الطعن رقم 6900 لسنة 42 بتاريخ : 1999/04/10 الدائرة الثانية
_____________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد يسرى زين العابدين عبد الله نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عويس عبد الوهاب عويس ومحمد عبد الرحمن سلامة علام ومحمود سامى الجوادى وعطية عماد الدين نجم نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
بتاريخ 26/9/1996 أودع الأستاذ/ محمد مغاورى عبد ربه المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الذى قيد بجدولها تحت رقم 6900/42ق.ع ضد السيد/ وزير الدفاع بصفته الرئيس الأعلى لإدارة التأمين والمعاشات بالقوات المسلحة فى الحكم المشار إليه إعلانه والقاضى (بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وألزمت المدعى المصروفات).
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم مجدداً بإلغاء قرار المدعى عليه بصفته بوقف صرف معاش المدعى العسكرى عن المدة من 2/3/1970 حتى 12/7/1987 بإجمالى مبلغ مقداره (26769.950) جنيهاً مع إلزام المدعى عليه بصفته المصروفات.
أعلن الطاعن قانوناً، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بأحقية الطاعن فى صرف معاشه العسكرى الموقوف صرفه خلال الفترة من 2/3/70 وحتى تاريخ انتهاء خدمته بالجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى 12/7/1987 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المطعون ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى.
وتحددت جلسة 22/6/1998 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون وبها نظر الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 29/9/1998 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثانية – لنظره بجلسة 21/11/1998 حيث نظر على النحو المبين بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة 27/2/1999 وبها قررت مد أجل النطق بالحكم لإتمام المداولة لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص فى أن السيد/ محسن عبد الرحمن عبد اللطيف، أقام الدعوى رقم 631/50ق ضد المطعون ضده بموجب صحيفة مودعة بتاريخ 18/10/1995 قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى (دائرة التسويات) طلب فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر بوقف صرف معاشه العسكرى عن المدة من 2/3/1970 حتى 12/7/1987 مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعى شرحاً لدعواه أنه تخرج من الكلية الحربية فى 11/2/1950 وتدرج فى الترقى إلى أن أحيل إلى التقاعد برتبه العميد فى 1/10/1968 ومنح معاشاً عسكرياً من القوات المسلحة وبتاريخ 2/3/1970 عين بوظيفة مدنية بالجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء بالقرار الوزارى رقم 79/1970 وظل يعمل به إلى أن رقى إلى رئيس إدارة مركزية لشئون المركز القومى للتدريس الإحصائى بدرجة مدير عام، وعلى أثر صدور قرار تعيينه بالوظيفة المدنية أوقف صرف معاشه العسكرى إعمالاً لحكم الفقرة الأولى من المادة (99) من قانون التقاعد والتأمين والمعاشات بالقوات المسلحة رقم 90/1975 والتى كانت تسرى أحكامه بأثر رجعى على كافة المعاشات العسكرية السابقة عليها وفقاً للمادة (119) من ذات القانون، وأضاف المدعى أنه قد أحيل إلى المعاش من وظيفته المدنية بناء على طلبه فى 12/7/1987 القرار رقم 761/1987 وبتاريخ 4/5/1995 صدر حكم المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 3/16ق دستورية قاضياً بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (99) المشار إليها، وقدم المدعى بطلب يلتمس فيه تنفيذ وتطبيق هذا الحكم على حالته إلا أن جهة الإدارة رفضت ذلك مما حدا به إلى إقامة دعواه بطلباته المشار إليها.
وبجلسة 5/9/1996 صدر الحكم المطعون فيه وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن مؤدى الحكم الصادر بعدم دستورية نص هو عدم تطبيق النص ليس فى المستقبل فحسب وإنما بالنسبة للوقائع والعلاقات السابقة على صدور الحكم بعدم دستورية النص على أن يستثنى من هذا الأثر الرجعى الحقوق والمراكز التى تكون قد استقرت عند صدوره بحكم حاز قوة الأمر المقضى به أو انقضت مدة التقادم ولما كانت المادة (102) من القانون رقم 90/1975 بإصدار قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة المستبدلة بالقانون رقم 52 لسنة 1978 قد اشترطت تقديم طلب صرف المعاش أو المكافأة أو التأمين فى ميعاد أقصاه خمس سنوات من التاريخ الذى تعتبر فيه التحقيقات واجبة الأداء مستحقة الصرف وإلا انقضى الحق فى المطالبة بها، وحيث أنه لم يثبت من الأوراق أن المدعى لجاء إلى القضاء للمطالبة فيما يطالب به فإنه نفاذاً لنص المادة (102) من القانون رقم 90/1975، المشار إليه تكون مطالبته بالمعاش العسكرى فى الفترة من 2/3/1970 حتى 12/8/1987 قد سقطت بالتقادم ويتعين تبعاً لذلك الحكم برفض الدعوى.
ولما كان هذا القضاء لم يصادف قبولاً لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل استناداً إلى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه حيث أن المحكمة قد قبلت دعواه شكلاً استناداً إلى أنه قد رفعها خلال سنتين من تاريخ صدور حكم المحكمة الدستورية العليا، أى أن المحكمة اعتبر أن هذا التاريخ قد انفتح به للمدعى ميعاداً جديداً لرفع دعواه، ومن ثم فإنه لا يجوز لها أن تناقض نفسها وتتطرق لتقادم موضوع الدعوى بخمس سنوات دون أن توضح منذ متى يبدأ حساب التقادم الخمسى.
وأضاف الطاعن أنه وفقاً لنص المادة (102) الذى استند إليه الحكم المطعون فيه فإن مدة التقادم تحسب من التاريخ الذى تعتبر فيه مستحقات المدعى فى متجمد المعاش واجبة الأداء ومستحقة الصرف ولما كان حقه فى صرفه مستحقاته لم يتولد إلا بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر فى 4/2/1995 لأن نص المادة (99) من القانون رقم 90/1975 المعدل بالقانون رقم 31/1992 المقضى بعدم دستورية حال دون مطالبته بصرف متجمد معاشه، ومن ثم التقادم لا يسرى من تاريخ زوال هذا المانع وإذا قضى الحكم المطعون فيه بخلاف ذلك فإنه يكون مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء.
ومن حيث أن بحث الاختصاص الولائى يتقدم بحث الموضوع وله مقام الصدارة.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع بمقتضى القانون رقم 96 لسنة 1971 والقانون رقم 71 لسنة 1975 قصر الاختصاص بنظر جميع المنازعات الإدارية المتعلقة بضباط القوات المسلحة سواء من كان منهم ما زال بالخدمة بهذه القوات أو تركها على لجان ضباط القوات المسلحة ولجان أفرع هذه القوات وأجمع على تلك اللجان الصفة القضائية دون تمييز بين أنواع هذه المنازعات وقد جاء اختصامها من المشمول والعموم بما يتسع لجميع المنازعات الإدارية المتعلقة بهم سواء تعلقت بمن هم بالخدمة أو من تركها متى تعلقت بحق من الحقوق المرتبة لهم بموجب القوانين المخاطبين بها أثناء خدمتهم الوظيفية أو بعد انتهائها، وسواء كانت طعناً فى قرارات إدارية أو استحقاقاً مما يعتبر تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو اللوائح أو تدرجت فى نطاق ولاية القضاء الكامل، الأمر الذى معه تنأى هذه المنازعات عن اختصاص القضاء الإدارى، وذلك متى ثبتت صفة انتماء المدعى إلى هيئة ضباط القوات المسلحة وانخراطه فيها وتعلقت المنازعة الإدارية بشأن من شئونهم أثناء الخدمة أو بعدها، وذلك بحسبانها جهة قضائية قائمة بذاتها تتعلق ولايتها بالاختصاص الولائى بنظر تلك المنازعات دون غيرها.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه مذهباً مغايراً لمقتضى أحكام القانونين 96 لسنة 1971، 71 لسنة 1975 وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة آنفة الذكر، فإنه يكون والأمر كذلك قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، مما يتعين معه القضاء بإلغائه والحكم بعدم الاختصاص الولائى لمجلس الدولة بهيئة قضائية بنظر الدعوى وإحالتها إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفته هيئة قضائية للفصل فيها عملاً بنص المادة (110) من قانون المرافعات المدنية.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى لجنة ضباط القوات المسلحة المنعقدة بصفته هيئة قضائية للفصل فيها وأبقت الفصل فى المصروفات.