الطعن رقم 2933 لسنة 43 بتاريخ : 1999/08/08 الدائرة الأولي
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ رائد جعفر النفراوى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ جودة عبد المقصود فرحات وأدوارد غالب سيفين وسعيد أحمد محمد حسين برغش ومحمود اسماعيل رسلان مبارك (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
فى يوم الخميس الموافق 3/4/1997 أودع الاستاذ/ مصطفى عبد العزيز عشوب المحامى بصفته وكيلا عن السيدين/ محمد جودة محمد شمس الدين الخشن ومحمد بدر الدين فكرى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد برقم 2933 لسنة 43 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 3/4/1997 فى الدعوى رقم 4884لسنة 51 ق والقاضى بقبول الدعوى شكلا وفى الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية مصروفات، وانتهى تقرير الطعن – لما قام عليه من أسباب – إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة إلغاء الحكم المطعون فيه بايقاف التنفيذ طبقا للمادة 50 من قانون مجلس الدولة
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث أمرت الدائرة بجلسة 6/4/1997 بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة الطعن إلى هيئة مفوضى الدولة لاعداد تقرير بالرأى القانونى، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا ارتأت فيه قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات، وقررت الدائرة بجلسة 5/10/1998 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 29/11/1998 حيث نظر على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث أن عناصر المنازعة الماثلة تخلص – حسبما يبين من الأوراق- فى أن المدعى (المطعون ضده الأول) أقام الدعوى رقم 4884 لسنة 51 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 29/3/1997 طالبا فى ختامها الحكم بصفة مستعجلة باستبعاد اسم المطعون ضدهما الرابع والخامس (محمد جودة محمد شمس الدين ومحمد بدر الدين فكرى) من كشوف المرشحين لعضوية المجلس الشعبى المحلى لدائرة قسم الوايلى وفى الموضوع ببطلان ترشيحهما، وقال المدعى شرحا لدعواه أنه تقدم بطلب للترشيح لعضوية المجلس الشعبى المحلى لدائرة قسم الوايلى بمحافظة القاهرة (عمال) وتبين له أن المدعى عليهما الرابع والخامس ضمن المرشحين بذات الدائرة فتقدم باعتراضين على ترشيحهما إلى رئيس لجنة الاعتراضات وأوضح فى اعتراضه الاول ان المدعى عليه الرابع محمد جودة شمس الدين صدر ضده حكم جنائى بات بالحبس لمدة ثلاث سنوات مع الاشغال فى الجنحة رقم 4722 لسنة 1991 جنح مصر الجديدة وقد تأيد هذا الحكم استئنافيا بالحكم الصادر فى الاستئناف رقم 2796 لسنة 94 جنح مستأنف شرق القاهرة فطعن فيه بالنقض وقضى فى الطعن رقم 5997 لسنة 63 بعدم قبول الطعن كما صدر ضد ذات المدعى عليه الرابع حكم فى الجنحة رقم 1771 لسنة1990 جنح الوايلى، وذكر فى اعتراضه الثانى أن المدعى عليه الخامس محمد بدر الدين فكرى صدر ضده حكم بالحبس لمدة سنتين مع الشغل فى الجنحة رقم 5597 لسنة 1995 جنح الوايلى ورغم أن تلك الجرائم تمس السمعة والشرف الا أن لجنة الاعتراضات رفضت الاعتراض اللذين تقدم بهما.
وأضاف المدعى أن باب الترشيح لانتخابات المجالس الشعبية المحلية فتح اعتبارا من 23/2/1997 لمدة عشرة أيام على أن تبدأ الاعتراضات اعتبارا من 5/3/1997 لمدة أسبوعين ينتهيان فى 20/3/1997 وأنه تقدم باعتراضاته فى 16، 18 مارس 1997 أى خلال المواعيد القانونية.
وردا على الدعوى أودعت جهة الإدارة مذكرة بدفاعها أوردت فيها ان كشوف المرشحين عرضت اعتبارا من 5/3/1997 بعد اقفال باب الترشيح وكان من المتعين على المدعى أن يلتزم بمواعيد الاعتراض المقررة قانونا الا أنه تقدم باعتراضه بعد فوات هذه المواعيد الأمر الذى أدى باللجنة إلى إصدار قرارها بعدم قبول الاعتراضين شكلا لورود هما بعد الميعاد .
وبجلسة 3/4/1997 أصدرت المحكمة حكمها الطعين وأسسته على أنه ولئن كان قانون نظام الإدارة المحلية وقانون مجلس الشعب لم يذكر أى منهما شرط حسن السمعة ضمن الشروط الواجب توافرهما فى المرشح لعضوية مجلس الشعب أو المجالس المحلية الا أن هذا الشرط أضحى من الشروط التى توجبه الأصول العامة بغير حاجة إلى نص خاص اذ أن التصدى للعمل العام ومباشرة الحقوق السياسية وشرف تمثيل جمهور الناخبين يتطلب فى النائب عن الدائرة الانتخابية أو ممثل الوحدة المحلية أن يكون على أعلى قدر من الخلق الرفيع وينأى بنفسه عن مواطن الريب والشبهات ويجب أن يسمو فى سلوكه وتصرفاته على سلوك الرجل المعتاد، وان البادى من الاطلاع على حوافظ المستندات أن المدعى عليه الرابع محمد جودة محمد قدم للمحاكمة الجنائية لانه فى 20/2/1990 اعطى بسوء نية شيكا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وبجلسة 21/6/1990 قضت محكمة جنح الوايلى الجزئية غيابيا بحبسه ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة الف جنيه والمصاريف فعارض المتهم فى هذا الحكم الغيابى وبجلسة 27/10/1990 قضت المحكمة بقبول المعارضة شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابى المعارض فيه وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة الحكم نهائيا. ولما كان ارتكاب المدعى عليه لجنحة اعطاء شيك بدون رصيد تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة بالنسبة لمن يتصدون للعمل العام ومنهم ممثلو المجالس الشعبية المحلية وبذلك يكون قد افتقد شرط حسن السمعة.
وأضافت المحكمة أنه بالنسبة للمدعى عليه الخامس محمد بدر الدين فكرى فالبادى من الحكم الصادر من محكمة جنح الوايلى فى الجنحة 5597 لسنة 1995 بجلسة 30/11/1995 والذى قضى ضده غيابيا بحبسه مدة سنتين مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه وتغريمه مبلغ عشرين الف جنيه والمصادره والنشر والمصاريف لأنه عرض للبيع شيئا من أغذية الانسان (كبدة) و (شاورمة) غير صالحة للاستهلاك الآدمى مع علمه بذلك وهذه الجريمة تكشف عن عدم صلاحية مرتكبها لتولى مسئولية العمل العام أو الترشيح له وتفقده شرط حسن السمعة.
وأسست المحكمة حكمها برفض دفع هيئة قضايا الدولة بعد قبول الدعوى شكلا بأن التظلم إلى لجنة الاعتراضات ليس وجوبيا ولا يحول دون امكان التجاء صاحب الشأن إلى رفع دعوى طلب إلغاء القرار الصادر بقبول ترشيح المطعون ضدهما الرابع والخامس.
ومن حيث ان الطعن الماثل يقوم على أسباب حاصلها أن الحكم المطعون فيه صدر بناء على أحكام جنائية قدمت صور ضوئية منها وقد قدم وكيل الطاعن شهادة بوقف تنفيذ هذا الحكم، وان الحكم الصادر فى الجنحة رقم 4722 لسنة 1991 جنح مصر الجديدة الذى استندت إليه المحكمة قد صدر بايقاف التنفيذ وتم سداد كامل قيمة الايصال وتم التنازل فى الدعوى المدنية والجنائية.
ومن حيث ان المادة (75) من قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 المعدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 تنص على أنه يشترط فيمن يرشح عضوا بالمجالس الشعبية المحلية ما يأتى :-
1) أن يكون متمتعا بجنسية جمهورية مصر العربية.
2) أن يكون مقيدا فى جدول الانتخابات بالوحدة المحلية التى يرشح نفسه فى دائرتها وله محل إقامة فى نطاقها.
3) أن يجيد القراءة والكتابة.
4) أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الالزامية أو أعفى من أدائها طبقا للقانون ……….. وتنص المادة الثانية من القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعدلة بالقانون رقم 23 لسنة 1972 على أن يحرم من مباشرة الحقوق السياسية:
1) المحكوم عليه فى جناية ما لم يكن قد رد إليه اعتباره.
2) من فرضت الحراسة على أمواله بحكم محكمة القيم…………..
3) المحكوم عليه بعقوبة الحبس فى سرقة أو اخفاء اشياء مسروقة أو نصب أو اعطاء شيك بدون رصيد أو خيانة أمانة أو غدر أو رشوة أو تقالس بالتدليس أو تزوير أو استعمال أوراق مزورة أو شهادة0 زور أو اغراء شهود أو هتك عرض أو افساد اخلاق الشباب أو انتهاك حرمة الاداب أو تشرد أو فى جريمة ارتكبت للتخلص من الخدمة العسكرية الوطنية كذلك المحكوم عليه لشروع منصوص عليه لاحدى الجرائم المذكورة وذلك ما لم يكن الحكم موقوفا تنفيذه أو كان المحكوم عليه قد رد إليه اعتباره..
ومن حيث ان البين من هذين النصين ان المشرع قد حدد الشروط الواجب توافرها فيمن يرشح عضوا بالمجالس الشعبية المحلية وتولت المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية بيان أسباب للحرمان من مباشرة الحقوق السياسية بابداء الرأى فى الاستفتاءات التى تجرى أو بمباشرة حق الانتخاب فى مجالس الشعب والشورى والمحليات فنص على حرمان المحكوم عليهم فى جناية ما لم يكن قد رد إليه اعتباره كما نص على حرمان المحكوم عليهم بعقوبة الحبس فى جرائم معينة أو الشروع فيها ومنها جرائم السرقة واخفاء الاشياء المسروقة والنصب واعطاء شيك لا يقابله رصيد وخيانة الأمانة والرشوة والتزوير وشهادة الزور وهتك العرض والتشرد والجرائم التى ترتكب للتخلص من الخدمة العسكرية والوطنية وبعض الجرائم الانتخابية الا أنه لا يجوز أن يحرم من مباشرة الحقوق السياسية من حكم عليه فى جريمة من الجرائم المشار إليها إذا كان الحكم مشمولا بوقف النفاذ أو كان قد تم رد الاعتبار إلى المحكوم عليه.
ومن حيث ان البادى من الأوراق ان الطاعن الاول محمد جودة شمس الدين الخشن وان كان قد اتهم فى الجنحة رقم 1771 لسنة 1990 جنح الوايلى بأنه فى 20/2/1990أعطى بسوء نية شيكا بدون رصيد قائم وقابل للسحب بمبلغ 2525جنيها وقد قضت محكمة جنح الوايلى بجلسة 21/6/1991 بحبسه ثلاث سنوات وكفالة 1000 جنيه والمصاريف وقد عارض المذكور فى هذا الحكم وقضى فى المعارضة بالتأييد والايقاف، الا أن البادى من الأوراق وهو ما لم يتعرض له الحكم المطعون فيه – ان الطاعن قد اتهم فى القضية رقم 4722 لسنة 1991 جنح مصر الجديدة فى جريمة خيانة أمانة فقضت محكمة الجنح حضوريا بمعاقبته بثلاث سنوات وكفالة الف جنيه والمصاريف وقد طعن المذكور فى هذا الحكم فقضت محكمة الجنح المستأنفة فى الاستئناف المقدم منه والمقيد برقم 2796 لسنة 1994 بعدم قبول الاستئناف شكلا، وعلى ذلك فان الحكم الاخير – وهو صادر فى جريمة من الجرائم المحددة فى المادة الثانية السالف الاشارة إليها(خيانة أمانة) يعد مانعا من مباشرة الطاعن الاول لحقوقه السياسية كحق الانتخاب والترشيح ما دام لم يرد إليه اعتباره.
ومن حيث ان البادى من الأوراق ان الطاعن الثانى محمد بدر الدين فكرى قد اتهم فى الجنحة رقم 5597 لسنة 1995 بانه بدائرة قسم الوايلى وبتاريخ 26/7/1995 عرض شيئا من أغذية الانسان (كبده) و (شاورمة) غير صالحة للاستهلاك الآدمى فقضت محكمة جنح الوايلى بجلسة 3/11/1995 غيابيا بحبسه سنتين مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه وتغريمه عشرين الف جنيه والمصادرة والنشر والمصاريف، وقد عارض المطعون ضده فى هذا الحكم فقضى فى المعارضة بتعديل الحكم ليكون بتغريم المتهم الف جنيه وتأييد الحكم فيما عدا ذلك، وباستئناف المذكور لهذا الحكم قضت محكمة الجنح المستأنفة بجلسة 9/7/1997 بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف والمصادرة والنشر.
ومن حيث ان شرط حسن السمعة هو من الشروط اللازمة بحسب الاصل لتقلد الوظائف العامة ومن باب أولى فيمن يتولى المناصب العامة أو تمثيل جماهير المواطنين سواء فى مجلس الشعب والشورى أو المجالس الشعبية المحلية المعبر عن ارادتهم فى نطاق العمل العام الذى أوكل إليه، واذا كان استلزام هذا الشرط فى موظف عام – ولو كان فى أدنى الدرجات – هو أمر وأوجب فيمن يرشح نفسه ليكون ممثلا للشعب بأسره فى مجلس الشعب والشورى أو لجماهير الحى الذى تقدم لتمثيلها فى المجالس الشعبية المحلية اذ أن هذه المناصب أعلى شأنا وأخطر تأثيرا وأشد اتصالا بالصالح العام من الوظائف العامة ومن ثم فهى أولى فى التشدد فيما يتعلق بالشروط اللازمة فيمن يتولاها وهى شروط يجمعها التأكد من الأهلية والصلاحية لشغل منصب بالغ الأهمية شديد التأثير فى الصالح العام وما يتخذ بشأنه من قرارات، ولا يستساغ أن يكون ممثل جماهير الشعب قد أدين بحكم نهائى – يعتبر عنوانا للحقيقة – بتقديم وعرض أغذية مغشوشة وغير صالحة للاستهلاك الآدمى لهذه الجماهير، ولا يجوز أن يتولى أمانة التمثيل والتعبير عن الارادة من ثبت يقينا عدم جدارته بتولى هذه الأمانة وغشه لمن يمثلهم بتقديمه وعرضه عليه أغذية مغشوشة أو فاسدة يمكن ان تعرض حياتهم للخطر سعيا وراء كسب ذاتى غير مشروع.
ولا يجوز القول بأن المشرع فى المادة (2) فقرة (4) من قانون مباشرة الحقوق السياسية لم يحرم من ارتكب جرائم تعد من الجنايات وليس من الجنح – كالرشوة والتزوير – أو جنح اكثر ظهورا فى معنى الإخلال بالشرف أو الأمانة أو مساسا بحسن السمعة من مباشرة الحقوق السياسية كحق الترشيح للمجالس الشعبية المحلية، ذلك أن المشرع قد اشترط لمباشرة هذه الحقوق أن يكون الحكم موقوفا تنفيذه وهو ما يحمل غالبا ويشير إلى وجود ظروف مخففه أو ملابسات تقلل من فداحة الجرم أو ان يكون المحكوم عليه قد رد إليه اعتباره وهو ما لا يتوافر بشأن الطاعن الثانى.
ومن حيث انه ترتيبا على ما تقدم فان الحكم المطعون فيه يكون فيما انتهى إليه من نتيجة قد صادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن غير قائم على أساس سليم جديرا بالرفض.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا، والزمت الطاعنين المصروفات.