الطعن رقم 3013 لسنة 39 بتاريخ : 1999/06/15 الدائرة الثالثة

Facebook
Twitter

الطعن رقم 3013 لسنة 39 بتاريخ : 1999/06/15 الدائرة الثالثة

_____________________________________________

نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ شفيق محمد سليم مصطفى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: د/ أحمد محمود جمعة محمد منير السيد أحمد جويفل محمد إبراهيم محمد قشطة وسالم عبدالهادى محروس جمعة نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

فى يوم الخميس الموافق 27 من مايو سنة 1993 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن السيد/ وزير الداخلية بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) تقرير طعن ضد المقدم شرطة/ عادل عبدالعال عبدالرؤوف فى الحكم الصادر بجلسة 10/5/1993 فى الدعوى رقم 4525 لسنة 44 قضائية المقامة من المطعون ضده ضد الطاعن بصفته، والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار الوزارى المطعون فيه رقم 1331 لنسة 1989 الصادر فى 19/12/1989 بإحالته إلى الاحتياط مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للمدعى (المطعون ضده) مبلغ ألف جنيه كتعويض عن كافة الأضرار المادية والأدبية، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلبت الجهة الإدارية الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم أولاً: بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ثانياً: وفى الموضوع بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، مع إلزام الطاعن بصفته المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) الطعن على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، وبجلسة 6/1/1999 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة – موضع) لنظره بجلسة 20/4/1999 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة وبالجلسة الثالثة المنعقدة فى 11/5/1999 قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع، وقررت المحكمة فى ذات الجلسة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطاعن قدم فى الميعاد القانونى، واستوفى أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث أنه عن موضوع الطعن فإن وقائعه تتحصل فى أن المطعون ضده (عادل عبدالعال عبدالرؤوف) أقام الدعوى رقم 4525 لسنة 44 قضائية ضد السيد/ وزير الداخلية بصفته بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى (دائرة الجزاءات) بتاريخ 5/5/1990 بطلب الحكم بإلغاء القرار الوزارى رقم 1331 لسنة 1989 الصادر فى 19/12/1989 بكافة أجزائه ومشتملاته عدم ترتيب أية آثار قانونية عليه، وإعادته إلى الجهة التى كان يمل بها وعدم تفويت أى حق له، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وشرحاً للدعوى قال المدعى (المطعون ضده) أن القرار المطعون فيه الصادر بإحالته إلى الاحتياط اعتباراً من 19/12/1989 استند على خلاف الحقيقة إلى الاتهام الجنائى الذى نسب إليه فى الجناية رقم 1207 لسنة 1988 ناصر بنى سويف (ورقم 540 لسنة 1988 كلى) على حين أن محكمة أمن الدولة العليا ببنى سويف حكمت حضورياً ببراءته مما نسب إليه. وبصحيفة مودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 31/9/1990 أضاف المدعى (المطعون ضده) طلب بإلزام الجهة الإدارية المدعى عليها بأن تدفع إليه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية الناتجة عن القرار المطعون فيه. وبجلسة 10/5/1993 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، والذى قضى بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدى للمدعى مبلغ ألف جنيه كتعويض عن كافة الأضرار المادية والأدبية، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن وزارة الداخلية أصدرت القرار المطعون فيه بإحالة المدعى إلى الاحتياط استناداً إلى الاتهام الذى نسب إليه فى القضية رقم 1207 لسنة 1988 جنايات ناصر بنى سويف بأنه بدائرة مركز ناصر بمحافظة بنى سويف بصفته موظفاً عاماً اختلس أوراق معاينة المحضر رقم 188 لسنة 1987 والمسلمة إليه بسبب وظيفته وقام بإتلافها عمداً، كما ارتكب تزويراً فى ذلك المحضر بإثبات أقوال على خلاف الحقيقة، وأكره المدعو/ يوسف عمار محمد شيخ ناحية الحرجة بالتهديد على الإمضاء على ذلك المحضر، كما استعمل الأوراق المزورة سالفة الذكر بأن قدمها للمختص لإرسالها لنيابة مركز ناصر للتصرف مع علم بتزويرها، وأن محكمة أمن الدولة ببنى سويف قضت ببراءته مما نسب إليه لعدم ثبوت التهم المسندة إليه فى حقه لعدم قيامها على أساس صحيح، وخلص الحكم المطعون فيه من ذلك إلى أن هذه الاتهامات لا تشكل حالة الضرورة القائمة على أسباب جدية تتعلق بالصالح العام والتى تبرر إحالته إلى الاحتياط لأنه ولئن كانت هذه المخالفات تشكل سلوكاً مخلاً بكرامة الوظيفة ومنافية للروح النظامية، فإنها لا تعدو أن تكون مخالفات وظيفية يكفى لعلاجها اتخاذ الإجراءات التأديبية العادية وتوقيع الجزاء المناسب، وأنه بناء على ذلك يكون قرار إحالة المدعى إلى الاحتياط غير قائم على سند صحيح من القانون متعين الإلغاء.
وبالنسبة لطلب التعويض، فقد استند الحكم المطعون فيه إلى توافر ركن الخطأ فى جانب الجهة الإدارية لمخالفة القرار المطعون فيه للقانون، ولأن المدعى أصابته أضرار مادية خلال فترة بقائه بالاحتياط والتى تتمثل فى حرمانه من مزايا الوظيفة فضلاً عن الأضرار الأدبية وأن هذه الأضرار نتيجة لصدور القرار المطعون في.
ومن حيث أن الجهة الإدارية الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بمخالفته للقانون ولأنه أخطأ فى تطبيقه وتأويله استناداً إلى القول بأن استناد الحكم المطعون فيه إلى تبرئة المطعون ضده مما نسب إليه فى القضية رقم 1207 لسنة 1988 جنايات ناصر وما خلص إليه بأن القرار المطعون فيه قد صدر مفتقداً إلى الأسباب المبررة له، فإن استناد الحكم المطعون فيه إلى ذلك مردود عليه بان قرار إحالة الضابط إلى الاحتياط إنما يقوم على أسباب تتعلق بحالته بصفة عامة وفقاً لما يدل عليه مسلكه العام وهذا لا يتوقف على ثبوت مسئوليته الجنائية أو التأديبية عما اقترفه من أفعال كونت فى مجموعها حالة الضرورة الموجبة لإحالته إلى الاحتياط.
ومن حيث أن الثابت من الاطلاع على الحكم الصادر من محكمة أمن الدولة العليا ببنى سويف فى القضية رقم 1207 لسنة 1988 ناصر (رقم 540 لسنة 1988 كلى بنى سويف) المبينة وصفاً بالتحقيقات (معاينة المحضر 1188 لسنة 1987 إدارى ناصر) والمسلمة إليه بسبب وظيفته 2- بصفته سالفة الذكر أتلف عمداً الأوراق المختلسة آنفة البيان والمملوكة للجهة التى يتصل بها بحكم عمله بان مزقها على النحو المبين بالتحقيقات 3- بصفته سالفة الذكر ارتكب تزويراً فى محرر رسمى (المحضر رقم 1188 لسنة 1987 إدارى ناصر) بأن أثبت على خلاف الحقيقة أقوالاً بشأن واضع اليد على الأرض محل المحضر سالف الذكر نسبها زوراً إلى المدعو/ يوسف عمار محمد شيخ الناحية مع علمه بذلك. 4- أكره يوسف عمار محمد شيخ الناحية بالتهديد على ألا يوقع على المحضر سالف الذكر بأن هدده بفصله من عمله فوقع نتيجة لذلك على المحضر على النحو المبين بالتحقيقات. 5- استعمل الأوراق المزورة سالفة الذكر بأن قدمها للمختص لإرسالها إلى نيابة مركز ناصر للتصرف فيها على النحو الوارد بها مع علمه بتزويرها. واستندت النيابة العامة فى أقامتها للدعوى الجنائية إلى ما شهد به المدعو/ محمد عبدالله محمود بأنه خلال شهر يونيو سنة 1987 تقدمت المدعوة/ حكمت عباس نديم بشكوى ضده وضد والدته بادعاء أنهما ينازعها على قطعة أرض، وأنه تم سؤاله ووالدته أمام ضابط مباحث مركز ناصر، وأنه بعد مضى خمسة أيام استدعاهما الرائد عادل عبدالعال عبدالرؤوف (المطعون ضده) فوجد الشاكية تجلس بجواره وطلب منهما التصالح معها، إلا أنه رفض التصالح لحيازته مستندات تثبت ملكيته للأرض، غير أن الضابط المذكور قام بتهديد المدعو/ يوسف عمار شيخ الناحية ليشهد لصالح الشاكية، كما أن الشاكية قدمت شهوداً مأجورين ليسوا جيراناً للأرض – وأضاف المبلغ أن المحضر الذى اختلسه الضابط المذكور محرر بتاريخ 6/7/1987 بمعرفة الملازم أول/ إبراهيم نجيب رئيس نقطة الحمام وثابت فيه سؤال يوسف عمار ورجب عوض وبه رسم كروكى للمعاينة، وأنه بناء على المحضر المحرر بمعرفة الضابط المذكور المشكو فى حقه قررت النيابة العامة تمكين المدعوة/ حكمت عباس من الأرض، كما صدر قرار قاض الحيازة بتأييده. واستندت محكمة أمن الدولة العليا فى حكمها القاضى بتبرئة المتهم (المطعون ضده) مما نسب إليه إلى أن ما ركنت إليه النيابة العامة فى سبيل التدليل على ثبوت الاتهام وصحة الإسناد إلى المتهم وصولاً إلى الإقناع بإدانته قاصر عن بلوغ حد الكفاية لإدراك هذا القصد وذلك لتضارب أقوال الشاكى الشاهد الأول وعدم استقراره على قول واحد، فضلاً عن أنه لم يقم ثمة دليل يقينى فى الأوراق على قيام المتهم باستلام المحضر المؤرخ 6/7/1987 وقد ثبت أنه لم يعرض ضمن أوراق المحضر على مأمور المركز ولم يقم باستلامه معاون المباحث كما يدعى بذلك الخفير الذى ثبت كذبه، بعد إثبات قيامه للمركز لتوصيل المحضر سالف الذكر بدفتر أحوال النقطة، كما أن هذا المحضر لم يقيد برقم قضائى بالنقطة، كما أن الخفير المذكور لم يقم بتسليم المحضر بصفة رسمية بدفتر المركز حتى يتسنى تحديد من استمله وما اتبع بشأنه من إجراءات وأنه من ثم أصبحت المسئولية على الشيوع لعدم إمكان تحديد مستلم هذا المحضر. وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن الواقعة برمتها على غير أساس من الصحة، وبالتالى فإن الاتهام غير ثابت فى حق المتهم. وقد أصبح هذا الحكم نهائياً بعدم الطعن فيه.
ومن حيث أنه فى مجال إعمال أحكام المادة 67 من قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971 المتعلقة بإحالة الضابط إلى الاحتياط، فليس هناك تلازم بين عدم ثبوت الناحية الجنائية وبين الأسباب الجدية التى تستوجب ضرورة إحالته للاحتياط بحسب ما يقدره المجلس الأعلى للشرطة وفقاً لما قضى به نص هذه المادة بأن (لوزير الداخلية بعد أخذ رأى المجلس الأعلى للشرطة أن يحيل الضباط عدا المعينين فى وظائفهم بقرار من رئيس الجمهورية – إلى الاحتياط – وذلك 1- ….. 2- إذا ثبت ضرورة ذلك لأسباب جدية تتعلق بالصالح العام …..) ذلك أنه ليس معنى عدم ثبوت الناحية الجنائية فى حق الضابط بقائه نقى السريرة بعيداً عن الشبهات إذا دلت أفعاله عن فقدانه عما يجب أن يتحلى به شاغلى وظيفة ضابط الشرطة من استقامة فى السلوك ونقاء فى السمعة والبعد عن كل ما من شأنه أن ينعكس أثره على الوظيفة نفسها فيقلل الثقة فى شاغلها، إذ يكفى أن تقوم لدى الجهة الإدارية أسباب جدية تستند إلى أصول ثابتة فى الأوراق بما يجعلها تقرر ما إذا كانت ثمة ضرورة لإبعاد الضابط فى هذه الحالة مؤقتاً عن وظيفته من عدمه، متوخية فى كل ذلك الصالح العام وما يرتفع بالوظيفة عن مواطن الشبهات حرصاً على مصلحة العمل، ولكى تحقق الوظيفة الخدمة العامة التى تقوم على أدائها وليست الجهة الإدارية فى جميع الأحوال مقيدة بما تقضى به المحكمة الجنائية لاختلاف المجالين، ومن ثم فلا محاجة لما قضت به محكمة أمن الدولة العليا فى القضية رقم 1207 لسنة 1988 جنايات مركز ناصر بتبرئة المطعون ضده مما نسب إليه من اتهامات جنائية على الوجه سالف البيان لعدم ثبوتها فى حقه، إذ مع هذا الحكم لا تزال للجنة الإدارية حرية التقدير والموازنة فيما قدم إليها من وقائع وأثرها على سمعته كموظف عام وذلك فى مجال الاستناد إلى الأسباب الجدية التى تستوجب ضرورة إحالته إلى الاحتياط، فيكفى أن تقدر أن ما فرط من المطعون ضده من سلوك غير قويم ما يحمل فى ثناياه ما يمس حسن سمعته، وتقديرها فى ذلك مرجعه إلى سلطتها التقديرية والتى لا معقب عليها فى ذلك ما دام تقديرها فى هذا الشأن قد خلا من عيب إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث أنه متى كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق وما كشفت عنه وقائع الاتهام الجنائى سالفة البيان، أن المطعون ضده قد أوجد نفسه فى مواطن الشبهات مما جعل أحاد الناس يزج به فى ذلك الاتهام، الأمر الذى لا مشاحة فى تأثيره على كرامة الوظيفة ويستوجب ضرورة إبعاده عن وظيفته بإحالته إلى الاحتياط، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء القرار الوزارى المطعون فيه استناداً إلى تبرئة المطعون ضده من الاتهام الجنائى الذى نسب إليه دون أن يتناول بالبحث والتمحيص عما إذا كان قد وضع نفسه فى الشبهات مما زج به فى هذا الاتهام وما إذا كان ذلك كان يستوجب إحالته إلى الاحتياط من عدمه، فإن الحكم المطعون فيه يكون على هذا الوجه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله مما يستوجب الحكم بإلغائه فيما قضى به بإلغاء القرار المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية بأن تدفع للمطعون ضده مبلغاً مقداره ألف جنيه على سبيل التعويض حيث لا وجه للتعويض لانتفاء الخطأ فى جانب الجهة الإدارية لصدور القرار المطعون فيه متفقاً وصحيح أحكام القانون.
ومن حيث أنه تأسيساً على ما تقدم، فإنه يتعين الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه برمته، والقضاء برفض الدعوى بجميع ما تشتمله من طلبات، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى، وألزمت المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.

اشترك في القائمة البريدية