الطعن رقم 3524 لسنة 41 بتاريخ : 1999/12/26
___________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات، سامى أحمد محمد الصباغ محمود إسماعيل رسلان مبارك، أحمد عبد العزيز أبو العزم (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجـــــراءات
فى يوم السبت الموافق 10/6/1995 أودع الأستاذ/ سمير عبد الغنى المحامى نائباً عن الأستاذ/ فاروق عبد الغنى النجار المحامى قلم كتاب المحكمة الإدارية تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3524 لسنة 41 ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا فى الدعوى رقم 3152 لسنة 2ق بجلسة 23/5/1995 والقاضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها تمكين الطلاب من أداء امتحانات الفصل الدراسى الثانى للعام الجامعى 94/1995 كاملة فى المواعيد المقررة لذلك وإلزام الجامعة المدعى عليها – المصروفات.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى شكلاً، وإلزام المطعون ضدهم المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 15/6/1998، وبجلسة 19/7/1999 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت – مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمـــة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 3152/2 ق بإيداع صحيفتها قلم تاب محكمة القضاء الإدارى بطنطا بتاريخ 16/5/1995 طلبوا فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الصادر فى 19/4/1995 والمتضمن فصل المدعى الأول لمدة فصلين دراسيين، وأبناء المدعيين من الثانى إلى السابع فصلهم لمدة فصل دراسى، وأبناء المدعين من الثامن إلى الحادى عشر حرمانهم من دخول امتحان المادتين الأولى والثانى من امتحان الفصل الدراسى الثانى للعام الجامعى 94/1995 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالوا بياناً للدعوى إن أبناؤهم طلاب بكلية التربية جامعة المنوفية وفى مراحل وأقسام دراسية مختلفة وأنهم فوجئوا بخطابات مؤرخة 7/4/1995 صادرة من عميد الكلية إليهم تتضمن أن هؤلاء الطلبة ممنوعون من دخول الحرم الجامعى وذلك اعتباراً من التاريخ المشار إليه ومخالفون للتحقيق لما بدر منهم، ثم فوجئوا بقرار رئيس الجامعة بتاريخ 19/4/1995 بصدور القرار المطعون فيه، وأنهم تظلموا من هذا القرار إلى عميد الكلية ورئيس الجامعة بتاريخ 20/4/1995، ونعى المدعون على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون وانعدام السبب وإساءة استعمال السلطة تأسيساً على أن هذا القرار صدر بناء على مذكرة وكيل الكلية ومذكرة مباحث أمن الدولة وهى عبارة عن تحريات لا دليل عليها وأن إدارة الكلية منعتهم من الحضور أمام مجلس التأديب فى 19/4/1995 وهو ما حدا بهم إلى إقامة الدعوى.
وبجلسة 23/5/1995 صدر الحكم المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن قرار الإحالة إلى مجلس تأديب الطلاب يتعين صدوره من رئيس الجامعة، والثابت أن العميد هو الذى أصدر قرار الإحالة إلى مجلس التأديب دون سند مما يصم هذا القرار بعيب عدم الاختصاص الجسيم واغتصاب السلطة لما فيه من افتئات على سلطة أخرى مما ينحدر به إلى حد الانعدام وبالتالى فإن قرار مجلس تأديب الطلاب المبنى على قرار الإحالة المنعدم يكون هو الآخر منعدماً ولا تلحقه أية حصانة مما يبرر مطالبتهم قضائياً بإزالة تلك العقبة دون الخضوع لنص المادة 184 من قانون الجامعات ومن ثم تكون الدعوى مقبولة شكلاً، وإذ تدرك المحكمة ما يوجبه تعامل الطلبة مع الأساتذة وإدارة الكلية من تقدير واحترام واحتفاظ بأقصى ما يحمله ذلك من موجبات ضبط النفس والتزام حدود الأدب والوقار فى الحديث والفعل، فإن المحكمة تستشعر من ظاهر الأوراق أن ما وقع من المدعين من مخالفة إنما نتج كانفلات فى ظروف إحباط شديد واستشعار من الطالب بانغلاق السبل أمامه وضياع فرصة بث شكاواة إلى إدارة الكلية وامتناع الإدارة عن سماع أقوالهم ومن كل ذلك فإن خطأ المدعين بفرض وقوعه كان خطأ بعيداً من أن يوصف بأنه خطأ عمدى أو أنه نجم عن استهتار واستخفاف بإدارة الكلية وتقاليد الجامعة ونظمها وضوابطها، والواجب قانوناً أن يوزن الخطأ بميزان التداعيات الواقعية التى أوقعت الطالب فيه وأن يقدر بأنه خطأ غير مقصود منه، وعليه يكون توقيع عقوبة الفصل والحرمان من الامتحان الموقعة على الطلاب المشار إليهم، وبحسب الظاهر من الأوراق بعيدة تماماً على التناسب مع المخالفة المنسوبة إليهم ومنطوية على غلو لا يتناسب مع درجة خطورة هذه المخالفة، فضلاً عن ظروف المدعين وعدم حدوث نتائج ضارة من جراء هذه المخالفة، ومن ثم يكون طلب وقف التنفيذ قائم على أسباب جدية فضلاً عن توافر ركن الاستعجال مما لا شك فيه أن تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان المدعين من دخول الامتحانات فى الأيام المشار إليها بالقرار يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها مما يضر بمستقبلهم وهو ما يتعين معه القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم للمطعون فيه للقانون فضلاً عن مخالفة الثابت بالأوراق والفساد فى الاستدلال، ذلك أن محكمة القضاء الإدارى غير مختصة بنظر الدعوى بل ينعقد الاختصاص للمحكمة الإدارية العليا طبقاً لنص المادة 22 من قانون مجلس الدولة رقم 47/1972، كذلك فإن المادة 184 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49/1982 نصت صراحة على أن القرار الصادر من مجلس التأديب يكون الطعن فيه بطريق الاستئناف بطلب كتابى إلى رئيس الجامعة ولا يجوز بأى حال من الأحوال الحكم بوقف تنفيذه، كما أن الثابت من عيون الأوراق أن عميد الكلية عرض على رئيس الجامعة طلب تشكيل مجلس تأديب الطلاب بالكلية لمسئولية الطلبة المحالين لما نسب إليهم من مخالفات حيث وافق على ذلك وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الجزاء الذى وقعه مجلس التأديب قد شابه الغلو وعدم الملاءمة الظاهرة بين خطورة الذنب وبين نوع الجزاء ومقداره وهذا التقدير من قبل المحكمة و إن كان من إطلاقات سلطتها التقديرية إلا أن ذلك مشروط بعدم مخالفة الثابت بالأوراق، فالثابت بها أن المدعين أتوا أفعالاً لا يصح أن تقع من طلاب علم فمنهم من قال للدكتور وكيل الكلية أنت لا تصلح أن تكون دكتوراً ومنهم من قال له لن أتعامل معك على أنك دكتور بل وصل التبجيح بأحدهم أن قال له أنت عربجى وقد بلغ الحال بهم إلى محاولة الاعتداء عليه باليد، ومن ثم تكون العقوبة متناسبة مع ما أتوه من أفعال وأقوال.
ومن حيث إن المادة (180) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 تنص على أن يخضع الطلاب للنظام التأديبى وتبين اللائحة التنفيذية هذا النظام وتحدد العقوبات التأديبية وتنص المادة (181) على أن لمجلس تأديب الطلاب توقيع جميع العقوبات التأديبية ولرئيس الجامعة ولعميد الكلية وللأساتذة المساعدين توقيع بعض هذه العقوبات فى الحدود المبينة لكل منهم فى اللائحة التنفيذية، وتنص المادة (182) على أن يصدر قرار إحالة الطلاب إلى مجلس التأديب من رئيس الجامعة من تلقاء نفسه أو بناء على طلب العميد.
وتنص المادة (184) معدلة بالقانون رقم 155/1981 على أنه لا يجوز الطعن فى القرار الصادر من مجلس تأديب الطلاب إلا بطريق الاستئناف ويرفع الاستئناف بطلب كتابى يقدم من الطالب إلى رئيس الجامعة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار وعليه إبلاغ هذا الطلب إلى مجلس التأديب الأعلى خلال خمسة عشر يوماً، ويشكل مجلس التأديب الأعلى على الوجه التالى:. . . . وفى جميع الأحوال لا يجوز الحكم بوقف تنفيذ قرارات مجلس التأديب أو مجلس التأديب الأعلى قبل الفصل فى الموضوع.
ومن حيث إن مفاد ما سبق أن القانون المشار إليه قد حدد نظاماً لتأديب الطلاب وحدد فيه العقوبات التأديبية الجائز توقيعها على الطلاب على نحو ما تبينه اللائحة التنفيذية للقانون المذكور و اختص رئيس الجامعة وحده بإصدار قرار إحالة الطلاب إلى مجلس التأديب وذلك إما من تلقاء نفسه أو بناء على طلب عميد الكلية المختص.
ونص فى المادة (184) على أنه لا يجوز الطعن فى القرار الصادر من مجلس تأديب الطلاب إلا بطريق الاستئناف إلى مجلس التأديب الأعلى على النحو المبين تفصيلاً فى النص المذكور.
ومن حيث إن لهذه المحكمة قضاء مستقر على أن السلطة التى خولها القانون أمر تأديب الطلاب المشكل من عناصر غير قضائية وبالتالى فهو لا يخرج عن كونه لجنة إدارية، كما أن مجلس التأديب الأعلى الذى استحدثه القانون رقم 95 لسنة 1981 لا يغاير فى طبيعته القانونية الطبيعة الإدارية للمجلس الذى ينظر فى قراراته وممارسة مهمة التعقيب على هذه القرارات لا تجعل قراراته فى صدد هذه المهمة أحكاماً تأديبية بل تعد التكييف القانونى لها من القرارات الإدارية النهائية الصادر من جهات إدارية ذات اختصاص قضائى مما ينعقد الاختصاص بالفصل فى الطعون المقامة بطلب إلغائها لمحكمة القضاء الإدارى عملاً بنص المادة العاشرة بند (ثانياً) من قانون مجلس الدولة رقم 47/1972 فالقرار الصادر من مجلس التأديب الأعلى هو وحده محل الطعن القضائى أمام مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بحسبانه القرار الإدارى النهائى الذى تستنفد به الجهة الإدارية ولايتها التأديبية المقررة بالتطبيق لأحكام القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق وخاصة حافظة مستندات الجامعة المقدمة بجلسة 23/5/1995 أمام محكمة القضاء الإدارى أن وكيل كلية التربية جامعة المنوفية حرر كتاباً إلى عميد الكلية أشار فيه إلى وقوع بعض المخالفات من الطلبة المطعون ضدهم، وبتاريخ 5/4/1995 أحال العميد المذكورين إلى التحقيق وبعد إجراء التحقيق أعد العميد بتاريخ 13/4/1995 مذكرة للعرض على رئيس الجامعة ذكر بها أن الطلبة المشار إليهم أحيلوا للتحقيق عما ارتكبوا من مخالفات وثبتت إدانتهم وبالتالى إحالتهم لمجلس التأديب واقترح تشكيل مجلس التأديب على النحو الوارد بالمذكرة فوافق رئيس الجامعة بذات التاريخ على ما ورد بالمذكرة، ولما كانت إحالة الطلبة إلى مجلس التأديب إنما تم إما من رئيس الجامعة مباشرة أو بناء على طلب العميد وهو ما تحقق فى الحالة الماثلة ومن ثم يكون قرار إحالة الطلبة إلى مجلس التأديب متفقاً وأحكام القانون وليس منعدماً كما ذهب الحكم المطعون فيه، وإذ الثابت من الأوراق أنه تم الطعن على قرار مجلس التأديب أمام القضاء الإدارى مباشرة دون اتباع طريق الطعن عليه بالاستئناف أمام مجلس التأديب الأعلى على النحو المبين بالمادة 184 المشار إليها، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب وقضى بتعديل الدعوى فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون مما يتعين الحكم بإلغائه والقضاء بعدم قبول الدعوى.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون: وبعدم قبول الدعوى، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات.