الطعن رقم 389 لسنة 47 بتاريخ : 2000/10/16
___________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد أمين المهدى رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/د.فاروق عبد البر وأحمد عبد الفتاح حسن ومصطفى سعيد حنفى وأحمد عبد الحميد عبود نواب رئيس مجلس الدولة
* الإجراءات
بتاريخ 11/10/2000 أودع الأستاذ/محمد السيد النعمانى، الوكيل عن السيد/……………..، تقرير طعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، قيد برقم 389 لسنة 47 القضائية فى الحكم الصادر من محكمه القضاء الإدارى (دائرة بنى سويف والفيوم)، فى الدعوى رقم 1 لسنة 1 القضائية بجلسة 10/10/2000 والقاضى بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعى مصاريف هذا الطلب وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء.
وقد أعلن الطعن على النحو الثابت بالأوراق.
وبجلسة 15/10/2000، نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحضر الجلسة، حيث أصدرت قرارها فى 16/10/2000 بإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع التى حددت جلسة عاجله الساعة 8 مساء 16/10/2000، بمراعاة ان موعد الانتخابات محل الترشيح المطعون فيه قد تحدد له يوم 18/10/2000.
وقدم السيد المفوض تقريرا برأيه فى النزاع انتهى فيه إلى قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحضر جلستها بتاريخ 16/10/2000 حيث قررت إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم. وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن وقائع النزاع تخلص فى أن المدعى أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإدارى (دائرة بنى سويف والفيوم)، بتاريخ 2/10/2000، طالبا فى ختامها وبصفة مستعجلة الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإعادة إدراج اسمه بكشوف الانتخابات لمقعد العمال عن المرشحين لعضوية مجلس الشعب للدائرة الخامسة مركز شرطة طامية بمحافظة الفيوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهما المصاريف. وقال المدعى- شرحا لدعواه- انه تقدم للترشيح لعضوية مجلس الشعب عن مقعد العمال والفلاحين بعد بلوغه السن القانونية لممارسة حقوقه السياسية، وأدرج اسمه بالكشوف وجداول المرشحين بالدائرة الانتخابية رقم 5 ومقرها مركز شرطة طامية. وحصل على رمز التليفون بعد تقديم المستندات، التى تتمثل فى بطاقته الانتخابية، وشهادة ميلاده، وصحيفة حالته الجنائية، وشهادات حيازة وملكية الأرض الزراعية، وشهادة تأدية الخدمة العسكرية الثابت فيها انه يعمل بها كمسوغ للتعيين، وصورة البطاقة العائلية، وسدد الرسوم المطلوبة. و أضاف المدعى انه فوجئ بإخطاره برفع اسمه من كشوف المرشحين لعضوية مجلس الشعب عن مقعد العمال، لي بمقولة أن شهادة تأدية الخدمة العسكرية قد ورد بها انه تجاوز أقصى سن التجنيد، وانه قام بسداد الغرامة المطلوبة، بالرغم من انه ليس من المحرومين من مباشرة الحقوق السياسية، فضلا عن انه أمين مساعد الحزب الوطنى وأمين التنظيم بموطنه الانتخابى. ونعى المدعى على القرار المطعون فيه الصادر من لجنة الاعتراضات، مخالفته صحيح الواقع والقانون، وحرمانه من حقه الدستورى بمباشرة حقوقه السياسية، واختتم المدعى صحيفة. دعواه بطلباته سالفة الذكر.
وبجلسة 10/10/2000، انتهت المحكمة إلى قبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المدعى مصاريف هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى طلب الإلغاء. وقد شيدت المحكمة قضاءها على أساس أن المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شان مجلس الشعب معدلة بالقانون رقم 114 لسنه 1983 تنص على انه… يشترط فيمن يرشح لمجلس الشعب ……….5- أن يكون قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى من أدانها طبقا للقانون ومفاد ذلك أن المشرع اشترط توافر عدة شروط فيمن يرشح، لمجلس الشعب، منها أن يكون المرشح قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى من أدائها، باعتبار أن تأدية الخدمة العسكرية شرف لا يدانيه شرف يجب أن يناله من يرشح نفسه عضوا بالمجلس الذى يمثل الشعب كسلطة تشريعية. كما انه يعبر عن نبض الأمة وضميرها. فإذا ما تخلف هذا الشرط، فانه لا يتصور أن يكون ممثل الشعب هاربا أو متخلفا عن أداء هذا الواجب الوطنى الذى يكلف به كل من تتوافر فيه شروطه، طالما لم يكن قد أعفى من أداء الخدمة العسكرية طبقا للقانون. واستطردت المحكمة قائلة : انه بإنزال ما تقدم على واقعات الدعوى الماثلة، يتضح أن المدعى قد ضمن المستندات التى طويت عليها حافظة مستنداته شهادة من منطقة تجنيد الجيزة مسلسل رقم 06103/05/2000، تفيد انه تخلف عن التجنيد حتى تجاوز أقصى سن واتخذت حياله إجراءات المحاكمة العسكرية، الأمر الذى يبين منه عدم توافر شرط تأدية الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها قانونا الذى قصد المشرع توافره تحديدا فيمن يرشح نفسه لعضويه مجلس الشعب. إذ أن الحالة الماثلة تصير تخلف المدعى عن التجنيد حتى تجاوز أقصى سن للتجنيد، ثم اتخذت ضده إجراءات المحاكمة العسكرية، وهذه الحالة لا تماثل الإعفاء من أداء الخدمة العسكرية طبقا للقانون، وإنما هى فى حقيقة الأمر هروب من أدائها، فى حين انه يتعين تحلى ممثل الشعب بشرف أداء تلك الخدمة الوطنية، طالما لم يعف منها قانونا. ومن ثم يكون المدعى- والحالة هذه- قد افتقد شرطا من شروط الترشيح لعضوية مجلس الشعب، ولكون القرار المطعون فيه قد قام على سببه الصحيح المبرر قانونا. طعن المدعى فى الحكم المذكور، طالبا إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا، لتقضى بقبوله شكلا، وبصفة مستعجلة بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإعادة إدراج اسم الطاعن بكشوف الانتخابات لمقعد العمال والفلاحين المرشحين لعضوية مجلس الشعب للدائرة الخامسة (مركز شرطة طامية) محافظة الفيوم، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بمسودته الأصلية. وقد أقام الطاعن طعنه على أساس أن ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه سوف يؤدى إلى حرمانه مدى الحياة حرمانا مؤبدا من حقه الذى كفله له الدستور والقانون، والمتمثل فى مباشرة حق الترشيح لعضوية المجالس النيابية، وذلك يتعارض لا شك مع نص المادة (63) من الدستور التى أكدت على ان المساهمة فى الحياة العامة بالانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء واجب وطنى، كما ان ما ذهب إليه الحكم الطعين يؤدى إلى نتيجة شاذة وغريبة و هى المتمثلة فى انه وطبقا لنص المادة (2) من القانون رقم 73 لسنة 1956 فى شان مباشرة الحقوق السياسية معدلا بالقانون رقم 23 لسنه 1972، فان من يرتكب جناية التخلص من الخدمة العسكرية المنصوص عليها فى المادة (50) من القانون رقم 127 لسنة 1980 فى شان الخدمة العسكرية، لا يحرم من مباشرة حقوقه السياسية طالما أوقف تنفيذ العقوبة أو رد إليه اعتباره، ويضحى والحال هذه صالحا للترشيح لعضوية مجلس الشعب، بينما يحرم من مباشرة حقوقه السياسية بصفة دائمة ومستمرة من يرتكب جنحة التخلف عن تأدية الخدمة العسكرية، وذلك على الرغم من ان الأولى جناية والثانية جنحة لا يرد فيها الاعتبار لمرتكبها لان العقوبة الموقعة عنها ليست عقوبة مقيدة للحرية، كذلك فان الحرمان المؤبد والمطلى من مباشرة الحقوق السياسية الذى يؤدى إليه الحكم الطعين يتعارض تماما مع منهج المشرع الذى استبعد الأخذ بفكرة الحرمان المطلق والدائم من مباشرة الحقوق السياسية وفضل الأخذ بفكره الحرمان المؤقت الذى لا تتجاوز مدته خمس سنوات فقط.
ومن حيت إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن ولاية محاكم مجلس الدولة فى وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايتها فى الإلغاء وفرع منها ومردها إلى الرقابة القانونية التى يسلطها القضاء الإدارى على القرار، على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه مبدأ المشروعية، إذ يتعين على القضاء الإدارى ألا يوقف قرارا إداريا إلا إذا تبين له بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بأصل الحق، أن طلب وقف التنفيذ قد توافر فيه ركنان : أولهما- ركن الجدية ويتمثل فى قيام الطعن فى القرار- بحسب الظاهر من الأوراق- على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون، تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع. والثانى- ركن الاستعجال، بان يكون من شان استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو- قضى بإلغائه.
ومن حيث إن مقطع النزاع فى هذا الطعن يتحدد فيما إذا كان ما اشترطه البند الخامس من المادة الخامسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 بشان مجلس الشعب من أن يكون المرشح قد أدى الخدمة العسكرية الإلزامية أو أعفى منها، وما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة السادسة من ذات القانون، من إعفاء المرشح الذى جاوز الخامسة والثلاثين من تقديم ما يثبت أداءه الخدمة العسكرية أو إعفاءه منها، يحول بين ذوى الشان وحقهم فى إثبات عدم توافر شرط أداء الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها قانونا فى المرشح أم لا.
ومن حيث انه سبق أن ذهبت المحكمة الإدارية العليا قبلا (حكمها فى الطعن رقم 2005 لسنة 39 القضائية فى 29/3/1993) إلى انه لا يجوز دستورا تقرير حرمان المواطن حرمانا مؤبدا من ممارسة حقه الدستورى فى الترشيح والانتخاب وإبداء الرأى فى الاستفتاء. وان المشرع أورد فى قانون مباشرة الحقوق السياسية من الجرائم ما هو أشد خطورة وأكبر أثرا من التخلف عن أداء الخدمة العسكرية، ومع ذلك لم يجعل من أى منها سببا لحرمان مرتكبها حرمانا مؤبدا على نحو ما يؤكد ضرورة تمتع كل مواطن بحقوقه المكفولة فى الدستور والقانون لممارسه حقه فى الترشيح و الانتخاب، وإذا كان مقترف جناية التخلص من تأدية الخدمة العسكرية المشار إليها فى المادة (2/4) من القانون رقم 73 لسنة 1956 لا يحرم من مباشرة حقوقه السياسية حرمانا دائما، فانه لا يجوز التسليم بان من يتخلف عن أداء الخدمة العسكرية يحرم بصفة دائمة من مباشرة هذه الحقوق.
ومن حيث إن الاتجاه الذى سلف أن سلكته المحكمة الإدارية العليا، فى تأويل أحكام التشريع المنظم لحق الترشيح للمجالس النيابية فى الحكم المذكور، تابعتها فيه محكمة القضاء الإدارى (حكم محكمة القضاء الإدارى فى الدعويين رقمى 915و 947 لسنه 45 القضائية فى 7/5/1994، وفى الدعوى رقم 2672 لسنة 53القضائية فى 29/12/1998)، فانه ودون الخوض فى ان الأمر قد يقتضى إعمال أحكام المادة (54مكررا) من قانون مجلس الدولة ودون الخوض كذلك فيما قد يحيط إعمال حكم البند 5 من المادة الخامسة والفقرة الأخيرة من المادة السادسة من قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 معا، من شبهة المخالفة الدستورية لحكم المادة (96) من الدستور بشان وجوب توافر الثقة والاعتبار فى عضو مجلس الشعب، فان هذه المحكمة وهى تفصل فى الشق العاجل من الطعن على وجه السرعة لا يسعها إلا ان تساير الاتجاه الذى سلكته المحكمة الإدارية العليا فى حكمها سابق الإشارة إليه.
ومن حيث إن البين من الأوراق، أن الطاعن وان تخلف عن تأدية الخدمة العسكرية حتى تجاوز أقصى سن للتجنيد، واتخذ حياله إجراءات المحاكمة العسكرية، إلا انه لا يسوغ وفقا لحكم المحكمة الإدارية العليا قبلا أن يحرم بصفة دائمة من مباشرة حقوقه السياسية ومنها حق الترشيح. ومن ثم، فان الحكم المطعون فيه وقد رفض وقف تنفيذ قرار استبعاده من الترشيح للسبب المذكور، يكون غير قائم- بحسب الظاهر- على أساس يكفى لحمله.
ومن حيث إن الانتخابات موضوع الطعن من المقرر إجراؤها يوم 18/10/2000، الأمر الذى يتوافر معه ركن الاستعجال.
ومن حيث انه لما سبق، فانه يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إدراج اسم الطاعن فى كشف المرشحين وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وتنفيذ الحكم بموجب مسودته دون إعلان وفقا للمادة (286) من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب، وألزمت جهة الإدارة المصروفات، وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته ودون إعلان.