الطعن رقم 626 لسنة 47 بتاريخ : 2000/10/26 الدائرة الأولي

Facebook
Twitter

الطعن رقم 626 لسنة 47 بتاريخ : 2000/10/26 الدائرة الأولي

______________________________________________

نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد أمين المهدى رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/د.فاروق عبد البر وأحمد عبد الفتاح حسن ومصطفى سعيد حنفى وأحمد عبد الحميد عبود نواب رئيس مجلس الدولة

* الإجراءات

فى يوم 16 من أكتوبر سنة 2000 أودع الأستاذ سعيد محمد طلبه الفار بصفته وكيلا عن السيد/أنور محمد أحمد الريس قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها العام تحت رقم 626 لسنة 47 القضائية فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الأولى) بجلسة 10/10/2000 فى الدعوى رقم 16793 لسنة 54 القضائية المقامة منه، القاضى بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى مصروفات هذا الطلب، مع الأمر بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها. وطلب الطاعن- للأسباب التى استند إليها فى تقرير الطعن- الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، و بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن الطعن إلى هيئة قضايا الدولة على النحو الثابت بالأوراق.
وحدد لنظر الطعن جلسة 1616/10/2000 أمام دائرة فحص الطعون، وتدوول نظره أمامها على الوجه المبين بالمحاضر، حيت قررت بجلسة25 من أكتوبر سنة 2000 إحالته إلي المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع).
وقد قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى ارتأت فيه قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة بجلسة 26 من أكتوبر سنه 2000 على النحو الثابت بمحضر الجلسة، حيث قررت إصدار الحكم بذات الجلسة وفيها صدر الحكم وأودعت المسودة المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن رفع صحيحا فى الميعاد عن حكم قابل له فهو مقبول شكلا.
ومن حيث إن وقائع هذا النزاع تتحصل- بحسب ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق والمستندات المقدمة- فى انه فى يوم 30 من سبتمبر سنة 2000 أقام أنور محمد أحمد الريس الدعوى رقم 16793 لسنة 54القضائية أمام محكمة القضاء الإدارى (الدائرة الأولى) طالبا الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية بقبول أوراق ترشيحه وإدراج اسمه فى كشوف المرشحين، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات. وقال المدعى شرحا لدعواه: انه بتاريخ 25 من سبتمبر سنة 2000 استجمع الأوراق المطلوبة للترشيح لعضويه مجلس الشعب عن دائرة الخليفة، وتوجه بها إلى مديرية أمن القاهرة، حيث تلكأ الموظف المسئول عن تسلمها، وفى الإذن له بتوريد مبلغ التأمين بغية أن يفوت عليه فرصة الترشيح، فلجا بالشكوى إلى اللواء مدير لجنة تسلم أوراق المرشحين الذى أصدر تعليماته بتوريد مبلغ التأمين، وحين توجه إلي الخزينة لأداء المبلغ المطلوب، كان الموظف قد انصرف بحجة انقضاء الميعاد، ولم يتمكن بالتالي من إيداع مبلغ التأمين، وقد رفضت اللجنة على هذا الأساس قبول أوراق ترشيحه رغم انه أكملها قبل إغلاق باب الترشيح. ونعى المدعى على قرار اللجنة بعدم قبول أوراق ترشيحه وعدم إدراج اسمه فى كشوف المرشحين، مخالفته للقانون وطلب القضاء بطلباته سالفة البيان.
وبجلسة 10 من أكتوبر سنة 2000 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها فى الدعوى حيت قضت بقبول الدعوى شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وألزمت المدعى مصروفات هذا الطلب، وأمرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى موضوعها. وشيدت المحكمة قضاءها على أساس ان المدعى قد تخلف فى شانه شرط من شروط قبول أوراق الترشيح ألا وهو سداد مبلغ تأمين مقداره ألف جنيه، وان ما يدعيه المدعى من عدم تمكينه من أداء هذا المبلغ بغرض تفويت الفرصة عليه للترشيح لانتخابات مجلس الشعب، هو قول مرسل لا يسانده دليل فى الأوراق.
وإذ لم يرتض المدعى هذا الحكم فقد طعن عليه بالطعن الماثل الذى بنى على أن الحكم المطعون فيه قد شابه خطأ فى تطبيق القانون وفساد فى الاستدلال حين أقام قضاءه على أن المدعى لم يقم الدليل على صحة ادعائه بعدم تمكينه من أداء مبلغ التأمين حتى انقضى الميعاد، إذ الثابت من المستندات المقدمة أن المدعى قد استجمع أوراق الترشيح وانه قد حصل على إذن بتوريد مبلغ التأمين إلا انه لم يتمكن من أدائه. وأضاف الطاعن انه قام بملء استمارات الترشيح لعضويه مجلس الشعب بمسلسل رقم 13 فئات مستقل إلا أن اللجنة رفضت بعد ذلك قبول أوراق الترشيح لعدم تمكنه من أداء مبلغ التأمين.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن ولاية محاكم مجلس الدولة فى وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من ولايتها فى الإلغاء وفرع منها ومردها إلى الرقابة القانونية التى يسلطها القضاء الإدارى على القرار، على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه مبدأ المشروعية، إذ يتعين على القضاء الإداري ألا يوقف تنفيذ قرار إدارى إلا إذا تبين له بحسب الظاهر من الأوراق ودون مساس بأصل الحق، أن طلب وقف التنفيذ قد توافر فيه ركنان: (أولهما) ركن الجدية، ويتمثل فى قيام الطعن فى القرار بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب جدية من حيث الواقع والقانون، تحمل على ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع (وثانيهما) ركن الاستعجال، بان يكون من شان استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه.
ومن حيث انه عن ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه فان المادة السادسة من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شان مجلس الشعب المعدل بالقانونين رقمى 201 لسنة 1990 و13 لسنة 2000 تنص على أن يقدم طلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب كتابة إلى مديرية الأمن بالمحافظة التى يرغب المرشح فى الترشيح فى إحدى دوائرها الانتخابية، وذلك خلال المدة التى يحددها وزير الداخلية بقرار منه على ألا لقل عن خمسة أيام من تاريخ فتح باب الترشيح. ويكون طلب الترشيح مصحوبا بإيصال بإيداع مبلغ ألف جنيه خزانة مديرية الأمن بالمحافظة المختصة والمستندات التى يحددها وزير الداخلية بقرار منه لإثبات توافر الشروط التى يتطلبها القانون للترشيح. ومفاد صريح النص أن يكون طلب الترشيح والمستندات اللازمة لإثبات توافر الشروط التى يتطلبها القانون للترشيح، مصحوبا بها إيصال بإيداع مبلغ ألف جنيه خزانة مديرية الأمن بالمحافظة. ولا يستقيم شرط إيداع هذا المبلغ سويا على صراط من أحكام الدستور ومنطق التشريعات المنظمة لحق الترشيح إلا على أساس انه إنما يقصد به التحقق من ضمان قدر من الجدية فيمن يتقدم للترشيح، ولا يتعدى ذلك بحال أن يكون قيدا ماليا متطلبا كشرط لملاءة متطلبة أو يسر واجب تحققه، فتلك أمور تتضاد مع أحكام الدستور التى أساسها المساواة بين المصريين فلا يكون التمييز بينهم جائزا بسبب يسر أو عسر ولا يبقى، فى الفهم الصحيح، من سبب يقيم ما اشترطه القانون فى هذا الصدد، وما ردده من بعده قرار وزير الداخلية 293 لسنة 1984 بإجراءات ترشيح وانتخاب أعضاء مجلس الشعب والقرارات المعدلة له وآخرها رقم 10609 لسنة 2000، إلا على فهم من أن ما استلزمه المشرع من إيداع لمبلغ التأمين أن هو إلا وسيلة تحقق من جدية طالب الترشيح فلا يكون الأمر متروكا سدى، مما يفسح المجال لغير الجادين، بل لبعض من تسول لهم أنفسهم اللهو فى موضع الجد. فإذا كان أمر إيداع مبلغ التأمين، لا يرقى إلى أن يكون من الشروط الأساسية التى يجب أن تتوافر فى المرشح، وإنما كان القصد من وراء استلزامه هو ما سبق بيانه من التحقق من جديه المرشح وصحة عزمه على خوض الانتخابات، وهى الوسيلة التى يعبر بها الشعب عن ذاته وعن إرادته ورؤيته فى اختيار من ينوب عنه ويتشرف بتمثيله لأهل وطنه فى تجرد لازم وإخلاص جازم، وعلى ذلك فان التحقق من مدى صحة ما يدعيه الطاعن من انه قد حيل بينه وبين أداء مبلغ التأمين، مما اقتضى منه التوجه إلى السيد اللواء مدير لجنة تسلم أوراق المرشحين، إنما يكون مرده إلى ما تستخلصه هذه المحكمة من واقع ما ينطق به ظاهر الأوراق، فى ضوء ما سبق من بيان عن حقيقة تكييف التكليف بأداء مبلغ التأمين على ما سلف البيان، وعلى هدى من الأصل العام الذى يقتضى بان يكون الترجيح بتقرير حق الترشيح، وهو من الحقوق الدستورية التى يتمتع به المصريون، عند قيام شبهة حول صحة أو عدم صحة صادق النية واتجاه حقيق الإرادة بإيداع مبلغ التأمين، فإذا كان ذلك وكان البادى من ظاهر الأوراق، أن الطاعن استجمع أوراق ترشيحه وانه، على ما أكد وما لم تدحضه جهة الإدارة بدليل، التجأ إلى السيد اللواء مدير لجنة تسلم أوراق الترشيح بعد أن لاقى عنتا من الموظف المسئول عن الخزانة بمديرية الأمن، كما انه بادر بإقامة الدعوى طالبا قبول ترشيحه مع استعداده لسداد مبلغ التامين المحدد، فان كل ذلك مما يحمل ادعاء الطاعن على محمل الصحة، ويكون إعمال حقه فى الترشيح أجدر من مصادرة حقه فى ذلك، والأمر من بعد مرده إلى إرادة الناخبين لقرر ما تراه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فيكون قد جانبه الصواب، الأمر الذى يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء مجددا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالامتناع عن قبول أوراق الطاعن وما يترتب على ذلك من آثار أخصها قبول أوراق ترشيحه بعد سداد مبلغ التأمين المطلوب، تأسيسا على أن طلب الطاعن يكون قد استوى صحيحا على ركن الجدية على نحو ما سلف البيان كما تتحقق به ركن الاستعجال إذ يتعلق الأمر بحق من الحقوق الدستورية الأصلية للمواطن المصرى، وهذه المحكمة على اطراد فى قضائها بأنه متى تعلق الأمر مساسا أو انتقاصا من حق من الحقوق الدستورية فانه يتحقق به وفيه دائما ركن الاستعجال.
ومن حيث إن الانتخابات التى يزمع الطاعن الترشيح فيها من المقرر إجراؤها يوم 8 من نوفمبر سنة 2000، فان ذلك يقوم سندا كافيا لتقرير أن يكون تنفيذ الحكم بمسودته وبدون إعلان إعمالا لحكم المادة 286 من قانون المرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار على الوجه المبين بالأسباب، وألزمت جهة الإدارة المصروفات، و أمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبدون إعلان.

اشترك في القائمة البريدية