الطعن رقم 2548 لسنة 39 بتاريخ : 1999/04/18 الدائرة الخامسة
________________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رأفت محمد السيد يوسف نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد أحمد الحسينى مسلم ,منصور حسن على غربى ،عبد البارى محمد شكرى ، ممدوح حسن يوسف راضى(نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
في يوم الخميس الموافق 29/4/1993 أودع الأستاذ/ مدحت محى الدين سليمان المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن بصفته – قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا – تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا فى الطعن رقم 2 لسنة 27ق بجلسة 17/3/1993 والقاضى فى منطوقه بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه الصادر بمجازاة الطاعن بعقوبة اللوم وما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزامه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وتم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضده.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن لدى دائرة فحص الطعون جلسة 4/6/1997 وبجلسة 20/8/1997 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة موضوع – وحددت لنظره جلسة 25/11/1997 وفى هذه الجلسة قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 14/12/1997 للاختصاص، حيث نظرت المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حيث قدم المطعون ضده مذكرة بدفاعه طلب فى ختامها الحكم برفض الطعن وبجلسة 6/12/1998 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 21/3/1999 وفيها تم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضده أقام الطعن التأديبى رقم 2 لسنة 27ق بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا بتاريخ 2/11/1992 طلب فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر من الشركة المطعون ضدها بمجازاته بعقوبة اللوم وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال الطاعن فى شرح طعنه أنه يعمل مديراً عاماً للخدمة الفنية للنقل بالإدارة العامة للخدمة الفنية بشركة النصر لصناعة السيارات وفى 3/9/1993 أصدر مجلس إدارة الشركة القرار المطعون فيه لما أسند إليه فى التحقيق الإدارى رقم 132 لسنة 1989 (القضية رقم 4081 لسنة 1989 جنح حلوان المقيدة برقم 654 لسنة 1992 حصر أموال عامة عليا). وأنه علم بهذا القرار فى 5/10/1992 ونعى على القرار المطعون فيه صدوره على غير أساس من الواقع أو القانون وفهم خاطئ من جانب الشركة المطعون ضدها لما أسفرت عنه تحقيقات النيابة العامة ذلك أن هذه التحقيقات تمت بناء على بلاغ تقدم به العقيد/ محمد سامى عبد المطلب المفتش بإدارة مكافحة الأضرار بالمال العام والتى كانت تدور حول الاتهامات الآتية:
1- جناية الاستيلاء بغير حق على أموال الشركة وارتباطها بجريمة التزوير فى محرر رسمى واستعمال ذلك المحرر.
2- جناية تسهيل الاستيلاء على أموال الشركة.
3- جناية الإضرار العمدى بأموال الشركة.
4- جريمة الإهمال فى صيانة واستخدام أموال الشركة.
وقد انتهت تحقيقات النيابة العامة إلى استبعاد شبهة تسهيل الاستيلاء على المال العام والإضرار العمدى بالمال العام وإرسال الأوراق إلى الشركة المطعون ضدها التابع لها كل من الطاعن وماهر شحاتة ميخائيل وفتحى عبد الرحمن عبد الجواد العاملين بالشركة لمجازاتهم إدارياً عما ثبت فى حقهم باعتبارهم المسئولين عن مراجعة قائمة الأسعار من خطأ تمثل فى بيع قطع الغيار بأقل من تكلفتها الفعلية واستناداً إلى ذلك قامت الشركة بإصدار قرارها المطعون فيه.
وأضاف الطاعن أن التفسير الذى انتهت إليه النيابة العامة تقع على عاتق الموظفين المختصين بمراجعة الأسعار وهم حسب تقرير لجنة الخبراء المكلفين من النيابة العامة بالبحث الفنى لكافة المستندات ترجع إلى كل من الموظف المختص بالحاسب الآلى والمدير ماهر شحاته والمراجع المسئول عن قائمة الأسعار فتحى عبد الرحمن عبد الجواد، وأن الطاعن ليس من بينهم على أساس أن وظيفته كمدير عام تتبعه أكثر من إدارة إلى جانب إدارة قطع الغيار وبالتالى فلا يجوز أن ينسب إليه أية مخالفة على ضوء ما جاء بتحقيقات النيابة العامة.
وبجلسة 17/3/1993 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأقامت هذا الحكم على أساس أنه طبقاً لأحكام المادة رقم 83 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام قد أوجبت بالنسبة لشاغلى الوظائف العليا الذين ينسب إليهم أية مخالفة أن يتم التحقيق معهم بمعرفة النيابة الإدارية بناء على طلب من رئيس مجلس إدارة الشركة وأن هذا الإجراء لم يتم حيث التفت الشركة المطعون ضدها بالتحقيقات التى أجرتها النيابة العامة ووقعت الجزاء المطعون فيه على الطاعن مما يبطل القرار المطعون فيه.
ومن حيث أن الشركة الطاعنة لم ترتض هذا الحكم فقد أقامت هذا الطعن ناعية على هذا الحكم الخطأ فى تطبيق القانون وإهدار دفاع الشركة ذلك أن أحكام المحكمة الإدارية العليا قد جرت على أن التحقيق الذى تجريه النيابة العامة يغنى عن إجراء التحقيق الإدارى بالنسبة للمخالفات الإدارية طالما أنه قد تناول الوقائع التى تشكل الذنب الإدارى وسمع فيه أقوال العامل وحقق دفاعه بشأنها ذلك أن إجراء تحقيق إدارى رغم وجود تحقيق جنائى كاف هو تكرار للتحقيق دون مقتضى يضاف إلى ذلك أن الغاية التى تتطلبها المادة (83) من القانون رقم 48 لسنة 1978 من إجراء التحقيق مع شاغلى الإدارة العليا بمعرفة النيابة العامة هى مصلحة الشركة لتحقيق حسن سير العمل فى المشروع وكذلك مصلحة العاملين المطلوب التحقيق معهم بتوفير الاطمئنان لهم بإسناد التحقيق إلى جهة محايدة لا تخضع فى عملها لأية مؤثرات من جانب الشركة أو العاملين بها.
وتلك الغاية متحققة فى التحقيق الذى تجريه النيابة العامة وبالتالى فإن استناد الشركة فى قرارها بمجازاة المطعون ضده إلى تحقيقات النيابة العامة يكون فى محله ويضحى قرارها المطعون فيه قد صدر صحيحاً وبالتالى يكون الحكم المطعون فيه قد صدر على غير صحيح أحكام القانون.
ومن حيث أن المادة رقم 83 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظم العاملين بالقطاع العام تنص على أنه … ويكون التحقيق بمعرفة النيابة الإدارية بالنسبة لشاغلى الوظائف العليا وذلك بناء على طلب رئيس مجلس الإدارة، أما بالنسبة لرئيس مجلس إدارة الشركة فيكون التحقيق معه بمعرفة النيابة الإدارية بناء على طلب رئيس الجمعية العمومية للشركة.
ومفاد ذلك أن أية مخالفة يتم إسنادها لأى من شاغلى وظائف الإدارة العليا بالشركات الخاضعة لأحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه يجب أن يتم التحقيق معه بمعرفة النيابة الإدارية وأن يتم ذلك التحقيق بناء على طلب رئيس مجلس إدارة الشركة وبالنسبة للأخير يكون بناء على طلب رئيس الجمعية العمومية للشركة.
وقد استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا فى تفسير هذا النص أن المشرع استهدف من النص المشار إليه تحقيق مصلحة العاملين بالشركة المطلوب التحقيق معهم فيما نسب إليهم من مخالفات لتوفير الاطمئنان لهم والحيدة فى التحقيق بإسناده إلى جهة محايدة لا تخضع فى عملها لأية تأثيرات من جانب الشركة والعاملين بها ومن جانب آخر تحقيق مصلحة الشركة بتحقيق حسن سير العمل فى المشروع الذى تقوم عليه الشركة وتمكينها من تحقيق الخطة الإنتاجية المرجوة والتى تتصل اتصالاً وثيقاً بالمصالح العامة الحيوية للدولة (يراجع حكم هذه المحكمة فى الطعن رقم 2404 لسنة 31 ق.ع جلسة 11/3/86).
ومن حيث أن القول بأن النيابة العامة تعتبر جهة محايدة وبالتالى فإن التحقيق الذى تجريه يحقق الغرض الذى استهدفه المشرع من إعادة رقم 83 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليها إذ أن النيابة العامة وهى تجري تحقيقاتها يرتكز بحثها فى مدى توافر الجرائم الجنائية دون التعمق فى المخالفات التأديبية التى تشكل الذنب الإدارى بينما النيابة الإدارية هى الأقدر والأعمق فى إجراء التحقيقات المتعلقة بالمخالفات التأديبية التى يرتكبها العاملون بوحدات القطاع العام والعاملون المدنيون بالدولة بحكم طبيعة عملها، يضاف إلى ذلك أن تحقيقات النيابة العامة لا تتم فى جميع الأحوال بناء على طلب رئيس مجلس إدارة الشركة، وإنما تتم بناء على شكوى أو بلاغ من أى فرد أو بناء على تقرير من الجهات الرقابية المختصة الأمر الذى يؤدى بالهدف الذى تغياه المشرع من وجوب أن يتم التحقيق مع شاغلى وظائف الإدارة العليا بالشركة بناء على طلب من رئيس مجلس الإدارة وإلا كان التحقيق باطلاً ومن ثم الجزاء الذى يوقع بناء على هذا التحقيق يغدو باطلاً.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن التحقيقات التى أجرتها النيابة العامة كانت بناء على تقرير من إدارة مكافحة الإضرار بالمال العام وكلها تدور حول جنايات الاستيلاء بغير حق على أموال الشركة وارتباطها بجريمة التزوير فى محرر رسمى واستعمال ذلك المحرر وجناية تسهيل الاستيلاء على أموال الشركة والإضرار العمدى بها وجنحة الإهمال فى صيانة واستخدام أموال الشركة وقد انتهت النيابة العامة من تخلف هذه الاتهامات الجنائية، وبالتالى فإن ما انتهت إليه هذه النيابة من ثبوت مخالفة الخطأ فى مراجعة قائمة أسعار قطع الغيار وبيع هذه القطع بأقل من تكلفتها الفعلية وهى مخالفة إدارية، فإن النيابة الإدارية تكون هى المختصة بتحقيق هذه الواقعة بناء على طلب رئيس مجلس إدارة الشركة وذلك بالنسبة للطاعن باعتباره من شاغلى وظائف الإدارة العليا، ومن ثم يضحى القرار المطعون فيه وقد بنى على تحقيقات النيابة العامة بالمخالفة لأحكام المادة رقم 83 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بنظام العاملين بالقطاع العام قد صدر باطلاً لمخالفته لأحكام القانون مما يتعين الحكم بإلغائه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا المذهب وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بعقوبة اللوم وما يترتب على ذلك من آثار، فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون ويضحى هذا الطعن فى غير محله متعين الرفض.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.