الطعن رقم 6832 لسنة 43 بتاريخ : 2000/07/22 الدائرة الرابعة
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د.عبد الرحمن عثمان عزوز نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / إسماعيل صديق راشد، فريد نزيه تناغو،ومحمد عادل حسيب،د/ عبد الفتاح عبد الحليم عبد البر نواب رئيس مجلس الدولة
* الإجراءات
فى يوم الثلاثاء الموافق 23/9/1997 أودع الأستاذ/ صموئيل عازر خير الوكيل عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للرئاسة وملحقاتها بجلسة 26/7/1997 في الطعن رقم 291/30 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضده والقاضي أولا: بالنسبة لطلب الطاعن إلغاء رقم 40/1995 فيما تضمنه من مجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه بعدم قبوله شكلا لرفعه بعد الميعاد. ثانيا: بالنسبة لطلب الطاعن إلغاء القرار رقم 40/1995 فيما تضمنه من تحميله مبلغ 11816 ج بقبوله شكلا ورفضه موضوعا.
وطلب الطاعن للأسباب التى وردت بتقرير الطعن من قبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجددا بالطلبات الثانية بأصل صحيفة الطاعن أمام محكمة أول درجه مع إلزام الجهة الإدارية المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي وبتاريخ 27/9/1997 أعلن تقرير الطعن للمطعون ضده.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 12/10/1999 وبجلسة 26/1/2000 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة موضوع لنظره بجلسة 19/2/2000 ونظرت المحكمة الطعن بهذه الجلسة وبجلسة 1/4/2000 قررت الحكم في الطعن بجلسة 8/7/2000 مع مذكرات في شهر ومد اجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسباب عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن أقيم في الميعاد واستوفي أوضاعه الشكلية.
من حيث ان عناصر النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق في ان الطاعن كان قد أقام الطعن رقم 291/30ق أمام المحكمة التأديبية للرئاسة وملحقاتها طالبا في ختامها إلغاء القرار رقم 40/1995 وإلغاء قرار تحميله مبلغ 11816 جنيه مع ما يترتب على ذلك من آثار الجهة الإدارية المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال شرحا لطعنه إنه فوجئ يوم 30/12/1995 بخصم 52 ج شهريا لتحميله مبلغ 1816ج ومجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه بالقرار رقم 40/1995 ونعى على القرارين بمخالفة القانون للأسباب آلاتية:-
بالنسبة للقرار رقم 40/1995 فقد تظلم منه بتاريخ 9/4/1995 قد نسب إليه قيامه بأعداد المذكرة سند إحالته للتحقيق على الرغم من ان قيامه بأعدادها جاء تنفيذا لتعليمات رؤسائه بالطلب المؤرخ 12/1/1991 ورغم عدم وجود مخالفة تأديبية فيما قام به من عمل كما أن إنشاء مبنى حى المطرية الجديد عمل ضخم تكلف ثلاثة ملايين جنيه وهى أعمال لا يمكن القيام بها إلا عن طريق المكاتب الاستشارية وان المبلغ الذى صرف لقاء الرسومات ثم الاستفادة منه بقيام المقاول بالتنفيذ بموجبها كما ان تحقيق النيابة الإدارية في القضية رقم 264 /1995 تبنى وجهه نظر الجهاز المركزي للمحاسبات رغم مخالفة ذلك للواقع والقانون.
وبالنسبة لقرار تحميله مبلغ 11816ج فقد خلا القرار آنف الذكر من لاشتراه إلى تحميله بذلك المبلغ وعليه فإن الجهة الإدارية تثرى على حسابه وزميله ويكون ذلك الحكم دون سند من الواقع والقانون ونظرت المحكمة الطعن وبجلسة 26/7/1997 أصدرت حكما المطعون فيه.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 40/1995 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام من راتبه بعدم قبوله شكلا لرفعه بعد الميعاد استنادا إلى ان القرار المذكور صد بتاريخ 30/3/1995 وتظلم منه الطاعن في 9/4/1995 واقام طعنه بتاريخ 24/4/96 فإن الطعن يكون قد أقيم بعد الميعاد ولا ينال من ذلك قيام الطاعن بتقديم تظلم آخر بتاريخ 6/2/96 لان العبرة بالتظلم الاول فقط في قطع الميعاد.
بالنسبة لما آثاره الطاعن من سقوط الدعوى التأديبية قبله لان ما نسب إليه كان بتاريخ 21/1/1991 بينما الجهة الإدارية لم تبدأ تحقيقها آلا بتاريخ 9/11/1994 بعد مرور اكثر من ثلاث سنوات وفقا لنص المادة 91 من القانون رقم 47/1978 فإن الثابت ان المنسوب إلى الطاعن أعداد مذكرة بصفته مدير المشروعات بطلب تكليف المهندس الاستشاري بأعداد الرسومات التنفيذية لمشروع إنشاء مبنى حى المطرية دون القيام بأعداد تلك الرسوم واعدادها بمعرفة المختصين بمحافظة القاهرة مما ترتب عليه ضياع مبلغ 11816 ج دون وجه حق ومن ثم فإن ما نسب إليه يشكل الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرر(أ) من قانون العقوبات وطبقا لحكم المادة91 من القانون رقم 47/1978 فان مدة سقوط الدعوى التأديبية تستطيل لمدة سقوط الدعوى الجنائية وعملا بحكم المادة(15)من قانون الإجراءات فإن المدة المسقط للدعوى الجنائية من الجريمة المنصوص عليها في المادة 116 مكرر(أ) لا تبدأ ألا من تاريخ انتهاء خدمه الموظف العام او زوال صنعته وقد خلت الأوراق مما يفيد انتهاء خدمة الطاعن أو زوال صنعته ومن ثم فإن الدعوى التأديبية قبله لم تسقط.
وأضافت المحكمة في أسباب حكمها انه بشأن ما نسب للطاعن على النحو السابق ذكره فالثابت من الأوراق والتحقيقات ومن كتاب مهندس المشروعات بالحي المذكور والمؤرخ 31/5/1992 وجود تخصصات فنية وتوجد خبره في مجال تنفيذ الرسومات الهندسية المذكورة داخل ألحي كما افاد مدير إسكان حى الساحل توافر هذه الخبرات بالحي وان التصحيح لا يكلف اكثر من 2500 جنيه كما تبين ان الطاعن اعد مذكرة ومدير الإسكان مؤرخة 21/1/1991 بطلب تكليف المهندس الاستشاري المتعاقد مع الحي لاعداد الرسومات التنفيذية لمشروع إنشاء مبنى حى المطرية الجديد لعدم وجود المعدات والأدوات اللازمة وعليه ما نسب إلى الطاعن ثابت في حقه وبعد خطأ شخصيا من جانبه يرجع إلى عدم إلى عدم تبصره وترتب على هذا الخطأ ضرر لحق بجهة الإدارة بمبلغ 11816 ج ومن ثم يسأل الطاعن عن ذلك في حاله الخاصة بالقدر الذى يخصه ويكون قرار تحميله قد جاء مطابق لحكم القانون.
ومن حيث ان مبنى الطعن ان الحكم المطعون فيه قد خالف القانون واخطأ في تطبيقه وتأويله عندما قضي بعدم قبول الطعن شكلا لرفعة بعد الميعاد بالنسبة لقرار الجزاء لان القرار صدر بعد انقضاء الدعوى التأديبية بمضي ثلاث سنين على وقوع الفعل والتحقيق بعد هذه المدد وبالتالي يكون القرار باطلا بطلانا مطلقا كما اخطأ الحكم حين اعتبر الدعوى التأديبية لم تسقط بسبب ان الفصل يكون جريمة جنائية مع ان النيابة الإدارية انتهت إلى ان الفعل لا يشكل جريمة وصرفت النظر عن ابلاغ النيابة العامة بالإضافة إلى ان ما قام به الطاعن من أعداد المذكرة محل المخالفة هو تكليف من مدير الإسكان بالحي له شخصيا بأعداد الرسومات لمبنى حى المطرية أو تكليف مكتب استشاري بأعدادها على الرغم من ان مدير الإسكان يعلم بوجود استشاري متعاقد مع الحي ومما يؤكد ان ما نسب إلى الطاعن لا يعدد كونه عملا إداريا فنيا ان السلطة المختصة (مدير الإسكان ورئيس الحى) أيدت إسناد العمل إلى ذات المكتب الاستشاري المتعاقد مع الحي كما انه لو كان هناك شبهه جنائية ما اكتفي بتوقيع الجزاء البسيط بخصم ثلاثة أيام من المرتب كما ان الإدارة كانت جادة فيبحث التظلم بعدم ردها عليه واخذ رأى إدارة الفتوى المختصة فضلا عن عدم تمحيص القرار الباطل بمضي المدة مما يجعل الطعن على القرار مقبولا لبطلانه بطلانا مطلقا.
أما بالنسبة لقرار التحميل فإن ما قام به الطاعن ما هو إلا تنفيذ لتعليمات رؤسائه الذين يعملون بوجود إدارة هندسية بالمحافظة ويعملون ان هذا العمل اكبر من ان يقوم به مهندسو المحافظة كما ان المبلغ المدعي بخسارته على ألحي تم تحديده عن طريق لجنة البت والإرساء والتعاقد التى لم يكن الطاعن طرف فيها ومن ثم ينتفي الخطأ في حق الطاعن ولا تتحقق رابطه السببية بينه وبين الضرر الذى لحق جهة الإدارة وعلى فرض حدوث خطأ من الطاعن فهو خطأ مرفق لا يسأل عنه في حاله كما شاب الحكم القصور فى التسبيب إذ لم يتطرق الا إلى مسئولية الطاعن وترك آخرين بالإضافة إلى ان الحكم أخل بحق الدفاع المخول للطاعن حيث قدم نماذج لما تقدم به الأحياء فى الاعمال الكبيرة وضرورة إسنادها إلى المكاتب الاستشارية وان هذا الإسناد لا يشكل جريمة تأديبية او مخالفة مالية أو إدارية وان هذا يتم بعلم السيد المحافظ رؤساء الأحياء والجميع يعلم بوجود إدارة هندسية بالمحافظة ولكنهم في مثل هذه الاعمال الهادمة لا يلجاون إليها ومع ذلك التفتت المحكمة عن هذا الدفاع.
ومن حيث ان قضاء هذه المحكمة قد تبنى قاعدة يجب مراعاتها فى مجال التأديب وهى ان للموظف التحرك فى حدود السلطة التقديرية المخولة له دون ان يترتب على ما ينتهى إليه اعتباره مرتكبا لخطأ تأديبي طالما انه يمارس عمله بحسن نيه متجردا من سوء القصد أو الإهمال او مخالفة القانون او الضرر بالمصلحة العامة لتحقيق مصلحة خاصة له او لغيره ذلك ان القول بغير ذلك مؤداه ان يحجم كل مختص عن ممارسة سلطته التقديرية بالمرون الواجبة ومن ثم تسود البيروقراطية وتنمو روح التسبيب والتسلب من ممارسة المسئولية تجنباً للمساءلة عن كل أجراء يتخذه الموظف في حدود سلطته التقديرية التى تفترض القدرة على التحرك فى المحال المتاح له قانونا ( فى الطعن له قانونا( في الطعن رقم 1154 /33ق جلسة 25/2/1989) كما جرى قضاء هذه المحكمة على ان إبداء الرأي أو الآخذ به فى مسألة خلافية، تحتمل اكثر من وجهة نظر لا يعد مخالفة تستوجب توقيع الجزاء عنها (فى الطعن رقم 201 لسنة 40 ق جلسة 26/9/1998).
ومن حيث ان البين من المستندات التى ضمتها الحافظة المقدمة من الطاعن بجلسة 1/4/2000 ان العمل جرى فى أحياء محافظة القاهرة على التعاقد مع المكاتب الاستشارية للقيام بأعمال التصميمات منها على سبيل المثال التعاقد مع الدكتور محمد قاسم السمنى المهندس الاستشاري بالعقد رقم 27/89، 1990 بتاريخ 14/2/1990 كما تم التعاقد المهندس الاستشاري د/ سامح عبد الجواد ود/ احمد فؤاد صبري بالعقد رقم 3/91،1993 بتاريخ 8/10/1991 للقيام بالأعمال الاستشارية والتصميمات بحي الوايلى.
ومن حيث انه لما كان ذلك وكان المنسوب إلى الطاعن انه اعد مذكرة مؤرخة 21/1/91 يطلب تكليف المهندس الاستشاري المتعاقد مع الحي حي المطرية لاعداد الرسومات التنفيذية لمشروع إنشاء مبنى حى المطرية الجديدة حسبما رأى مناسبا ووافقه عليه المسئولون فى ألحي فضلا عما جرى عليه العمل فى أحياء القاهرة بإسناد مثل تلك الاعمال لمهندسين استشارين ومكاتب استشارية فإن ما قام به الطاعن فى هذا النطاق لا ينطوى على مخالفة تأديبية تستوجب مجازاته عنها كما انه لا يعد خطأ تقوم به مسئوليته المدنية.
ومن حيث انه عن وجه الطعن على الحكم المطعون فيه بالخطأ فى تطبيق القانون عندما قضي بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة لقرار الجزاء لرفعه بعد الميعاد باعتبار انه صدر بعد انقضاء الدعوى التأديبية وبالتالي يكون هذا الجزاء باطلا بطلانا مطلقا.
فان الثابت من الأوراق ان ما نسب إلى الطاعن كان بتاريخ 21/1/1991 بينما لم تبدأ الجهة الإدارية تحقيقا آلا بتاريخ 9/10/1994 بعد مرور اكثر من ثلاث سنوات من وقوع الفعل وبعد انقضاء الدعوى التأديبية عنه بالتقادم وفقا لنص المادة (91) من القانون رقم 47 /1978 بنظام العاملين المدنيين فى الدولة وتعديلاته ومن ثم فإن قرار الجزاء يكون قد شابه عيب جسيم ينحدر به إلى درجه الانعدام مما يجيز الطعن عليه دون التنفيذ بمواعيد الطعن فى القرارات الإدارية غير المشروعة واذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك وقضي بعدم قبول الطعن شكلا بالنسبة لقرار الجزاء لرفعه بعد الميعاد فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وقبول الطعن شكلا بالنسبة لهذا القرار.
ومن حيث انه وقد سلف القول بأن ما قام به الطاعن لا يشكل مخالفة تأديبية تستوجب مجازاته عنها تأديبيا كما انه لا يعد خطأ تعزم به مسئوليته المدنية فإن الحكم المطعون فيه وقد ذهب إلى غير هذا المذهب فإنه يكون قد اخطأ فى تطبيق القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وإلغاء القرار المطعون فيه رقم 40/1995 فيما تضمنه من مجازاته بخصم ثلاثة أيام من راتبه وما تضمنه من تحميله بالقدر الذى يخصه.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء القرار المطعون فيه رقم 40/1995 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم ثلاثة أيام من راتبه وما تضمنه من تحميله بالقدر الذى يخصه وما يترتب على ذلك من آثار.