الطعن رقم 3709 لسنة 44 بتاريخ : 2000/11/12 الدائرة الخامسة
________________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد الحسينى مسلم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، أحمد عبد الحليم أحمد صقر، د. محمد ماهر أبوالعينين حسين، أحمد محمد حامد محمد حامد (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
في يوم السبت الموافق 21/3/1998 أودع الأستاذ/ محمد إبراهيم سليمان جمعة المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن – قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا – تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3709 لسنة 44 ق.ع في قرار مجلس التأديب المشار إليه والذى قضى بفصل الطاعن من الخدمة.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة عاجلة بإيقاف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وأتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته في مواجهة هيئة قضايا الدولة على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بالمحاضر حيث أودع الطاعن مذكرة دفاع وبجلسة 28/12/1999 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) لنظره بجلسة 23/1/2000 والتى نظرته بهذه الجلسة والجلسات التالية لها وبجلسة 15/10/2000 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث أن عناصر هذا النزاع، تتحصل حسبما يبين من الأوراق وبالقدر اللازم إصدار هذا الحكم في أنه بتاريخ 7/4/1997 صدر قرار السيد المستشار، مدير إدارة النيابات بإيقاف الطاعن الموظف بنيابة السويس عن العمل احتياطياً لمدة ثلاثة أشهر مع إيقاف صرف نصف راتبه اعتباراً من 8/4/1997 وعرض أمره على مجلس التأديب المختص عملاً بنص المادة (83) من القانون رقم 47 لسنة 1978 خلال عشرة أيام من تاريخ صدور هذا القرار للنظر في مد إيقافه عن العمل لحين الفصل في الاتهام المسند إليه في القضية رقم 1053 لسنة 1997 جنايات فيصل، وبإحالة الأوراق إلى مجلس التأديب العاملين محكمة السويس الابتدائية تم قيدها دعوى تأديبية برقم (1) لسنة 1997، حيث قام المجلس بنظر طلب مد إيقاف الطاعن عن العمل على النحو المبين بمحاضر جلساته، وبجلسة 21/2/1997 أصدر المجلس القرار المطعون فيه والذى قضى بفصل الطاعن من الخدمة وشيد المجلس قراره على أن الثابت من الأوراق أن الطاعن إبان عمله بنيابة السويس الكلية اتهم في عدة قضايا كان آخرها الجناية رقم 1053 لسنة 1997 جنايات فيصل بتهمة إحراز مواد مخدرة بقصد التعاطى وحيازة مطواه قرن غزال، فضلاً عن سبق الحكم عليه في الجنحة رقم 546 لسنة 1982 جنح فيصل والتى قيدت 323 لسنة 1992 جنح أحداث السويس للسرقة ووضعه تحت الاختبار القضائى، والحكم عليه في الجنحة رقم 3843 لسنة 96 جنح فيصل بالحبس لمدة شهر، واتهامه في القضية رقم 29 لسنة 1994 بتهمة التشرد، ولما كان ما اقترفه المذكور على النحو السالف بيانه يعد خروجاً صارخاً على مقتض الواجب الوظيفى في أعمال وظيفته بالنيابة العامة ومن شأنه الإخلال بكرامة هذه الوظيفة وفيه مخالفة للقوانين واللوائح وواجبات العمل الوظيفى، مما يجعل المجلس يأخذه بالشدة ومعاقبته بالفصل من الخدمة وعليه خلص المجلس إلى قضائه المتقدم بفصل الطاعن من الخدمة.
ومن حيث أن الطعن الماثل يقوم على أساس أن القرار المطعون فيه صدر منعدماً وباطلاً بطلاناً مطلقاً ومبنياً على إجراءات باطلة للأسباب الآتية:
1- بالنسبة لبطلان إجراءات محاكمة الطاعن، ذلك أن مجلس التأديب ملزماً بالنظر في الأمر المعروض عليه من السلطة المختصة ولا يحق له أن يتجاوز حدود هذا الطلب، ولما كان الأمر المعروض على مجلس التأديب وفقاً للقرار رقم 145 لسنة 1997 هو الفصل في مد إيقاف الطاعن عن العمل لحين الفصل في القضية رقم 1053 لسنة 1997 جنايات فيصل، فمن ثم فإن قيام المجلس بالفصل في الدعوى التأديبية دون صدور قرار بإحالتها إلى هذا المجلس يصم إجراءاته والقرار الصادر فيها بالانعدام والبطلان المطلق.
2- القصور في التسبيب والقضاء على خلاف الثابت بالأوراق، ذلك أن الطاعن أحيل إلى مجلس التأديب للنظر في أمر مد إيقافه عن العمل لحين الفصل في الاتهام المنسوب إليه في القضية رقم 1053 لسنة 1997 جنايات فيصل، وبالتالى كان يتعين على المجلس أن يفصل في الدعوى التأديبية على أساس ما تم الفصل فيه في الاتهام المنسوب إليه، ولما كانت محكمة جنايات السويس قد قدت ببراءة الطاعن من هذا الاتهام لعدم ثبوته في حقه، فمن ثم كان يتعين على مجلس التأديب أن يقضى بوقف قرار إيقاف الطاعن عن عمله وإعادته للعمل، الأمر الذى يجعل القرار المطعون فيه فيما قضى به من إدانة للطاعن استناداً إلى سبق الحكم على الطاعن في عدة قضايا سابقة على شغله للوظيفة العامة، قد جاء مشوباً بالقصور في التسبيب والقضاء على خلاف الثابت بالأوراق، مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
3- الفساد في الاستدلال، ذلك أن سبب إحالة الطاعن إلى مجلس التأديب هو الاتهام المنسوب إليه في القضية رقم 1053/1997 جنايات فيصل، ولما كان الطاعن قد حصر على حكم بالبراءة من هذا الاتهام، فمن ثم فإن إدانته بالإخلال بواجبات الوظيفة رغم براءته، يعد فساداً في الاستدلال، يبطل القرار المطعون فيه.
4- عدم تناسب العقوبة مع المخالفة المنسوبة للطاعن، ذلك أن الطاعن أدين بالإخلال بواجبات وظيفته لتشاجره خارج نطاق العمل والوظيفة مع جاره الذى تصالح معه، فمن ثم يكون جزاء الفصل من الخدمة غير متناسباً مع هذه المخالفة وبالتالى يكون القرار المطعون فيه مشوباً بإساءة استعمال السلطة متعيناً إلغائه .. ومن ثم خلص الطاعن بتقرير طعنه إلى طلب الحكم له بطلباته المسطرة بصدر هذا الحكم.
ومن حيث أنه عن موضوع، فإن الثابت من الأوراق والمستندات أنه إبان عمل الطاعن بنيابة السويس اتهم بإحراز مواد مخدرة بتاريخ 23/3/1997 بدائرة قسم فيصل بقصد التعاطى وتحرر عن ذلك محضراً قيد بعد ذلك بالجناية رقم 1053 لسنة 1997 جنايات فيصل، وبتاريخ 7/4/1997 أصدر المستشار مدير الإدارة العامة للنيابات القرار رقم 145 لسنة 1997 بإيقاف الطاعن عن العمل احتياطياً لمدة ثلاثة أشهر مع إيقاف صرف نصف راتبه، وعرض أمره على مجلس التأديب عملاً بنص المادة (83) من القانون رقم 47 لسنة 1978 خلال عشرة أيام تاريخ صدور هذا القرار للنظر فى مد إيقافه عن العمل لحين الفصل فى الاتهام المسدد إليه فى القضية رقم 1053 لسنة 1997 جنايات فيصل، وبتاريخ 10/4/1997 أعد رئيس نيابة السويس الكلية مذكرة فى هذا الشأن خلص فيها إلى عرض أمر مد إيقاف الطاعن عن العمل على مجلس تأديب العاملين بمحكمة السويس الكلية والذى قام بنظر أمر مد الوقف بجلساته على النحو المبين بالمحاضر وبجلسة 16/7/1997 أمر المجلس بعد الوقف لمدة ثلاثة أشهر أخرى وبجلسة 4/10/1997 ثلاثة أشهر أخرى وبجلسة 3/1/1998 حضر الطاعن أمام مجلس التأديب وقدم شهادة من واقع جدول محكمة جنايات السويس تفيد براءته من الاتهام المنسوب إليه بجلسة 16/12/1997 والتمس وقف قرار الوقف عن العمل وإعادته لعمله فحجزت الدعوى للقرار لجلسة 24/1/1998 ثم مد أجل الحكم لجلسة 21/2/1998 حيث أصدر المجلس المذكور القرار المطعون فيه بفصل الطاعن من الخدمة تأسيساً على سبق مجازاته جنائية عن بعض الوقائع المبينة بأسباب هذا القرار والتى لم ترد أو يذكر شئ منها فى قرار الإحالة على ما سلف البيان.
ومن حيث أن المادة (83) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة المستبدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنمى على أن لكل من السلطة المختصة ومدير النيابة الإدارية حسب الأحوال أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التى تحددها ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف أجره ابتداء من تاريخ الوقف ..
ومن حيث أن مفاد النص المتقدم أن الوقف عن العمل احتياطياً ليس من قبيل العقوبة التى توقع على العامل لقاء مخالفة تأديبية ثبت وقوعها مده، وإنما هو مجرد إجراء احتياطى كما يبين من تسمية القانون له، يجوز للسلطة المختصة أو النيابة الإدارية أن تلجأ إلى اتخاذه فى شأن العامل متى قامت به دواعيه، وأن سلطة المحكمة التأديبية أو مجلس التأديب حسب الأحوال عند عرض أمر مد مدة وقف العامل عن العمل مقصورة على رفض مد هذه المدة أو مدها لمدة أخرى، دون التصدى للفصل فى مخالفة تأديبية تكشف عنها أوراق طلب وقف العامل عن العمل، وفى حالة تصدى المحكمة التأديبية أو مجلس التأديب للفصل فى هذه المخالفة فأنه يكون قد خرج عن حدود ولايته الولائية القاصرة على الفصل فى أمر الوقف عن العمل، وتصدى للفصل فى منازعة تدخل فى اختصاص مجلس التأديب بهيئة قضاء تأديبى دون أن تصل إليه وفقاً للطريق الذى رسمه القانون، الأمر الذى يجعل قراره منطوياً على غصب للسلطة ينحدر بالقرار إلى درجة الانعدام.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن “الخصومة فى دعاوى التأديب لا تنعقد ولا تتصل بها المحكمة المختصة إلا إذا تمت الإحالة وفق الإجراءات التى نص عليها القانون ومن السلطة التى حددها كالنيابة الإدارية باعتبارها السلطة المختصة بالإحالة إلى المحاكم التأديبية، والجهة الإدارية التى حددها القانون بالنسبة للإحالة إلى مجالس التأديب، وبغير ذلك لا تنعق الخصومة ولا تقوم الدعوى التأديبية أصلاً وبالتالى لا تملك المحكمة التأديبية أو مجلس التأديب التصدى لنظر دعوى لم تتصل بها وفق الإجراءات القانونية السليمة، فإذا تصدت المحكمة التأديبية أو مجلس التأديب لنظر دعوى لم تتصل بها على الوجه الذى يتفق وحكم القانون، فإن الحكم أو القرار الصادر فى الدعوى يقع باطلاً..” الطعن رقم 2841 لسنة 42 ق.ع – جلسة 29/3/1997”.
ومن حيث أنه على هدى ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن القرار رقم لسنة 19 بإحالة الطاعن إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة السويس الابتدائية قد صدر من السيد المستشار مدير النيابات بصفته السلطة المختصة قانوناً تطبيقاً للمادة رقم (83) من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه للنظر فى مد مدة وقف الطاعن عن العمل، فمن ثم فإن تصدى مجلس التأديب المذكور للفصل فى المخالفات التى كشفت عنها أوراق طلب مد مدة وقف الطاعن عن العمل ومجازاته بالفصل من الخدمة دون أن تتصل به الدعوى التأديبية من هذه المخالفات وفقاً للإجراءات القانونية السليمة يترتب عليه بطلان القرار المطعون فيه مما يتعين معه الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون بفصل الطاعن من الخدمة مع ما يترتب على ذلك من آثار.
