الطعن رقم 284 لسنة 43 بتاريخ : 2000/01/30
___________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ د. محمد عبد البديع عسران، عبد البارى محمد شكرى،ممدوح حسن يوسف راضي، سمير إبراهيم البسيونى.نواب رئيس مجلس الدولة
* الإجراءات
في يوم السبت الموافق 19/10/1996 أودع الأستاذ / محمد كمال عوض الله المحامي بالنقص بصفته وكيلا عن الطاعن، أودع قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوي الإدارة العليا في الطعن التأديبي رقم 32/29 بجلسة 21/8/1996، والقاضى بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا .
ويطلب الطاعن – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قض به من رفض الطعن والقضاء مجددا بطلبات الطاعن الواردة في صحفية الطعن التأديبي مع ما يترتب علي ذلك من آثار أهمها رد ما قد يكون سبق خصمه من راتب الطاعن .
قدمت هيئة مفوض الدولة تقريرا برأيها انتهت فيه إلى قبول الطعن شكلا ورفضه موضوع.
نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بحضور طرفي الخصومة وقدم الحاضر عن الطاعن مذكرة صمم فيها على طلباته، وقدم الحاضر عن الشركة مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن،وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظرة بجلسة 28/9/1999 حيث نظر الطعن وقدم الحاضر عن الطاعن مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على منطوقة وأسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة .
من حيث ان الطعن جاز أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث ان عناصر المنازعة تتحصل في انه بتاريخ 28 / 6/ 1995 أودع الطاعن صحفية الطعن التأديبي رقم 32 /29 ق قلم كتاب المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا طلب في ختامها الحكم بقبول الطعن التأديبي شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه المتضمن مجازاته باللوم وتحمليه مبلغ 26299,600 جنيها مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال الطاعن شرحا لطعنه انه يشغل وظيفة مدير مضرب الشامي بالمنصورة التابع للشركة المطعون ضدها والآن بوظيفة مستشار بدرجة مدير عام، وقد حدث ان قررت الشركة سرعة تصريف منتجاتها من الأرز المحلى فقام الطاعن ببيع اكبر كمية منه ومن بينها كمية بيعت إلى التاجر / محمد حسن عبد الله عزتلي وفوجئ بعد ذلك بان الشركة قامت بإبلاغ النيابة العامة عن هذه الواقعة فاجرات النيابة العامة التحقيق في القضية رقم 4800 لسنة 1994 جنايات قسم ثان المنصورة، وانتهت إلى استعباد شبهه جناية المال العام والاكتفاء بمجازاة الطاعن وبعض العاملين 26299,6 جنيها بالتضامن مع العميل المذكورة .
وينعى الطاعن على القرار المطعون فيه مخالفة القانون لأنه لم يستقل بواقعة البيع إلى التاجر المذكور بل تم البيع بموافقة الشركة وعملها وبذلك فهو لم يرتكب أي خطا شخص وان توقف التاجر عن دفع ديونه ومنها مديونية الشركة لا يندرج في الخطأ الشخص وانما يعتبر خطا مرفقا لا يسأل عنه الطاعن، كما أن القرار المطعون فيه تضمن عقوبتين هى اللوم مع التحميل وذلك غير جائز قانون .
وانتهى الطاعن من ذلك إلى الطلبات السابق بيانها .
وبجلسة 21 /8 /1996 أصدرت المحكمة القرار المطعون فيه بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وشيدت المحكمة قضاءها على ان الطاعن غير مختص بإبرام التعاقد على منتجات المغرب رئاسته وانه رغم ذلك تعاقد مع العميل المذكور على بيع كمية الأرز محل التحقيق ولم يثبت وجود رصيد للشيكات المقدمة من العميل، وقد اعترف الطاعن في التحقيق بهذه الواقعة متذرعا بجهله بتعليمات الشركة وهو ما لا يقبل منه لأن المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا انه يتعين على العامل أن يسعى لمعرفة واجبات وظيفة والتعليمات المعمول بها فى جهة عمله،كما لا يجرى الطاعن التذرع بوجود موافقة من الشركة على البيع للعميل المتهم حيث لا دليل بالأوراق على ذلك، او التذرع بقيامه بالاتصال التليفوني بالبنك للتثبت من وجود رصيد للشيكات المقدمة من العميل حيث كان يتعين عليه اتباع التعليمات المقررة للتثبيت من صحة وجود الرصيد،وقد بان من الأوراق اعتراف الطاعن في التحقيقات انه لم يكن لتلك الشيكات رصيد بالبنك،وبذلك تكون الواقعة المنسوبة للطاعن ثابتة في جانبه واذ انتهي القرار المطعون فيه إلى مجازاته تأديبيا عنها فانه يكون محولا على سبب صحيح يبرره، ويكون ثبوت هذه الواقعة ممثلا لركب الخطأ في مسئولية الطاعن عن المبلغ الذى حمل به،ويتمثل ركن الضرر في عدم سداد العميل لباقي مستحقات الشركة المطعون ضدها وهو ما كان نتيجة مباشرة لخطأ الطاعن فتتوافر بذلك علاقة السببية بين الخطأ والضرر.
ولا محل لتذرع الطاعن بفكرة الخطأ المرفقي لأن هذه الفكرة لا تنطبق على العاملين بشركات القطاع العام طبقا لما أستقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا .
لم يرتض الطاعن هذا الحكم فطعن عليه بالطعن الماثل مقيما إياه على الأسباب المشار إليها تفصيلا بصحيفة الطعن والتى حاصلها.
1-أخطأت المحكمة التأديبية فى فهم واقعات ما ترتب عليه خطأ في تطبيق صحيح حكم القانون عليها حين قررت ان الطاعن غير مختص ببيع كميات الأرز لأن المختص هو القطاع التجاري حيث الثابت من محضر اجتماع لجنة الإدارة التنفيذية رقم 3 لسنة 1993 في 25/10/1993 الموافقة على بيع كمية 293.56 طنا من الأرز الفليبيني بمضرب الشامي بالدقهلية بسعر الطن 735 جنيها إلى التاجر/حسن عبد الله عزتلي بناء على طلبه، وبذلك لم يكن قيام الطاعن بالبيع إلى التاجر المذكور من تلقاء نفسه ولكن كان تنفيذا لقرارات الشركة، وقد جاء في مذكرة النيابة العامة التى انتهت إلى استبعاد شبهة جناية المال العام وإرسال الأوراق إلى الجهة التابع لها المتهمون لمجازاتهم إداريا أن مدير المضرب- آي الطاعن- قد أنتقي لدية القصد الجنائي استنادا إلى أقوال رئيس مجلس إدارة الشركة الذى قرر أن هدف مدير المضرب ( الطاعن) زيادة مبيعات الشركة وأنه يتمتع بسمعة حسنة وأيده في ذلك ضابط مباحث التموين الذى قرر أن الطاعن ليس له علاقة بالتاجر المتهم.
هذا وقد قامت الشركة برفع الدعوى رقم 4562 لسنة 1994 مدني كلي المنصورة ضد التاجر المذكور وقضي فيها بجلسة 28/2/1996 بإلزامه بدفع مبلغ 262299.6 جنيها إلى الشركة وهو المبلغ المحمل به الطاعن وبذلك فالشركة لم يلحقها ضرر بعد القضاء لها بهذا المبلغ.
2-أخطأ الحكم المطعون فيه بعدم تحقيق دفاع الطاعن الذى أبدأه في مذكرته المقدمة بجلسة 5/6/1996 وعدم إطلاع المحكمة على المستندات التى قدمها بجلسات 6/12، 5/6، 3/4/1996 والمتضمنة قرارات الشركة بتفويض مديري المضارب ومن بينهم الطاعن في بيع الأرز دون الرجوع إلى الشركة، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد جاء مشوبا بعيب القصور في التسبيب.
3- ذكر الطاعن في صحيفة طعنه( التأديبي) ومذكرة دفاعه سبباً قانونيا أن القرار المطعون فيه تضمن توقيع عقوبتين عن مخالفة واحدة هي عقوبة اللوم وعقوبة التحميل وهو أمر غير جائز قانونا فضلا عن أن عقوبة التحميل بالمبلغ المشار إليه لم ترد ضمن الجزاءات المقررة في القانون رقم 48 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين بالقطاع العام، أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من عدم انطباق فكرة الخطأ المرفق على العاملين بالقطاع العام فمردود عليه بما هو منصوص عليه في قانون العمل أن العامل لا يسأل الا عن خطئه الشخصي.
وخلص الطاعن من ذلك في تقرير طعنه إلى أن الحكم المطعون فيه جاء مشوبا بعيب القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع فضلا عن مخالفة صحيح حكم القانون ومن ثم يكون حكما باطلا واجب الإلغاء، وانتهى إلى الطلبات السابق بيانها.
ومن حيث أن الثابت من أقوال /عبد الخالق جاد السيد رئيس القطاع القانوني بالشركة المطعون ضدها أن المختص ببيع منتجات أي مضرب هو القطاع التجاري حيث يتقدم العميل لرئيس القطاع التجاري بطلب لشراء الكمية التى يرغب في شرائها ويقوم رئيس القطاع بالتأكد من ضمانات الدفع لدى العميل وأن دور مدير المضرب تقتصر على تنفيذ التعاقد وتسليم الكمية المبيعة وليس له شأن بالتعاقد وأن هذه الإجراءات لم تتبع من العميل/حسن عبد الله عزتلى الذى توجه مباشرة للطاعن واتفق معه على شراء كمية الأرز من المضرب ولم يقم بالرجوع إلى القطاع التجاري، والثابت أيضا من أقوال/ أحمد صالح عبد الرازق رئيس القطاع التجاري بالشركة أنه طبقا للائحة الشركة فإن القطاع التجاري هو المختص بتحديد الكميات المبيعة وضمانات البيع،وإذا كان البيع بالأجل فإنه يتم التأكد من وجود رصيد للشيكات المقدمة من العميل، وأن الطاعن خالف التعليمات المعمول بها وتعاقد مباشرة مع العميل فضلا عن أنه لم يطلب من العميل ضمانات لديه، الشركة وقبل الشيكات دون التأكد من وجود رصيد لها بالبنك.
ومن حيث أنه متي كان ذلك فإن الطاعن يكون قد أرتكب خطأ جسيما حين تجاهل لائحة الشركة ونظام العمل بها ومارس عملا لا يدخل في اختصاصه حيث تعاقد مع التاجر المذكور متجاهلا الجهة المختصة بذلك وهي القطاع التجارى، ولا يقبل من الطاعن الإدعاء بعدم معرفة التعليمات الخاصة بالبيع أو بالتعامل مع عملاء الشركة وهو الذى يشغل وظيفة مدير عام المضرب.
كما تردى الطاعن إلى خطأ جسيم آخر حين قبل التعاقد بضمانات وهمية حيث لم يتحر بالطريق المناسب على وجود رصيد للشيكات المقدمة من العميل أم لا متذرعا بأن أجرى اتصالا تليفونيا ببنك مصر فرع الهرم للتأكد من وجود رصيد للشيكات من عدمه وقد علم بعد ذلك بعدم وجود الرصيد فهذت الذى تذرع به الطاعن عذر أقبح من الذنب لان التأكد من وجود الرصيد لا يتم باتصال تليفوني،فضلا عن أن هذا الزعم هو محصن قول مرسل من الطاعن لا دليل عليه بالأوراق، وقد قرر الطاعن في التحقيق أنه تعاقد مع العمل المكور وهو غير مختص بذلك لأن الشركة كانت تعلم بذلك وأعترف بأن رئيس القطاع التجاري أخطره بوقف التعامل مع هذا العميل ولكنه أضطر لاستمرار التعامل معه بعد أن حصل على شيكات منه.
أما ما ذهب إليه الطاعن أن الإدارة التنفيذية وافقت في 25/10/1993 على بيع كمية الأرز إلى التاجر المذكور فلا يفيد من وجوب عرض الصفقة على القطاع التجاري المختص لإبرامها وأخذ الضمانات الكافية على العميل، ولا يعفيه من المسئولية أيضا أن الشركة قد قامت برفع دعوى على هذا التاجر وقضي لصالحها بالمبلغ الصادر به قرار التحميل، فمجرد صدور الحكم لا يعنى حصول الشركة على مستحقاتها وهو حكم ابتدائي قابل للاستئناف فضلا عما في ذلك من أضاعه للوقت والجهد في سبيل الحصول على حقوق الشركة وهو أمر ليس مؤكدا، أما استناد الطاعن إلى توجيهات من رئيس مجلس إدارة الشركة بتشجيع بيع الأرز فلا يعنى بأى حال من الأحوال قيام الطاعن بالبيع وتجاهل الجهة المختصة وهي القطاع التجاري.
وليس صحيحا ما ذهب إليه الطاعن أن القرار المطعون فيه انطوى على جزاءين تأديبهن هما اللوم وتحميل الطاعن بالمبلغ المشار إليه، فالتحميل ليس جزاءا تأديبيا ولكنه تعويض عن الضرر الذى أصاب الشركة بسبب خطأ الطاعن يرتبط بالجزاء التأديبي ارتباط الفرع بالأصل، وهو بهذه المثابة لم يرد ضمن الجزاءات التأديبية التى تضمنها القانون رقم 48 لسنة 1978بشأن نظام العاملين بالقطاع العام، وأخيرا فلا وجه للمحاجة بفكرة الخطأ المرفق التى لا تطبق على العاملين بالقطاع العام، وقول الطاعن انه لا يسأل- طبقا لقانون العمل- ألا عن خطئه الشخصي هي تأكيد لوجوب التزامه بتعريض الشركة عن الخطأ الذى ارتكبه وكان أساسا لمجازاته باللوم وأساس في ذات الوقت المسئولية عن التعويض بالمبلغ موضوع التحميل.
ومن حيث انه وقد أنتهي الحكم المطعون فيه إلى سلامة القرار المطعون فيه وصدوره مطابقا للقانون فإن الطعن عليه لا يغدو ولا سند له متعين الرفض.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعاً.