الطعن رقم 2945 لسنة 42 بتاريخ : 2000/05/21
____________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات ، وسعيد احمد محمد حسين برغش ، وسامي أحمد محمد الصباغ ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
في يوم الأحد الموافق 24/3/1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 2940 لسنة 42 ق.ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسماعيلية في الدعوى رقم 5 لسنة1 ق بجلسة 29/1/1996 والقاضي بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تطبيق المنشور الاستيرادى رقم 137 لسنة 1989 على الأصناف التي استوردها المدعى والمحرر عنها شهادتي الإجراءات الجمركية رقم 621 في 5/3/ 1990 ، 957 في 2/4/1990 وما يترتب على ذلك من آثار أخصها رد ما سدده المدعى من مبالغ نتيجة تطبيق المنشور رقم 137 لسنة 1989 على الأصناف المحرر عنها شهادتي الإجراءات الجمركية رقم 621، 957 السالف ذكرهما إلى المدعى وإلزام جهة الإدارة المدعي عليها بأداء مبلغ مقداره عشرة آلاف جنيه إلى المدعى تعويضا له عن كافة الأضرار التي أصابته، على النحو المفصل في الأسباب وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنان- للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبوله شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأسباب .
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع برفضه مع إلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16/11/1998 وبجلسة 1/3/1999 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتي نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفي أوضاعه المقررة.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص- حسبما يبين من الأوراق- في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3640 لسنة 13 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالزقازيق بتاريخ 26/9/1990 طلب في ختامها الحكم أولا: بقبول الدعوى شكلا. و ثانيا: بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بتطبيق المنشور رقم 137 لسنة 1989 على رسالة الطالب الواردة بالشهادتين رقمي 621 بتاريخ 5/3/1990 ورقم 957 بتاريخ 2/4/1990 والتي تم استيرادها بناء على الموافقات الاستيرادية. ثالثا: أحقيتة في صرف ما تم دفعه تطبيقا لهذا المنشور وهو مبلغ 257871 جنيها. رابعا: أحقيته في التعويض المناسب الذى تقدره المحكمة الناتج عن الأضرار التي أصابته من جراء تطبيق هذا المنشور وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحا لدعواه أنه بتاريخ 19/12/1989 تقدم بطلب لاستيراد فلاتر جاز وذلك طبقا للإجراءات الاستيرادية السائدة ووفقا للمنشور الاستيرادي رقم 103 لسنة 1989 الصادر بتاريخ 1/10/1989 وبتاريخ 21/12/1989 تمت الموافقة الاستيرادية برقم 2566 وبناء على ذلك تم فتح الاعتماد المستندى رقم 90 /89/233/220بمبلغ قدره 41120 دولار أمريكي، وقام المدعي بإنهاء كافة الإجراءات وبتاريخ 5/3/1990 وصلت الدفعة الأولى من الرسالة إلى جمرك بورسعيد بالشهادة رقم 621 والدفعة الثانية بتاريخ 2/4/1990 بالشهادة رقم 957 وعندما تقدم لاستلام البضاعة فوجئ أن الجمارك تطالبه بسداد مبلغ 100 % من قيمة الفاتورة كتعويض لصالح الوزارة بحجة أن مشمول الرسالة محظور استيراده طبقا للمنشور رقم 137 لسنة 1989، وينعى المدعى على هذا الإجراء مخالفته للقانون إذ أن المدعي حصل على كافة الموافقات الاستيرادية وتم فتح الاعتماد المستندى في ظل منشور سارى ومعمول بع ويسمح بالاستيراد لهذا النوع ومن ثم فأن هذا المنشور الجديد لا ينطبق على مشمول الرسالة التي استوردها المدعي، ويتعين استرداد كافة المبالغ المسددة بناء على قرار مصلحة الجمارك بتطبيق المنشور رقم 137 لسنة 1989 وهو ما يسمي بالتعويض وقدره 100% من قيمة البضاعة والمسددة بالشيكين رقم 751836 بمبلغ 31325 جنيه ورقم 751837بمبلغ 71546 جنيه بخلاف قيمة الأرضية المحاسب عليها وما تكبده من مصاريف نتيجة التعنت وركود البضاعة ، وأضاف أن القرار المطعون فيه والمتمثل في تطبيق المنشور رقم 137 لسنة 1989 على رسالة المدعى المشار إليها يترتب عليه أضرار مادية وأدبية يتعذر تداركها.
وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى ببور سعيد تحت رقم 1591 لسنة 1 ق ثم أحيلت إلى محكمة القضاء الإدارى بالإسماعيلية تحت رقم 5 لسنة 1ق.
وبجلسة 29/1 /1996 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن البين من الأوراق أن المدعي تقدم في 21/12/1989 بطلب إلى البنك الأهلي المصري فرع بورسعيد لفتح اعتماد مستندي لاستيراد سلع وفقا لأحكام القرار الوزاري رقم 333 لسنة 1986 وحدد فيه نوع السلعة بأنها فلاتر جاز وفلاتر هواء وصدرت الموافقة الاستيرادية برقم 2566 بتاريخ 21/12/1989 وتم فتح الاعتماد المستندى رقم 90/89/333/220 بمبلغ 41120دولار أمريكي ووصلت الدفعة الأولي من الأصناف وتحرر عنها الشهادة الجمركية رقم 621 في 5/3/1990 كما وصلت الدفعة الثانية في 2/4/1990 وتحرر عنها شهادة الإجراءات الجمركية رقم 957 وتقدم المدعي بطلب إلى الإدارة العامة للاستيراد للإفراج عن الرسالة إلا أنها أفادت بعدم الإفراج عن الرسالة إلا بعد سداد التعويض المقرر بواقع 100% من القيمة لصالح وزارة الاقتصاد على سند من القول بأن هذه الأصناف محظور استيرادها طبقا للمنشور الدورى رقم 137 الصادر في 19/12/1989، وخلصت المحكمة إلى أن صدور الموافقة الاستيرادية للمدعى وتحديد البند الجمركي وفتح الاعتماد المستندى لا يتم إلا إذا تبين للجهة الإدارية أن الأصناف المطلوب استيرادها غير محظور استيرادها وقد استوثق البنك الأهلي المصري من ذلك بعد الرجوع إلى اللجنة المختصة والتي أقرت بتحديد البند الجمركي بما يحمله ذلك من موافقة على الاستيراد وأن الأصناف المطلوبة غير محظور استيرادها ومن ثم يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من الإفراج عن الرسالة بعد سداد100% من قيمتها كتعويض لصالح وزارة الاقتصاد مستندا إلى أنها من الأصناف المحظور استيرادها قد صدر دون سند من القانون جديرا بالإلغاء .
ومن حيث أنه عن الطلب المدعى استرداد ما سدده نتيجة تطبيق المنشور رقم 137 لسنة 1989 في شأنه فأن ذلك أثر من آثار إلغاء القرار المتضمن تطبيق هذا المنشور عليه.
وعن الطلب المدعى تعويضه عن الأضرار التي لحقت به من جراء تطبيق المنشور الاستيرادى رقم 137 لسنة 1989 عليه فإنه وقد ثبت عدم مشروعية القرار المشار إليه كما تقدم الأمر الذي يتوافر معه ركن الخطأ في دعوى التعويض وقد ترتب على هذا الخطأ أضرار لحقت بالمدعى تمثلت في إلزامه بسداد مبالغ غير مطالب بها وأن هذه الأضرار نتيجة مباشرة لخطأ لجهة الإدارة ومن ثم توافرت أركان المسئولية الموجبة للتعويض.
ومن حيث أن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه إذ أن الثابت من الأوراق أن المنشور الاستيرادي رقم 137 لسنة 1989 قد صدر في 19/12/1989 قبل الموافقة الاستيرادية للمطعون ضده وفتح الاعتماد المستندى في 21/12/1989 والذي قضي بحظر استيراد الأصناف موضوع الرسالة للمطعون ضده ولا يجوز الاحتجاج بفكرة الحق المكتسب لأنه من المستقر عليه أن الاستيراد والتصدير يتم في إطار نظام الدولة الاقتصادي وأوضاع الميزانية النقدية السائدة وقد خول المشرع وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية سلطة تحديد القواعد التي تنظم عمليات الاستيراد ويتعين على المستورد استيفاء القواعد والإجراءات قبل الاستيراد وتسقط الموافقة الاستيرادية التي تصدرها لجان الترشيد إذا لم يسدد التأمين النقدي لدى البنك عن الرسالة المطلوب استيرادها خلال ثلاثة اشهر من تاريخ الموافقة، وهذه الموافقة لا ترتب بذاتها مركزا قانونيا نهائيا في استيراد السلع الصادرة عنها ويجوز لوزير الاقتصاد تغيير نظم الاستيراد في أي وقت متى تطلبت خطة الدولة ذلك وله إعادة النظر في الموافقات الاستيرادية السابقة أو إيقاف ترتب آثار عليها وعدم السماح بفتح اعتمادات مالية ولا حاجة في هذا الصدد بسبق صدور موافقة استيرادية أو الاحتجاج بفكرة الحق المكتسب الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه قد جاء متفقا وصحيح حكم القانون ولا يحق للمطعون ضده استرداد المبالغ التي حصلتها مصلحة الجمارك كتعويض لصالحها ولا يحق له المطالبة بتعويض عن تطبيق المنشور الاستيرادى رقم 137 لسنة 1989 وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فأنه يكون جديرا بالإلغاء.
ومن حيث أن المادة الأولى من القانون رقم 118 لسنة 1975 في شأن الاستيراد والتصدير تنص على أن يكون استيراد احتياجات البلاد السلعية عن طريق القطاعين العام والخاص، وذلك وفق أحكام الخطة العامة للدولة وفي حدود الموازنة النقدية السارية، وللأفراد حق استيراد احتياجاتهم للاستعمال الشخصي أو الخاص من مواردهم الذاتية ، وذلك مباشرة أو عن طريق الغير. ويصدر وزير التجارة قرارا بتحديد الإجراءات والقواعد التي تنظم عمليات الاستيراد، ولوزير التجارة أن يقصر الاستيراد من بلاد الاتفاقيات، وكذا استيراد بعض السلع الأساسية على جهات القطاع العام.
ومن حيث أن مفاد ما تقدم أن الاستيراد والتصدير وهما من المقومات الرئيسية للتجارة الخارجية يهيمن على التنظيم القانوني لهما أحكام الخطة العامة للدولة ونظامها الاقتصادي وأوضاع الميزانية النقدية السارية. ولذلك خول المشرع الوزير المختص – وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية- سلطة واسعة في تحديد الأنظمة والإجراءات والقواعد التي تنظم عمليات الاستيراد بما في ذلك جواز قصر الاستيراد من بلاد الاتفاقيات أو قصره على جهات القطاع العام أو حظر استيراد سلع معينة أو اشتراط الحصول على موافقات مسبقة من جهات أو لجان تحددها تلك القواعد وهذه الموافقات الاستيرادية لا تعدو أن تكون إجراء من بين الإجراءات العديدة التي يتعين على المستورد أن يستوفيها قبل إبرام الاستيراد وفتح الاعتمادات المالية الخاصة بالسلع المستوردة آية ذلك أن الموافقة الاستيرادية التي تصدرها لجان الترشيد- طبقا لما تنعى عليه قواعد الاستيراد- تسقط إذا لم يتم سداد التأمين النقدي لدى البنك عن الرسالة المطلوب استيرادها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ الموافقة، الأمر الذي يفيد أن هذه الموافقة لا ترتب بذاتها لصاحبها مركزا قانونيا نهائيا ونافذا في استيراد السلع الصادرة عنها، وإنما يجوز لوزير الاقتصاد- باعتباره الجهة المختصة التي خولها المشرع تنظيم الاستيراد وتحديد قواعده إذا ما طرأ بعد صدور الموافقة وقبل فتح اعتماداتها تغيير في خطة الدولة للاستيراد أو في أوضاع الميزانية النقدية من شأنه تغيير أسس نظام الاستيراد وقواعده، يجوز له أن يتخذ ما يراه من قرارات في شأن الموافقات الاستيرادية السابقة في ضوء المتغيرات الجديدة ذلك أنه في ضوء التغيرات المتجددة يوميا في نظام استيراد وتصدير السلع فأن المشرع من أجل مسايره هذه المتغيرات والسرعة في استصدار القرارات جعل لوزير الاقتصاد اتخاذ ما يراه في شأن الموافقات الاستيرادية السابقة حتى ولو تمت قبل صدور القرار بإحداث تعديل في نظم الاستيراد وذلك يستلزم في المقابل عدم المساس بالتعاقدات التي تمت قبل تعديل النظم وتتم هذه التعاقدات بفتح الاعتماد المستندى باسم المورد ولحسابه فإذا تم ذلك قبل صدور القرار من الوزير المختص بتعديل نظم الاستيراد في هذه الحالة فقط يتعين عدم المساس بهذا التعاقد أما إذا كانت الموافقة الاستيرادية وفتح الاعتماد بعد صدور القرار الجديد بتغيير نظام الاستيراد فأن ذلك القرار الجديد يلزم المستورد ويتعين عليه اتباع النظم المقررة في هذا النظام الجديد.
ومن حيث أنه بتطبيق ما تقدم على الحالة الماثلة ولما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تقدم بتاريخ 21/12/1989 بطلب استيراد سلع عبارة عن فلاتر جاز وفلاتر هواء وقد تأشر على الطلب لحين المعاينة وعلى مسئولية صاحب الشأن في حالة استيراد أصناف محظور استيرادها في ذات التاريخ وإذا كان قد حصل على الموافقة الاستيرادية رقم 2566 وقام بفتح الاعتماد المستندى بالبنك الأهلي ببورسعيد وعلى ما يبين من خطاب البنك المذكور المؤرخ 26/2/1990 بأن فتح الاعتماد في 21/12/1989 وأنه وردت دفعة من البضاعة بتاريخ 5/3/1990 وأخرى في 2/4/1990 ومن ثم فأن الثابت مما تقدم أن الموافقة الاستيرادية وفتح الاعتماد المستندى قد تما بعد العمل بمنشور الجمارك رقم 137 لسنة 1989 بحظر استيراد هذه الفلاتر وفرض تعويض قدره 100% من قيمة البضاعة على المستورد ومن ثم يسرى المنشور المذكور اعتبارا من تاريخ العمل به في 19/12/1989 ولا يحاج في ذلك بصدور الموافقة الاستيرادية في 21/12/89 وفتح الاعتماد المستندى في ذات التاريخ فأن الثابت طبقا لما تقدم وحفاظا على نظام الاستيراد وباعتباره أحد المقومات الرئيسية للتجارة الخارجية فأن ذلك لا يكسبه اصل حق أو مركز قانوني باستمرار العمل بالقواعد السابقة ومن ثم فأن قرار الجهة الإدارية بتطبيق المنشور المذكور يكون مصادفا صحيح حكم القانون ويتعين بالتالي رفض طلب إلغاء القرار، وبالنسبة لطلب التعويض وإذ لم يثبت خطأ جهة الإدارة على ما تقدم فأنه تنهار أركان المسئولية الموجبة للتعويض ويتعين كذلك رفض هذا الطلب.
ومن حيث أن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى بشقيها وألزمت المطعون ضده المصروفات.