الطعن رقم 3096 لسنة 35 بتاريخ : 1999/05/06 الدائرة الأولي
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ الدكتور محمد جودت أحمد الملط رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المتشارين/ محمد يسرى زين العابدين وشفيق محمد سليم وثروت عبد الله أحمد عبد الله ورأفت محمد السيد يوسف ورائد جعفر النفراوى ود. ابراهيم على حسن وسعد الله محمد حنتيره وعويس عبد الوهاب عويس ومحمد أحمد الحسينى ومحمد عبد الرحمن سلامة (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
فى يوم السبت الموافق 17 من يونيه سنة 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن وزير الأوقاف بصفته، ورئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف بمحافظة الغربية بصفته، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدول تلك المحكمة تحت رقم 3069لسنة 35ق ع ضد المطعون ضده السيد/ عبد الفتاح ابراهيم عبده تركى عن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى- دائرة منازعات الأفراد والهيئات ب بجلسة 27 من ابريل سنة 1989 فى الدعوى رقم 795 لسنة 40ق والذى قضى بإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلبت الهيئة الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه والحكم أصليا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى، واحتياطيا بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة فى رفعها، ومن باب الاحتياط الكلى برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وجرى إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق، وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضى الدولة، التى أعدت تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
وحددت جلسة 16 من يناير سنة 1995 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التى تداولت نظره بالجلسات إلى أن قررت بجلسة 15/5/1995 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى/ موضوع) لنظره بجلسة 18/6/1995 وتداو الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا دائرة الموضوع التى رأت أن النزاع الماثل يدور حول تصرف هيئة الأوقاف بالتمليك لوحدات العقار المملوك لها من أموال الأوقاف والكائن بشارع عزيز فهمى بطنطا دون الالتزام بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 357 لسنة 1986 بشأن نسب تملك الوحدات السكنية بعمارات الأوقاف، وأن الأمر يقتضى ابتداء الفصل فى مدى اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر النزاع ذلك أن قضاء المحكمة الإدارية العليا جرى على أن هيئة الأوقاف إنما تنوب قانونا عن وزير الأوقاف بصفته ناظرا للوقف، وأن نشاط وزير الأوقاف ومن بعده هيئة الأوقاف فى تصديه للقيام على شئون الأموال الموقوفة إنما هو نشاط ناظر الوقف، ولما كان الوقف هو من أشخاص القانون الخاص، فمن ثم فأن النزاع المتصل بشأن من شئون النظارة على الوقف- ولو كان أحد أطرافه من أشخاص القانون العام – لا يعتبر متعلقا بقرار إدارى كما لا يمثل منازعة إدارية ومن ثم يخرج الفصل فيه عن اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى (فى هذا المعنى حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعنين رقمى 711 و 717 لسنة 28 ق ع بجلسة 14/6/1986 وحمها فى الطعن رقم 2360 لسنة 30 قع بجلسة 5/12/1987. الا أن هناك توجيها أخرا يرى أن النزاع الماثل يدخل فى اختصاص القضاء الإدارى باعتباره منازعة إدارية تأسيسا على أن هيئة الأوقاف تعتبر وفقا للقانون رقم 80 لسنة 1981 الصادر بانشائها هيئة عامة أى أنها شخص من أشخاص القانون العام، وأنه وان كنت الأوقاف التى تديرها الهيئة بقصد تنميتها تعتبر أموالا خاصة، الا أن المشرع أولاها عناية متميزة فعهد إلى أحد الوزراء وهو وزير الأوقاف – بإداراتها ثم نقل هذا الاختصاص لهيئة الأوقاف كما ساوى بين هذه الأموال والأموال المملوكة للدولة والأشخاص الاعتبارية العامة من حيث عدم جواز كسب أى حق عينى عليها بالتقادم، وجواز إزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإدارى بقرار من الوزير.
ازاء ما سبق قررت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 9 من مارس سنة 1997 إحالة الطعن على المشكلة طبقا للمادة 54 مكررا من قانون مجلس الدولة، للفصل فى الخلاف القائم حول مدى اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعة.
حددت جلسة 5 من يونية سنة 1997 لنظر الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ، قدمت هيئة مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى خلصت فيه إلى أنها ترى أن المنازعات التى تتصل بإدارة الأوقاف الخيرية واستثمار أموالها والتصرف فيها تعتبر من المنازعات الإدارية التى تختص بالفصل فيها محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى.
ولقد تدوول الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ على النحو الثابت بمحاضر جلساتها دون ان يحضر المطعون ضده بنفسه أو بوكيل عنه أى من هذه الجلسات رغم تكرار إخطاره ودون أن يقدم أية مذكرات، بينما قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بجلسة 7/5/1998 أكدت فيها على وجهة نظرها فى أن المنازعات التى تتصل بإدارة الأوقاف الخيرية واستثمار أموالها والتصرف فليها لا تعتبر منازعات إدارية، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بالفصل فيها، وانما يدخل ذلك فى اختصاص القضاء العادى. قررت المحكمة حجز الطعن للحكم، وصدر الحكم بجلسة اليوم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان مقطع النزاع فى الطعن الماثل يدور حول طبيعة التصرفات التى تجريها هيئة الأوقاف بصفتها ناظرا للوقف على الاموال الموقوفة وما إذا كانت هذه التصرفات ذات طبيعة إدارية تسوغ لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى الاختصاص بنظر المنازعة التى تثور بشأنها، أم أنها تعد من قبيل التصرفات الصادرة من أحد أشخاص القانون الخاص ومن ثم فلا اختصاص لمحاكم مجلس الدولة بنظر الانزعة التى تتفرغ عنها.
ومن حيث ان المادة (52) من القانون المدنى تنص على أن الأشخاص الاعتبارية هى:
1) الدولة وكذلك المديريات والمدن والقرى بالشروط التى يحددها القانون والإدارات والمصالح وغيرها من المنشآت العامة التى يمنحها القانون شخصية اعتبارية.
2) الهيئات والطوائف الدينية التى تعترف لها الدولة بشخصية اعتبارية.
3) الأوقاف.
4) ………………….
وتنص المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 بتنظيم وزارة الأوقاف على أن تتولى وزارة الأوقاف إدارة الأوقاف الآتية:
أولا : الأوقاف الخيرية ما لم يشترط الواقف النظر لنفسه …………….
ثانيا: الأوقاف لتى لا يصرف مستحقوها ولا جهة الاستحقاق فيها حتى تحدد صفتها.
ثالثا: الأوقاف الخيرية التى يشترط فيها النظر لوزير الأوقاف إذا كان واقفوها غير مسلمين.
رابعا: الأوقاف التى انتهت بحكم القانون رقم 180 لسنة 1952 المشار إليه (الصادر بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات) ولا زالت فى حراسة الوزارة وذلك إلى أن يتسلمها أصحابها.
خامسا: الأوقاف التى خول القانون رقم 22 لسنة 1958 لوزارة الأوقاف إدارتها.
وتنص المادة (5) من هذا القانون على أن تتقاضى وزارة الأوقاف نظير إدارتها اعيان الوقف التى انتهت بالقانون رقم 180 لسنة 1952 ولا زالت فى حراستها رسما بنسبة 10% من أصل إيراداتها، ويؤخذ علاوة على ذلك 5% من قيمة تكاليف الأعمال الفنية التى تنفذ فى هذه الاعيان .. ولقد صدر بعد ذلك القانون (80) لسنة 1971 بإنشاء هيئة الأوقاف المصرية ونصت المادة(1) منه على أن تنشأ هيئة عامة تسمى هيئة الأوقاف المصرية تكون لها الشخصية الاعتبارية وتتبع وزير الأوقاف، ويكون مقرها مدينة القاهرة ويجوز إنشاء فروع لها فى المحافظات بعد موافقة مجلس إدارة الهيئة.
كما نصت المادة (2) على أن تختص الهيئة وحدها بإدارة واستثمار أموال الأوقاف الآتية:
أولا : الأوقاف المنصوص عليها فى المادة (1) من القانون رقم 272 لسنة 1959 المشار إليه فيما عدا …………………………….. ثانيا: ……………………… ثالثا : …………………. رابعا: الأوقاف التى يؤول حق النظر عليها لوزارة الأوقاف بعد العمل بهذا القانون. وتنص المادة (5) بأن تتولى الهيئة نيابة عن وزير الأوقاف بصفته ناظرا على الأوقاف الخيرية إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها على أسس اقتصادية بقصد تنمية أموال الأوقاف باعتبارها أموالا خاصة وتتولى وزارة الأوقاف تنفيذ شروط الواقفين والأحكام والقرارات النهائية الصادرة من اللجان والمحاكم بشأن القسمة أو الاستحقاق أو غيرها وكذلك محاسبة مستحقى الأوقاف الأهلية وفقا لأحكام القانون رقم 44 لسنة 1962 المشار إليه وذلك من حصيلة ما تؤديه الهيئة إلى الوزارة.
وأخيرا تنص المادة (6) على أن على الهيئة أن تؤدى إلى وزارة الأوقاف صافى ريع الأوقاف الخيرية لصرفه وفقا لشروط الواقفين، وتتقاضى الهيئة نظير إدارة وصيانة الأوقاف الخيرية 15% من اجمالى الإيرادات المحصلة بالنسبة إلى هذه الاعيان ……..
من حيث أن المستفاد من النصوص المتقدمة أن القانون المدنى أدخل فى المادة (52) منه (البند 3) – فمن صور الأشخاص الاعتبارية – الأوقاف بعد أن عدد فى البند (1) من ذات المادة الأشخاص الاعتبارية العامة كالدولة والمديريات (المحافظات) والمدن والقرى والإدارات والصالح وغيرها من المنشآت العامة، ويستفاد من هذه المقابلة أن الوقف الخيرى لا يعدو ان يكون شخصا اعتباريا خاصا، وتعتبر أمواله اموالا خاصة لا يغير من طبيعتها أن تكون المادة (970) من القانون المدنى قد اسبغت عليها نوعا من الحماية والرعاية حفظا لها من طمع الطامعين فحظرت تملكها أو كسب أى حق عينى عليها بالتقادم، وأجازت فى الوقت ذاته إزالة ما يقع عليها من تعديات بالطريق الإدارى، ذلك أن المشرع ساوى فى شأن الحماية التى سبغها بموجب نص المادة (970) المشار إليها بين أموال الأوقاف الخيرية وأموال الوحدات الاقتصادية التابعة للمؤسسات العامة أو الهيئات العامة وكذلك أموال شركات القطاع العام غير التابعة لا يهما دون أن يدعى أحد بأن أموال هذه الجهات تعتبر أموالا عامة تتماثل فى طبيعتها وصفاتها مع المال العام المملوك للدولة أو أحد الأشخاص الاعتبارية العامة مخصصا لاغراض النفع العام.
وحيث أن مشروع القانون رقم 272 لسنة 1959 اذ ناط بوزارة الأوقاف القيام على شئون الأوقاف الخيرية كما يقوم النظار ابتغاء مصلحة الوقف واشفاقا على ريعه من أن تمتد إليه أيد غير أمينة تستولى عليه عمدا أو تنفقه بددا، ولقد خلفتها فى هذا العبء الهيئة الأوقاف التى انشئت بموجب القانون رقم 80 لسنة 1971 حيث أصبح لها وحدها الاختصاص بإدارة واستثمار والتصرف فى أموال الأوقاف الخيرية باعتبارها نائبة عن زير الأوقاف الذى يتولى إدارة أموال الأوقاف بوصفه ناظر وقف، والوقف من اشخصا القانون الخاص، فلا يعدو ناظره أو من ينوب عنه هذا الوصف ولو ثبتت له هذه النيابة بنص فى القانون بحكم شغله منصبا عاما، لأن ولاية هذا المنصب – وان كانت سند النظر- الا أنها لا تصبح بذلك جزءا من الدلالة لعامة للمنصب، اذ يظل النظر على وضعه القانونى محدد نيابة عن شخص من أشخاص القانون الخاص، ولا يقوم ناظر الوقف هنا – وهو هيئة الأوقاف- الا بأعمال تقع فى نطاق القانون الخاص – فما يصدر عنها لا يصدر بوصفها سلطة عامة، وانما باعتبارها نائبة على الناظر على الوقف وكل من الناظر أو نائبه إنما يمارس هذه الإدارة وأعمالها كأى ناظر من أشخاص القانون الخاص يقوم بالنظارة على وقف خيرى، وليس من شأن هذه النظارة المتمثلة فى تصريف شئون الوقف وتحصيل ريعه وانفاقه عليه فى المصارف التى نص عليها كتاب الوقف أو استثمارها فيما يعود بالنفع على المستحقين ان يخلع على أموال الوقف صفة المال العام، ولا تجعل من القرارات والإجراءات التى تتخذها الهيئة فى إدارة هذه الاموال واستثمارها أو التصرف فيها قرارات إدارية، كما أن ما يثور بشأنها من منازعات لا يدخل فى عموم المنازعات الإدارية التى نص عليها البند الرابع عشر فن القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة، ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بالفصل فى هذه الدعاوى والمنازعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بأن التصرفات التى تجريها هيئة الأوقاف، نيابة عن وزير الأوقاف، بصفته ناظرا على الأوقاف الخيرية، فى شأن إدارة هذه الأوقاف واستثمارها والتصرف فيها تعد من التصرفات الصادرة من احد أشخاص القانون الخاص ومن ثم فلا اختصاص لمجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بالفصل فى المنازعات التى تتفرع عنها وقررت إعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.