الطعن رقم 2366 لسنة 44 بتاريخ : 2000/11/19
____________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، ممدوح حسن يوسف محمود راضى، أحمد عبد الحليم أحمد صقر، أحمد محمد حامد محمد حامد (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
فى يوم الثلاثاء الموافق 3 فبراير سنة 1998 أودع الأستاذ/ زكريا عبد الظاهر محمد المحامى عن نفسه قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن بقد برقم 2366 لسنة 44 ق.ع وذلك فى قرار المحكمة التأديبية لوزارة الصحة الصادر فى الطلب رقم 11 لسنة 40ق بجلسة 14/12/1997 والقاضى بوقف الطاعن عن العمل احتياطياً لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر، وطلب الطاعن وللأسباب الواردة تفصيلاً بتقرير الطعن الحكم بصفة عاجلة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر فى طلب الوقف رقم 11 لسنة 40ق والقضاء برفضه مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
كما عقبت هيئة مفوضى الدولة على الطعن بتقرير بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار المحكمة التأديبية المطعون فيه والصادر فى الطلب رقم 11 لسنة 40ق فيما تضمنه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ونظرت دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة الطعن بجلستى 28/3/2000، 11/4/2000 وقررت إحالة الطعن للدائرة الخامسة عليا موضوع لنظره بجلسة 4/6/2000 ونظرت هذه المحكمة الطعن بتلك الجلسة والجلسات التالية إلى أن قررت بجلسة 22/10/2000 إصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن قدم فى الميعاد القانونى مستوفياً أوضاعه الشكلية ومن ثم فإنه يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث أن الفصل فى موضوع الطعن يغنى عن الفصل فى طلب وقف التنفيذ.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن رئيس القطاع القانونى بشركة النيل العامة للنقل المباشر طلب بالكتاب رقم 2007 بتاريخ 6/11/97 إلى نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية لإدارة الدعوى التأديبية بالقاهرة عرض أمر الأستاذ/ زكريا عبد الظاهر محمد مدير إدارة القضايا بالدرجة الأولى مجموعة الوظائف القانونية والعضو النقابى بالشركة على المحكمة التأديبية المختصة لوقفه عن العمل لما نسب إليه من سلوكه مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب بأن تعدى على رئيسه الأعلى رئيس القطاع القانونى بالشركة اعتداءاً جسيماً باللفظ بتاريخ 14/11/1997، وأرفق بالكتاب المشار إليه صورة من مذكرة طلب الوقف والإحالة للتحقيق المؤرخة 4/11/1997 المعتمدة من رئيس مجلس الإدارة موضحاً أن أصل المذكرة أرسل إلى التفتيش الفنى على الإدارات القانونية لإجراء التحقيق فيما أسند إلى المذكور، وقد أقامت النيابة الإدارية تبعاً لذلك الطلب رقم 11/40ق أمام المحكمة التأديبية لوزارة الصحة وملحقاتها والتى نظرته بجلسة 14/12/1997 حيث دفع المحال (الطاعن) فى الطعن الماثل بعدم قبول الطلب لتقديمه من غير ذى صفة وبعدم قبول الطلب لعدم وجود تحقق تجريه السلطة المختصة وهى النيابة الإدارية والتمس رفض الطلب غير أن المحكمة قررت بتلك الجلسة وقف المحال عن العمل احتياطياً لمدة ثلاثة أشهر مع صرف نصف الأجر.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل أن القرار المطعون فيه شابه عيب مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه للأسباب الآتية:
أولاً: أن الجهة المنوط بها التحقيق مع أعضاء المنظمات النقابية هى النيابة الإدارية طبقاً لنص المادة (1/4) من القرار بقانون رقم 19/1959 المعدل بالقانون رقم 172/1981 فى شأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية على موظفى المؤسسات والهيئات العامة، وقد خلت الأوراق من وجود هذا التحقيق وكل ما هنالك أن الشركة أحالت طلب التحقيق مع المخالف بشأن الواقعة محل طلب الوقف إلى إدارة التفتيش الفنى على الإدارات القانونية بوزارة العدل وهى جهة غير مختصة بالتحقيق مع أعضاء النقابات العمالية كما أنها وعلى فرض اختصاصها لم تطلب وقف المحال لمصلحة التحقيق بل ولم يجرى التحقيق مع المحال حتى تاريخ صدور قرار الوقف.
ثانياً: بطلان القرار المطعون عليه ذلك أن المشرع قضى بموجب المادة (48) من القانون رقم 35/76 بشأن النقابات العمالية بعدم جواز وقف عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية احتياطياً أو تأديبياً إلا بناء على قرار أو حكم من السلطة المختصة كما قضى فى القانون رقم 172/81 المعدل لأحكام القانون رقم 19/59 بالمادة الثانية منه بعدم جواز وقف أعضاء التشكيل النقابى إلا بحكم من المحكمة وليس بقرار من المحكمة مما يضحى القرار المطعون عليه معيباً بعيب مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه.
ثالثاً: الإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحال ضمن مذكرة دفاعه أمام المحكمة بتلفيق ذلك الاتهام وبأن المخالفات المؤدية إلى وقف عضو النقابة يتعين أن تكون خاصة بادائه النقابى والخروج على أحكام قانون النقابات العمالية كما وأنه قدم ضمن حافظة مستنداته ما يوضح الكثير من الجرائم التى تناولتها الصحف والمنسوبة إلى رئيس القطاع القانونى بالشركة وأن الاتهامات التى نسبها إليه كانت بغرض إبعاده عن التصدى لوقائع الفساد وهو ما ثبت يقيناً من سجن رئيس القطاع القانونى على ذمة العديد من القضايا المتهم فيها بالفساد وإهدار المال العام، وبالإضافة إلى ذلك فإن اختصاص المحكمة التأديبية بنظر طلبات وقف أعضاء التشكيلات النقابية عن المخالفات المالية والإدارية التى تقع منهم لمخالفة أحكام القانون رقم 35/76 دون سواها أى المخالفات المتعلقة بنشاطهم النقابى.
ومن حيث أنه فيما نعاه الطاعن من أن اختصاص المحكمة التأديبية بنظر طلبات وقف أعضاء التشكيلات النقابية يقتصر على المخالفات التى تقع منهم والمتصلة بنشاطهم النقابى وكذا بطلان القرار المطعون فيه لعدم صدور حكم بوقف الطاعن فذلك مردود عليه بأن المادة (15) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/1972 تنص على أن تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التى تقع من أولاً …… ثانياً: أعضاء مجالس إدارة التشكيلات النقابية طبقاً لقانون العمل. وتنص المادة (16) من ذلك القانون على أن “يصدر رئيس المحكمة قراراً بالفصل فى طلبات وقف أو مد وقف الأشخاص المشار إليهم فى المادة السابقة عن العمل …..
فى حين تنص المادة (38) من قانون النقابات العمالية رقم 35/1976 على أنه “لا يجوز وقف عضو مجلس إدارة المنظمة النقابية عن العمل بالمنشأة التابع لها احتياطياً أو تأديبياً أو توقيع عقوبة الفصل عليه إلا بناء على قرار أو حكم من السلطة التأديبية المختصة ….
ويتضح من النصوص المذكورة أن المشرع فى قانون مجلس الدولة رقم 47/1972 قد أناط برئيس المحكمة التأديبية سلطة الفصل فى طلبات الوقف الاحتياطى عن العمل لأعضاء التشكيلات النقابية وذلك بموجب قرار يصدر منه غير أنه فى قانون النقابات العمالية عهد بهذه السلطة إلى المحكمة القضائية المختصة (المحكمة التأديبية) أى أن الاختصاص فى وقف أعضاء التشكيلات النقابية قد أصبح منوطاً بهيئة المحكمة كاملة وليس برئيسها وعلى ذلك فإن النص الوارد بقانون مجلس الدولة بشأن اختصاص رئيس المحكمة بالفصل فى طلبات الوقف المشار إليها يكون قد فسخ ضمناً بما أورده قانون النقابات العمالية اللاحق بالمادة (48) منه ويبين أيضاً من النصوص المشال إليها أن المشرع استهدف من وراء ذلك الاختصاص القضائى تحقيق ضمانة هامة لتلك الفئة من العاملين بأن أوكل إلى جهة قضائية محايدة الفصل فى طلبات وقفهم احتياطياً عن العمل وحتى لا يتم استخدام هذه السلطة من قبل الجهات التابعة لها فى الضغط عليهم وتهديدهم لذا فقد وردت النصوص ببيان سلطة الوقف عن العمل بصيغة العموم دون تخصيص أو تحديد لمخالفات معينة تتصل بنشاطهم النقابى أو ميزة إلى جانب أن قانون النقابات العمالية قد تناول فى المادة (26) منه الأحكام المتعلقة بوقف عضو مجلس إدارة اللجنة النقابية عن المخالفة الجسيمة لأحكام قانون النقابات العمالية أو لائحة النظام الأساسى أو المالى أو ميثاق الشرف الأخلاقى عن مباشرة نشاط النقابى وعهد المشرع بسلطة وقف العضو عن مباشرة نشاطه فى هذه الحالة لمجلس إدارة النقابة العامة الأمر الذى يفيد بمفهوم المخالفة أن الوقف الاحتياطى عن العمل الذى تفصل فيه المحكمة التأديبية يكون عن المخالفات المالية والإدارية المتصلة بوظيفة العضو – من ناحية أخرى – القرارات التى تصدرها المحاكم التأديبية فى شأن طلبات مد الوقف عن العمل وصرف نصف المرتب الموقوف صرفه ومن باب أولى قرار الوقف عن العمل ابتداء هذه القرارات تعتبر أحكاماً قضائية يجوز الطعن عليها أمام المحكمة الإدارية العليا فى الميعاد المقرر قانوناً لارتباط هذه الطلبات بالدعوى التأديبية ارتباط الفرع بالأصل ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الوجه من الطعن يكون غير قائم على سند سليم من القانون.
ومن حيث أنه وإن كان كلا من قانونى مجلس الدولة والنقابات العمالية لم يتضمنا بياناً بالأوضاع والشروط التى تبرر وقف عضو التشكيل النقابى عن العمل فمن ثم فلا من وجه فى هذه الحالة من استصحاب الأصل الوارد بالمادة (86) من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام بأن وقف العامل احتياطياً عن العمل لا يسوغ إلا إذا كان ثمة تحقيق يجرى معه واقتضت مصلحة التحقيق ذلك الإيقاف بأن يدعو الأمر إلى إلى الاحتياط والتصدق للعمل الموكول إليه بكف يده وإقصائه عنه ليجرى التحقيق معه فيما أسند إليه من مخالفات فى جو خال من مؤثراته وبعيد عن سلطاته، ومتى كان الثابت أن رئيس القطاع القانونى بشركة النيل العامة للنقل المباشر قد طلب بكتابه رقم 2007 فى 16/11/1997 إلى الأستاذ المستشار نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية للدعوى التأديبية بالقاهرة بعرض أمر الطاعن الشاغل لوظيفة مدير إدارة القضايا بالدرجة الأولى بمجموعة الوظائف القانونية والعضو النقابى بالشركة على المحكمة التأديبية المختصة لوقفه عن العمل لما أسند إليه من سلوكه مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب بالتعدى على رئيس القطاع القانونى بالشركة بالقول وفى ذات الخطاب أرفق صورة المذكرة التى أرسل أصلها إلى التفتيش الفنى على الإدارات القانونية لإجراء تحقيقها فى هذا الشأن دون أن يرفق أى طلب عن تلك الجهة لإيقاف المذكور لمصلحة التحقيق وعلى ذلك فإن ما نسب إلى الطاعن على هذا النحو لا يثير ما يستوجب إيقافه عن العمل لمجرد طلب الشركة ذلك دون الجهة المحال إليها الأمر للتحقيق ومن ثم فإن القرار الصادر بوقفه احتياطياً عن العمل والمطعون فيه يكون قد قام على غير سبب أو داع من مصلحة التحقيق وبالتالى فقد صدر على خلاف أحكام القانون جدير بالإلغاء.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار.