الطعن رقم 4913 لسنة 42 بتاريخ : 1999/10/31
___________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الاستاذ المستشار / حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الاساتذة المستشارين : جودة عبد المقصود فرحات وسعيد احمد محمد حسين برغش وسامي احمد محمد الصباغ واحمد عبد العزيز ابو العزم ( نواب رئيس مجلس الدولة )
* الإجراءات
في يوم الاحد الموافق 23/6/1996 اودع الاستاذ مختار محمد فهمي المحامي نيابة عن الاستاذ فؤاد فهيم المحامي – بصفته وكيلا عن الطاعن – قلم كتاب المحكمة تقرير طعن، قيد برقم 4913 لسنة 42 ق، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بجلسة 23/4/1996 في الدعوى رقم 693 لسنة 46ق، المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهم – بطلب الحكم بالزامهم متضامنين بأن يؤدوا له معاشا شهريا ثابتا يزاد طبقا للقانون مقداره مائه جنيه من تاريخ الاصابة مع تعويضه بمبلغ خمسين ألف جنيه تعويضا عما أصابه من أضرار أثناء الخدمة وبسببها – والقاضي بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع باستحقاق المدعي معاشا شهريا اعتبار من تاريخ انتهاء خدمته العسكرية، واستحقاقه مبلغ التامين وكذلك مبلغ التامين الاضافي وفقا لاحكام القانون رقم 90 لسنة 1975، علي الوجه المبين بالاسباب، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات
وطلب الطاعن – للاسباب الواردة بالتقرير – الحكم بالغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من عدم أحقيته في التعويض الاجمالي البالغ مقداره خمسون الف جنيه، والقضاء مجددا بالزام المطعون ضدهم بأن يدفعوا له متضامنين مبلغ خمسين الف جنيه .
وتم اعلان تقرير الطعن .
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلا، وفي الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضي به عن رفض طلب التعويض، وإلزام الجهة الإدارية بأن تؤدي للطاعن التعويض الذي تقدره المحكمة لجبر الإضرار التي اصابته .
وقد تحدد لنظر الطعن امام دائرة فحص الطعون جلسة 7/12/1998 وتداول بالجلسات علي النحو المبين بالمحاضر، حيث قدم الطاعن مذكرة صمم فيها علي طلباته وقررت الدائرة احالة الطعن الي المحكمة الإدارية العليا : الدائرة الأولي /موضوع لنظره 30/5/1999 .
وتم نظر الطعن بالجلسة المحددة، وما تلاها من جلسات الي ان قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم حيث صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
من حيث إن الطعن قد استوفي كافة اوضاعه الشكلية، فمن ثم يتعين قبوله شكلا.
ومن حيث انه بالنسبة للموضوع، فإن وقائعه تخلص – حسبما يبين من الاوراق – في ان الطاعن كان قد اقام الدعوى رقم 693 لسنة 46ق، بايداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 27/10/1991، بطلب الحكم بالزام المدعي عليهم متضامنين بأن يؤدوا له معاشا شهريا ثابتا مقداره مائه جنيه تزاد طبقا للقانون من تاريخ الاصابة، مع تعويضه بمبلغ اجمالي مقداره خمسون الف جنيه تعويضا له عما اصابه اثناء الخدمة وسببها
وذكر المدعي – شرحا لدعواه – انه جند بخدمة القوات المسلحة، وفي صباح يوم 27/11/1988 كلف بخدمة نهارية علي مخزن الذخيرة بالكتيبة الملحق بها، واثناء قيامه بالحراسة تعلقت قدمه باحد الاسلاك الشائكة حال كونه بندقيته فسقط علي يده اليسرى التي ارتطمت بأحد الألغام المغروسة بالأرض ، فانفجر اللغم ، وترتب على ذلك بتر أصابع يده اليسرى واصابة عينه اليسرى بجسم غريب، فضلا عن شظايا باماكن متفرقة من جسمه، وثبت ذلك بالمحضر رقم 211 – شرق اصابات – 1989 . وقيد برقم 93/1989 اداري قيادة الجيش الثاني الميداني قسم س 4 نيابات رقم 10
واضاف المدعي انه علي الرغم من اصابته الجسيمة بعينه ويده حال كونه قد حدثت نتيجة خطأ قيادات وحدته العسكرية المسئولة عن تطهير اماكن معسكرات الجند من الالغام ، وهو خطأ جسيم ترتب عليه انهاء خدمته العسكرية لعدم اللياقة الطبية ، فإن القوات المسلحة لم تسلمه سوي شيكا بمبلغ خمسة وسبعين جنيها تعويضا عن اصابته ومكافأة لنهاية الخدمة، وانتظر طويلا ان تمنح له القوات المسلحة حقوقه التأمينية مع تعويضه، الا ان شيئا من ذلك لم يحدث.
وبجلسة 23/4/1996 قضت محكمة القضاء الاداري بالقاهرة باستحقاق المدعي معاشا شهريا اعتبار من تاريخ انتهاء خدمته العسكرية واستحقاقه مبلغ التأمين وكذلك مبلغ التأمين الاضافي المدعي لعدم اللياقة الطبية لاصابته بعجز جزئي اثناء الخدمة وبسببها، وان الحقوق التأمينية المقررة بالقانون رقم 90 لسنة 1975 تمنح للمصابين من الجنود اثناء الخدمة وبسببها، وانه لا يشترط لاستحقاقها ثبوت خطأ في جانب الإدارة وانه لم يثبت وقوع خطأ في جانب الادارة يوجب تعويض المدعي .
ونعي تقرير الطعن علي الحكم المطعون فيه مخالفة القانون علي اساس ان خطأ جهة الادارة ثابت بمحضر الواقعة ويتمثل في عدم تطهير معسكر الوحدة التي يخدم بها الطاعن، وان الضرر الذي اصاب الطاعن يتمثل في بتر اصابع يده اليسرى واصابة عينة اليسرى،وان علاقة السببية قائمة بين الخطأ والضرر .
ومن حيث إن هذه المحكمة قد ذهبت في قضاء سابق الي ما مفاده انه لما كان مصدر التزام جهة الإدارة فى المجند المصاب بسبب الخدمة هو نصوص قانون التقاعد والتأمين والمعاشات لللقوات المسلحة الصادر بالقانون رقم 90 لسنة 1975 , فإن مقتضى ذلك أن المشرع قد حدد التزامات جهة الإدارة في هذه الحالة بموجب القانون مباشرة، ومن ثم فإنه لا يكون هناك وجه للقول بمسئولية جهة الإدارة عن ذات الحالة استنادا الي مصدر اخر من مصادر الالتزام هو العمل غير المشروع، ما لم تكن اصابة المجند بسبب الخدمة قد نتجت عن تصرف او عمل ينطوي علي نوع من أنواع خطأ الإدارة ينحدر إلى مستوى الخطأ المدى أو الخطأ الجسيم , لأن الاستحقاق الذى قدره القانون للمصاب بسبب الخدمة انما قدره بمراعاة ظروف ومخاطر الخدمة العسكرية التي يمكن أن يتعرض لها المجند بلا خطأ جسيم من جهة الإدارة , وهو خطأ المرفق الممكن وقوعه فى الأحوال و احتمالات الممارسة العادية لنشاطه , دون ظروف مخاطر الخدمة التى تشكل الخطأ العمدي او الجسيم ، اذ في هذه الحالة الاخيرة لا يكون التعويض وغيره من الحقوق التي قدرها المشرع وقررها كافية لتغطية الضرر الذي اصاب المجند ، وانما يكون العمد أو الخطأ الجسيم مقتضيا لتعويض مكمل لحجم الضرر الذى رتبه الخطأ الجسيم من جهة الإدارة إلى جانب ما قرره القانون للمجند المصاب من حقوق وتأمينات .
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه صباح يوم 27/11/1988 وأثناء قيام الطاعن المجند بالكتيبة 204 باللواء 82 مد وسط بحراسة مخزن الذخيرة بالكتيبة انفجر به لغم أرضى أدى إلى تهتك وبتر اصابع يده اليسرى وجسم غريب بمقلة عينه اليسرى، وانهيت خدمته العسكرية – تبعا لذلك – لعدم اللياقة الطبية للإصابة أثناء الخدمة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن اللغم الذي أنفجر في المجند الطاعن لم يكن في منطقة الغام محظور عليه الدخول فيها، وأنما كان في مكان بالكتيبة غير محظور علي أفرادها أن يتواجدوا به، كما لم تنكر الجهة الإدارية قيامها بتطهير منطقة الحادث من الغام بعد وقوعه، فمن ثم فإن مسلك الإدارة في عدم تطهير أرض معسكر الجنود وحول مخزن ذخيرة مما عساه أن يؤذي افراد المعسكر أو يفجر المخزن يمثل تفريطا جسيما فيما يستوجب العناية، وافراطا في الإهمال والخطأ .
ومن حيث إنه لما تقدم، وكان الثابت أن هذا الخطأ الجسيم من جانب الإدارة هو الذي تسبب في بتر أصابع اليد اليسرى للطاعن وإصابة عينه اليسرى، فمن ثم فقد حق علي الجهة الإدارية تعويضه عما أصابه في نفسه وبدنه، وبمراعاة ما قرره بمحاضر التحقيق العسكرية ولم تنكر الإدارة من أنه كان يعمل سائقا، وهو ما تقدره المحكمة بأربعين ألف جنيه .
ومن حيث إن الحكم الطعين قد ذهب خلافا لما تقدم فإنه يكون قد خالف القانون فيما قضي به من رفض طلب التعويض، بما يتعين معه القضاء بإلغائه في هذا الخصوص، وبالزام الجهة الإدارية أن تؤدي للطاعن تعويضا مقداره عشرون ألف جنيه .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيما قضي به من رفض طلب التعويض وبالزام الجهة الإدارية ان تؤدي للطاعن تعويضا مقداره عشرون ألف جنيه والمصروفات .