الطعن رقم 330 لسنة 46 بتاريخ : 2000/06/04
___________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ جودة عبد المقصود فرحات وسعيد أحمد محمد حسين برغش ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وسعيد سيد أحمد نواب رئيس مجلس الدولة
* الإجراءات
في يوم الاثنين الموافق 18/10/1999 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعن- قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا- تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 330 لسنة 46ق، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 6/9/1999 في الدعوى رقم 5202 لسنة 53ق، والذي قضى فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه- فيما تضمنه من وقف إصدار وطبع ونشر وتداول جريدة أخبار البحيرة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة مصروفات الطلب العاجل وبتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان.
وطلب الطاعن- للأسباب المبينة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبإلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتي التقاضي.
وأعلن تقرير الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 3/1/2000 وبجلسة 20/3/2000 قررت إحالته إلى هذه المحكمة فتداولته على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم ، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى إجراءاته الشكلية.المقررة قانونا فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة – تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 4/9/1999 كان المطعون ضده قد أقام الدعوى رقم 5202 لسنة 53ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية ، وطلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار محافظ البحيرة رقم 935 لسنة 1999 فيما تضمنه من وقف إصدار وطبع ونشر وتداول جريدة أخبار البحيرة- مع ما يترتب على ذلك من آثار والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان.
وقال المذكور شرحا للدعوى أنه رئيس تحرير جريدة أخبار البحيرة التي تصدر عن حزب الأحرار وبتاريخ 30/8/1999 قامت الشرطة بضبط أعداد الجريدة المعدة للتوزيع في صباح ذلك اليوم استنادا إلى القرار المطعون فيه والذي نعى عليه مخالفة القانون لأن الجريدة المذكورة هي إحدى الصحف الحزبية التي لا يشترط لإصدارها الحصول على ترخيص ، وأن السبب الحقيقي للقرار هو ما تنشره الجريدة من سلبيات بمحافظة البحيرة.
وبجلسة 6/9/1999 قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية- في الشق العاجل من الدعوى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وأقامت قضاءها بعد استعراض النصوص القانونية للتشريعات المنظمة ٌلإصدار الصحف- على أن المشرع غاير في الحكم بين الصحف الحزبية وغيرها، فالصحف غير الحزبية هي التي تخضع لشرط الحصول على ترخيص مسبق من المجلس الأعلى للصحافة، أما الصحف الحزبية فلا تخضع لهذا القيد لأن لكل حزب سياسي حق إصدار صحيفته المعبرة عن آرائه والداعية إلى مبادئه وأهدافه والمصورة لبرامجه وأساليبه في مختلف الشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية- دون ثمة حاجة للحصول على ترخيص بإصدار الصحيفة، وأضافت المحكمة أن جريدة أخبار البحيرة هي جريدة حزبية تتبع حزب الأحرار ولا تحتاج إلى ترخيص من المجلس الأعلى للصحافة، وذلك بغض النظر عما إذا كان المدعى قد تولى منصب أمين عام الحزب ثم أقيل منه، وذلك لاستقلال الكيان القانوني للجريدة عن شخص أمين عام الحزب.
وبناء على ما تقدم انتهت المحكمة إلى أن القرار المطعون فيه مرجح الإلغاء مما يتوافر معه ركن الجدية بحسب الظاهر من الأوراق، فضلا عن توافر ركن الاستعجال لأن من شأن تنفيذ القرار المطعون فيه المساس بحق قرره الدستور والقانون وهو حق الحزب السياسي في إصدار صحيفة تعبر عن رأيه.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله لأسباب تخلص فيما يلي:-
أولا: أنه لا توجد ثمة صلة بين الأحرار وجريدة أخبار البحيرة، والقول بأنها خلفت جريدة أخرى باسم جريدة النافذة- لا دليل عليه من الأوراق، ولم يصدر المجلس الأعلى للصحافة ثمة ترخيص بأي منهما، كما أن المادة (28) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة أوجبت في حالة التغيير في البيانات إخطار المجلس الأعلى للصحافة قبل حدوث التغيير بخمسة عشر يوما في الأحول العادية أو ثمانية أيام على الأكثر في الأحول الطارئة، وفى حالة عدم الأخطار يعتبر التغيير كأن لم يكن.
ثانيا: أن الحكم المطعون فيه خالفه نص المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977 بشأن الأحزاب السياسية والتي تشترط لتمتع الحزب بالمزايا المنصوص عليها في المادتين 13و 15- ومن بينها إصدار صحيفة حزبية دون اشتراط الحصول على ترخيص-أن يكون للحزب عشرة مقاعد على الأقل في مجلس الشعب، وهو ما لا يتوافر في شأن حزب الأحرار الذي يزعم المطعون ضده نسبة الجريدة المذكورة إليه.
ومن حيث أن المادة (48) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر في 11سبتمبر سنة 1971- تنص على أن حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة، والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإداري محظور.
وتنص المادة (206) على أن الصحافة سلطة شعبية مستقلة تمارس رسالتها على الوجه المبين في الدستور والقانون.
وتنص المادة (207) على أن تمارس الصحافة رسالتها بحرية وفى استقلال في خدمة المجتمع بمختلف وسائل التعبير، تعبيرا عن اتجاهات الرأي العام وإسهاما في تكوينه وتوجيهه في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة، واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وذلك كله طبقا للدستور والقانون.
وتنص المادة (208) على أن حرية الصحافة مكفولة والرقابة على الصحف محظورة وإنذارها أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإداري محظور وذلك كله وفقا للدستور والقانون.
وتنص المادة (209) على أن حرية إصدار الصحف وملكيتها للأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة وللأحزاب السياسية مكفولة طبقا للقانون، وتخضع الصحف في ملكيتها وتمويلها والأموال المملوكة لها لرقابة الشعب على الوجه المبين بالدستور والقانون.
وتنص المادة (15) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية- معدلا بالقانون رقم 36 لسنة 1979- على أنه لكل حزب حق في إصدار صحيفة او أكثر للتعبير عن آرائه وذلك دون التقيد بالحصول على الترخيص المشار إليه في المادتين (1)، (2) من القانون رقم 156 لسنة 1960 بشأن تنظيم الصحافة، ويكون رئيس الحزب مسئولا مع رئيس تحرير صحيفة الحزب عما ينشر فيها.
وتنص المادة (18) من القانون المشار إليه على أنه يشترط لتمتع الحزب واستمرار انتفاعه بالمزايا المنصوص عليها في المادتين 13و 15 من هذا القانون أن تكون له عشرة مقاعد على الأقل في مجلس الشعب.
وتنص المادة (45) من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة على أن حرية إصدار الصحف للأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة مكفولة طبقا للقانون.
وتنص المادة (46) منه على أن يجب على كل من يريد إصدار صحيفة جديدة أن يقدم أخطار كتابيا إلى المجلس الأعلى للصحافة موقعا عليه من الممثل القانوني للصحيفة يشتمل على أسم ولقب وجنسية ومحل إقامة صاحب الصحيفة وأسم الصحيفة ودوريتها واللغة التي تنشر بها ونوع نشاطها والهيكل التحريري والإداري لها، وبيان ميزانيتها ومصادر تمويلها وعنوانها وأسم رئيس التحرير وعنوان المطبعة التي تطبع بها.
وتنص المادة (51) على أنه في حالة التغيير الذي يطرأ على البيانات التي تضمنها الإخطار بعد صدور الترخيص يجب إعلان المجلس الأعلى للصحافة كتابة بهذا التغيير قبل حدوثه بخمسة عشر يوما على الأقل إلا إذا كان هذا التغيير قد طرأ على وجه غير متوقع، وفى هذه الحالة يجب إعلانه في موعد غايته ثمانية أيام على الأكثر من تاريخ حدوثه، ويعاقب الممثل القانوني للصحيفة عند مخالفة هذه المادة بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.
ومن حيث أن مفاد ما تقدم أن الدستور توج الصحافة المصرية وجعلها سلطة شعبية تؤدى رسالتها بحرية واستقلال في خدمة المجتمع معبرة عن اتجاهات الرأي العام مساهمة في تكوينه وتوجيهه في إطار المقومات الأساسية للمجتمع وبهدف الحفاظ على الحقوق والحريات والواجبات العامة واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وحرصا من المشرع على رسالة الصحافة حظر الرقابة على الصحف أو إنذارها أو وقفها أو إلغائها باعتبارها مرآة الشعب وإحدى دعامات النظام الديمقراطي- إلا أن حرية الصحافة ليست مطلقة فهي تخضع لمبدأ الشرعية وسيادة القانون شأنها في ذلك شأن سلطات الدولة ومؤسساتها، ومن مظاهر خضوع الصحافة لمبدأ الشرعية وجوب الالتزام بالإجراءات والقواعد التي أرساها المشرع لإصدار الصحف وممارستها لأنشطتها، ومن بين هذه الإجراءات الإخطار عن الصحيفة واستصدار طلب الترخيص اللازم طبقا لأحكام القانون.
ومن حيث أن المشرع قد خص الأحزاب السياسية ببعض المزايا، ومن بينها حق الحزب في إصدار صحيفة تعبر عن رأيه وبرامجه وأهدافه دون التقيد بشرط الحصول على ترخيص في ذلك من السلطة المختصة- إلا أن ذلك رهين بان تكون للحزب عشرة مقاعد على الأقل في مجلس الشعب طبقا لنص المادة (18) من القانون رقم 40 لسنة 1977 المشار إليه، فإذا تخلف هذا الشرط تعين الرجوع إلى القاعدة العامة والتي تشترط الحصول على ترخيص قبل إصدار الصحيفة طبقا لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة، ولأحكام القانون رقم 20 لسنة 1936 بشأن المطبوعات والذي أوجب في المادة (13) على كل من أراد إصدار جريدة أن يقدم إخطارا كتابيا بذلك إلى المحافظة أو المديرية التي يتبعها محل الإصدار.
ومن حيث أن الثابت من كتاب مدير الإدارة المركزية للرقابة المالية على المؤسسات الصحفية القومية والأحزاب- بالجهاز المركزي للمحاسبات المؤرخ 16/6/1999- أن جريدة أخبار البحيرة تصدر عن حزب الأحرار الاشتراكيين ، وأفادت جهة الإدارة بأن هذا الحزب ليس له عشرة مقاعد في مجلس الشعب- الأمر الذي تستظهر معه المحكمة عدم إفادة الحزب المذكور من ميزة إصدار صحيفة حزبية دون التقيد بشرط الحصول على الترخيص المشار إليه، ولا ينال من ذلك ما جاء بأوراق المطعون ضده من أن جريدة أخبار البحيرة حلت محل جريدة النافذة- ففي الحالتين لا يعفى الحزب من شرط الترخيص ولا يوجد ثمة ترخيص لأي من الجريدتين.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن مجلس المحافظين ناقش في اجتماعه بتاريخ 4/8/1999 برئاسة رئيس مجلس الوزراء تقريرا عن الأوضاع القانونية للصحف والمطبوعات الإقليمية التي تصدر في المحافظات ومدى استيفائها للترخيص اللازم لمباشرة نشاطها لما لوحظ من انتشار ظاهرة الصحف غير المرخصة، وأعدت مديرية أمن البحيرة تقريرا بشأن موقف الصحف والمطبوعات التي تصدر في نطاق محافظة البحيرة- بغير ترخيص- ومن بينها جريدة أخبار البحيرة، وبناء على ذلك أصدر محافظ البحيرة القرار رقم 935 بتاريخ 25/8/1999 متضمنا وقف إصدار وطبع ونشر وتداول تلك الجريدة لعدم حصولها على ترخيص من المجلس الأعلى للصحافة، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه متفقا وصحيح حكم القانون، وبذلك يتخلف ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا المذهب دون سند من الواقع والقانون فأنه يكون حريا بالإلغاء وهو ما تقضى معه المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات.