الطعن رقم 7236 لسنة 45 بتاريخ : 2000/04/30 الدائرة الأولي
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: سعيد أحمد محمد حسين برغش ,سامى أحمد محمد الصباغ ، ومحمود إسماعيل رسلان مبارك ،وأحمد عبد العزيز أبوالعزم (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 27/7/1999 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 7236/45 ق.ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى الدعوى رقم 2322 / 52ق بجلسة 29/5/1999 القاضى بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم الحاق الطالب عاطف عنتر الأمير عثمان بكلية الشرطة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وطلب الطاعنون للأسباب المبينة بعريضة الطعن قبوله شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب إلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتحددت جلسة 16/8/1999 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت إحالته إلى الدائرة الأولى / موضوع لنظره بجلسة 31/10/1999، وقد نظرته هذه المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها وقدم المطعون ضده مذكرة ردد فيها ما جاء بالحكم المطعون فيه بعريضة الدعوى إلى أن قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث أن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2322/52ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة فى 22/12/1997 طالباً الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم إدراج نجله عاطف ضمن الطلبة المقبولين بكلية الشركة للعام الدراسى 96/1997، وقبوله مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقال المدعى شرحاً لدعواه بأن نجله المذكور حصل على شهادة الثانوية العامة فى العام الدراسى 96/1997 بمجموع 73.6% ثم تقدم للالتحاق بكلية الشركة واجتاز كافة الاختبارات منها الطبى والرياضى والقدرات، وفى 2/11/1997 أعلنت نتيجة القبول بالكلية إلا أنه فوجئ بعدم قبول نجله ضمن أعداد المقبولين ومنهم من يقل في مجموع درجاته فى الثانوية العامة عن مجموعة.
ونعى المدعى على القرار بمخالفة القانون وإخلاله بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص.
واختتم عريضة دعواه بطلباته السابقة.
وبجلسة 29/5/1999 أصدرت المحكمة حكمها بإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها بعد أن تناولت نصوص المواد 10، 11، 12 من القانون رقم 91 لسنة 1975 بشأن إنشاء أكاديمية الشرطة والمادتين 1، 2 من اللائحة الداخلية للأكاديمية الصادرة بالقرار الوزارى رقم 864/1976 والمعدلة بالقرار رقم 453 لسنة 1985 بأن الثابت من الأوراق أن نجل المدعى اجتاز بنجاح كافة الاختبارات الطبية والبدنية والقدرات باعتبار أن اجتياز هذه الاختبارات شرط للمثول أمام لجنة القبول، إلا أن اللجنة استبعدته من المقبولين على أساس عدم توافر مقومات الهيئة العامة فيه واتزان الشخصية، وأنه وإن كان للكلية أن تترخص فى تقدير مدى استيفاء الطالب لمقومات الهيئة العامة بلا معقب عليها حيث لم يحدد القانون إطاراً خاصاً يتعين عليها الالتزام به عند قيامها باستبعاد من ترى عدم توافر مقومات الهيئة العامة فيه فيما عدا الضابط العام الذى يحد كافة تصرفات الإدارة وهو عدم الانحراف بالسلطة، فإن الأوراق كشفت عن قيام الأكاديمية بقبول عدد من الطلبة بعد إعلان النتيجة فى 2/11/1997 بلغ عددهم 31 طالباً وأن هذا يعنى أن هؤلاء كانوا من غير المقبولين بالكلية عند إعلان النتيجة فى التاريخ المذكور شأنهم فى ذلك شأن ابن المدعى، لذا فإن المحكمة وهى بصدد بسط رقابتها على مشروعية تصرف الإدارة ترى عدم الوضوح فى هذا المسلك مما يكون القانون بقواعده الثابتة الواضحة هو الأداة فى فض هذا التعارض فواقع الحال يشير إلى أن الطلبة المضافين كانوا من الراسبين ثم صدرت التوجيهات بقبولهم فتم استيفاء الاختبارات واستكمال الإجراءات ثم تم العرض على الوزير لإصدار قرار بقبولهم ولو كان هناك نهجاً قانونياً قد اتبع بشأنهم من حيث الأولوية فى ترتيب النجاح لبادرت الكلية بتقديمه للمحكمة بياناً للحقيقة إلا أنها استندت إلى عبارات عامة تفتقد إلى الدليل على صحتها. وإزاء هذا الوضع فلا مناص من الاعتصام بقواعد المساواة بالدستور والاحتكام إلى نصوص القانون وأعمال قواعد المفاضلة المنصوص عليها فى اللائحة الداخلية للأكاديمية وبالتالى اللجوء لنسبة مجموع الطالب فى الثانوية العامة وفى حالة التساوى يفضل الأصغر سناً.
وأضافت المحكمة بأنه إذ بان لها أن نجل المدعى حصل على مجموع فى الثانوية العامة أكبر من المستشهد بهم بل أن سنه أصغر من بعضهم، لذا فإنه يكون الأولى والأحق قانوناً بالالتحاق بكلية الشرطة ويكون القرار المطعون فيه بعدم إلحاقه مع الطلبة المضافين تم بالمخالفة لأحكام القانون متعيناً الإلغاء.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها السابق.
ومن حيث أن هذا القضاء لم يلق قبولاً من جانب الجهة الإدارية فقد طعنت عليه بطعنها الماثل لمخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تطبيقه ذلك لأن نجل المدعى لم تكتمل فيه كافة شرائط القبول بالكلية ويعد راسباً فى كشف الهيئة بعد أن ثبت للجنة المشكلة طبقاً للمادة (11) من القانون رقم 91/1975 عدم توافر مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية فى شأنه ومن ثم يكون قرار استبعاده جاء متفقاً مع حكم القانون، ولا يغير من ذلك كونه حصل على مجموع في الثانوية العامة أكبر من بعض المقبولين حيث أن قاعدة الاحتكام إلى المجموع تكون عند المفاضلة بين الناجحين الذين اجتازوا كافة مراحل القبول ومن تماثلت ظروفهم ومراكزهم القانونية وهو الأمر الذى لم يتحقق بالنسبة للطالب المذكور حتى كان يمكن الارتكان إلى مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بشأن حالته.
واختتمت الجهة الإدارية طعنها بطلب إلغاء الحكم المطعون فيه لعدم قيامه على سند صحيح.
ومن حيث أن القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة ينص فى المادة (7) على أن يختص مجلس إدارة الأكاديمية بما يلى: ……………
2) وضع نظام قبول الطلاب والدارسين بالأكاديمية وتحديد أعدادهم بما يتفق مع سياسة الوزارة وحاجتها العملية.
وتنص المادة (10) على أنه يشترط فيمن يقبل بكلية الشرطة وكلية الضباط المتخصصين …. 5) أن يكون مستوفياً لشروط اللياقة الصحية والبدنية والسن التى يحددها المجلس الأعلى للأكاديمية.
وتنص المادة (11) على أن تشكل لجنة قبول الطلاب بكلية الشركة وكلية الضباط المتخصصين برئاسة رئيس الأكاديمية وعضوية مدير الكلية المختص وأقدم ثلاثة من ضباط هذه الكلية ولا تكون قراراتها نافذة إلا بعد اعتمادها من وزير الداخلية.
كما تنص المادة (12) على أن يكون قبول الطلاب بكلية الشرطة وكلية الضباط المتخصصين تحت الاختبار لمدة أربعة شهور من تاريخ انتظامهم بالأكاديمية، وتنظم اللائحة الداخلية أوضاع وإجراءات قبول الطلاب ونظام التثبت من الصلاحية.
ومن حيث أن اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة الصادرة بقرار وزير الداخلية رقم 864 لسنة 1976 تنص فى المادة الأولى منها على أن يكون نظام قبول الطلبة الجدد وفقاً لما يلى … 5) تكون المفاضلة بين الطلبة راغبى الالتحاق الذين تتوافر فيهم الشروط السابقة على أساس نسبة مجموع الدرجات الحاصل عليها الطالب فى شهادة الثانوية العامة وفى حالة التساوى يفضل الأصغر سناً …
وتنص المادة الثانية من ذات اللائحة على أن تتولى اللجنة المنصوص عليها فى المادة (11) من القانون رقم 91 لسنة 1975 المشار إليه استبعاد الطلبة الذين اجتازوا الاختبارات المقررة إذا لم تتوافر فيهم مقومات الهيئة العامة أو اتزان الشخصية أو صلاحية البيئة أو التحريات الجدية المناسبة على أن تقوم باختيار العدد المطلوب من الباقين حسب ترتيب الدرجات التى حصلوا عليها فى شهادة الثانوية العامة.
ومفاد هذه النصوص أن المشرع أحال إلى اللائحة الداخلية لأكاديمية الشرطة تنظيم شروط وأوضاع وإجراءات قبول طلبة القسم العام ونظام التثبت من صلاحيتهم، وكذلك ما يقرره المجلس الأعلى للأكاديمية من شروط وأوضاع فى هذا الشأن، وقد حددت هذه اللائحة قواعد قبول الطلبة الجدد بالكلية بالحصول على شهادة الثانوية العامة بنسبة يحددها مجلس إدارة الكلية ولياقة الطالب صحياً واجتيازه اختبارات اللياقة البدنية والقدرات بالإضافة إلى توافر مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية وصلاحية البيئة والتحريات الجدية المناسبة، ثم اعتماد وزير الداخلية لنتيجة ذلك القبول.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة جرى على أن المشرع ناط باللجنة المشكلة وفقاً لنص المادة (11) من قانون أكاديمية الشرطة حق استبعاد الطلبة الذين اجتازوا مراحل الاختبارات المقررة إذا لم تتوافر فيهم مقومات الهيئة العامة أو اتزان الشخصية أو صلاحية البيئة أو التحريات الجدية المناسبة وأن سلطتها فى ذلك مما تترخص فى تقديره طالما خلا هذا التقدير من إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث أنه لما كان من الثابت أن نجل المطعون ضده قد اجتاز مراحل الكشوف الطبية والرياضية بنجاح وتوافرت فيه سائر الاشتراطات الأخرى المرتبطة بالمؤهل الدراسى والسن وأصبح فى مركز متحد مع جميع زملائه ممن اجتازوا هذه المراحل ووقفوا عند مرحلة كشف الهيئة، إلا أن وضعه تغاير معهم بعد ذلك حيث قررت اللجنة المختصة عدم توافر مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية فى شأنه، ومن ثم لم تعد قاعدة الارتكان لقاعدة المجموع أو صغر السن تجد مجالاً لإعمالها في حالته لأن إعمال هذه القواعد المقررة تكون بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة أى الذين اجتازوا كافة الاختبارات بنجاح بمراحلها المتنوعة بما فيها كشف الهيئة وصلاحية البيئة والتحريات الجادة وهى شروط موضوعية حددها المشرع وتولدت عنها المراكز القانونية التى يتكافأ أصحابها أمام القانون.
ومن حيث أن الإخلال بمبدأ المساواة لا يكون إلا مع كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية تفرغ المبدأ من مضمونه أو تعطل آثاره وهو الأمر الذى لم يتحقق فى الحالة المعروضة بعد أن أصبح الطالب راسباً ولم يتوافر فى شأنه اكتمال سائر الشروط المطلوبة للالتحاق بالكلية، لذا يكون الاعتصام بقواعد المساواة بالدستور والاحتكام لنصوص القانون وإعمال قواعد المفاضلة المنصوص عليها فى اللائحة الداخلية غدت مفتقدة للمناط الذى تقوم عليه وهو المركز القانونى الواحد الذى يتطلب معاملة قانونية متكافئة.
ولا ينال من ذلك ما أشار إليه الحكم الطعين بشأن المذكرة المقدمة لوزير الداخلية لاعتماد قبول عدد 31 طالباً بعد إعلان النتيجة إذ فضلاً عن أنه ليس ثمة دليل أن من قبلوا كانوا راسبين فى كشف الهيئة، فإنه أيا ما كان الأمر فى هذا الخصوص فإن الطاعن والثابت يتعين أنه راسب فى كشف الهيئة لا يكون قد استوفى شروط القبول للكلية وبالتالى لا يكون له أصل حق فى الطعن على هذا القرار لأن الخطأ لا يبرر الخطأ وفق ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة.
وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد جاء على خلاف أحكام القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.