الطعن رقم 5807 لسنة 42 بتاريخ : 2000/04/02
____________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات ، ومحمد عبد الرحمن سلامة ، وسعيد أحمد محمد حسين برغش ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
في يوم الأحد الموافق 11/8/1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 5807 لسنة 42ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 7383 لسنة 49ق بجلسة 23/6/1996 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه وإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى. وقد تم إعلان الطعن على النحو المبين بالأوراق .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنون المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 20/7/1998 وبجلسة 2/11/1998 قررت إحالته إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلساتها على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم، وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه المقررة.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 7383 لسنة 49ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 6/7/1995 طلبوا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه رقم 438 لسنة 1995 الصادر من حى مدينة نصر مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل الأتعاب.
وقالوا بياناً لدعواهم أنه بموجب عقد اتفاق بينهم وبين رئيس حى مدينة نصر منحوا ترخيصاً بإقامة أكشاك لبيع الزهور وق قاموا بإزالة أكوام القمامة بموقع أكشاكهم وقاموا باستصلاح وإعداد مساحة فدان ونصف كحديقة عامة وقد قاموا ببناء أكشاكهم وتوصيل جميع المرافق واستخراج كافة المستندات اللازمة لإدارة النشاط إلا أنهم فوجئوا بتاريخ 2/7/1995 بصدور القرار رقم 438 لسنة 1995 من حى مدينة نصر بإلغاء جميع التعاقدات التى تمت لإقامة أكشاك عرض وبيع الزهور بمدينة نصر وإخلائها وإزالتها جميعاً، وينعى المدعون على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون للأسباب الآتية:
أولاً: أن القرار المطعون فيه صدر من رئيس حى مدينة نصر دون اتباع المواعيد المنصوص عليها ودون إبداء أسباب وبغير دافع المصلحة العامة أو المنفعة العامة، ومن ثم فإن هذا القرار يكون قراراً تعسفياً.
ثانياً: أن المدعين قاموا بناء على موافقة الحي وباقي الجهات الحكومية باستخراج جميع المستندات اللازمة لنشاطهم من سجل تجارى وبطاقة ضريبية وتأمينات اجتماعية وإدخال الكهرباء والمياه دون اعتراض.
ثالثاً: أن الأكشاك الصادر بشأنها القرار المطعون فيه لا تشكل أشغالاً للطريق العام فموقع كل كشك يقع بجوار حديقة عامة.
رابعاً: أنه يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها.
وبجلسة 23/6/1996 صدر الحكم المطعون فيه وقضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الظاهر من الأوراق أن الجهة الإدارية رخصت للمدعين بإقامة محلات لبيع الزهور ولم يحدد فى الترخيص مدة معينة لانتهائه ولم تبين الأوراق أن المدعين قد توافرت فى شأنهم إحدى الحالات التي تجيز للسلطة الإدارية المختصة إصدار قرار الإزالة المطعون فيه ومن ثم فإن القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء التراخيص الممنوحة للمدعين لإقامة أكشاك لعرض وبيع الزهور وإزالة الأكشاك وإخلائهم منها يكون هذا القرار قد شابه عيب مخالفة القانون الأمر الذى يتحقق فى طلب وقف تنفيذه ركن الجدية فضلاً عن تحقق ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذه نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى حرمان المدعين من مصدر رزقهم.
ومن حيث أن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه وتأويله ذلك أن الترخيص بالانتفاع بالمال العام للإدارة فيه سلطة تقديرية واسعة فلها الحق في إعطاء الترخيص ابتداء ولها أن تلغيه فى أى وقت بحسب ما تراه محققاً للمصلحة العامة باعتبار أن المال العام لم يخصص فى الأصل لمثل هذا النوع من الانتفاع وإذ يبين أن الجهة الإدارية قد رخصت للمدعين بإقامة أكشاك لبيع الزهور بحى مدينة نصر وهى فى سبيلها لإعادة تنظيم وتخطيط وتجميل مدينة القاهرة رأت أن من دواعى هذا التجميل إزالة هذه الأكشاك ومن ثم أصدرت قرارها المطعون فيه بإزالة وإلغاء جميع الأشغالات للأكشاك بحى مدينة نصر، وقد تضمن القرار إعطاء مهلة لأصحاب الأكشاك لإزالتها، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه متفقاً وصحيح حكم القانون.
من حيث أن المادة الثانية من القانون رقم 140 لسنة 1956 فى شأن أشغال الطرق العامة تنص على أنه لا يجوز بغير ترخيص من السلطة المختصة أشغال الطريق العام فى اتجاه أفقى أو رأسى وعلى الأخص بما يأتى : 1) ………… 2) ………. 3) ………. 4) وضع بضائع ومهمات وفاترينات ومقاعد ومناضد وصناديق وأكشاك وتخاشيب وما شابه ذلك. 5) ………….. وتنص المادة (8) على أن “ يبين فى الترخيص مدته والشروط التى يجب على المرخص له اتباعها والرسم المستحق والتأمين ………… وهذا الترخيص شخصى وينتهى بوفاة المرخص له ولا يجوز التنازل عنه إلا بموافقة السلطة المختصة …. وكل مخالفة لأحكام الفقرتين الثانية والثالثة يترتب عليها اعتبار الترخيص لاغياً. ويجوز للمرخص له أن يطلب تجديد الترخيص قبل انتهاء مدته وتتبع فى شأن الطلب أحكام المواد 5، 6، 7”.
وتنص المادة (9) على أنه للسلطة المختصة وفقاً لمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة أن تصدر قراراً بإلغاء الترخيص أو بإنقاص مدته أو المساحة المرخص في أشغالها على أن ترد رسم الأشغال كله أو جزء بنسبة ما انقص من مدة الترخيص أو من مساحة الأشغال حسب الأحوال. وعلى المرخص له إزالة الأشغال فى الأجل الذي تحدده السلطة المختصة على ألا يقل هذا الأجل عن أربع وعشرين ساعة من وقت إبلاغه بالقرار المشار إليه بالطريق الإدارى وإلا اتبعت في شأنه أحكام المادة 13.
وتنص المادة (13) على أنه إذا حدث أشغال بغير ترخيص جاز للسلطة المختصة إزالته بالطريق الإداري على نفقة المخالف إذا كان هذا الأشغال مخلاً بمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة ……….
ومن حيث أن مفاد هذه النصوص أنه لا يجوز أشغال الطرق العامة على اختلاف أنواعها بأية أشغالات أياً كان نوعها إلا بترخيص من السلطة المختصة، وهذا الترخيص إنما يرد على خلاف الأصل العام في استعمال الطرق التى يكون استعمالها للكافة وبغير عوائق، وأية ذلك أن المشرع جعل من سكوت الإدارة على تقديم طلب الترخيص مدة خمسة عشر يوماً بمثابة رفض الطلب وذلك على خلاف الأصل فى اعتبار السكوت قبولاً، كما جعل للسلطة المختصة رفض طلب الترخيص أو إلغائه بعد صدوره أو إنقاص مدته أو مساحة الأشغال، ومن ثم يتعين صدور الترخيص مبيناً فيه مدته والشروط التى يجب على المرخص له اتباعها والرسم المستحق والتأمين ونوع الأشغال، وأن الترخيص شخصى ينتهى بالوفاة ولا يجوز التنازل عنه إلا بموافقة السلطة المختصة، على أنه إذا ما أرادت السلطة المختصة إلغاء الترخيص بعد صدوره فى غير حالات الموجبة للإلغاء لمخالفة القانون أن يكون إلغاء الترخيص فى إطار من مقتضيات التنظيم العام للمكان أو لمبررات يمنحها الأمن العام أو الصحة العامة أو فى إطار تنظيم حركة المرور، أو لمبررات حماية الآداب العامة، أو لتنظيم عام يمنحه جمال تنسيق المدينة، فإذا قام باعث من هذه البواعث وكان فى إطار من العمومية والتجريد وقامت الأسباب ما يجعل من وجود أشغالات الطرق سواء بأكشاك أو خلافه عائقاًَ فى سبيل هذا التنظيم فى هذه الحالة يكون لجهة الإدارة إصدار قرارها بإلغاء الترخيص أو إنقاص مدته أو المساحة المرخص بها ، والملاحظ أن المشرع جعل للإدارة فى هذه الحالة إما بإلغاء الترخيص أو إنقاص مدته أو المساحة المرخص بها إقرارا للمفهوم السابق الإشارة إليه، على أنه يتعين على جهة الإدارة أن تقيم الدليل على قيام الحالة الموجبة لتدخلها وأن هذه الحالة من العمومية بحيث لا تنصرف إلى ترخيص محدد، وعليه فلا يكفى لقيام تلك الحالة مجر القول المرسل بوجودها حتى تبادر إلى إلغاء الترخيص أو إنقاص مدته أو المساحة المرخص بها وذلك حتى لا تهتز مصداقية الإدارة فى إصدارها لهذه التراخيص.
ومن حيث أن البادى من ظاهر الأوراق أنه صدر القرار المطعون فيه رقم 438 لسنة 1995 من رئيس حى مدينة نصر بإلغاء التعاقدات التى تمت لإقامة أكشاك لعرض وبيع الزهور بمدينة نصر ويتم إخلاء وإزالة هذه الأكشاك جميعاً مع إعطاء حائزى مواقع هذه الأكشاك مهلة أسبوعا واحداً من تاريخ إعلانهم بهذا القرار لإخلاء وإزالة هذه الأكشاك وإلا تقوم الجهة المختصة بالتنفيذ وعلى نفقة الممتنع، واستند القرار فى ديباجته على أنه تمت دراسة موقف أكشاك الزهور واستطلاع الآراء والفتاوى القانونية الصادرة من جهات الاختصاص، وذلك دون أن يعين الأسباب التى انتهت إليها الدراسة بشأن هذه الأكشاك فإذا كانت ثمة مخالفة للقانون أعملت بشأن المخالفة النصوص القانونية، وإذا ما كان السبب إحدى الحالات المبينة فى المادة (9) من القانون تعين إبراز هذه الحالة والتنظيم العام بشأنها، وقد أورد تقرير الطعن قولاً مرسلاً بأن الإدارة بصدد إعادة تنظيم وتخطيط وتجميل مدينة القاهرة وهو لم يقم عليه دليل، وفى المقابل فإن المطعون ضدهم يذهبون إلى أن ثمة اتفاقاً عقد مع الحى لنظافة المنطقة وإقامة حديقة بها على نفقتهم وأنهم استخرجوا كافة الموافقات اللازمة لمباشرة نشاطهم الذي يقومون به فعلاً منذ عدة سنوات وعلى ذلك فلا يكون متفقاً والقانون قيام جهة الإدارة بإصدار قرارها الطعين بإزالة الأكشاك وإخلائها وبالضرورة إلغاء الترخيص دون قيام الحالة الموجبة لذلك، ومن ثم يتوافر ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار فضلاً عن توافر ركن الاستعجال المتمثل فى حرمان المطعون ضدهم من مزاولة نشاطهم ومصدر رزقهم ومن ثم يتعين وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وهو ما انتهى إليه الحكم الطعين ومن ثم يكون قضاؤه مصادفاً لصحيح أحكام القانون ويكون الطعن عليه على غير أساس جديراً بالرفض.
وإن كان ذلك لا يجول بين جهة الإدارة وبين إعادة إصدار قرارها بإلغاء الترخيص إذا ما قامت إحدى الحالات الموجبة لذلك.
ومن حيث أن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.