الطعن رقم 3510 لسنة 38 بتاريخ : 1999/11/07
____________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين : محمد عبد الرحمن سلامية وسعيد احمد محمد حسين برغش وسامي احمد محمد الصباغ واحمد عبد العزيز ابو العزم ( نواب رئيس مجلس الدولة )
* الإجراءات
في يوم الاثنين الموافق 3/8/1992 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب الصادر من محكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3510 لسنة 38ق ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية في الدعويين رقمي 3791،3941 لسنة 45ق. بجلسة 4/6/1992 والقاضي بقبول تدخل عباس محمد منصور خصما منضما لجهة الإدارة، وبقبول الدعويين شكلا وبوقف تنفيذ قرار وزير التعمير رقم 241 لسنة 1991 المطعون فيه، وما يترتب علي ذلك من آثار وإلزام الإدارة والمتدخل بمصروفات الطلب المستعجل .
وطلب الطاعنون بصفاتهم – علي النحو الوارد بتقرير الطعن –بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدهم المصروفات والأتعاب، وقد جرى إعلان المطعون ضدهم علي النحو المبين بالأوراق .
قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا رات فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنين المصروفات .
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 17/3/1997، وبجلسة 17/11/1997 قررت إحالته الي هذه المحكمة والتي نظرته بجلساتها علي النحو الثابت بالأوراق حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة .
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه المقررة .
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبيين من الأوراق – في انه بتاريخ 29/8/1991 اقام المطعون ضدهم الدعوى رقم 3791 لسنة 45ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية طلبوا في ختامها الحكم بوقف تنفيذ قرار وزير التعمير رقم 241 لسنة 1991 وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار واعتباره كان لم يكن وما يترتب علي ذلك من آثار، وقالوا شرحا لدعواهم انهم بموجب العقود المسجلة بمكتب الشهر العقاري بالإسكندرية، وبموجب حكم ثبوت الملكية الصادر في الدعوى رقم 2944 لسنة1990 مدني كلي الإسكندرية المؤيد استئنافيا بالحكم رقم 1105 لسنة 46 ق بجلسة 20/2/1991 (غير مطعون عليه بالنقض ) ثم تثبيت كامل مسطح الأرض ملك وحيازة المدعين البالغ قدرها 18ط155ف بحوض عزبة صابر طه رقم 22 سابقا وحاليا 25 بجهة أو زغو بتاريخ 1/4/1991 ثم تنفيذ حكم ثبوت الملكية ونظرا لسابقة قيام نزاع بين محافظة الإسكندرية والمدعيين بخصوص هذه الأرض بزعم انها املاك اميرية صدر علي اثرها الحكم في الدعوى رقم 4634 لسنة 1985 المقامة من المدعي عليهما المذكورين لتلك الأرض، كما قضي الحكم بمنع تعرض المدعي عليهم للمدعيين في ملكيتهم للارض، وعقب ذلك اقام المدعون الدعوى رقم 8113 لسنة 1990 مدني كلي إسكندرية بطلب الحكم علي المدعي عليهم المذكورين بالتعويض وقد قضي لهم بذلك .
واضاف المدعون في دعواهم ان المدعي عليهما الثاني والرابع سبق ان اسندا عمليات الي احد المقاولين بالإسكندرية لانشاء مساكن منخفضة التكاليف صرفت عليها مبالغ باهظة، وقد علم المدعون بصدور قرار وزير التعمير والمجتمعات العمرانية الجديدة رقم 241 لسنة 1991 متضمنا الاستيلاء مؤقتا علي مساحة 18ط 155 المشار إليها وان المذكرة الإيضاحية لهذا القرار تضمنت ان المدعي عليه الثاني ارسل بتاريخ 1/6/1991 كتابا الي الوزارة مرفقا به مشروع قرار وزاري بالاستيلاء المؤقت علي الأرض المتنازع عليها تضمن انه بمعاينة الموقع تبين ان تلك الأراضي من الاملاك الأميرية طبقا لخرائط وتقرير مديرية المساحة والمكلفات وسبق تخصيصها لإقامة مشروع اسكان منخفض التكاليف وبلغت جملة ما صرف للمقاول حوالي 3.156.329 جنيها، وانه نظرا لصدور حكم ضد المحافظة بثبوت ملكية تلك الأرض لآخرين فإنه تجنبا لتنفيذ الحكم و الأضرار المترتبة على ذلك طلبت إدارة الأملاك بالمحافظة سرعة استصدار قرار بالاستيلاء المؤقت علي المساحة المذكورة .
وينعي المدعون علي القرار المطعون فيه مخالفته للقانون رقم 10 لسنة 1990 الأمر الذي يفقده ركن السبب لأن الواضح من المذكرة الإيضاحية لمشروع القرار انه تم ادخال الغش في العرض نتيجة ذلك في حين ان حكم ثبوت الملكية قد تم تنفيذه بالفعل بموجب محضر تسليم رسمي بمعرفة محضري محكمة الدخيلة في 1/4/1991 أي ان القرار المطعون فيه صدر معيبا بعيب إساءة استعمال السلطة ولم يحدد مدة الاستيلاء تمهيدا لاتخاذ إجراءات نزع الملكية ولان ثمن الأرض طبقا للقانون رقم 10 لسنة 1990 حسب السعر الذي حدده عليها الثاني والرابع للمتر وقدره خمسون جنيها لا يستقيم مع نزع ملكية الأرض لمشروع منخفضي التكاليف لأن سعر الأرض طبقا لذلك تكون حوالي 33 مليون جنيه .
وتخلص وقائع الدعوى رقم 3941 لسنة 45في ان المطعون ضدها الأولي أقامتها بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 18/9/1991 طالبة الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الوزاري رقم 241 لسنة 1991 الصادر بتاريخ 28/7/1991 وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب علي ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه .
وقالت شرحا لدعواها انها تمتلك مساحة 200 فدان بحوض عزبة جابر طه رقم 22 سابقا وحاليا برقم 35منطقة ام زغو قسم العامرية محافظة الإسكندرية ملكية مسجلة في العقد رقم 445638 لسنة 1906 بقلم الرهون بمحكمة الإسكندرية وقد آلت ملكية تلك المساحة إليها وأولادها بموجب عقود مسجلة وبأحكام قضائية نهائية بصحة ونفاذ عقود الشراء وقد تمت مطابقة الأراضي هندسيا بمعرفة اجهزة الدولة المختصة ووجدت مطابقة للعقود المسجلة كما ثبت في افادات الاملاك الاميرية انها مملوكة لهم ملكية خاصة، وعلي أساس ملكية الأرض فقد تم التصرف في اجزاء منها بالبيع بعقود تم تسجيلها بالشهر العقاري وبتاريخ 28/7/1991 صدر قرار وزير التعمير المطعون فيه .
وتنعى عليه المدعية مخالفته للدستور والقانون وان الغرض منه الحيلولة دون تنفيذ الحكم الصادر بتثبيت ملكيتها للارض مما يجعله مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة .
وبجلسة 4/6/1992 صدر الحكم المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها علي أساس ان الاستيلاء المؤقت علي العقارات طبقا لنص المادة 15 من القانون رقم 10 لسنة 1990 فى شأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة لا يكون إلا فى الأحوال الطارئة أو المستعجلة وان الأحوال الطارئة هي التي تكون غير متوقعة بمعني ان تحدث فجأة، اما الأحوال المستعجلة هي التي تفاجئ الإدارة دون ان يكون لديها علم مسبق وانه في عدم مواجهتها حدوث امور خطيرة بحيث لا يمكن تدارك نتائجها اذا لم تلجأ الإدارة الي وسيلة الاستيلاء المؤقت و حيث إن المذكرة الإيضاحية لمشروع القرار الصادر بالاستيلاء المؤقت و المرسلة من محافظة الإسكندرية الي وزارة التعمير تضمنت ان ادارة الاملاك الأميرية بالمحافظة طلبت استصدار قرار استيلاء مؤقت للارض موضوع النزاع حيث إنه ثبت بمعاينة الموقع انها من املاك الدولة وذلك طبقا للخرائط وتقرير مدير المساحة والمكلفات سبق تخصيصها لإقامة مشروع اسكان منخفض التكاليف وتم تسليم الموقع للشركة المنفذة وبدأت في التنفيذ وبلغت قيمة ما تم صرفه من مستحقات حوالي 3.156.329 جنيه ونظرا لصدور حكم ضد المحافظة بثبوت ملكية الأرض لآخرين وان كان لم يصبح باتا الا انه تجنبا لتنفيذ الحكم والاضرار التي يمكن ان تقع نتيجة ذلك فقد طلبت ادارة الاملاك الأميرية بالمحافظة سرعة استصدار قرار بالاستيلاء المؤقت علي الأرض المذكورة .
وأضافت المحكمة ان الظاهر من الأوراق ان الأرض الصادر بشأنها القرار المطعون فيه كانت محل منازعات أمام المحاكم وصدرت أحكام قضائية بعدم تعرض المحافظة للمدعين في ملكيتهم بصدور أحكام ثبوت ملكية الأرض لآخرين لأن مثل هذا الامر من الامور المتوقعة طالما ان هناك نزاع وبدأت مقدماته منذ فترة ، ومن ثم فإن هذا الامر لا يشكل حالة طارئة او مستعجلة، ولا يغير من ذلك كون القرار المطعون فيه صدر لضمان استمرار تنفيذ مشروع الاسكان اذ ان مثل هذا القول لا يستقيم مع الحالات التي حددها المشرع لإصدار قرار الاستيلاء المؤقت كما لا يغير من ذلك ايضا الاحتجاج بما تكبدته الإدارة من نفقات في ذلك المشروع اذ ان ذلك لا ينهض سببا لصدور القرار المطعون فيه، وبالتالي فإن القرار المطعون فيه يكون قد صدر بالمخالفة لحكم القانون ويكون طلب وقف تنفيذه قائما علي أسباب جدية تبرزه حيث إن في تنفيذه نتائج يتعذر تداركها ومن ثم يتوافر ركن الاستعجال .
ومن حيث إن مبني الطعن ان الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك علي سند من القول ان الحكم المطعون فيه محل نظر اذ ان المشروع الذي يقام علي الأرض محل النزاع هو مشروع اسكان منخفض التكاليف لتحقيق منفعة عامة للمواطنين لحل مشكلة الاسكان وقد بدأت المحافظة في تنفيذ المشروع فعلا قبل النزاع حول ملكية الأرض فلما طرأ النزاع حول ملكية الأرض علي القضاء لم تتوقع جهة الإدارة صدور الحكم ضدها و إذ انتهى الأمر بحكم قضائى بتثبيت ملكية المدعين للأرض فقد لجأت جهة الإدارة للقانون حرصا علي المال العام واستمرارا في تنفيذ المشروع واستندت في إصدارها للقرار المطعون فيه للمادة (15 )من القانون رقم 10 لسنة 1990 بشان نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، ولا شك ان النزاع حول ملكية الأرض شئ وصدور القرار المطعون فيه شي اخر فالنزاع حول الملكية يجد نطاقه في اطار القانون الخاص الذي يحكم علاقات متوازنة ومتساوية اما النظام القانوني الذي صدر القرارالطعين فى ظله فلا يعرف مثل هذه العلاقات المتساوية و المتوازنة بل يأخذ فى الاعتبار تغليب المصلحة العامة وترجيحها علي المصلحة الخاصة، ومن ثم فإن ما قاله الحكم المطعون فيه بانه كان علي الادارة ان تتوقع صدور الحكم ضدها وصولا الي القول بانتفاء الظرف الطارئ أو المستعجل اللازم لإصدار قرار الاستيلاء هذا القول لا يستقيم ذلك ان المستفاد من نص المادة ( 15 ) المشار إليها أن المشرع أجاز للوزير المختص أن يصدر قرار الاستيلاء المؤقت في أحوال عدد بعضها حصرا واطلق البعض الاخر جملة في عبارة وسائر الاحوال الطارئة او المستعجلة حيث ادرك المشرع انه لن يحصى هذه الاحوال عددا فاجملها في عبارة واحدة تتسع لكل ما يدخل ضمن الحالات التي يجوز فيها الاستيلاء المؤقت ومنها الحالة مثار النزاع وقد كان أولى بالحكم المطعون فيه تغليب المصلحة العامة علي المصلحة الخاصة لا سيما وانه لم يقصد من القرار المطعون فيه تعطيل الحكم القضائي الصادر لصالح المدعين بل قصد منه حماية المصلحة العامة مع اتخاذ كافة إجراءات نزع ملكية الأرض وتعويض أصحابها.
ومن حيث إن المادة (15) من القانون رقم 10 سنة 1990بشان نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة تنص علي انه للوزير المختص بناء علي طلب الجهة المختصة في حالة حصول غرق او قطع جسر او تفشي وباء، وسائر الاحوال الطارئة او المستعجلة ان يامر بالاستيلاء مؤقتا علي العقارات اللازمة لإجراء اعمال الترميم او الوقاية او غيرها .. وتنص المادة علي ان تحدد مدة الاستيلاء المؤقت علي العقار بانتهاء الغرض المستولي عليه من اجله او بثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلي علي العقار في نهاية المدة بالحالة التي كان عليها وقت الاستيلاء مع تعويض عن كل تلف او نقص في قيمته . واذا دعت الضرورة الي مد مدة السنوات المذكورة وتعذر الاتفاق مع ذوي الشأن على ذلك وجب على الجهة المختصة أن تتخذ قبل مضي هذه المدة بوقت كاف إجراءات نزع الملكية ..
واذ يبين مما تقدم ان المشرع قد حدد مدة للاستيلاء المؤقت علي العقارات اما بانتهاء الغرض المستولى عل العقار من أجله أو بعد ثلاث سنوات من تاريخ الاستيلاء الفعلي على العقار أيهما أقرب، بحيث يتعين علي الجهة الإدارية ان تتخذ احد امرين اما ان تتفق مع ذوي الشأن علي الملكية المحددة تفصيلا في القانون المذكور، بحيث اذا لم تتخذ أي من الامرين المشار إليهما فإن قرار الاستيلاء المؤقت بانتهاء مدته لا يظل قائما بل يسقط من مجال التطبيق وهو امر قصد إليه من جهة أخرى ان تلجأ لاستصدار قرار جمهوري بالاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر دون تحديد مدة لهذا الاستيلاء علي نحو ما تضمنته المادة (14) من ذات القانون، بما مفاده سقوط قرار الوزير المختص بانتهاء مدته علي نحو ما اسلفنا .
ومن حيث إنه لهذه المحكمة قضاء بأن الخصومة هي جوهر الدعوى، فإن هي رفعت مفتقرة الي هذا الركن كانت غير مقبولة، وان هي رفعت متوافرة عليه ثم زال أثناء نظر الدعوى اعتبرت الخصومة منتهية، وعلي القاضى الإدارى بما له من هيمنة على إجراءات الدعوى أن يتبين مدى جدوى الاستمرار فى الخصومة في ضوء تغيير المراكز القانونية لاطرافها، وذلك حيث لا يشغل القضاء الإداري بخصومات لا جدوى من ورائها، وعليه ان كانت الخصومة قائمة وقت إقامة الطعن الماثل، الا انه بسقوط القرار المطعون فيه أثناء نظر الطعن فإن الخصومة تغدو منتهية إذ تستهدف الجهة الإدارية الطاعنة من الطعن إلغاء الحكم , و بقاء قرار الاستيلاء المطعون فيه قائما وهو ما اصبح غير ذي موضوع لسقوط القرار المشار إليه بانتهاء مدته ومن ثم تعين الحكم بانتهاء الخصومة في الطعن الماثل وإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بانتهاء الخصومة في الطعن الماثل والزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات .