الطعن رقم 3714 لسنة 37 بتاريخ : 1999/06/03 الدائرة الثانية
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ الدكتور محمد جودت أحمد الملط رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأستاذ المستشارين/ محمد يسرى زين العابدين وشفيق محمد سليم وثروت عبد الله أحمد عبد الله ورأفت محمد السيد يوسف ورائد جعفر النفراوى ود. ابراهيم على حسن وسعد الله محمد حنتيره وعويس عبد الوهاب عويس ومحمد عبد الرحمن سلامة وأحمد ابراهيم عبد العزيز تاج الدين (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
بتاريخ 30/7/1991 أودع الأستاذ محمود محمد حمزة المحامى بصفته نائبا عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 3714 لسنة 37 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 5939 لسنة 40 ق الذى قضى فى منطوقه أولا : بقبول طلب إلغاء تقرير كفاية المدعى عن عام 1984 شكلا وفى الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثانيا: بعدم جواز نظر طلب إلغاء القرار رقم 112 لسنة 1985 لسابقة الفصل فيه. ثالثا: إلزام كل من المدعى وجهة الإدارة المصروفات مناصفة.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن وللأسباب الواردة فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فى شقه الأول والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد تم إعلان تقرير الطعن قانونا وقدمت هيئة مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وتداولت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثانية- نظر الطعن حيث قررت بجلسة 11/7/1997 إحالته إلى المحكمة الإدارية الدائرة الثانية دائرة الموضوع التى نظرته بجلسة 29/9/1997 وتداولت نظره على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن قررت بجلسة 9/5/1998 إحالته إلى الدائرة المشكلة طبقا للمادة (54) مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة معدلا بالقانون رقم 134 لسنة 1984 وذلك للأسباب التى تضمنها قرار الإحالة والمتمثلة فى أن القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة ينص فى المادة (28) على أن …. ويكون تقدير الكفاية بمرتبة ممتاز أو جيد جداً أو جيد أو متوسط أو ضعيف …..” وينص فى المادة (29) على أنه “يجب إخطار العاملين الذين يرى رؤساؤهم أن مستوى أدائهم أقل من مستوى الأداء العادى بأوجه النقص فى هذا الأداء ….” ونظرا إلى أن الفصل فى الطعن يتوقف على تحديد مدلول عبارة مستوى الأداء العادى الواردة بالمادة (29) المشار إليها.
واذ سبق لهذه المحكمة أن قضت فى الطعن رقم 1795 لسنة 33 ق عليا بجلسة25/2/1990 بما مفاد وجوب إخطار العامل بأوجه النقص فى أدائه قبل وضع تقرير الكفاية عنها إذا قدرت كفايته بأقل من تقدير العام السابق ولو كان التقرير السابق بمرتبة ممتاز واللاحق بمرتبة جيد.
على حين انها قضت فى الطعن رقم 2117 لسنة 42 ق عليا بجلسة 3/1/1998 بأن العاملين الواجب إخطارهم قبل وضع التقرير بأن مستوى أدائهم يقل عن مستوى الأداء العادى هم أولئك المزمع تقدير كفايتهم بمرتبة ضعيف دون سواهم.
وأنه لذلك قررت المحكمة إحالة الطعن الماثل إلى دائرة توحيد المبادئ بعدما تبين لها وجود أحكام سابقة صادرة من هذه المحكمة يخالف بعضها البعض.
وقد أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا ارتأت فيه أنه لا محل لاعمال نص المادة (29) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادرة بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بإخطار العامل بأوجه النقص فى أدائه طبقا لنتيجة القياس الدورى أولا بأول لإلغاء المشرع نظام قياس الأداء بصفة دورية بالتعديل الذى أدخله على المادة 28 من القانون المشار إليه بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والقانون رقم 34 لسنة 1992 وذلك على النحو الواردة بالأسباب.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام هذه الدائرة جلسة 1/10/1998 وتدوول نظر الطعن أمام الدائرة على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر حجز الطعن للحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المدعى (المطعون ضده) كان قد أقام الدعوى رقم 5939 لسنة 40 ق بعريضة أودعها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى – دائرة الترقيات – بتاريخ 10/10/1985انتهى فى ختامها إلى طلب الحكم بإلغاء تقرير كفايته عن سنة 1984 بمرتبة جيد وما يترتب على ذلك من آثار، وبإلغاء القرار رقم 112 لسنة 1985 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية إلى الدرجة الأولى.
وقال شرحا لدعواه أنه التحق بالخدمة فى 15/4/1968بعد حصوله على بكالوريوس الخدمة الاجتماعية بالإدارة العامة لرعاية الشباب وجميع تقارير كفايته بمرتبة ممتاز ورقى إلى الدرجة الثانية التخصصية (خدمات اجتماعية) فى 31/12/1977 وفى 1/6/1985 تسلم تقرير كفايته عن سنة 1984 بمرتبة جيد (85) درجة وهو لا يتفق والواقع فضلا عن مخالفته لأحكام القانون اذ لم يخطر بأن مستوى أدائه أقل من المستوى العادى للأداء أو يشوبه نقص فبادر بالتظلم منه فى 8/6/1985 وقررت لجنة التظلمات رفض التظلم وأضاف بأنه فى 21/8/1985 صدر القرار رقم 112 لسنة 1985 متضمنا تخطيه فى الترقية إلى الدرجة الأولى.
وبجلسة 6/6/1991 حكمت المحكمة بقبول طلب إلغاء تقرير كفاية المدعى عن عام 1984شكلا وفى الموضوع بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار (وهو الشق محل الطعن) وأقامت المحكمة حكمها بع استعراضها لنص المادة 29 من قانون نظام العاملين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978على أساس أن المحكمة الإدارية العليا ذهبت فى الطعن رقم 1795 لسنة 33ق عليا بجلسة 25/2/1990الى أن قاعدة إخطار العاملين الذين يرى رؤساؤهم أن مستوى أدائهم أقل من مستوى الأداء العادى بأوجه النقص فى الأداء هى قاعدة تستهدف الصالح العام وتحقيق الضمان للعاملين المجدين …… وهذه القاعدة يتسع حكمها ليشمل إخطار العامل بما أصابه من وهن أو اعتراه من خمول أو فتور همة مما كان عليه فى العام السابق، وأنه طبقا لذلك واذ أن تقرير المدعى عن عم 1983 كان بمرتبة ممتاز وأن جهة الإدارة لم تخطره كتابة قبل وضع التقرير المطعون فيه عن عام 1984 بدرجة جيد بأوجه النقص التى أدت لى خفض مرتبة كفايته فى التقرير الطعون، ومن ثم يكون هذا التقرير مخالفا للقانون متعينا الإلغاء.
ولم ترتض جامعة الازهر الحكم فى الشق المشار إليه فأقامت طعنها على سند من أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وفى تفسيره وتأويله اذ أنه تبنى ضريرة إخطار العامل كتابة بأوجه النقص فى أدائه فى حين أن المادة (29) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة لم تحدد وسيلة هذا الإخطار فقد يتم كتابة أو شفاهة واذ كان المشرع يتطلب الإخطار الكتابى لنص على ذلك صراحة.
ومن حيث ان مقطع النزاع فى الطعن الماثل يتمثل فى بيان مرتبة الكفاية التى يتعين على جهة الإدارة إخطار العامل بأوجه القصور فى مستوى أدائه إذا قررت النزول بهذه المرتبة إلى أدنى من مرتبة الكفاية التى سبق أو وضعتها له.
ومن حيث أن المادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 معدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والقانون رقم 34 لسنة 1992 على أن تضع السلطة المختصة نظاما يكفل قياس كفاية الأداء الواجب تحقيقه بما يتفق مع طبيعة نشاط الوحدة وأهدافها ونوعية الوظائف بها.
ويكون قياس الأداء مرة واحدة خلال السنة قبل وضع التقرير النهائى لتقدير الكفاية وذلك من واقع السجلات والبيانات لتى تعدها الوحدة لهذا الغرض ونتائج التدريب المتاح وكذلك أية معلومات أو بيانات أخرى يمكن الاسترشاد بها فى قياس كفاية الأداء.
ويعتبر الأداء العادى هو المعيار الذى يؤخذ أساسا لقياس كفاية الأداء، ويكون الكفاية بمرتبة ممتاز أو جيد جدا أو جيد أو متوسط أو ضعيف، ويجب أن يكون التقدير بمرتبتى ممتاز وضعيف مسببا ومحدد العناصر التميز أو الضعف التى أدت إليه ولا يجوز اعتماد التقرير الا باستيفاء ذلك ……..”.
وتنص المادة (29) من ذات القانون على أن يجب إخطار العاملين الذين يرى رؤساؤهم ان مستوى أدائهم أقل من مستوى الأداء العادى بأوجه النقص فى هذا الأداء طبقا لنتيجة القياس الدورى للأداء أولا بأول .”
كما تنص المادة (30) على أن تعلن وحدة شئون العاملين العامل بصورة من البيان المقدم عن ادائه أو تقرير الكفاية بمجرد اعتماده من السلطة المختصة أو من لجنة شئون العاملين بحسب الأحوال. وله أن يتظلم منه خلال عشرين يوما من تاريخ علمه.
ويكون تظلم العاملين شاغلى الوظائف العليا من البيانات المقدمة عن أدائهم إلى السلطة المختصة.
ويكون تظلم باقى العاملين إلى لجنة تظلمات تنشأ لهذا الغرض وتشكل بقرار من السلطة المختصة من ثلاث من كبار العاملين ممن لم يشتركوا فى وضع التقرير وعضو تختاره اللجنة النقابية بالوحدة ان وجدت.
وبيت فى التظلم خلال ستين يوما من تاريخ تقديمه، ويكون قرار السلطة المختصة أو اللجنة نهائيا.
ولا يعتبر بيان تقييم الأداء أو التقرير نهائيا الا بعد انقضاء ميعاد التظلم منه أو البت فيه.
ومن حيث انه يبين من النصوص المتقدمة ان المشرع وضع تنظيما متكاملا لقياس كفاية الأداء للعاملين المدنيين بالدولة، حيث أعطى السلطة المختصة بمفهومها المحدد فى هذا القانون مكنة وضع نظام يكفل قياس الأداء يختلف من جهة إلى أخرى تبعا لاختلاف طبيعة نشاط الوحدة وأهدافها ونوعية الوظائف بها ووضع ضوابط واجبة التطبيق عند تطبيق مثل هذا النظام وهى أن يكون قياس كفاية الأداء مرة واحدة فى السنة سابقة على وضع التقرير النهائى وعلى أن يستقى القياس من واقع السجلات والبيانات ونتائج التدريب وأية معلومات أو بيانات أخرى يمكن الاسترشاد بها وقد استنت المادة (29) من قانون نظام العاملين المشار إليه قاعدة مؤداها إخطار العامل بأوجه النقص التى فى مستوى أدائه العادى والمقصود بذلك، المستوى الذى كان عليه فى تقرير العام السابق على أن يوضح فى الإخطار الأسباب التى بنى عليها هذا النقص، ولا يقتصر الأمر فى مفهوم هذا النص على تبصير العامل بما اعترى أداءه من نقص عن مستوى الأداء العادى وفقا للمعايير الموضوعة فحسب وانما يتسع حكمها كذلك ليشمل إخطار العامل بما أصابه من وهن أو اعتراه بعد خمول أو فتور همه عما كان عليه فى العام السابق أو السنوات السابقة عليه.
بمعنى ان إخطار العامل بأوجه النقص لا يرتبط بدرجة الكفاية التى قدرتها له جهة الإدارة إنما يرتبط أساسا بالهبوط الذى طرأ على مستوى الأداء للعامل عما كان عليه سابقا بصرف النظر عن الدرجة التى وضعتها له جهة الإدارة طالما كانت أقل من الدرجة الحاصل عليها فى العام السابق على التقرير محل الطعن، والإخطار فى هذه الحالة لا يرقى إلى مرتبة الإجراء الجوهرى الذى يترتب على إغفاله بطلان تقرير الكفاية اذ الواضح من صياغة نص المادة (29) سالفة البيان أن إخطار العامل بأوجه النقص فى مستوى أدائه الذى أصبح أقل من المستوى الذى كان عليه من قبل هو من قبيل التوجيه إلى واجب يقع أساسا على عاتق العامل نفسه بأن يحافظ وباستمرار على مستوى الأداء الذى اعتاده ولا ينزل عليه فلا يرقى – الإخطار- بهذه المثابة إلى مرتبة الإجراء الجوهرى الذى يترتب على اغفاله الحاق البطلان فى تقدير كفاية العامل ولا يعتبر ذلك إخلال لضمانه جوهرية للعامل اذ قرر المشرع للعاملين فى المادة (30) سالفة البيان من الضمانات الجوهرية الكفيلة بالحفاظ على حقوقهم المشروعة وذلك بالطعن على تقارير الكفاية بالإجراءات والمراحل التى رسمها القانون والتى يتعين ان تمر بها هذه التقارير وهى إعلانها والتظلم منها فى المواعيد المقررة وتشكيل اللجان المختصة ببحث هذه التظلمات ومواعيد البت فيها لكى تصبح نهائية وهى كلها ضمانات أساسية للعامل حتى لا تخرج جهة الإدارة عن المشروعية عند وضع تقارير كفاية العاملين وتحديد الدرجة التى يستحقها كل منهم وهذه الإجراءات كلها تعد من الضمانات الجوهرية التى تجب ضمانة الإخطار وتغنى عنها.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بأن إخطار العامل بأوجه النقص فى مستوى ادائه العادى، يكون فى حالة هبوط لهذا المستوى عما كان عليه فى تقرير العام السابق عن العام موضوع التقرير أيا كانت درجته ولا ترتبت على اغفال جهة الإدارة القيام بهذا الإخطار وبطلان تقرير الكفاية محل الطعن، وأمرت بإعادة الطعن إلى الدائرة المختصة بالمحكمة للفصل فيه.