أو تحقيق ذلك بالنسبة لعدد من الطلبة قل أو كثر، دون أدنى مسئولية منهم، وانه من الواجب وضع التنظيم الذى يكفل التوازن بين المصلحة العامة الطلبة، وبغلق الباب نهائيا أمام أية محاولة للافادة من غياب ذلك التنظيم.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات.