الطعن رقم 6971 لسنة 42 بتاريخ : 2000/02/20 الدائرة الأولي
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ سعيد أحمد محمد حسين برغس وسامي أحمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة
* الإجراءات
في يوم الاثنين الموافق 30/9/1996 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 6971 لسنة 42 ق.ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 9421 لسنة 49ق بجلسة 13/8/1996 القاضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة في تقري الطعن وقف تنفيذ الحكم بصفة مستعجلة وفي الموضوع بإلغائه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وإلزام الطاعنين المصروفات.
وتحددت جلسة 18/1/1999 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا وتداولت نظره على النحو الثابت بمحاضر والجلسات إلى أن قررت إحالته إلى الدائرة الأولى / موضوع لنظره بجلسة 19/12/1999، وبذات الجلسة قررت المحكمة حجز الطعن ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأوعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
*المحكمـــــة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
فمن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
ومن حيث أن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 9421 لسنة 49ق بإيداع عريضتها قلم كتاب المحكمة القضاء الإداري في 31/8/1995 طالبا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعى شرحا لدعواه بأنه يحمل مسدس عيار 9 ميللي بليجكي الصنع بموجب الترخيص رقم 4100 الذي كان ساريا حتى 31/12/1996 إلا أنه أخطر بتسليم الترخيص والسلاح لمديرية أمن الجيزة بدعوى أنه يباشر عمله داخل كردون المدينة المشمولة بالحراسة النظامية.
ونص المدعى على هذا القرار بمخالفته لحقيقة الواقع وحكم القانون ذلك أنه حصل على الترخيص بحمل السلاح منذ عام 1977 وتوسعت تجارته وزادت ممتلكاته عن ذى قبل مما يجعل مبررات حمله للسلاح قائمة، كما أنه لم يصدر منه أي تصرف يكون من شأنه الإخلال بنظام الترخيص أو مساس بالأمن أو تهديد لسلامة المواطنين.
واختتم المدعى عريضة دعواه بطلباته المتقدمة.
وبتاريخ 13/8/1996 أصدرت المحكمة حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على أساس أنه ولئن كان منح الترخيص أو سحبه أو الغاؤه هو من الملاءمات المتروكة لتقدير الإدارة تترخص يه حسبتما تراه محققا للصالح العام إلا أن قرارها الصادر في هذا الشأن ينبغي أن يكون مسببا، وحيث أنها لم تذكر من سبب للقرار سوى مباشرة المدعى لنشاط، داخل كردون المدينة المشمولة بالحراسة النظامية وكان الثابت بالأوراق زيادة حجم تعاملاته بأنشطة أكثر مما كان عليه الحال وقت بداية الترخيص له بحمل السلاح، فمن ثم يكون السبب الذي استندت إليه غير مستخلص من أصول ثابته، ويكون قرارها صدر على غير مقتضي من حكم القانون مما يتوافر معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه إلى جانب تحقق ركن الاستعجال المتمثل في ضرورة حماية نفسه من الاعتداء على شخصه وأمواله.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها السابق.
ومن حيث أن هذا القضاء لم يلق قبولا من جانب الجهة الإدارية فقد طعنت عليه بطعنها الماثل مستنده في ذلك إلى مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه حيث أن القرار الصادر بسحب الترخيص قام على أساس عدم كفاية المبررات التي منح عليها وهو أمر من الملاءمات المتروكة لتقدير جهة الإدارة وفق ظروف الحال وبما يكفل أمن وسلامة المجتمع وأن الرقابة القضائية على مشروعية القرار تقف عند حد مطابقة القرار لحكم القانون دون أن تمتد لرقابة الملاءمة في إصداره من عدمه أو وزن مناسبات العمل الإداري حيث أنها التي تختار أنسب الأوقات وأفضل الظروف لاتخاذ القرار ومدى ملاءمته للواقع.
واختتمت الجهة الإدارية عريض طعنها بطلباتها المتقدمة.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها مردهما إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزنا مناطه مبدأ المشروعية، فوجب على القضاء الإداري ألا يوقف قرار إداريا إلا إذا تبين له على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين : الأول : قيام الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها، والثاني : يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائما بحسب الظاهر على أسباب جدية، وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث أنه فيما يتعلق بركن الجدية فإن المادة الرابعة من القانون رقم 394 لسنة 1954 في شأن الأسلحة والذخائر تنص على أن لوزير الداخلية أو من ينيبه رفض الترخيص أو تقصير مدته أو قصره على أنواع معينه من الأسلحة أو تقييده بأي شراء يراه، وله سحب الترخيص مؤقتا أو إلغاؤه ويكون قرار الوزير برفض منح الترخيص أو سحبه أو إلغاؤه مسببا.
ومن حيث أن المستفاد من ذلك أن الأصل هو حظر حمل السلاح أو إحرازه، إلا أنه استثنا من هذا الأصل أجاز المشرع للجهة الإدارية الترخيص بحمله ومنحها سلطة تقديرية في هذا المجال بحيث يكون لها أن ترفض الترخيص ابتداء أو أن ترفض التجديد أو أن تقصر مدته أو تقصره على عمل أنواع معينة من الأسلحة دون سواها، كما خولها أن تسحب الترخيص مؤقتا أو تلغيه نهائيا حسبما يتراءى لها من ظروف الحال وملابساته وبما يكفل حماية المجتمع، ولا معقب عليها ما دامت لم تخالف القانون أو تتعسف في استعمال سلطتها، ولم يرد عليه قيد في ذلك سوى أن يكون القرار الصادر في هذا الشأن مسبباً.
ومن حيث أن الإدارة تملك أيضاً حرية وزن مناسبات العمل الإداري وتقدير أهمية النتائج التي تترتب عليها، إلا أنه حين تختلط مناسبة هذا العمل بمشروعيته خاصة إلى كانت المشروعية تتعلق بأحد صور الحرية أو المساس بالملكية ينبغي أن يكون تدخلها لأسباب جديد تراها لازمة وضرورية لتبرير هذا التدخل كمواجهة خطر جسيم أو إخلال بدواعى الأمن العام أو سلامة المواطنين وهو ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن أجهزة الأمن وأن كانت تترخص في تقدير الخطورة الناشئة عن الحالة الواقعية التي يصح لها أن تتدخل لمواجهتها بالإجراء الضبطي المناسب فإنه يشترط أن يكون لهذه الحالة وجود حقيقي ووقائع محدده يكون من شأنها أن تبني في التقدير السليم للأمور أن ثمة خطر يقتضي التدخل من جانب هذه الأجهزة.
ومن حيث أنه ولما كانت الاعتبارات التي منح من أجلها المطعون ضده ترخيصا بحمل السلاح ما زالت قائمة وبسببها تجدد الترخيص منذ عام 1977 وحتى صدور القرار الطعين، بل أن الأوراق كشفت عن توسع النشاط التجاري للمذكور وزيادة ممتلكاته ومشروعاته بما لا يسوغ معه القول بأن مباشرة عمله داخل كردون المدينة المشمولة بالحراسة النظامية ينفي ما يهدده في نفسه أو ماله فذلك القول ينقصه حسن التقدير والدقة في التقويم إذ طالما كان تقدير الثروة هو مناظر منح هذا الترخيص فإنه في حالة زيادتها مع كثرة التنقلات يجعل من باب أولى بقاءه خاصة أن الجهة الإدارية لم تبد أن اعتبارات تتعلق بالأمن العام يكون من شأنها أن تحول دون استمراره ولما كانت رقابة القضاء الإداري لصحة الحال الواقعية أو القانونية التي تكون ركن السبب تجد حدها الطبيعي في التحقق مما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول موجود تنتجها مادياً أو قانونيا وهو الأمر الذي لم يتوافر بالنسبة للقرار الطعين، فمن ثم يكون طلب وقف تنفيذه قائما على سبب صحيح يتحقق معه ركن الجدي لرجحان كفلاته إلغائه مع توافر ركن الاستعجال المتمثل في اتخاذ الحيطة لحماية النفس والأموال.
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر، فإنه يكون أصاب وجه الحق وصدر متفقا مع صحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه غير قائم على سند يبرره مما يتعين معه القضاء برفضه.
ومن حيث أن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات