الطعن رقم 6087 لسنة 44 بتاريخ : 1999/11/21 الدائرة الأولي
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/محمد عبد الرحمن سلامة وسامى أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وأحمد عبد العزيز أبو العزم (نواب رئيس مجلس الدولة)
* إجراءات الطعن
فى يوم الأحد الموافق 14/6/1998 أودع الأستاذ غبريال إبراهيم غبريال المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 6078 لسنة 44ق فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية فى الدعوى رقم 6177 لسنة 51ق بجلسة 28/5/1998 القاضى بقبول الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من أثار و إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة فى عريضة الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة وفى الموضوع بإلغائه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار الطعين و الزام المطعون ضده الأول المصروفات.
وتم إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه و الزام المطعون ضده الأول المصروفات.
وتحددت جلسة 1/2/1999 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا وتداولت نظره بالجلسات التالية إلى أن قررت أحالته إلى الدائرة الأولى موضوع لنظره بجلسة 8/8/1999 وقد نظرته المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها ثم قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم و أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.المقررة قانونا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص- حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضده الأول أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية طالبا الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر من مديرية الشئون الصحية بمحافظة البحيرة فى 9/7/1997 بنقل ترخيص صيدلية النور المملوكة للطاعن إلى مقرها الجديد بشارع السوق القديم أبو المطامير بحيرة وفى الموضوع بإلغاء القرار مع ما يترتب ذلك من أثار وذكر المدعى شرحا لدعواه بأنه يمتلك صيدلية أحمد بأبو المطامير – بحيرة – بشارع المعهد الجديد وصدر له ترخيص بممارسة النشاط برقم 187 المؤرخ 7/11/1987، وقد فوجى بأن المدعى عليه الطاعن نقل صيدلية المذكور وبمسافة لا تزيد عن الخمسين مترا بالمخالفة للقانون ونتيجة لاستعماله طرقا احتيالية حيث حصل على قرار إزالة للصيدلية من موقعها الأول 15/7/1996 ثم أخطر مديرية الشئون الصحية بغلقها تمهيدا لهدمها دون باقى العقار وما أن تمت عملية الهدم حتى قام بتوكيل غيره فى اتخاذ أجراء نقل الترخيص وبيع الصيدلية سواء لنفسه أو للغير مما يدل على انه ليس فى حاجة إليها بسبب تملكه لصيدلية أخرى بالإسكندرية ومن ثم فان هدفه الحصول على الترخيص وبيعه للغير مما أسفر عن اختيار الموقع المجاور لصيدليته بما فى ذلك من تأثير على مورد رزقه.
واختتم المدعى عريضة دعواه بطلباته السابقة.وبتاريخ 28/5/1998 أصدرت المحكمة القضاء الإدارى حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه أقامت المحكمة قضاءها على أساس أن المشرع وان حظر الترخيص بفتح صيدلية فى مكان يقل عن مائة متر من مكان صيدلية أخرىمرخص بها إلا أنه خروجا على هذا الأصل فقد أجاز نقل الصيدلية إلى مكان آخر دون التقيد بشرط المسافة إذا كان النقل بسبب لا دخل للمرخص له فيه فى مثل حالة احتراق المكان أو هدم المكان الذي توجد به الصيدلية المراد نقلها وعدم تمكن المرخص له من الحصول على مكان اخر يتوافر فيه شرط المسافة.
وأضافت المحكمة أن المشرع فى تقريره ذلك إنما راعى اعتبارين اولهما: مصلحة المواطنين فى الحصول على الدواء عن مصادر موثوق بها دون الدخول فى منافسة غير شريفة بين أصحاب الصيدليات وثانيهما: مصلحة صاحب الصيدلية التى احترقت أو تهدمت طالما لم يكن له يد فى ذلك باعتبار أنها تمثل حالة من حالات الضرورة وان كانت الضرورة تقدر بقدرها بحيث لا يجوز تجاوز غرض المشرع من تقريرها لذا فانه إذا ما تحقق هذا التجاوز كان الأمر ضربا من التحايل على القانون أو الأضرار بالغير بما يخرج النص عن الهدف الحقيقى من وضعه مما يتعين معه مقابلة هذا التحايل بنقض المقصود حتى لاتتخذ الرخصة ذريعة للأضرار بالآخرين.
ومن حيث إن المبين أن المدعى عليه لم يكن فى حاجة إلى صيدلية جديدة لتملكه صيدلية أخرى بالإسكندرية وانه أراد أن يتاجر بالرخصة بدليل انه أصدر توكيلا لصيدلى أخر بالقيام بإجراءات نقل الصيدلية وشرائها لنفسه والتوقيع على العقد والحضور أمام المحاكم ومن ثم يكون غير جدير بالاستثناء الذى قرره القانون فى مثل الحالات المذكورة لانتفاء حالة الضرورة التى احلت هذا الاستثناء ويتعين لذلك العودة إلى الاصل المقرر فى هذا الشأن وهو حظر الترخيص بصيدلية على موقع يقل عن مائة متر من صيدلية قائمة سبق الترخيص بها- ولما كان القرار المطعون فيه لم يراع فيه هذا الأمر وصدر بنية التحايل على القانون فانه يكون مخالفا للهدف الذى تقرر من اجله الاستثناء المذكور ويكون طلب وقف تنفيذه والحال كذلك جاء على أسباب جدية تبرره متحققا فيه ركن الجدية إلى جانب ركن الاستعجال لما يؤدى إليه تنفيذ القرار من التأثير على موارد رزق المدعى.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها السابق.
ومن حيث إن هذا الحكم لم يلق قبولا من الطاعن فقد أقام طعنه الماثل ناعيا عليه مخالفة القانون والخطأ فى التطبيق وتأويله حيث إن الحكم انتهى إلى وجود تحايل على أحكام القانون تمثل فى استصدار قرار بهدم الصيدلية ثم عزوف عن الاستفادة بنقل الترخيص فى صورة إصدار توكيل للغير باتخاذ اجراءت نقله والتصرف فى الصيدلية بيعاً وشراء بينما أن مفهوم التحايل الذى استخلصته أحكام المحكمة الإدارية العليا هو ذلك المسند من تعمد صاحب الصيدلية فى استصدار ترخيص فى عقار يعلم انه يوشك على الهدم أو يعمل بحالته التى تهدد بالخطر وانه توقع صدور قرار بالازالة لم يكن خافيا عند تقديمه بطلب الترخيص وكل ذلك توصلا إلى نقل الصيدلية لموقع آخر لا يتوافر فيه شرط المسافة وهو آمر لم يقصده الطاعن الذى ظل يباشر مهنة الصيدلة فى موقعها السابق لمدة تسع سنوات سابقة على هدم العقار وان الوحدة المحلية المختصة هى التى أصدرت قرار الازالة استنادا إلى واقع موجود بحالة المبنى فمن ثم تنتفى نية التحايل من جانبه لانه لم يقم سوى بما يتطلبه القانون فى مثل هذه الحالة من اغلاق الصيدلية واخطار مديرية الصحة وحقه طلب نقل الترخيص سواء بنفسه أو عن طريق وكيل مما يجعل له حق الاستفادة من نص المادتين 14،30 من القانون رقم 127 لسنة 1955.
واختتم الطاعن عريضة طعنه بطلب الحكم له بطلباته السابقة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها مردها إلى الرقابة القانونية التى يسلطها القضاء الإدارى على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه مبدأ المشروعية فوجب على القضاء الإدارى ألا يوقف قرارا إداريا إلا إذا تبين له على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين الأول : قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها والثانى: يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب فى هذا الشأن قائما على أسباب جديدة وكلا الركنين من الحدود القانونية التى تحد سلطة القضاء الإدارى وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالركن الأول فان المادة (1) من القانون رقم 127/1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة تنص على أن لا يجوز إنشاء مؤسسة صيدلية إلا بترخيص من وزارة الصحة.
وتنص المادة (14) على انه تلغى تراخيص المؤسسات الخاضعة لأحكام هذا القانون فى الأحوال آلاتية:-
إذا نقلت المؤسسة مكانها إلى مكان آخر ما لم يكن النقل قد تم بسبب الهدم أو الحريق فيجوز الانتقال بنفس الرخصة إلى مكان آخر متى توافرت فيه الشروط الصحية المقررة………كما تنص المادة (30) من القانون ذاته على انه لا يمنح الترخيص بانشاء صيدلية إلا لصيدلى مرخص له مزاولة المهنة. ويراعى إلا تقل المسافة بين المطلوب الترخيص بها وبين اقرب صيدلية مرخص بها عن مائة متر.
ومن حيث إن مفاد هذه النصوص أن المشرع قد حدد على سبيل الحصر أحوال إلغاء الترخيص الصادر للصيدليات الخاضعة لأحكامه ومن بينهما حالة نقل الصيدلة من مكان إلى آخر غير انه استثنى من هذه الحالة الاخيرة مراعاة الضرورة الملجئة التى يتعرض لها المرخص له فى حالة الهدم أو الحريق فتنقل الصيدلية إلى مكان أخر بذات الترخيص نتيجة لهذا الظروف الخارج عن ارادة صاحب الصيدلية دون شرط المسافة النصوص عليه فى المادة (30) من القانون المشار إليه غير أن هذا الاستثناء لا يكون واجب الأعمال متى انتهت حالة الضرورة المترتبة على حريق أو هدم لموقع الصيدلية الأول إذا كان نتيجة لتدبير متعمد من جانب صاحب الترخيص فلا يسوغ أعمال الاستثناء لمخالفة ذلك لمقتضى القانون.
ومن حيث إنه فى ضوء ما تقدم وكان البادى من الأوراق أن الطاعن يمتلك صيدلية الدور بناحية أبو المطامير منذ عام 1986 وفى 15/7/1996 صدر قرار من الوحدة المحلية المختصة بازالة مبناها فأرسل صاحبها فى 16/9/1996 خطابا لادارة الصيدلية بمديرية الشئون الصحية بمحافظة البحيرة بذلك وطلب أجراء المعاينة فأخطرته الإدارة المذكورة بالتصرف طبقا لحكم المادة (14) من قانون مزاولة مهنة الصيدلة 127/1955 على أن يكون ذلك خلال عام من تاريخ الغلق فى 15/7/1996 وفى 1/4/1977 تعاقد على ايجار محل طلب نقل ترخيص الصيدلية المذكورة إليه وتمت الإجراءات بالنسبة له على الوجه المقرر قانونا بما فيها الاستفادة من الاستثناء المقرر لشرط المسافة فى مثل هذه الحالات.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكانت لجنة المنشآت الآيلة للسقوط بمجلس مدينة أبو المطامير هى التى قررت ترميم وهدم جزء من العقار الواقع به الصيدلية المذكورة ولم يثبت من الأوراق سعى الطاعن للحصول على هذا القرار على وجه يخالف أحكام القانون أو أن حالة العقار كانت من السوء بحيث لم تكن خافية عليه بدليل مزاولته لنشاطه فى المكان ما يقرب من العشر سنوات فمن ثم فإذا استخدم الحق المقرر له فانه لا يجوز مؤاخذته عنه حتى ولو كان فى غير حاجة إلى الترخيص الجديد كما لا يمكن التعويل على عدم الحاجة هذه أو توكيل الغير فى اتخاذ الإجراءات والتصرف بالبيع والشراء كذلك على سوء النية والتحايل لنفى حالة الضرورة و إبطال حقه فى الاستفادة من الاستثناء طالما لم يقع من جانبه ما يخالف أحكام القانون أو يناقض قصد الشارع مما يجعل القرار الطعنين صدر صحيحا متفقا مع القانون بما لا وجه للنعى عليه ويقتضى بصحته تحقق ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار دون ما حاجة للبحث فى توافر ركن الاستعجال لعدم جدواه
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أخذ بغير هذا النظر فانه يكون خالف صحيح حكم القانون مما يتعين القضاء بإلغائه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار الطعين.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا. وفى موضوعا بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه و ألزمت المطعون ضده الأول المصروفات.