الطعن رقم 3604 لسنة 45 بتاريخ : 2000/04/09
____________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: محمد عبد الرحمن سلامة ، وسعيد أحمد محمد حسين برغش ، ومحمود إسماعيل رسلان مبارك ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
في يوم الأحد الموافق 31/3/1999 أودع الأستاذ عبد المنصف خليل المحامى نائباً عن الأستاذ أحمد خلف البيومى المحامى قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3604 لسنة 45ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 1084 لسنة 53 ق جلسة 9/2/1999 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً والقضاء مجدداً بإلغاء القرار رقم 235 لسنة 97 فيما تضمنه من فصل الطالب من كلية الطب جامعة الأزهر مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقد تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 3/5/1999، وبجلسة 28/9/1999 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلساتها حتى قررت إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1084 لسنة 53 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 5/11/1998 طلب فى ختامها بوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من جامعة الأزهر بفصله من الفرقة الثانية بكلية الطب لاستنفاد مرات الرسوب وإعطائه فرصة أخرى لدخول الامتحان عوضاً عن السنة التى لم يدخل الامتحان فيها لمرضه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المدعى عليها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة . وقال بياناً لدعواه أنه كان مقيداً بالفرقة الثانية بكلية الطب جامعة الأزهر فى العام الجامعى 96/1997 ولم يتمكن من دخول الامتحان فى الدورين بسبب مرضه النفسي حيث كان يعانى من اكتئاب نفسى حاد حجز على أثره بمستشفى الصحة النفسية فى الفترة من 4/5 حتى 12/6/1997، وحجز مرة أخرى فى الفترة من 5/8/1997 حتى 20/9/1997، ومنذ هذا التاريخ وهو يعانى من هذا المرض الذى أثر على حياته ودراسته وخلال شهر سبتمبر سنة 1998 بعد أن تم شفاؤه توجه إلي الكلية ففوجئ بأنه راسب بالفرقة الثانية ومستنفذ لمرات الرسوب ولم يعلن بقرار الفصل إلا فى 26/9/1998.
وبجلسة 9/2/1999 صدر الحكم المطعون فيه برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وأقامت المحكمة قضاءها على أن البادى من الاطلاع على أوراق الدعوى أن المدعى التحق بالفرقة الأولى بكلية الطب بنين جامعة الأزهر فى العام الجامعى 93/1994 وأدى الامتحان ونجح ونقل إلى الفرقة الثانية فى العام الجامعي 94/1995 وأدى الامتحان ورسب، وفى عام 95/1996 أدى الامتحان ورسب في الدورين، وفى عام 96/1997 منح فرصة من الخارج وتغيب عن الامتحان في الدورين وأعلنت النتيجة برسوبه فى مواد هستولوجيا وتشريح وكيمياء بضعيف جداً وعرض أمره على مجلس الكلية الذى قرر الموافقة على إتمام إجراءات فصله لاستنفاد مرات الرسوب ومن ثم فإن ما قامت به الجامعة يكون موافقاً لصحيح حكم القانون بحسب الظاهر من الأوراق ومن ثم ينتفى ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، ويتعين الالتفات عما ذكره المدعى – من أنه كان مريضاً باكتئاب نفسى دخل على أثره مستشفى بنها للصحة النفسية بمحافظة القليوبية. وأن مدة دخوله المستشفى وأن كانت معاصرة لامتحان دور مايو سنة 1997 إلا أنه لم يتخذ بشأنها الإجراءات المقررة قانوناً من إخطار الكلية بها لعرضه على اللجنة الطبية بالجامعة لأعمال شئونها للاعتداد بها من عدمه والبت فيها قبل صدور قرار الفصل وعليه يكون غيابه عن دور مايو سنة 1997 بدون عذر مقبول، وخلت الأوراق مما يفيد أنه تقدم بعذر مرضى أيضاً عن دور أغسطس سنة 1997 الأمر الذى يفيد أن جهة الإدارة لا علم لها بمرض المدعى ولم يثبت إخطاره لها به قبل صدور القرار المطعون فيه وبعد غيابه عن دخول الامتحان في العام الجامعي 96/1997 بدون عذر مقبول ويعتبر رسوبا بتقدير ضعيف جداً.
ومن حيث أن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه جاء مجحفاً بحقوقه للأسباب الآتية:-
أولاً: أن المستفاد من نص المادة (220) من اللائحة التنفيذية لقانون إعادة تنظيم الأزهر رقم 103 لسنة 1961 أن الطالب كان عليه أن يتخذ بشأن حجزه فى المستشفى فى الفترة المذكورة الإجراءات المقررة وهى إخطار الكلية بذلك لعرضه على اللجنة الطبية المختصة بالجامعة لإعمال شئونها للاعتداد بها من عدمه، إلا أن الأمر يختلف فى حالة ما إذا كان الطالب مريض بمرض نفسى هو الاكتئاب الحاد ويجهل كافة الإجراءات وكان أول شئ ينظر إليه فى هذه الحالة هو علاجه أولاً مما هو فيه لأن مرضه النفسى جعله فى عزلة عن كل شئ حتى عن مستقبله الدراسى الأمر الذى يعتبر عذراً قهرياً خارج عن إرادته، وأن تخلفه عن الامتحان بعذر قهري فلا يعد غيابه رسوباً ولو كان فى حالة مطمئنة لتقدم باعتذار عن الدورين للكلية ولكنه كان فى حالة سيئة لا تسمح له بمعرفة أى شئ فى الدنيا كلها وليس مستقبله العلمى فقط ذلك لأن المرض النفسى هو من الأمراض التى تحطم صاحبها وأعراضه عديدة يصعب معها إدراك صاحبها لشئونه وقدم الدليل على ذلك أمام محكمة القضاء الإدارى والتى لم تلتفت إليه واعتبرت هذا الدليل كأن لم يكن ولم تقتنع به كما لو كان صادراً من أى جهة غير مرخص لها بالعلاج وهذا يعد إجحافاً بحقوق الطالب وضياع لمستقبله العلمى وهو ما يجعل الحكم المطعون فيه جديراً بالإلغاء.
ثانياً: أن مجلس كلية كلب الطب قد أصدر القرار رقم 156 لسنة 1996 فى 1/10/1996 والذى أعطى الطالب/ ياسر عبد الحكيم محمد دورين بدلاً من الدورين المريض خلالهما وكان فى نفس حالة الطاعن محجوزاً فى إحدى مستشفيات الصحة وهى مستشفى الخانكة وقد أرفق الشهادات المرضية التى تفيد حجزه بالمستشفى وكانت هذه الشهادات دليل على إعطائه الحق فى أن من كان له ظروف قهرية تمنعه من دخول الامتحان دورين يعطيه مجلس الكلية الحق فى دخول دورين بدلهما وهذا يدل على أن الجامعة لا تمانع فى إعطاء الحق بهذه الكيفية ولكن لظروف الطاعن لم يعرض الأمر على الكلية وكان يجب على المحكمة أن تعطى له هذا الحق وأن تعتبر عذر الطالب عذراً قهرياً حتى لو لم يعرض الأمر على الكلية لأنه ثابت بمستندين رسميين صادرين من جهة حكومية رسمية مختصة.
ومن حيث أن المادة (220) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والصادرة بالقرار الجمهورى رقم 250 لسنة 1975 والمعدلة بالقرار الجمهورى رقم 26 لسنة 1992 تنص على أنه “ لا يجوز للطالب أن يبقى بالفرقة أكثر من سنتين، ويجوز لمجلس الكلية الترخيص للطلاب الذين قضوا بفرقتهم سنتين فى التقدم إلى الامتحان من الخارج فى السنة التالية فى المقررات التى رسبوا فيها، وذلك فيما عدا طلاب الفرقة الإعدادية والفرقة الأولى فى الكليات التى لها بها فرقة إعدادية …………………… ………………………… وإذا تخلف الطالب عن دخول الامتحان لعذر قهري يقبله مجلس الكلية فلا يحسب غيابه رسوباً، وبشرط ألا يزيد التخلف عن مرتين متتاليتين أو متفرقتين خلال سنى الدراسة بالكلية، ويجوز فى حالة الضرورة بقرار من مجلس الجامعة منح فرصة ثالثة للطالب، ويعتبر الطالب المتغيب عن الامتحان بغير عذر مقبول راسباً بتقدير ضعيف جداً.
ومن حيث أن مفاد هذا النص أن المشرع قد جعل تخلف الطالب عن دخول الامتحان بعذر قهرى يقبله مجلس الكلية فلا يحسب غيابه رسوباً، وإذا كانت جامعة الأزهر على ما يبين من حافظة مستنداتها المقدمة بجلسة 28/11/1999 أمام المحكمة قد اعتمدت نظاماً للبت فى الاعتذارات المرضية المقدمة من الطلاب فإن تقدم الاعتذارات باسم عميد الكلية قبل بداية الامتحان أو أثناءه فقط. وأوجبت على الطالب الذى تحول ظروفه المرضية دون انتقاله إلى اللجنة الطبية المختصة للكشف الطبى عليه أن يتقدم بشهادة من مستشفى حكومى أو جامعى أو عضوين من أعضاء هيئة التدريس بكليات الطب بالجامعات المتخصصة في نوع مرض الطالب – يثبت عدم قدرة الطالب على الانتقال لمقر اللجنة، وفى جميع الأحوال يصدر قرار من مجلس الكلية المختص بقبول أو رفض الاعتذارات المرضية المقدمة من الطلاب طبقاً لما قررته اللجنة الطبية المختصة فى حالة الطالب المرضية. ومن هذه القواعد يبين أنه إذا لم يقدم الطالب عذره المرضى قبل بداية الامتحان أو أثناءه فقط فلا يقبل عذره عن التخلف عن أداء الامتحان حتى لو كان عذراً قهرياً مقبولاً، وفى ذات الوقت يعتد هذا النظام بالشهادات الصادرة من المستشفيات الحكومية التى تثبت عدم قدرة الطالب على الانتقال لمقر اللجنة، ولما كان مفهوم الضرر القهرى أنه الذى يحيط بالشخص بحيث يفقده القدرة على تدبير أموره على نحو ما يفعل فى الأحوال العادية، ومن ثم فإذا وقع للطالب قبل هذا العذر القهرى الذى يخرجه عن أحواله العادية على نحو يحول بينه وبين تقديم ما يفيد قيام هذا العذر فى الميعاد المشار لا يصح أن يكون ذلك سبباً لحرمانه من دخول الامتحان، فلا يجوز أن يغدو مجرد عدم تقديم العذر فى الميعاد المشار إليه دليلاً على تخلف هذا العذر بشأنه، بل أن الأمر يستلزم مناقشة هذا العذر القهرى حيث لو قدم بعد الامتحان ويغدو مجلس الكلية هذا العذر وله أن يقبله أو يرفضه ومن ثم يتخذ قراره بشأن الطالب فى ضوء ذلك – وخاصة بالنسبة للطلاب الذى يثبتون عذرهم بشهادات رسمية صادرة من أحد المستشفيات الحكومية والذى يعتد بها النظام السالف بيانه كمستند رسمى يثبت عدم قدرة الطالب على الانتقال للجنة الطبية.
ومن حيث أن الثابت من ظاهر الأوراق أن الطاعن كان مقيداً بالفرقة الثانية بكلية طب الأزهر فى السنة الثانية عام 94/1995 ورسب الدورين ، وفى عام 95/1996 ورسب الدورين ومن ثم تنتفى له فرصة ثالثة وأخيرة من الخارج، وإذ قدم ضمن حافظة مستنداته أمام القضاء الإدارى شهادة رسمية من مستشفى الصحة النفسية ببنها بأنه دخل المستشفى فى المدة من 4/5/1997 وخرج منها فى 12/6/1997 وشخصت حالته (اكتئاب تفاعلي شديد) وهذه الشهادة محررة فى 1/7/1998، وقدم شهادة أخرى تفيد دخوله ذات المستشفى من 13/8/1998 حتى 15/9/1998 ومحررة فى 20/9/1998 – ولما كان أمر تقدير مدى صحة مرضه المشار إليه من عدمه إنما هو من الأمور الفنية التى يختص أهل الخبرة من الأطباء وكذلك اللجان الطبية التى تشكلها الجامعة المطعون ضدها إلا أن عدم تقديم الطاعن لهذه الشهادات قبل بداية الامتحان أو أثناءه لا يكفى لإهدار ما ورد بها خاصة مع حالة الطالب المذكور النفسية الذى صدر بشأنها أن تجعله عاجز عن حسن التقدير لما يترتب على ذلك من عدم أخذه بموجب تقديم الشهادة المرضية فى الميعاد المشار إليه، وإذ صدر قرار الجامعة المطعون ضدها بفصله رغم أن المستفاد من الشهادتين المشار إليهما أنه مريض فى الدور الأول لعام 96/1997 وهاتين الشهادتين لم يرد بهما ما يفيد مرضه فى الدور الثانى لعام 96/1997 ومن ثم فإنه وأخذاً بظاهر ما ورد بهاتين الشهادتين الرسميتين الصادرتين من جهة حكومية فإن ثمة عذر قهرى قام بالطاعن منعه من دخول الدور الأول عام 1997 ولم يثبت قيام هذا العذر بشأنه فى الدور الثانى لنفس العام ومن ثم فلا يعد غيابه عن الدور الأول رسوباً بينما يعد غيابه عن الدور الثانى رسوباً ويكون القرار الصادر بفصله قبل منحه فرصة دخول دور واحد فى السنة الثانية بكلية طب بنين الأزهر مخالفاً للقانون جديرا بالإلغاء. وإذ يتعلق الأمر بمستقبل الطالب الدراسي فإنه تتوافر حالة الاستعجال ويتوافر من ثم ركنى الجدية والاستعجال فى ظل وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإذ حالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يغدو مخالفاً للقانون جديراً بالإلغاء.
ومن حيث أن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على النحو الوارد بالأسباب وألزمت الجامعة المطعون ضدها المصروفات.