الطعن رقم 224 لسنة 40 بتاريخ : 2000/01/23
___________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات، سامى أحمد محمد الصباع محمود إسماعيل رسلان مبارك، أحمد عبد العزيز أبو العزم (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجـــــراءات
فى يوم الاثنين الموافق 15/11/1993 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 224 لسنة 40 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 3456 لسنة 37 ق بجلسة 16/9/1993 والقاضى بإلغاء القرار المطعون فيه، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام رافعها المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً برفض الدعوى وإلزام رافعها المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5/2/1996، وبجلسة 15/7/1996 قررت إحالته إلى هذه المحكمة وقد نظرته المحكمة بجلستها حتى أصدرت حكمها بجلسة 27/6/19991 بوقف الطعن جزاء لمدة ثلاثة اشهر، وإذ قامت هيئة قضايا الدولة خلال الأجل المقرر قانوناً بتعجيل الطاعن لجلسة 5/12/1999 وفيها قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبإصدار هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمـــة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضدهما أقاموا الدعوى رقم 3456 لسنة 37 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 23/4/1983 طلبا فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار حى غرب الجيزة رقم 80 الصادر بتاريخ 12/12/1982 بإزالة التعدى على قطعة أرض مساحتها 400 متراً بشارع أتوسبير المملوكة للدولة وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المدعى عليهم المصروفات والأتعاب.
وقالا بيانا للدعوى أن الأرض المتنازع بشأنها كانت مملوكة بكل من عبد الحميد الشيمى ونريه أحمد أمين نص تقسيم مدينة الأندلس الصادر باعتماده قرار محافظ الجيزة رقم 48 فى 12/2/1994 وقد آلت بطريق الشراء إلى الأول بموجب عقد أبرم بينه وبين أسمات أتوسبير ونزيه أحمد أمين وصدر حكم بصحته ونفاذه فى الدعوى رقم 717 لسنة 1954 مدنى كلى القاهرة المشهر برقم 7182/1954 وقد آلت من بعد إلى زينهم محمد الخولى بعقد مؤرخ 2/5/1967 حكم بصحته ونفاذه فى الدعوى رقم 4621/1974، وبتاريخ 18/6/1982 باع هذا الأخير للمدعين أرض النزاع ووضعا يدهما عليها ثم علما بأن حى غرب الجيزة أصدر القرار المطعون فيه بزعم أن الأرض المملوكة للدولة فتظلما منه فى 2/2/1983 إلا أنهما لم يتلقيا رداً فأقاما هذه الدعوى استناداً إلى عدم صحة السبب الذى بنى عليه القرار لأن الأرض لم تكن مملوكة للدولة ولم تظهر فى أى وقت بمظهر المالك ولم يثبت ملاكها بالشهر العقارى، كما نفى المدعيان أن أرض النزاع كانت بركة تم ردها بواسطة الدولة وإلا ما كان قد تم تسجيل التصرف بشأنها بأسماء المذكورين سلفاً.
وبجلسة 16/9/1993 صدر الحكم المطعون فيه وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاؤها على أن تملك الدولة أراضى البرك التى تقوم بردمها لم يكن يتم بموجب الأمر العسكرى رقم 363/1943 وإنما تم ذلك بمقتضى القانون رقم 76 لسنة 1946 وبالتالى فإن البرك التى تم ردمها قبل العمل بهذا القانون لم تؤول إلى الدولة بمجرد إجراء الردم، فهذه الملكية إنما تتصرف فحسب إلى ما يكون قد تم ردمه من برك بعد القانون رقم 76 لسنة 1946، وعلى ذلك وإذ أقرت الجهة الإدارية بأن أرض النزاع قد ردمت بمقتضى الأمر العسكرى رقم 363/1943 قبل العمل بالقانون الأخير فإن تلك الأرض لم تدخل ملك الدولة، وإذ قدم المدعيان ما يثبت ملكيتهما لتلك الأرض ولم تدخل ذلك الجهة الإدارية أو تقوم بمناقضته فمن ثم لا يكون لهذه الجهة ثمة حق فى التمسك بملكية الدولة لأرض النزاع وبالتالى يكون قرار إزالة التعدى والقائم على ملكية الدولة لهذه الأرض غير مستند إلى سببه صحيح من الواقع والقانون مما يتعين معه القضاء بإلغاء هذا القرار.
ومن حيث أن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه إذ تنص المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 67 لسنة 1964 المعدل لأحكام القانون رقم 172 لسنة 1960 الخاص بالبرك والمستنقعات التى قامت الدولة بردمها على أن: تؤول إلى الدولة بحكم هذا القانون.. ملكية أراضى البرك التى ردمت بالتطبيق لأحكام الأمر العسكرى رقم 363 لسنة 1943 ولم ترد تكاليف وردمها بعد، ولم يتنازل عنها أصحابها وحكم هذا النص أن أراضى البرك التى ردمت بالأمر العسكرى المذكور قد بقيت على ملك أصحابها متى قاموا بسداد تكاليف الردم ولم يتنازلوا عنها وعلى ذلك فإن هذه الأراضى تكون ملكاً للدولة نفاذاً لأحكام هذا القانون متى كان أصحابها لم يذعنوا لكافة التشريعات السابقة والتى أعطتهم الفرصة تلوا الفرصة لاسترداد هذه الأرض بسداد تكاليف ردمها إلى أن صدر التعديل التشريعى الأخير بالقانون رقم 97 لسنة 1994 والحق ملكية أراضى البرك التى ردمت بمقتضى أحكام الأمر العسكرى المشار إليه، ولم تسدد تكاليف ردمها بملكية الدولة، وإذ لم يطبق الحكم المطعون فيه أحكام هذا القانون وإنزاله على واقعات النزاع مما يجعله حرياً بالإلغاء.
ومن حيث أن الدولة كانت تحرص دائماً على ردم البرك والمستنقعات وذلك منعاً لانتشار الأمراض التى كان يسببها البعوض الذى وجد فيها بيئة صالحة للتكاثر، ومن ثم أصدرت الدولة القوانين المتعاقبة فى هذا الشأن، ومن أول هذه القوانين رقم 102/1939 بردم البرك والمستنقعات وبعد أن عنى بتعريف البركة أو المستنقع وضرورة ردمها أو تجفيفها ويعلن المحافظ أو المدير ذلك إلى مالك المستنقع المقيد اسمه فى المكلفة أو واضع اليد عليه إذا كان الاسم غير وارد بالمكلفة ويكلفه بإجراء الردم أو التجفيف، وكذلك أجاز هذا القانون لمالك المستنقع أن يتخلص من واجب الردم أو التجفيف بأن يتنازل عنه للحكومة فى مقابل الثمن المحدد له و إذا عجز المالك عن ذلك أيضا فيسجل هذا و تودع وزارة الصحة بخزينة المحكمة الثمن المقدر لأرض المستنقع , ثم صدر الأمر العسكرى رقم 363 لسنة 1943 بتقدير بعض التدابير لإزالة البرك و المستنقعات , فأوجب على ملاك هذه البرك و المستنقعات أو واضعى اليد عليها أن يقدموا فى خلال مدة محددة إقرار كتابياً بتعهدهم بإجراء أعمال الردم والصرف التى تقضيها إزالة هذه المستقنعات فى ميعاد محدد، وألا يتم الاستيلاء على هذه المستقنعات وكذلك الاستيلاء على المستنقعات التى قدم ملاكها أو واضعى اليد إقرارات بالقيام بأعمال الردم ولكنهم لم يقوموا بها، كما تضمن هذا الأمر أنه يتم تحصيل المصاريف التى تنفقها الحكومة فى أرض الغير بطريق الحجز الإدارى إلا إذا اختار صاحب العقار دفع المصاريف واسترداد واسترداد العقار أو التنازل عنه للحكومة.
ثم صدر القانون رقم 76 لسنة 1946 بردم البرك والمستقنعات الذى حل محل القانون رقم 103 لسنة 1929 السابق الإشارة إليه وقد تضمن فى المادة الأولى منه تعريف المستقنع أو البركة وتحديد الجهة التى لها الحق فى نزع ملكيتها لردمهما أو تجفيفهما، وخول الحكومة فى مادته الثانية حق نزع ملكية المستنقعات لمباشرة ردمها أو تجفيفها، على أن تتبع فى جميع الأحوال قبل عمليات الردم أو التجفيف الإجراءات المنصوص عليها فى قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.
كما أجاز للمالك المنزوعة ملكيته استرداد هذه الملكية مقابل الوفاء بتكاليف الردم أو التجفيف ورد الثمن الذى يكون قد قبضه نتيجة لنزع الملكية، على أن يسقط هذا الحق إذا لم يستعمل فى ميعاد غايته سنة واحدة من تاريخ الإعلان عن إتمام الردم أو التجفيف.
ثم صدر القرار بقانون رقم 177 لسنة 1160 فى شأن البرك والمستنقعات التى قامت الحكومة بردمها قبل إتمام إجراءات نزع ملكيتها بعد العمل بالقانون رقم 76/1946 المشار إليه.
وقد ورد بالمذكرة الإيضاحية للقانون رقم 177 لسنة 1960 أنه وقد تم ردم مساحات واسعة من البرك قبل إتمام نزع ملكيتها وقد أتفق على ذلك مبالغ طائلة، مما ترتب عليه أن ظلت تلك البرك والمستنقعات بعد ردمها ملكاً لأصحابها ينتفعون بها بغير مقابل لأن وجه المنفعة العامة يجب أن يكون قائماً وقت صدور قرار نزع الملكية، وحرصاً على عدم ضياع أموال الدولة التى صرفت على عمليات الردم صدر القانون رقم 177/1960.
وقد نص فى مادته الأولى على أن تؤول إلى الدولة ملكية أراضى البرك والمستنقعات التى رد منها أو جففتها الحكومة بعد العمل بالقانون رقم 76/1964 السابق الإشارة إليه.
وذلك دون اتخاذ إجراءات نزع ملكيتها كما تؤول إلى الدولة كذلك ملكية ما تقدم بردمه أو تجفيفه من أراضى البرك والمستنقعات إذا كانت مسبوقة بإجراءات نزع الملكية ولكنها لم تتم، وخول لملاكها استرداد ملكيتهم لها خلال سنة من تاريخ نشر قرار وزير الإسكان والمرافق بتحديد موقع وحدود هذه الأراضى وذلك مقابل دفع قيمة الأرض فى هذا التاريخ أو تكاليف الردم أيهما أقل، ثم صدر القانون رقم 97 لسنة 1964 معدلاً لبعض أحكام القانون رقم 177 لسنة 1960 المشار إليه وقضى أن تؤول إلى الدولة ملكية أراضى البرك والمستنقعات التى تم ردمها بعد العمل بأحكام القانون رقم 76/1946 دون حاجة إلى اتخاذ إجراءات نزع ملكيتها فى جميع الأحوال ثم صدر القانون رقم 57/1978 فى شأن التخلص من البرك والمستنقعات ليحل محل القوانين السابقة التى عنيت بهذا الأمر وأجاز فى المادة الثالثة عشر منه لملاك البرك التى تم ردمها وفقاً للقوانين السابقة ولم تؤد تكاليف ردمها أو يتنازل عنها أصحابها وانقضت مواعيد استردادها وفقاً لأحكام تلك القوانين حق شرائها بثمن يعال تكاليف ردمها مضاف إليه مصاريف إدارية وفوائد على أن يقدم طلب الشراء خلال ثلاثة اشهر من 1/9/1978 تاريخ العمل بهذا القانون.
ومن حيث أن مفاد ما تقدم أن القانون رقم 76 لسنة 1946 بردم البرك والمستنقعات هو القانون الأول الذى خول الدولة ممثلة فى وزارة الصحة العمومية ومجالس المديريات والمجالس البلدية والقروية حق تملك تلك البرك والمستنقعات بشرط نزع ملكيتها، أما الأمر العسكرى رقم 363 لسنة 1943 فلم يكن يملك الدولة أراضى البرك التى تقوم بردمها وإنما كان يجيز للحكومة تحصيل المصاريف التى تنفقها فى أرض الغير بطريق الحجز الإدارى إلا إذا اختار صاحب الصقار دفع المصاريف واسترداد العقار أو التنازل عنه للحكومة.
وبالرجوع إلى قرارى محافظ الجيزة رقم 1983 لسنة 1977 بشأن تحديد مواقع البرك والمستنقعات التى آلت ملكيتها للدولة طبقاً للقانون رقم 177 لسنة 1960 فقد قرر فى مادته الأولى بأن البرك ومنها الأرض محل النزاع إنما ردمته بالأمر العسكرى رقم 363 لسنة 1943 فإن تلك الأرض لم تؤول إلى الدولة وإذ لم تقدم الجهة الإدارية ما يفيد استيلاءها على تلك البرك أو أن أصحابها لم يقوموا هم بإجراء أعمال الردم، وفى المقابل فإن المطعون ضدهم قدموا مستندات تفيد ملكية البائعين لهم وإذا كان المطعون ضدهم قد اشتروا بعقد ابتدائى إلا أنه لما كان المناط فى إزالة التعديات على أملاك الدولة ألا يكون ثمة سند جدى لواقع اليد عليها، فأنه فى الحالة الماثلة ولما كان لبائعى المطعون ضدهم سند ملكية لأرض النزاع وللمطعون ضدهم سند فى وضع يدهم على أرض النزاع، وفى ذات الوقت فأنه وفقاً لما سبق بيانه فأن الأرض محل النزاع لم تثبت ملكيتها للدولة بمقتضى القانون رقم 177 لسنة 1990 وعليه فلا يكون سبيل الجهة الإدارية فى استرداد تلك الأرض هو إصدار القرار المطعون فيه بإزالة التعدى عليها وإنما عليها اللجوء للقضاء للفصل فى هذا النزاع، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه غير قائم على أساس من الواقع والقانون جديراً بالإلغاء، وإذ ذهب المحكم المطعون فيه هذا المذهب فأنه يكون متفقاً وأحكام القانون، ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض.
ومن حيث أن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.