الطعن رقم 3526 لسنة 36 بتاريخ : 1999/02/02 الدائرة الثالثة
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ شفيق محمد سليم مصطفى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين محمد منير السيد أحمد جويفل محمد إبراهيم محمد قشطة وسالم عبد الهادى محروس جمعة نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
إنه فى يوم السبت الموافق 1/9/1990 أودع الأستاذ/ توفيق أحمد الرجداوى المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا وطلب فى ختام التقرير للأسباب الواردة فيه – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه ثم القضاء فى الدعوى بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 956 لسنة 1984 الصادر فى 24/10/1984 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن اعتباراً من 25/7/1984 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقد أعلن الطعن إلى الجهة المطعون ضدهما وقدم مفوضى الدولة تقرير بالرأى القانونى ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار رقم 956 لسنة 1984 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن للانقطاع وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة المطعون ضدها المصروفات.
وتدوول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون إلى أن قررت بجلسة 5/11/1997 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة – موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 6/7/1998 وتداولته الدائرة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 24/10/1998 قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم 2/2/1999 وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية والإجرائية.
وحيث أنه بتاريخ 21/4/1985 أقام الطاعن الدعوى برقم 3885 لسنة 39 ق أمام محكمة القضاء الإدارى دائرة الجزاءات طالباً الحكم بإلغاء قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 956 لسنة 1984 الصادر بإنهاء خدمته اعتباراً من 25/7/1984 لانقطاعه عن العمل بدون إذن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقد تداولت المحكمة نظر الدعوى إلى أن قضت بجلسة 9/7/1990 بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعى المصروفات وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعى أعير للعمل بديوان المحاسبة بدولة الإمارات لمدة ست سنوات فى الفترة من 25/7/1978 حتى 24/7/1984 وتقدم بطلب لمد الإعارة لمدة عام سابع إلا أن الجهاز رفض تجديد الإعارة لمدة عام سابع وأخطر المدعى بهذا الرفض وضرورة العودة للعمل بمصر إلا أن المدعى أصر على الانقطاع عن العمل فقام الجهاز بإنذار المدعى كتابة على عنوانه بديوان المحاسبة بدولة الإمارات العربية المتحدة بأبو ظبى بالكتاب رقم 7669 فى 1/8/1984 والكتاب رقم 7821 فى 11/8/1984 والكتاب رقم 9213 فى 26/8/1984 والكتاب رقم 9324 فى 29/8/1984 وبالرغم من هذه الإنذارات العديدة المرسلة إلى المدعى فقد أصر على عدم العودة إلى عمله فأصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 956 لسنة 1984 بإنهاء خدمته للانقطاع عن العمل بدون إذن ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر مطابقاً للقانون حصيناً من الإلغاء وأنه لا يقدح فى صحة ما تقدم ما زعمه المدعى بصحيفة دعواه من أن الجهة الإدارية قد خالفت قرار مجلس الوزراء الصادر بجلسة 6/8/1975 بمنح العاملين المعارين مهلة ستة أشهر لإنهاء متعلقاتهم وأن إنهاء خدمته قد صدر قبل مضى الفترة المذكورة إذ أن القول مردود عليه بأن المحكمة الإدارية العليا قضت فى هذا الصدد بأنه لا وجه للقول بأن للمدعى الحق فى الاستمرار فى إعارته لمدة ستة أشهر بعد انتهاء وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر فى 16/5/1975 الذى يجيز للوزير المختص منح العامل المعار مهلة لمدة ستة أشهر بعد انتهائها لإنهاء متعلقاته هو وأسرته لأن منح هذه المهلة هو أمر جوازى للسلطة المختصة حكم المحكمة 968 لسنة 28ق بجلسة 30/12/1984) ولا صحة لما ذهب إليه المدعى بصحيفة دعواه من أنه كان يتعين على الجهة الإدارية مراعاة مواعيد المسافة المنصوص عليها فى قانون المرافعات بإضافة ميعاد المسافة إلى ميعاد الإنذار المنصوص عليه فى المادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز المدعى عليه فهذا القول مردود عليه بأن ميعاد المسافة المنصوص عليه فى المادة 26 من قانون المرافعات يتعين مراعاته عند حساب مواعيد الدعوى وليس عند إرسال الإنذار الكتابى إذ يتعين على الجهة الإدارية عند إرسال الإنذار الكتابى الالتزام بالمواعيد المقررة فى المادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز المدعى عليه فهذا القول مردود عليه بأن ميعاد المسافة المنصوص عليه فى المادة 26 من قانون المرافعات يتعين مراعاته عند حساب مواعيد الدعوى وليس عند إرسال الإنذار الكتابى إذ يتعين على الجهة الإدارية عند إرسال الإنذار الكتابى الالتزام بالمواعيد المقررة فى المادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز المدعى عليه دون إضافة مواعيد مسافة لأن ميعاد المسافة مقرر فى قانون المرافعات لصالح المدعى الذى يقيم فى بلد يبعد عن المحكمة بمسافة معينة عند قيامه رفع الدعوى أو الحضور أمام المحكمة ومن ثم يتعين إهدار هذا الدفاع ولا وجه لما ذهب إليه المدعى من أن الإنذارات التى أرسلها الجهاز المركزى للمحاسبات لم تصل إليه فهذا مردود عليه بأن الجهاز المدعى قدم صور الإنذارات العديدة المرسلة إلى المدعى على عنوانه بديوان المحاسبة بدولة الإمارات العربية بأبو ظبى ومن ثم فقد كان يتعين على المدعى إن كان صادقاً فى ادعائه أن يقدم شهادة رسمية صادرة من ديوان المحاسبة بدولة الإمارات ومصدق عليهما من السفارة المصرية فى أبو ظبى تفيد أن الجهاز المركزى للمحاسبات لم تصل إليه الإنذارات السالف الإشارة إليها وبالتالى لم تسلم هذه الإنذارات للمدعى باعتبار أن الإنذارات كانت ترسل إلى عنوان المدعى بالجهاز المركزى للمحاسبات أما وأن المدعى لم يقدم الشهادة الدالة على ذلك وإنما اكتفى بتقديم شهادة صادرة من هيئة البريد بأبوظبى بتاريخ 17/12/1981 أى بعد مرور أكثر من خمس سنوات على إرسال الإنذارات إليه تفيد بأن هيئة البريد لم تتمكن من من الاستدلال على ما يفيد تسلم المدعى للإنذارات المرسلة إلى المدعى، ذلك أن الجهة الإدارية لم ترسل الإنذارات للمدعى على منزله لتسليمها شخصياً من عامل البريد وإنما كانت ترسلها إلى ديوان المحاسبات الذى كان يقوم بدوره بتسليم تلك الخطابات للمدعى ولو كان المدعى صادقاً فى مزاعمه لكان قد قدم شهادة من ديوان المحاسبة بعدم وصول الإنذارات إليه وهو الأمر الذى لم يفعله المدعى ومن ثم يتعين إهدار هذا الدفاع عدم التعديل عليه.
وإذ لم يرتض الطاعن القضاء السابق أقام طعنه الماثل ناعياً على الحكم المطعون عليه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله إذ لم يرعى فى الإنذار معيار المسافة المنصوص عليه فى قانون المرافعات ولم يتم إعلانه فى النيابة العامة بالطريقة التى يحددها قانون المرافعات فضلاً عن أنه لم يتسلم المكاتبات المشار إليها فى الحكم ولم يقدم الجهاز ما يفيد تسلمه لها فضلاً عن أن الحكم لم يعمل توجيه وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء فى /3/1979 بمنح العامل مدة ستة أشره بعد انتهاء الإعارة حتى تمكنه إنهاء متعلقاته وقد صدر الحكم المطعون فيه على خلاف أحكام المحكمة الإدارية العليا فى هذا الشأن ومنها حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 3274 لسنة 33 ق.ع الذى تضمن أن قرار مجلس الوزراء آنف الذكر بإمهال العامل ستة أشهر تالية لإعارته يعد من قبيل إلزام جهة الإدارة بضوابط يتعين عليها اتباعها إذا اتجهت إلى إعمال قرينة الاستقالة الحكمية وأن هذا القرار قد تضمن قاعدة تنظيمية ملزمة للجهات الإدارية بإمهال العامل المعار ستة أشهر تالية لتاريخ انتهاء إعارته وأن هذه المهلة تمثل حق مقرراً للعاملين المدنيين بالدولة ولا يجوز حرمانه منه لمجرد القول بأن الإدارة قامت بتبصير الطاعن قبل انتهاء إعارته ونبهت عليه بعدم تجديد إعارته مدد أخرى قد قررت المحكمة ذات المبدأ فى حكمها فى الطعن رقم 1524 لسنة 34 ق بجلسة 8 مايو سنة 1990 وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى مخالفة ما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا فإنه يكو قد خالف القانون.
وأضاف الطاعن أن الجهاز قد أساء استعمال حقه فى عدم تجديد إعارة الطاعن إعمالاً لحكم المادة 35 من لائحة العاملين بالجهاز والتى تسمح بتجديد الإعارة دون التقيد بمدة زمنية وفقاً لرغبة المعار إضافة إلى أنه طلب من الجهاز تجديد الإعارة لفترة أخرى أو منحه أجازة خاصة بدون مرتب بعد انتهاء إعارته فى 25/7/1989 وذلك لإنهاء متعلقاته وحتى تنتهى أولاه من العام الدراسى حتى 15/1/1985 وهو ما ينفى قرينة الاستقالة الضمنية إلا أن الجهاز لم يمهله ورفض قبول استقالته وأنهى هدمته بالانقطاع مما ترتب عليه حرمانه من المكافأة التى تضمنها قرار رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات رقم 142 لسنة 1982 والتى تعادل مرتب خمسة عشر شهراً ويمكنه أن يحصل عليها فيما لو انتهت خدمته بالاستقالة وليس بالانقطاع عن العمل.
ومن حيث أن المادة (35) من لائحة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات الصادرة بقرار مجلس الشعب بجلسة 8 من يوليو سنة 1975 تنص على أنه يجوز بقرار من رئيس الجهاز المركزى بعد موافقة العامل كتابة – إعارته للعمل فى الداخل أو الخارج وذلك لمدة أقصاها سنتان بالداخل وأربع سنوات فى الخارج.
ويجوز لرئيس الجهاز تجاوز هذه المدة سواء كانت الإعارة فى الداخل أو الخارج إذا دعت إلى ذلك اعتبارات المصلحة العامة ………
وتنص المادة (79) من ذات اللائحة على أن يعتبر العامل مقدماً استقالته فى الحالات الآتية:
أولاً: إذا انقطع عن عمله بدون إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفى هذه الحالة يجوز لرئيس الجهاز أن يقرر عدم حرمان العامل من أجره عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الأجازات يسمح لذلك وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة فإذا لم يقدم العامل أسباباً قرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
ثانياً: ………………….
وفى الحالتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه بخمسة أيام فى الحالة الأولى وعشرة أيام فى الحالة الثانية.
وحيث أن مفاد ما تقدم أنه يجوز إعارة العاملين بالجهاز المركزى للمحاسبات للداخل أو الخارج بعد موافقة العامل الكتابية لمدة أقصاها سنتين بالداخل وأربع سنوات فى الخارج ويجوز لرئيس الجهاز تجاوز هذه المدة إذا دعت إلى ذلك اعتبارات المصلحة العامة وأنه فى حالة انقطاع العامل عن عمله بعد انتهاء الأجازة أو الإعارة المرخص له بها دون عذر مقبول خلال الخمسة عشر يوماً التالية اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل بعد إنذاره كتابة بعد انقطاعه بخمسة أيام.
ومن حيث أن الثابت من أوراق الطعن الماثل أن الطاعن أعير إلى دولة الإمارات العربية لمدة أربعة سنوات وتم مدها للمصلحة العامة لمدة سنتين أخريين فى الفترة من 15/7/1978 حتى 24/7/1984 إلا أنه لم يعد لعمله بعد انتهاء إعارته وتقدم بطلب لمد الإعارة لمدة عام سابع إلا أن الجهاز أبلغه برفض طلبه وضرورة العودة إلى عمله فتقدم بطلب فيه منحه مهلة حتى 15/1/1985 لإنهاء متعلقاته ولينتهى أولاده من دراستهم بالمدارس أو قبول استقالته إلا أن الجهاز رفض قبول استقالته ورفض منحه المهلة التى يطالب بها وأنذره بالعودة إلى العمل على عنوانه بديوان المحاسبة بدولة الإمارات العربية بأبوظبى بكتابات الجهاز أرقام 7839 فى 11/8/1984، 9213 فى 26/8/1984، 9324 فى 29/8/1984 التى نبهت فيها بصيغة واضحة لا لبس فيها ولا غموض بضرورة العودة فوراً لتسلم عمله وإلا سيطبق عليه الجهاز نص المادة 5791 من لائحة العاملين بالجهاز التى تقضى باعتبار العامل مقدماً استقالته إذا انقطع عن العمل بدون إذن كما سبق لجهة الإدارة الجهاز المركزى للمحاسبات أن أرسل إليه برقية فى 28/6/1983 برقم 2197 ينبهه فيها قبل انتهاء الإعارة بشأن قواعد الإعارات المطبق بالجهاز تقضى بأن لا تزيد مدة الإعارة عن ستة سنوات بأى حال من الأحوال وأن إعارته تنتهى فى 24/7/1984 وخطابها رقم 6065 فى 9/6/1984 قبل انتهاء إعارته الذى رفض فيه الجهاز المقدم منه للموافقة على تجديد الإعارة لعام سابع وأمام عدم عودته لتسلم عمله أصدر رئيس الجهاز قراره رقم 956 لسنة 1984 الصادر فى 24/10/1984 بإنهاء خدمته للانقطاع بعد أن رفض العودة واستمر فى العمل بدولة الإمارات بعد انتهاء إعارته بدون إذن من الجهاز ومن ثم يكون القرار المطعون عليه بإنهاء خدمته بالانقطاع قد صادف صحيح حكم القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون عليه هذا المذهب فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ومضى هذا الوجه من الطاعن غير قائم على سند يبرره ولا ينال منه ما ذهب إليه الطاعن من أنه لم يتسلم الإنذارات إذ أن هذا القول يناقضه الواقع إذ أن الجهاز قام بتنبيه قبل انتهاء إعارته بعدم الموافقة على مد مدة الإعارة لسنة سابعة وقد وصله هذا الخطاب الذى أرسل على ذات عنوانه بديوان المحاسبة بدولة الإمارات وقام الطاعن بالرد عليه بالتماس طلب فيه منحه مهلة حتى ينهى متعلقات أولاده بالمدارس أو قبول استقالته وهو قرينة على وصول مراسلات الجهاز إليه على عنوانه بالديوان.
ومن حيث أنه عما نعاه الطعان على الحكم المطعون عليه من أنه لم يعمل توجيهات مجلس الوزراء بجلسة 6/8/1975 ومخالفة ذلك لأحكام المحكمة الإدارية العليا فى الطعون 3294/33ق عليا بجلسة 30/1/1990، 1524 لسنة 34ق.ع بجلسة 8/5/1990 فقد انتهى قضاء المحكمة الإدارية العليا بهيئتها المشكلة إعمالاً لأحكام المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 دائرة توحيد المبادئ فى الطعن رقم 267 لسنة 34 ق.ع بجلسة 3 مارس عام 1994 إلى أن القاعدة التى تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر فى 6/8/1975 لا تعدو أن تكون مجرد توصيات غير ملزمة وأنه لا يغير من ذلك القول بأن إلزامية تلك القاعدة إنما تستمد من المحكمة من تقريرها وهى تمكين العامل المعار من تدبير أمر عودته هو وأفراد أسرته لا سيما إذا كان له أبناء يتلقون العلم بمدارس الدولة المعار إليها مما يرتبط بميعاد انقضاء العام الدراسى وكذلك تسوية متعلقاته المالية بالدولة المعار إليها وتهيئة الاستقرار للعمالة المصرية بالخارج ذلك أن هذه أمور كلها يمكن للعامل المعار أن يتدبرها مقدماً قبل انتهاء إعارته بوقت كافى لا سيما إذا كانت مدة الإعارة قد بلغت الحد الأقصى المسموح به وكان يعلم سلفاً بعدم اتجاه فيه جهة عمله إلى التصريح له بمدة أخرى فإذا لم يتيسر له لسبب أو لآخر تدبير أموره فهنا يظهر مجال السلطة التقديرية لجهة الإدارة فى تقدير العذر المبرر لانقطاعه عن العمل وعدم عودته فور انتهاء مدة إعارته وهو أمر تملكه جهة الإدارة وفقاً للاختصاص المخول لها قانوناً متى تقدم العامل بما يثبت أن انقطاعه كان له ما يبرره وفى هذه الحالة تتم تسوية مدة انقطاعه عن العمل على النحو المحدد قانوناً سواء باعتبارها من رصيد أجازاته الاعتيادية متى سمح هذا الرصيد بذلك أو بحرمانه من الأجر المستحق عنها وذلك على حسب الأحوال وبهذه الصورة فإن المشرع يكون قد نظم كيفية تسوية مدة انقطاع العامل التالية لإعارته متى حال دون عودته عذر مقبول فهو لم يجعل من مجر انتهاء الإعارة وعدم عودة العامل المعار سبباً لإنهاء خدمته وإنما رخص لجهة الإدارة تقدير العذر المبرر لعدم عودته وهو أمر تقدره جهة الإدارة بالنسبة لكل عامل معار على حدة ومن البديهى أن ممارسة جهة الإدارة لسلطته التقديرية هذه لا معقب عليه طالما خلت هذه الممارسة من عيب اساءة استعمال السلطة بحيث إذا ما تبين وجود هذا العيب كان من حق العامل الالتجاء إلى القضاء الإدارى طعناً على القرار الصادر من جهة الإدارة برفض منحه هذه المهلة يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا – دائرة توحيد المبادئ فى الطعون رقم 262 لسنة 34 ق.ع بجلسة 3/3/1994.
وحيث أن الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى ذات المذهب الذى انتهت إليه دائرة توحيد المبادئ لما تبين له من أن الطاعن كان يعلم سلفاً وقبل انتهاء إعارته برفض الجهة الإدارية تجديد هذه الإعارة لعام سابع بعد أن تجاوز الحد الأقصى للإعارة المسموح به ولم يرد بالأوراق ما يستفاد منه أن قرار الجهة الإدارية بعدم منحه المهلة مشوب بعيب التعسف فى استخدام السلطة وهو عيب يجب على من يدعيه إثباته وقد خلت أوراق الطعن الماثل على اساءة الجهاز لسلطته فى هذا الصدد لم يقدم الطاعن دليلاً على ذلك سواء فى مرحلة الدعوى أو فى مرحلة الطعن ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد صادف صحيح حكم القانون مما يتعين معه والحالة هذه رفض الطعن الماثل.
ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.