الطعن رقم 4557 لسنة 42 بتاريخ : 1999/07/11 الدائرة الخامسة
________________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / رأفت محمد السيد يوسف نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ عبد الباري محمد شكري ، ممدوح حسن يوسف راضي، سمير إبراهيم البسوني، أحمد عبد الحليم أحمد صقر نواب رئيس مجلس الدولة
* الإجراءات
بتاريخ 15/5/1996 أودع وكيل الطاعنين في الطعن الأول قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 3917 لسنة 42 ق.ع في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا في الدعوى رقم 338 لسنة 23 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعنين وآخرين الصادر بجلسة 21/4/1998 والقاضي بمجازاة كل من مشعل محمود مشعل وماجد فتحي السيد العزب ومحمد أمين السيد صالح وعبد القادر سويلم خطاب ومحمد محمود أحمد السيد بالوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وطلب الطاعنون في الطعن الأول للأسباب الواردة بتقرير طعنهم الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه والحكم مجددا ببراءتهم مما أسند إليهم .
وبتاريخ 9/6/1996 أودع وكيل الطاعن في الطعن الثاني قلم كتاب المحكمة الإدارية تقريرا بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 4557 لسنة 42 ق.ع في ذات الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا في الدعوى رقم 338 لسنة 23 ق والسالف ذكر منطوقه .
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وفي موضوعه (1 ) بإلغاء الحكم المطعون فيه لعدم اختصاص المحكمة التأديبية بطنطا لانحسار ولايتها تنفيذ للقانون رقم 203 لسنة 91 بشأن شركات قطاع الأعمال العام لاعتماد لوائح تأديب العاملين بالشركة اعتبارا من 1/7/1995 قبل نظر الدعوى في 10/3/1996 .
(2) تطبيق القانون الأصلي للمتهم وذلك لصدور اللوائح المشار إليها بتاريخ 1/7/1995 واعتمادها تنفيذا لحكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 1632 لسنة 31 ق بجلسة 4/3/1989 .
(3) إلغاء القرار رقم 412 لسنة 1996 الصادر من رئيس مجلس إدارة شركة مطاحن وسط وغرب الدلتا بطنطا تأسيسا على المطعون فيه وما يترتب عليه من أثار .
وبتاريخ 13/6/1996 أودع وكيل الطاعن في الطعن الثالث قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن قيد بجداولها تحت رقم 4962 لسنة 42 ق.ع في ذات الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا والمشار إليه والقاضي بمجازاة المطعون ضده عبد القادر سويلم خطاب بالوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر مع صرف نصف الأجر .
وطلبت الهيئة الطاعنة للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الحكم شكلا .
وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من معاقبة المطعون ضده بعقوبة الوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر مع صرف نصف الأجر ومعاقبته بالعقوبة القانونية المناسبة لما اقترفه من جرم.
وقد جري إعلان الطعون للمطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق .
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن الأول والثاني انتهت فيه لما ورد به من أسباب إلى طلب الحكم بقبول الطعنين شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه ومجازاة الطاعنين بالوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر وبراءتهم مما أسند إليهم مع ما يترتب على ذلك من أثار كما أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن الثالث فيه لما ورد من أسباب إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه متي تضمنه من مجازاة المطعون ضده بالوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر مع صرف نصف الأجر وببراءته مما أسند إليه .
وقد نظرت الطعون الثلاثة أمام الدائرة الخامسة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا في النحو المبين الثابت بمحاضر جلساتها حيث أودع الطاعنون مذكرات بدفاعهم كما أودعت الطعون ضدها في الطعن الثاني حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من قرار شركة مطاحن وسط وغرب الدلتا تنفيذ أن السيد عيد محمد محمود أمين عضو أساسي بشونة ريان للقمح كما قدمت مذكرة التمست فيها تأييد الحكم المطعون فيه . وتدوول نظر الطعن بالجلسات وبجلسة 24/11/1998 قررت الدائرة ضم الطعنين رقمي 4962 ، 4557 لسنة 42 ق إلى الطعن رقم 3927 لسنة 42 ق وبجلسة 23/2/1999 قررت الدائرة إحالة الطعون إلى الدائرة الخامسة عليا موضوعي لنظرها بجلسة 21/3/1999 .
وقد تدوول نظر الطعون أمام الدائرة الخامسة موضوعي بجلسة 21/3/1999 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم جلسة 11/7/1999 مع مذكرات في خلال شهر على تودع خلالها ثمة مذكرات.
وبالجلسة المشار إليها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونا.
من حيث الطعون الماثلة قد أقيمت في الميعاد المقرر لها قانونا وإذ استوفت أوضاعها وإجراءاتها القانونية الأخرى الأمر الذي يتعين معه القضاء بقبولها شكلا .
ومن حيث أنه عن الموضوع فإنه يخلص حسبما يبين من الأوراق أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى رقم 338 لسنة 23 ق بتاريخ 16/3/1995 أمام المحكمة التأديبية بطنطا ضد الطاعنين بالطعن الأول والثاني والمطعون ضده بالطعن الثالث وذلك لأنهم خلال المدة من 1/8/1994 حتى 6/8/1994 بدائرة مطاحن وسط وغرب الدلتا لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخالفوا القواعد والأحكام المالية ولم يحافظوا على أموال وممتلكات الشركة بأن أقاموا باستلام وتوريد أقماح محلية مخلوطة بأقماح مستوردة بشونتي دنره والريان ثم توريدها بمطاحن ميتا والاتحاد على أنها أقماح جملية بالمخالفة للتعليمات .
وبجلسة 21/4/1996 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والقاضي بمجازاة كل من مشعل محمود مشعل وماجد فتحي السيد العزب ومحمد أمين السيد صالح الطاعنين بالطعن الأول ومحمد محمود أحمد السيد الطاعن بالطعن الثاني وعبد القادر سويلم خطاب المطعون ضده بالطعن الثالث بالوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر مع صرف نصف الأجر.
وقد شيدت المحكمة قضاءها بمجازاة الطاعنين تأسيسا على ثبوت المخالفة في حقهم من واقع الأوراق والتحقيقات وما انطوي عليه تقرير اللجنة المشكلة لفحص عينات مع القمح بمعرفة النيابة العامة من أن القمح المأخوذ منه العينات هو قمح مخلوط وبه نسبة كبيرة من القمح المستورد ومما شهد به عبد الرؤوف مصطفي المهندس بإدارة فحص البذور الذي قرر أن نتيجة الفحص أسفرت عن وجود قمح مستورد ضمن القمح المضبوط مما أشهد به على عبد الواحد شمس الدين المفتش بإدارة التموين بالغربية الذي قرر بأن اللجنة المشكلة لأخذ العينات من القمح قامت بأخذها من داخل الشكائر والأجولة الموجودة بالمطاحن وكذا أقوال كل من / شريف إبراهيم الشافعي أخصائي الإنتاج بالشركة محل عمل المحالين والمقدم /أحمد الموافي وكيل مباحث تموين الغربية والذين شهدا بمضمون ما جاء بأقوال سابقيهما .
ويقوم الطعن الأول على أن الحكم المطعون فيه قد شابه فساد في الاستدلال وعدم الإحاطة بعناصر الدعوى حيث اعتمد على تقرير اللجنة المشكلة لفحص عينات القمح محل المساءلة على الرغم من فساد ما انتهت إليه تلك اللجنة وفقا لما جاء بحافظة مستندات الطاعنين والتي تفيد أن الأقماح المحلية يتم خلطهما بأقماح مستوردة داخل المطحن للحصول على قمح مطابق للمواصفات وأنه لما كانت العينة التي اعتمدتها اللجنة المشار إليها في الفحص قد تم سحبها من المطحن وليس من الشونة مقر عمل الطاعنين ولما كان الطاعنون لم يحضروا عملية سحب العملية ولم يوقعوا على المحضر الخاص بذلك ومن ثم فإنه من المحتمل أن تكون تلك العينة قد سحبت من أقماح أخري ذلك أن لجنة التسويق ممثلة في الطاعنين أول والثاني ليست مسئولة عن الأقماح بعد خروجها من الشونة وإنما يسأل عن ذلك مندوب الإستلام الذي يوقع بالاستلام على إخطار الخروج التي يثبت نوع القمح ودرقة ولا يوقع عليه المندوب إلا بعد المعاينة القمح المحمل بمطحنه وأضاف الطاعنون أن الحكم المطعون فيه قد عول على أقوال مشكوك في صحتها وهي أقوال شريف إبراهيم الشافعي الذي لم يسبق له الاشتراك في أعمال لجان التسويق حيث يعمل سكرتيرا لرئيس القطاع وأقوال على عبد الواحد شمس الدين والذي قرر أن العينة تم سحبها من المطاحن من الشكاير والأجولة ومن ثم فأن المسئولين من هذه الأقماح هم مديرو المطاحن ومراقبي الإنتاج وليست لجنة التسويق يؤكد ذلك محضر إثبات الحالة بمصنع الاتحاد عند ورود أقماح مخالفة من شونة كفر الزيات أما ما ورد بأقوال المقدم احمد الموافي وكيل مباحث تموين الغربية فإنها تفتقر إلى المصداقية حيث تم سحب العينة من المصنع وأسس من الشونة ومن ثم يثور التساؤل عن السبب في عدم ضبط الطاعنين وهم يقومون بخلط الأقماح وأضاف الطاعنون أنه لما كانت الشونة محلا للمرور المستمر من قبل تفتيش متخصصين ولجان لمتابعة أعمال لجان التسويق وكانت الوسيلة الوحيدة لاستيراد الأقماح تتم عن طريق وزارة التموين وهيئة السلع التموينية كما يستحيل معه التلاعب في الأقماح بالخلط كذلك فإن الفرز وتحديد درجة النظافة يتم بالعين المجردة وهو ما يعتبره الطاعنون قاطعا في الدلالة على براءتهم مما نسب إليهم .
ويقوم الطعن الثاني على أن الطاعن يعني على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون وذلك على سند من القول من أنه تم اعتماد لوائح تأديب العاملين بالشركة القابضة للمضارب والمطاحن التي تتبعها شركة مطاحن وسط وغرب الدلتا محل عمل الطاعن بتاريخ 1/7/1995 قبل نظر الدعوى موضوع الحكم المطعون فيه مما كان يقتضي الحكم بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى طبقا لأحكام القانون رقم 203 لسنة 1991 بشأن شركات قطاع الأعمال ويضيف الطاعن أن مسئولية استلام الأقماح تقتصر على عاتق لجان التسويق بالشركة والتي تقوم بفحص الأقماح والتأكد من مطابقتها للدرجات الفنية المطلوبة قبل دخولها الشونة ومن ثم فلا مسئولية على الطاعن الذي يعمل أمينا لشونة ريان وتنحصر مهمته في حقدا الأقماح الموجودة بها والصرف فيها للمطاحن طبقا للبرامج المعبرة لذلك ولما كانت لجنة الاستلام بشونة دفرة والمكونة من المتهمين الأول والثاني والثالث هي لجنة كاملة مارست وجباتها منفصلة على شونة ريان التي تضمن المتهم الرابع والخامس (الطاعن )بالإضافة إلى أجر كمال عبد الرؤف فراز ، اللجنة ورئيسها والذي ترك عمل اللجنة اعتبارا من 1/7/1994 وصلاح على أبو موسي وهو فراز ، أيضا وقد قام بأجازة في المدة من 1/8/1994 حتى 11/8/1994 وأنه طبقا لتشكيل تلك اللجنة فإن الطاعن ليس مختصا في فنية استلام الكميات ونوعها ودرجتها وإنما هو الأمين المستلم للكميات فقط سيما وأنه لم يثبت من الأوراق أن إدارة قطاع الغربية كلفه مع المتهم الرابع بالقيام بأعباء لجنة شئونه ريان كاملة في غياب الفرازين المختصين فنيا بعملية الأستلام واستطرد الطاعن قائلا كيف تثبت أجهزة الرقابة ومباحث التموين وجود هذه الأقماح مشونة ريان فضلا عن خلو الأوراق من حالة ضبط قبل دخول الكميات للشونة وتحريزها قانونا ولكن التحريات تضمنت أقوالا مرسلة بعدها مارست لجنة مديرية الزراعة دورها بفحص العينات التي أخذتها من المطاحن من شكاير مغلقة من فوق من فوق نقرة المطحن ولم تأخذ العينات قبل دخولها للشون وفي حضور لجنة الإستلام فما هو الدليل على كيفية الحصول على تلك العينات من المطاحن فضلا عن غياب الطاعن وأعضاء لجنة الإستلام من إجراءات اخذ العينة وفحصها مما يبطل عمل تلك اللجنة كما أضاف الطاعن أن أقوال الشاهد الأول رئيس قطاع الغربية بالشركة قرر أن أمين شونة ريان وأمين شونة الدفرة ليس عليهما أدني مسئولية في فحص الأقماح المسلمة إليهم من لجان التسويق وأنه لا علم له عن حقيقة دخول أقماح مستوردة إلى شون القطاع ومطاحن يحيا الوطن والاتحاد وهو ما يبرئ ساحة الطاعن من التهمة المنسوبة إليه كما أنه لا دليل بالأوراق عن حمولات أو كميات تم ضبطها وأخذ العينات منها وأنه بالنسبة لأقوال الشاهد الثاني شريف إبراهيم الشافعي أخصائي إنتاج بقطاع الغربية نهي أقوال مرسله منسوبة له على غير الحقيقة حيث أن الشاهد ليس عضوا بلجنة التسويق بالقطاع فضلا عن انعدام صفته في الشهادة ولم يقدم الشهادة للنيابة الإدارية صفته في عملية الفرز والتسويق .
ويقدم الطعن الثالث المقام من النيابة الإدارية على أن الحكم المطعون فيه صدر مخالفا للقانون والخطأ في تطبيقه وذلك على سند من أن الأوراق قد تضمنت كتاب شركة مطاحن وسط وغرب الدلتا رقم 1587 في 29/5/1996 يفيد إحالة المطعون ضده عبد القادر سويلم خطاب لبلوغه السن القانونية اعتبارا من 25/2/1995 بموجب قرار الشركة رقم 1091 لسنة 1994 وأنه لما كانت المخالفة ثابتة في حقه هي مما يترتب عليه ضياع حقا من الحقوق المالية للشركة التي يعمل بها وكان الثابت من التحقيقات في الواقعة موضوع المخالفة قد برئ فيها قبل أنتها خدمة المطعون ضده بالإحالة للمعاش مما يجوز تعقبه تأديبيا ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضي بمعاقبته بعقوبة الوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر مع صرف نصف الأجر وكانت هذه العقوبة ليست ضمن العقوبات التي توقع على ما انتهت خدمته ومن ثم فلا محل لتنفيذها بالنظر لطبيعتها مما يحق معه للطاعن على الحكم المشار إليه.
ومن حيث أنه فيما يتعلق بما أثاره الطاعن رقم 4557 لسنة 42 من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بطنطا ولائيا بنظر الدعوى لصدور لوائح تأديب العاملين بالشركة القابضة التي تتبعها الشركة محل عمل الطاعنين في 1/7/1995 قبل تاريخ رفع الدعوى في 16/3/1996 .
فإنه لما كانت المادة الرابعة من القانون رقم 203 لسنة 191 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام تنص على أن ينقل العاملون لكل من هيئات القطاع العام وشركاته الموجودين بالخدمة في تاريخ العمل بهذا القانون إلى الشركات القابضة أو الشركات التابعة لها – وتستمر معاملة هؤلاء العاملين بجميع الأنظمة والقواعد التي تنظم شئونهم الوظيفية وذلك إلى أن تصدر لوائح أنظمة العاملين بالشركات المنقولين إليها طبقا لحكم القانون المرافق خلال سنة من التاريخ المذكور كما تنص المادة الخامسة من ذات القانون على أنه مع عدم الإخلال فيما ورد بشأنه نص خاص في هذا القانون أو في القانون المرافق لا يسري نظام العاملين بالقطاع الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 على العاملين بالشركات الخاضعة لأحكام القانون المرافق اعتبارا من تاريخ العمل باللوائح المشار إليها كما تنص المادة السادسة من القانون المشار إليه على أن تستمر محاكم مجلس الدولة في نظر الدعاوي والطعون الآتية التي رفعت إليها إلى أن يتم الفصل فيها بحكم بات وفقا للقواعد المعمول بها حاليا وذلك دون حاجة لأي إجراء أخر أولا :الدعوى التأديبية وطعون الجزاءات التأديبية وغير جاد الدعاوى المتعلقة بالعاملين بالشركات الخاضعة لأحكام هذا القانون متى رفعت قبل العمل باللوائح المنصوص عليها في المادة السابقة .
ومفاد النصوص المتقدمة أنه يظل الاختصاص بنظر الدعاوى التأديبية وطعون الجزاءات التأديبية وغيرها والدعاوى المتعلقة بالعاملين بالشركات القابضة أو الشركات التابعة الخاضعة لأحكام القانون المشار إليه منعقدا لمحاكم مجلس الدولة وفقا للقواعد المعمول بها عند صدور القانون المذكور آنفا متي كانت قد رفعت قبل العمل باللوائح المنظمة لشئون هؤلاء العاملين في كل من الشركات القابضة أو التابعة التي يعملون بها ومؤدي ذلك أن الاختصاص بنظر الدعاوى المتعلقة بالعاملين بإحدى الشركات التابعة بظل منعقدا لمحاكم مجلس الدولة متي كانت قد رفعت قبل العمل باللائحة المنظمة لشئون العاملين بتلك الشركة ذاتها وأنه لا يغير من ذلك صدور اللائحة المنظمة لشئون العاملين بالشركة القابضة التي تتبعها الشركة التابعة وإنما يلزم صدور اللائحة المنظمة لشئون العاملين بهذه الشركة الأخيرة والعمل بها قبل رفع الدعوى أمام محاكم مجلس الدولة ومتي كان ذلك وكانت الأوراق قد أجدبت مما يثبت صدور اللائحة المنظمة لشئون العاملين وما يبديهم بالشركة محل عمل الطاعنين قبل رفع الدعوى ومن ثم يظل الاختصاص بنظر الدعوى المطعون فيها بالطعن الماثل معقودا لمحاكم مجلس الدولة كما تظل أحكام قانون العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 هو الواجبة التطبيق بشأن هؤلاء العاملين الأمر الذي يضحي معه النص على الحكم المطعون فيه بعيب مخالفة القانون غير قائم على أساس سليم من القانون مما يتعين معه الالتفات عنه وعدم التعويل عليه.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن واقعات الطعون الماثلة تخلص فيما قرره على عبد الواحد شمس الدين المفتش بمديرية تموين الغربية بمحضر جمع الاستدلالات من أنه وردت تحريات تتضمن قيام بعض المسئولية بشركة مطاحن وسط وغرب الدلتا بشراء كميات من القمح المستورد وتوريدها إلى الشركة على أنها قمح محلى للاستفادة من فروق الأسعار بين النوعين وبناء على ذلك فقد شكلت لجنة من مفتش تموين الغربية للقيام بالتفتيش على مطحني يحيا الوطن والاتحاد حيث تم ضبط كمية مائة طن قمحا بمطحن تحيا الوطن وثلاثة وأربعون طن بمطحن الاتحاد وتم أخذ عينات من تلك الأقماح وإرسالها إلى إدارة فحص البذور بطنطا حيث تبين أنها أقماح مخلوطة بأقماح مستوردة ومن ثم فقد تم التحفظ على الكميات المضبوطة من الأقماح بالمطحنين المذكورين وقد باشرت النيابة العامة تحقيقها في الواقعة محل المخالفة في القضية رقم 3375 لسنة 1994 إداري أول طنطا حيث رأت الاكتفاء بمجازاة المحالين إداريا وقد باشرت النيابة الإدارية تحقيقاتها بشأن الواقعة محل المخالفة وانتهت إلى إحالة الطاعنين وأخر إلى المحاكمة التأديبية على النحو السالف بيانه.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق والتحقيقات ومحاضر اللجنة المشكل للتفتيش على مصنعي يحيا الوطن والاتحاد أنها قامت بأخذ العينات محل الفحص من الأجولة والشكائر الموجودة داخل المطحن وقد شهد مدير المطحنين المذكورين أن الأقماح المأخوذة منها العينة موردة من شونتي وقرة وريان وبسؤال مدير مطحن يحيا الوطن عما إذا كان لديه أقوال أخري بشأن الواقعة أفاد بوجود أحتمال لخلط أرصدة القمح الأجنبي على القمح المصري كما أنه وبسؤال مدير مطحن الاتحاد بطنطا بتحقيقات اللجنة المشار إليها أفاد بتشككه بالنتائج التي انتهي إليها الفحص الذي أجري بمعرفة إدارة فحص البذور بطنطا وذكر أن الواضح من القمح الموجود بالمطحن أنه مصري كله وأنه لا يوجد أي جوال يبين منه أن القمح أجنبي وأن الشكل العام للقمح الموجود بالمطحن أنه كله مصري وأرجع ذلك إلى اختلاف سلالات الأقماح المصرية والتي يتشابه بعضها بالأقماح الأجنبية مما لا يمكن المسئول بالمطحن من تحديدها ولكن الشكل الظاهري يفيد بأن القمح المصري.
ولما كان المبين من الأوراق أن فحص نوعية الأقماح بمعرفة لجنة التسويق بالشونة إنما يتم بالعين المجردة مما يتوافر معه احتمال وقوع ثمة خطأ في تعيين نوع القمح المورد إلى الشونة وفقا لما جاء بأقوال مدير مطحن الاتحاد من أن سلالات الأقماح المصرية تنشأ به في بعض أصنافها بالأقماح الأجنبية كما أنه في ظل أخذ العينات من المطحنين المشار إليهما وليس من الشونة ما يتوافر معه احتمال آخر بعدم صحة نسبة العينات محل الفحص إلى الأقماح الموردة من أي من الشونتين وفره وريان حيث تظل الأقماح مسئولية لجنة التسويق وأمين الشونة طالما ظلت داخل الشونة ولم تخرج منها فإذا خرجت منها إلى المطحن بعد استلامها بمعرفة مندوب الاستلام وفقا للكارتة التي تحدد مواصفات الأقماح ونوعيتها وكان الثابت من الأوراق هو وجود موظف بالمطحنين المذكورين مسئول عن فحص الأقماح لدي ورودها من الشونة لتحديد نوعها ومطابقتها للمواصفات طبقا للكارتة المرسلة مع السيارة المحملة بالأقماح والواردة من الشونة فين ثم يكون المطحن مسئولا عن الأقماح الموجودة به وتخلى مسئولية لجنة التسويق بالشونة وأمين الشونة بطبيعة الحال بمجرد استلام الأقماح ودخولها المطحن دونما اعتراض من المسئولين به كما أجريت الأوراق من ثمة سند لنسبة الاتهام بتوريد أقماح مخالفة إلى المسئولين بالشونة دون توجيه ثمة اتهام إلى المسئولين بالمطحن رغم ضبط الأقماح به وهو ما يعيب التحقيقات بالقصور الشديد الذي تفاقمت درجته بعد تحميص دفاع الطاعنين حيث خلت التحقيقات من ثمة وقائع محددة تثبت قيام لجنة التسويق بالشونتين المذكورتين بتلقي أقماح مخلوطة وقبولها بالشونة وهو ما كان يتعين معه لاستجلاء وجه الحق فحص الأقماح الموجودة بالشونتين لتحديد ما إذا كانت من ذات نوعية الأقماح المضبوطة أم لا كما خلت الأوراق من تحديد دور كل من الطاعنين في إرتكاب الواقعة الممثلة للمخالفة فجاءت الاتهامات موجهه إجمالا للجنة التسويق بكلتا الشونتين دون بيان عناصر ا لمخالفة والتي تفترض وقوع ثمة فعل مخالفا يخرج به الطاعنون عن واجبات الوظيفة وصحة نسبة ذلك الفعل إلى كل منهم ويضاف إلى ما تقدم أنه لما كان المبين من الأوراق أن اللجنة المشكلة للتفتيش على مطحني يحيا الوطن والاتحاد قد قامت بأخذ عينات من القمح الموجود بالمطحنين دون أن تحدد الوارد منها من شونة دفرة وتفصيلة عن ذلك الوارد من شونة ريان رغم أن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن كمية القمح الموردة إلى كل من المطحنين من شونة ريان تقل كثيرا عن تلك الكمية الموردة من شونة دفرة خلال الفترة من 1/8/1984 حتى 8/8/94. وقد جاء بأقوال محمد أمين السيد أمين شونة دفرة أن لجنة التسويق بشونة دفرة قامت برفض استلام أقماح مخلوطة من بعض العملاء لعدم مطابقتها للمواصفات كما جاء بأقوال عبد القادر سويلم خطاب الفراز بلجنة تسويق القمح بشونة ريان أنه ورد للشونة كميات كبيرة من الأقماح المخلوطة وأيضا كميات من القمح الأجنبي لمحاولة توريدها للشونة على أنها أقماح عملية وأن اللجنة لم تقم باستلامها مما ترتب عليه أن الوارد للشونة خلال الفترة المشار إليها من 1/8/1994 وحتى تاريخ أخذ العينة أصبح منخفضا جدا نظرا لرفض اللجنة قبول هذه الكميات من القمح المخلوط والأجنبي مما جعل التجار والعملاء الموردين لهذه الأقماح يتوجهون بها إلى أماكن أخري قامت بقبولها.
ومفاد ما تقدم أن التهمة المنسوبة للطاعنين في الطعنين الأول والثاني المطعون ضده في الطعن الثالث يصبح شائعة بين المسئولين بالمطحنين والمسئولين عن شركة الريان والمسئولين بشونة دفرة ولم تثبت على وجه يقيني في حق أي منهم .
ولما كان من المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن الأحكام بالإدانة ينبغي أن تبني على وجه القطع واليقين لاعلى الظن والتخمين وأن الشك يفسر لصالح المتهم مما يتعين حقه في حالة الشك ومثلها في حالة شيوع المسئولية الرجوع إلى الأصل وهو البراءة .
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه بالطعن الأول والثاني قد أنتهي إلى خلاف هذه النتيجة اعتمادا على التحقيقات وما جاء بأقوال الشهود ولما كانت التحقيقات قد جاءت قاصرة قصورا شديدا لا يغني في إثبات المخالفة في حق الطاعنين ، منهم المطعون ضده بالطعن الثالث وكانت أقوال الشهود غير مطابقة في ثبوتها في حقهم يؤكد ذلك ما تنطق به الأوراق أن التهمة شائعة بين ثلاث جهات وثلاثة مجموعات عمل مختلفة هي إدارة كل من المطحنين يحيا الوطن والاتحاد والمسئولين بشونة دفرة والمسئولين بشونة ريان وهو ما يتعين معه القضاء ببراءة الطاعنين مما أسند إليهم ومن ثم يضحي الطعن على ما نعوه على الحكم المطعون فيه قد صادف محله حريا بالقبول.
ومن حيث أنه بالنسبة للطعن الثالث رقم 4962 لسنة 42 ق المقام من النيابة الإدارية ضد عبد القادر سويلم خطاب والتي تطلب فيه النيابة الإدارية بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به من معاقبة المطعون ضده بعقوبة الوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر مع صرف نصف الأجر ومعاقبته بالعقوبة القانونية المناسبة لما أقترفه من جرم تأسيسا على خروج المطعون ضده إلى المعاش لبلوغه لسن القانونية اعتبارا من 25/2/1995 وكانت العقوبة الموقعة على المطعون ضده ليست ضد العقوبات التي توقع على ما انتهت خدمته ومن ثم فلا محل لتنفيذها بالنظر لطبيعتها.
ومن حيث أنه لما كان من المستقر عليه في قضاء المحكمة الإدارية العليا إن دور النيابة الإدارية بصدد دعاوى التأديب يكاد يتطابق مع دور النيابة العامة في الدعوى العمومية إذ لم كانت المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأنه إذا كان الاستئناف مرفوعا من النيابة العامة فللمحكمة أن تزيد الحكم أو تلغيه أو تعدله سواء ضد المتهم أو لمصلحته وقد حرص المشرع على هذا النص المتقدم خروجا على قاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه (يراجع في هذا الشأن حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 813 لسنة 25 ق بجلسة 20/6/1981 .
ومن حيث أن مؤدي ما تقدم أن دور النيابة الإدارية في الدعوي التأديبية يطابق دور النيابة العامة في الدعوى العمومية ومن ثم فلا يوجد ما يمنع من انطباق حكم المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية والتي من مقتضاها أنه إذا كان الحكم في الاستئناف ضد المتهم أو لصالحه خروجا على قاعدة ألا يضار الطاعن بطعنه وباعتبار أن النيابة العامة هي الأمينة على الدعوى العمومية وأنها خصم شريف ينوب عن المجتمع وانقضاء حقه وأن المتهم باعتباره جزء عن نسيج المجتمع يحق له أن يستفيد من الطعن المقام من النيابة العامة دون أن يصطدم بقاعدة أن ألا يضار الطاعن بطعنه وأن هذه القاعدة تمليها اعتبارات العدالة ومصلحة الجماعة ذاتها في عدم الجور وإقرار مبادئ العدل بين أفرادها بحيث لا يتحمل أعضاء الجماعة تبعة خطأ لم يرتكبه أو جرم لم يقترفه.
ولما كانت القاعدة سالفة الذكر تنطبق بدورها على النيابة الإدارية بصدد مباشرتها للدعوى التأديبية ومن ثم يجوز أن يستفيد منها العامل من الطعن المقام ضده من قبل النيابة الإدارية.
ومن حيث أننا انتهينا في الطعن الأول رقم 3917 لسنة 42 ق والثاني رقم 4557 لسنة 42 ق إلى عدم ثبوت ما نسب إلى الطاعنين من مخالفات ومن بينهم المطعون ضده في الطعن الثالث رقم 4692 لسنة 42 ق استنادا إلى ما ورد بالطعنين من أسباب.
ولما كان المطعون ضده في الطعن رقم 4692 لسنة 42 ق وحسبما يبين من الأوراق أنه قد أحيل للمعاش لبلوغه السن القانونية في 25/2/1995 وقبل صدور الحكم المطعون فيه بجلسة 21/4/1996 وكانت مجازاته بعقوبة الوقف عن العمل لمدة أربعة أشهر مع صرف نصف الراتب ليست من العقوبات المقررة لمن انتهت خدمتهم كما أنها لا تتناسب وما آل إليه وضع المطعون ضده ومن ثم فلا تصلح للتطبيق بالنسبة له مما يجعلها غير ذات جدوى في تأديبه من حيث الواقع إلا أنه يظل لهذه العقوبة ثقلها المعنوي كجزاء موقع على المطعون ضده ويبقي هذا العبء قائما ببقائها مما يسبب له أضرارا محققة نفسية واجتماعية باعتباره مخطئا ومجلا للعقاب الأمر الذي تتوافر معه مصلحته في رفع هذا الجزاء عن كاهله ومحو أثاره كلية من الوجود وإفادته باعتباره مطعون ضده في طعن النيابة الإدارية بالطعن رقم 4692 لسنة 42 ق الأمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المطعون بمحو كل أثر لتلك العقوبة والقضاء ببراءة المطعون ضده مما أسند إليه .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعون الثلاثة شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون والقضاء ببراءة المحالين مما أسند إليهم مع ما يترتب على ذلك من أثار.