الطعن رقم 3996 لسنة 40 بتاريخ : 1999/11/23 الدائرة الثالثة
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج.نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ كمال زكى عبد لرحمن اللمعى، سالم عبد الهادى محروس، يحيى خضر نوبى محمد، مصطفى محمد عبد العاطى. نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الاثنين الموافق 15/8/1994 أودع الأستاذ/ غبريال إبراهيم غبريال المحامى بصفة وكيلا عن الطاعن تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا وطلب فى ختام التقرير للأسباب الواردة فيه- الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول دعواه شكلا وفى موضوعها بإلغاء القرار المطعون فيه و بالأحرى الكشف عن انعدامه- مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وتم إعلان الطعن على النحو الثابت و قد قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا و فى موضوعه بإلغاء الحكم المطعزن فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد والقضاء مجددا بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة أسيوط الابتدائية للفصل فيها وإبقاء الفصل فى المصروفات.
وتم تداول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها إلى أن قررت بجلسة 3/2/1999 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا- الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 13/4/1999 ونظر الطعن أمام هذه المحكمة التى قررت بجلسة 19/1/1999 إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية والإجرائية.
ومن حيث إنه بتاريخ 17/4/1989 أقام الطاعن الدعوى رقم 4479 لسنة 43ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة وطلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 595 المؤرخ 11/3/1972 فيما تضمنه من إلغاء البيع الصادر له بالعقد المؤرخ 23/7/1957 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات.
وتداولت المحكمة نظر الدعوى إلى أن أحيلت إلى دائرة محكمة القضاء الإدارى بأسيوط تنفيذا لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 121 لسنة 1989 وقيدت بتلك الدائرة برقم 1664 لسنة 1ق وتداولتها المحكمة إلى أن قضت بجلسة 29/6/1994- بعدم قبول الدعوى شكلا وألزمت المدعى المصروفات وشيدت المحكمة قضاءها على أن طلبات المدعى تنصب على إلغاء القرار رقم 595 فيما تضمنه من إلغاء البيع الصادر بالعقد المؤرخ 23/7/1957 ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد صدر من الجهة الإدارية بوصفها صاحبة الولاية العامة بقصد إلغاء ما تم بيعه وبالتالى يكون قرارا إداريا تختص بنظره هذه المحكمة بوصفها صاحبة الولاية العامة فى نظر المنازعات الإدارية وفقا للمادة 13 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 ويكون الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى فى غير محله حريا بالرفض وأضافت المحكمة أن الثابت من الأوراق بأن المدعى و آخريين أقاموا الدعوى رقم 149 لسنة 1983 أمام محكمة بندر سوهاج ضد الهيئة العامة للإصلاح الزراعى التى أودعت فيها حافظة مستندات ومذكرات دفاع بجلسة 25/12/1983 عقب عليها المدعى بقوله وجاء فى البند رقم (6) من المذكرة الآتى ويقول الإصلاح الزراعى فى مذكرته إنه صدر قرار رقم 595 فى 11/3/1973 بإلغاء التوزيع الذى تم للأهالى ثم اخرج عن الأطيان لصالح ورثة هارون ……….الخ، ولما كان القرار المذكور هو محل الدعوى الماثلة ومن ثم يكون المدعى قد علم بمضمون ذلك القرار علما يقينيا اعتبارا من 25/12/1983 وإذ أقام دعواه بتاريخ 17/4/1989 فمن ثم يكون قد أقامها بعد الميعاد المقرر لدعوى الإلغاء فى المادة 24 من قانون مجلس الدولة الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى شكلا.
وإذ لم يرتض الطاعن الحكم المشار إليه أقام طعنه الماثل على أسباب حاصلها القصور فى التسبيب ومخالفة القانون إذ أن العقد محل النزاع هو عقد بيع مدنى، وليس قرارا بالتوزيع على المنتفعين ولا يجوز للجهة الإدارية أن تفتأت على سلطة المحكمة المدعية المختصة بالنزاع حول فسخ هذا العقد، وما كان لجهة الإدارة أن تصدر من جانبها قرارا ينسخ العقد بإرادتها المنفردة وان هى أصدرت مثل هذا القرار فإنه يكون قرارا معدوما لا يتقيد بمواعيد دعوى الإلغاء وإذ لم تناقش المحكمة هذا الوجه من أوجه الدفاع فإنها تكون قد أخطأت فى تطبيق القانون فضلا عن أن الجهة الإدارية لم تقدم ما يفيد إخطار الطاعن بالقرار المطعون فيه وأن ما زعمته من علمه به خلال إيداعه ضمن حافظة مستندات عند نظر الدعوى 149/1983 أمام محكمة بندر سوهاج لا يفيد العلم اليقينى الشامل بالقرار بكافة عناصره التى تؤهله لتبين مركزه القانونى بالنسبة لهذا القرار وتحديد طريقه فى الطعن عليه.
وحيث إن مقطع النزاع فى الطعن الماثل ينحصر فيما إذا كان ما صدر عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعى برقم 595 بتاريخ 11/3/111972 فيما تضمنه من إلغاء عقد البيع المؤرخ فى 23/7/1957 عن مساحة 4س6ط 3ف بناحية عنيبس مركز جهينة بمحافظة سوهاج يدخل فى عداد القرارات الإدارية التى تملك الجهة الإدارية بما لها من سلطة عامة إصدارها أم أن هذا العمل مجرد تعبير عن رغبة الجهة الإدارية فى فسخ عقد البيع وبالتالى لا يدخل فى عداد القرارات الإدارية بالمعنى الفنى للقرار الإدارى.
وحيث إن القرار الإدارى كما جرى عليه قضاء هذه المحكمة هو إفصاح الإدارة عن إرادتها الملزمة بناء على سلطتها العامة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد إحداث أثر قانونى تحقيقا لمصلحة عامة ينفيها القانون.
وحيث إن العقد إداريا كان أو مدنيا- يتم بتوافق إرادتيين تتجهان إلى إحداث أثر قانونى هو إنشاء التزام أو تعديله، وعقد البيع وفقا لتعريفه الوارد فى المادة (418) من القانون المدنى البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشترى ملكية شئ أو حقا ماليا آخر فى مقابل ثمن نقدى فهو يتم بتوافق إرادتيين ولا ينتهى بالإرادة المنفردة ولو كانت هذه الإرادة هى إرادة شخص من أشخاص القانون العام ولا تملك الجهة الإدارية من جانبها أن تصدر قرارا بفسخ العقد، إذ أن مثل هذا العمل يشكل افتئاتاً على سلطة القاضى المختص بالنزاع حول العقد , والإدارة عندما تقوم ببيع مال مملوك ملكية إنما تتصرف فيه تصرف الأفراد وتكون فى مركز مساوى لهم، وما يصدر عنها بشأن هذا العقد لا يصدر عنها بصفتها سلطة عامة وإنما يصدر عنها باعتبارها طرفا فى العقد تتحدد حقوقه والتزامه على ضوء نصوص وأحكام العقد فهى فى هذه الحالة على قدر المساواة مع المتعاقد معها ولا تتمتع بامتيازات السلطة العامة، وما يصدر عنها لا يدخل فى عداد القرارات الإدارية بالمعنى الفنى والاصطلاحى للقرار الإدارى وفقا لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة بالانتفاع، وإنما هو عقد بيع لقطع متناثرة- و لم تتبع فيه جهة الإدارة أسلوب القانون العام ولم تضمنه شروطا استثنائية غير مألوفة ولا يتعلق بنشاط مرفق عام ومن ثم لا يدخل فى عداد العقود الإدارية التى تختص بمجلس الدولة دون غيره بالفصل فيما ينشأ عنها من منازعات- وما يصدر بشأنه من الجهة الإدارية لا يعدو من القرارات الإدارية السابقة واللاحقة على إبرام العقد الإدارى وإنما هو نوع من التعبير عن رغبة الإدارة فى فسخ العقد تختص به المحكمة المختصة بنظر النزاع محل العقد وفقا لصراحة نص المادة العاشرة منه التى تنص على كل نزاع ينشأ من تنفيذ هذا العقد يكون الفصل فيه من اختصاص محكمة القاهرة الابتدائية أو محكمة الأمور المستعجلة بها أو محكمة عابدين الجزئية حسب الأحوال.
وحيث إنه لما كان ما تقدم وكان من المسلم به أن قاضى الأصل هو قاضى الفرع وكان الثابت أن ما صدر عن الهيئة العامة للإصلاح الزراعى بشأن عقد البيع المؤرخ 23/7/1957 عن مساحة 4س 6ط 3ف بناحية عنيبس مركز جهينة بمحافظة سوهاج لا يشكل قرارا إداريا لتعلقه بعقد من عقود القانون الخاص بالتالى فإن الفصل فيه يدخل فى اختصاص المحكمة المختصة بنظر العقد، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه خلاف هذا المذهب وتصدى للفصل فى النزاع استنادا إلى أن محله قرار إدارى فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه مما يتعين معه- والحالة هذه- الحكم بإلغائه والقضاء مجددا بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظره وإحالة الدعوى إلى محكمة القاهرة الابتدائية- وهى المحكمة التى اتفق الخصوم على اختصاصها بالعقد محل النزاع للاختصاص ولنظره بجلسة تحددها المحكمة ويخطر بها الخصوم مع إبقاء الفصل فى المصروفات إعمالا لحكم المادتين 110، 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكل ، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القاهرة الابتدائية للاختصاص ولنظرها بجلسة تحددها المحكمة ويخطر بها الخصوم وأبقت الفصل فى المصروفات.