الطعن رقم 4708 لسنة 41 بتاريخ : 1999/01/05 الدائرة الثالثة
_____________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ شفيق محمد سليم نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين محمد منير السيد احمد جويفل محمد إبراهيم محمد قشطة سالم عبد الهادي محروس جمعة نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
بتاريخ 14/8/1995 أودع الأستاذ / محمود الطوخي المحامي نائبا عن الأستاذ/ فتحي الرشيدي المحامي – بصفته وكيلا عن الطاعن- تقرير الطعن الماثل قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا وطلب في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بطلبات الطاعن في الدعوى الأصلية وإلغاء الحكم الصادر في الدعوى الفرعية والحكم برفضها مع إلزام المطعون ضده بالمصاريف والأتعاب مع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
وقد أعلن الطعن إلى الجهة الإدارية، وقدم مفوض الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا مع إلزام الشركة الطاعنة بالمصروفات.
وتدوول الطعن أمام فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها وبجلسة 17/12/1997 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة- موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 28/4/1998 وتم تداوله على النحو الوارد بمحاضر الجلسات وبجلسة 3/11/1998 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 29/12/1998 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لاتمام المداولة وفيها صدر ,أودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
حيث أن الطعن قد استوفي أوضاع الشكلية والإجرائية.
وحيث أنه بتاريخ 25/5/1992 أقام الطاعن الدعوى رقم 6296 لسنة 46 ق طالبا الحكم بقبولها شكلا وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ توقيع 4% غرامة التأخير، 10% غرامة عدم التوريد. 10% مصاريف بالنسبة لعالم يتم توريده من الفول موضوع عقد التوريد المؤرخ5/11/1990 والمقيد برقم 2/2/90/91 بينه وبين هيئة الأمداد والتموين بالقوات المسلحة لتوريد 1850 طن فول صحيح وذلك حتى يتم الفصل وفي موضوع الدعوى نهائيا ، وفي الموضوع بإلغاء المدعي من غرامة تأخير التوريد بنسبة 4% وغرامة عدم التوريد بنسبة 10% والمصروفات الإدارية بنسبة 10 وفرق السعر بالنسبة لعالم يتم توريده من الكمية المتعاقد عليها بموجب العقد المشار إليه.
كما أقام المطعون ضده دعوى فرعية ضد المدعي ( الطاعن) طلب في ختامها الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدى للجهة الإدارية مبلغا مقداره 207725.350 جنيها والفوائد القانونية من هذا المبلغ بواقع 5% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام سداد والمصروفات والأتعاب.
وقد تداولت المحكمة نظر الدعوى الأصلية والدعوى الفرعية وبجلسة 2/7/1995 حكمت المحكمة بقبول الدعوى الأصلية شكلا ورفضها موضوعا وألزمت الشركة المدعية المصروفات وثانيا: بقبول الدعوى الفرعية شكلا وفي الموضوع بإلزام الشركة المدعي عليها بأن تؤدى للمدعي بصفته ( المدعي عليه في الدعوى الأصلية ) مبلغا مقداره207725.330 جنيها ( مائتان وسبعة آلاف وسبعمائة وخمسه وعشرون جنيها وثلاثمائة وثلاثون مليما) والفوائد القانونية المقررة بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22/1/1994 وحتى تمام الوفاء والمصروفات.
ولقد شيدت المحكمة قضاءها بعد استعراض أحكام المادتين 28،29 من القانون 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات والمادتين 88،92 من اللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه على ان الثابت أنه بتاريخ 5/11/1990 ثم التعاقد بين الجهة الإدارية والشركة المدعية ( المدعي عليها في الدعوى الفرعية) لتوريد 1850 طن فول صحيح محلي /مستورد محصول 90/91بسعر الطعن 1165 جنيها بقيمة إجمالية مقدارها 2155.250 جنيها على أن ينتهي التوريد في 20/6/1991 وتحدد بالعقد جدول زمني للتوريد والكميات اللازم توريدها وتضمن العقد أن السعر يشمل ويغطى كافة المصاريف والرسوم وما يلزم من تكلفة حتى يتم التسليم ولا يحق للطرف الأول ( الشركة) المطالبة بآي زيادة عن سعر العقد نتيجة تقلبات الأسعار أو آي أسباب أخرى وإذا تأخرت الشركة أو قصرت في توريد كل أو جزء من الكميات فيحق لجهة الإدارة شراءها من السوق المحلي وعلي حسابه تطبيقا لشروط ومواصفات العقد مع تحميل الشركة بفارق الثمن والغرامات القانونية أو إنهاء التعاقد فيما يختص بهذه الكمية مع خصم 10% من قيمتها ومطالبة اشلركة بسداد ما يوازى هذه القيمة أو خصمها من مستحقاتها وذلك دون إخلال بحق الإدارة في المطالبة بالتعويض عن آي أضرار وفقا لحكم المادة 92 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983 وقد تحفظت الشركة أثناء التعاقد على التزام جهة الإدارية بالتوصية لدى الجهات الرسمية للسماح لها بالاستيراد وقد قامت الشركة بتوريد 98.345 طنا من قيمة أجمالي الكمية المتعاقد عليها ومقدارها 1850 طنا والتزمت الإدارة بتنفيذ التحفظ الذى تمسكت به الشركة وأرسلت توصية الوزارة الاقتصاد في 5/11/1990 وأخرى لوزارة الزراعة في 24/11/1990 بالسماح للشركة باستيراد الكميات المتعاقد عليها من الفول لأهمية ذلك في تغذية أفراد القوات المسلحة الا أن الشركة تقاعست عن الوفاء بتوريد باقي الكمية المتعاقد عليها ومقدارها 1751.655 طنا ونظرا لحاجة الجهة الإدارية للاصناف المتعاقد عليها فقد قامت بشراء كمية مقدارها 430.517 طنا بسعر الطعن 1350 جنيها على حساب الشركة وأنهت العقد بالنسبة لباقي الكمية الكمية ومقدارها 1321.138، ومن ثم يحق لجهة الإدارة استثناء فروق أسعار مقدارها 79645.645 جنيه نتيجة التنفيذ على الحساب بشراء بشراء 430.517 طنا بفارق سعر الطعن 185 جنيها كما يحق لها الحصول على مصاريف إدارية مقدارها 58.449.795 جنيها بنسبة 10% من قيمة الأصناف المشتراة على الحساب فضلا عن مبلغ 20062.092 جنيها قيمة غرامة تأخير بنسبه 4% مع مصادرة التأمين المودع بما يوازى 10% من قيمة هذه الأصناف وهو ما يقدر بمبلغ 50155.23 جنيها ومن جماع ما تقدم يكون مستحقا للجهة الإدارية نتيجة التنفيذ على حساب الشركة المدعية مبلغ قدره 79645.645+ 58119..795+20062.092+50155.23= 207982.76 جنيها وإذ قامت الجهة الإدارية بإنهاء العقد بالنسبه لباقي الكمية ومقدارها 1321.138 طنا فإنه يحق للإدارة مصادرة التـامين بما يوازى 10% من قيمة هذه الكمية وهو مبلغ مقداره 153.912.57 جنيها علاوة على مبلغ مقداره 61565.028 جنيها وهو ما يمثل غرامة تأخير بنسبة 4% ومن جماع ما تقدم يكون مستحقا على الشركة لجهة الإدارة مبلغ مقداره 423.460.351 جنيها وإذ كان مستحقا للشركة قبل الجهة الإدارية مبلغ 215735.020 جنيها قيمة خطاب الضمان النهائي بملغ 162000 جنيها ومستحقات الشركة بمبلغ 53735.020 جنيها فإن المستحق على الشركة لجهة الإدارة بعد استنزال المبلغ المشار إليه 423460.35-215735.020=207725.32 جنيها، والفوائد القانونية المقررة عن هذا المبلغ بنسبة 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22/1/1994 وحتى تمام الوفاء عملا بحق المادة 226 من القانون المدني.
وفي سوء ما تقدم تغدو مطالبة الشركة ببراءة ذمتها من المبالغ المطالب بها غير قائمة على سند الامر الذى تكون معه دعواها والحال كذلك منهارة الأساس خليقة بالرفض، وبالنسبة للدعوى الفرعية فإن مطالبة الجهة الإدارية لشركة بمبلغ 20775.33 جنيها وفوائده القانونية تكون قائمة على سندها.
وإذ لم يرتض الطاعن القضاء السابق أقام طعنه الماثل داعيا على الحكم المطعون عليه مخالفة القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وذلك بمقولة ان الثابت أن الطاعن قد اتجهت نيته إلى توريد الفول من الفول المستورد الذى أعد في مجلس العقد في ذات التاريخ 5/11/1990 مما يؤكد ان نية المتعاقدين قد انصرفت إلى أن يكون التوريد وقد خالف الحكم المواد 147/2،149،658/4 من القانون المدني التى توجب الموازنة بين مصالح طرفي العقد،ولما كانت أسعار الفول قد تضاعفت إلى ثلاثة أمثال السعر المتعاقد عليه فقد كان من المتعين فسخ العقد، وأستطرد الطاعن إلى أنه طلب ندب خبير لاثبات حالة محصول الفول المحلي لعام 1990 وارتفاع ثمنه إلى ثلاثة أضعاف السعر المتعاقد عليه الا أن المحكمة التفتت عن هذا الطلب وهو ما يعد إخلالا بحق الدفاع.
ومن حيث أن البند الأول من العقد المبرم مع هيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة ينص على أن : 1- يقوم الطرف الأول بتوريد 1850 طن فول صحيح محلي/ مستورد محصول 90/91اللازمة للقوات المسلحة لعام90/91 طبقا لشروط ومواصفات إدارة التعيينات العامة والخاصة لعام 90/91 والموقع عليه من الطرف الأول. 2- قيمة هذا العقد في حدود مبلغ 2155250 جنيه وحيث أن المادة(148) من القانون المدني تنص على أنه( يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقته تتفق مع ما يوجبه حسن النية وهذا المبدأ على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة هو أصل من أصول القانون التى تحكم العقود المدنية والإدارية على حد سواء وبمقتضاه يلتزم كل طرف من طرفي العقد بتنفيذ ما أتفق عليه في العقد، فإن حاد أحدهما عن هذا السبيل كان مسئولا عن إخلاله بالتزامه العقد في، ووجب حمله على الوفاء بهذا الالتزام، وصار تحميله بمعارضة العقد من جزاءات أمرا واجبا قانونا والأصل في عقد التوريد أن الإيجاب يوجه على أساس الشروط العامة المعلن عنها التى تستقل جهة الإدارة بوضعها دون ان يكون للطرف الآخر حق الاشتراك في ذلك، الا أنه إذا كان لهذا الطرف شروط خاصة تناقص او تحد من الشروط العامة المعلن عنها، دون أن تؤثر على الشروط الجوهرية فالجهة الإدارة ان تتفاوض مع ذلك الطرف للنزول عن كل أو ببعضها، وأرتضت الجهة الإدارية ذلك، باتت تلك الشروط جزءا لا يتجزأ من العقد، ويتعين الالتزام بها ولما كانت الثابت من محضر الممارسة أن الطاعن قصر تحفظه بجلسة الممارسة على أن يقتصر التزام جهة الإدارية على ارسال خطابات توصية لدى الجهات الرسمية للسماح له بالاستيراد، وذلك بسبب نقص محصول الفول المحلي لعام 90/1991 وارتفاع سعره، وقد أوفت جهة الإدارة بالتزامها تجاه هذا التحفظ ومنحته خطاب بتاريخ 5/11/1990 موجه إلى وزارة الاقتصاد قطاع التجارة الخارجية توصي فيه بالسماح باستيراد الكميات المتعاقد عليها، آلا أن وزارة الإقتصاد طلبت موافقة وزارة الزراعة، وقد خاطبت إدارة تعيينات القوات المسلحة وزير الزراعة للسماح للطاعن باستيراد الفول المتعاقد عليه آلا أن وزير الزراعة رفض التصريح له بالاستيراد وأشر على الطلب المقدم منه بوجود الفول لدى الأربع تجار الرئيسين ولكن سعره مرتفع عن المستورد ويمكن الوفاء بالمطلوب من الفول من السوق المحلي، وبالتالي يكون الطاعن قد حيل بيده وبين الاستيراد من الخارج.
ومن حيث أنه كانت هذه المحكمة مستقره على أن الأصل في تفسير العقود- مدنيه كانت أم إدارية – انه إذا كانت عابرة العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عليها عن طريق تفسيرها للتعرف على إرادة المتعاقدين آلا إذا كانت غير واضحة فقد لزم تقضي النية المشتركة للمتعاقدين دون التوقف عند المعني الحرفي للألفاظ مع الاستهداء ذلك بطبيعة التعامل وما ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف التجاري المعاملات على أن المتعاقدين أساءوا استعمال التفسير الواضح وفي هذه الحالة لا يؤخذ بالمعني الواضح ؟ يجب أن يعدل وكانت الثابت من ظروف التعاقد ومن محضر لجنة الممارسة أن كلا من الجهة والطاعن كانا على علم بنقص محصول الفول عام 90/91 ومن ثم ورد الفرق البند الأول على توريد 1850 طن فول محلى/ مستورد وهي عبارة تفيد جواز التوريد من الداخل أو الاستيراد من الخارج ويؤكد ذلك الخطاب الصادر بالتوصية لدى وزارة الاقتصاد بالسماح له بالاستيراد من الخارج، وقد حالت وزارة الزراعة بينه وبين الاستيراد من الخارج واصبح ملزما بتنفيذ العقد بالشراء من السوق المحلي رغم ارتفاع الأسعار مما جعل العقد أثقل عبثا وأكثر مما قدره المتعاقدان التقدير المعقول واصبحت الخسارة التى يتحملها في سبيل التنفيذ تجاوز الخاسرة المألوفة العادية التى يتحملها أي متعاقد إذ بلغ سعر الطن من الفول المحلي(2370 جنيها) وهو ما يفوق بكثير السعر المتعاقد عليه(1165جنيها) وهو ما جعل استمرار الطاعن في تنفيذ التزامه مرهقا، ومن ثم قام بتوريد 100 طن تقريبا من الإنتاج المحلي بسعر الطن 2370 جنيها للطن الواحد وتحمل فارق سعر عن هذه الكمية يصل إلى 220500 جنيها، ثم توقف عن التوريد، ولو استمر في التوريد بهذا السعر لتحمل خسائر فادحة يصعب عليه تحملها، وأمام توقف قامت جهة الإدارة باستخدام سلطاتها المقررة قانونا بالتنفيذ على حسابه، ألا أنها راعت عند قيامها بالتنفيذ على حسابه الاقتصار على شراء 430517 طن بسعر الطن 1300 جنيها للطن الواحد ولم تقم بتنفيذ العقد بالكامل على حسابه ولو استمرت في شراء الكمية بالكامل على حسابه لكانت خسارة افدح ولكانت الفروق المالية الواجب تحميله بها أكبر بكثير ولبلغ ما تطالب به من فروق مالية = 1750طن ×185 = 322750 يضاف إليها 10% مصروفات إدارية 32375 جنيه يضاف إليها غرامة تأخير بنسبة 4% عن الكمية التى لم يتم توريدها 12950 جنيها ومجموع تلك المبالغ 369075 جنيها وإذ صدر الحكم المطعون فيه بإلزامه بمبلغ 207725.330 جنيها فقط فإن ذلك يعني أن الجهة الإدارية عاونته في تحمل خسائر العقد بمبلغ 369075-207725.330=161349.69 جنيها، ومن ثم تكون قد ساهمت في تخفيف عبء الخسارة التى كان سوف يتعرض لها لو نفذ العقد بالكامل على حسابه ويكون الحكم المطعون فيه قد أخذ في الاعتبار إعادة التوازن المالي بين حقوق جهة الإدارة وبين التزام الطاعن مما جعل الطعن الماثل غير قائم على سند من الواقع أو القانون مستوجبا الحكم برفضه وتأييد الحكم المطعون فيه فيما انتهي إليه من إلزام الطاعن بمبلغ 207725.330 جنيها والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 22/1/1994 وحتى تمام الوفاء بالمصروفات.
ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.