الطعن رقم 7386 لسنة 46 بتاريخ : 2000/09/05
____________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/جودة عبد المقصود فرحات نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ محمد عبد الرحمن سلامة وسامى احمد محمد الصباغ ومحمود إسماعيل رسلان مبارك وسعيد سيد أحمد. نواب رئيس مجلس الدولة
* الإجراءات
فى يوم الخميس الموافق 8/6/2000 أودع الأستاذ/ سمير كمال الدين شحاته المحامى بصفته وكيلا عن الطاعنين – قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا – تقريرين بالطعن قيدا بجدول المحكمة تحت رقمى 7386 و7393 لسنة 46ق.ع – فى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 7386 لسنة 45 ق.خ بجلسة 30/4/2000، والذى قضى فيه بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وبإلزام المطعون ضده المصروفات.
وطلب الطاعنون – للأسباب المبينة فى تقريرى الطعنين بإلغاء الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 30/4/2000 فى الطعن رقم 7236 لسنة 45 ق.ع – المشار إليه، والقضاء مجددا بتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 29/5/1999 فى الدعوى رقم 2322 لسنة 53ق، وباستمرار الطالب / عاطف عنتر الأمير عثمان فى كلية الشرطة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وقد أعلن تقريرا الطعنين إلى المطعون ضدهم على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا ارتأت فيه الحكم بما يلى:
أولا: بعدم قبول الطعن رقم 7393 لسنة 46ق.ع، وببطلان الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 30/4/2000 فى الطعن رقم 7236 لسنة 45ق.ع وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلغاء القرار الصادر برفض قبول نجل الطاعن بكلية الشرطة وبإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وتحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 3/7/2000، وبجلسة 17/7/2000 قررت ضمهما وإحالتهما إلى هذه المحكمة، وتدوول الطعنان على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت المحكمة إصدار الحكم فيهما بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن الطعن رقم 7393 لسنة 46ق.ع: فإن المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه فى المادة (54) مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة – والمعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984 – قضت بجلسة 12/4/1987 بعدم جواز طعن الخارج عن الخصومة أمام المحكمة الإدارية العليا ، كما استقر قضاء هذه المحكمة على أن ذوى الشأن فى الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا هم كل من كان طرفا فى الحكم المطعون فيه، لما كان ذلك وكان الطعن رقم 7393 لسنة 46ق.ع قد أقيم من فاطمة فتحى عثمان ومحمد عنتر الأمير عثمان، وهما والدة الطالب عاطف وشقيقه الأكبر، ولم يكونا من أطراف الخصومة سواء أمام محكمة القضاء الإدارى أو المحكمة الإدارية العليا، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن المشار إليه وبإلزامهما مصروفاته.
ومن حيث أنه عن الطعن رقم 7386 لسنة 46ق.ع. (دعوى بطلان أصلية): فقد استوفت سائر إجراءاتها الشكلية المقررة قانونا ومن ثم تكون مقبولة شكلا.
ومن حيث أن عناصر المنازعة – تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن الطاعن كان قد أقام الدعوى رقم 2322 لسنة 52 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 22/12/1997، وطلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار عدم قبول نجله عاطف بالفرقة الأولى بكلية الشرطة للعام الدراسى 97/1998 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وبجلسة 28/4/1998 قضت المحكمة برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وبجلسة 29/5/1999 قضت بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، ولم ترتض جهة الإدارة بهذا الحكم فطعنت عليه أمام المحكمة الإدارية العليا التى أصدرت بجلسة 30/4/2000 حكمها المطعون فيه بدعوى البطلان الأصلية.
ومن حيث أن مبنى الطعن بدعوى البطلان الأصلية أن جهة الإدارة حجبت عن المحكمة واقعة مؤيدة بالمستندات وهى أن الطالب المذكور كان ناجحا فى كشف الهيئة، ولم تظهر المستند إلا بعد صدور الحكم مما أوقع المحكمة فى خطأ عند تقدير الوقائع واثر على قضائها – الأمر الذى يعد إهدارا للعدالة، آخذا فى الاعتبار انتظام الطالب فى الكلية على مدار عام دراسى كامل واندماجه فى الحياة العسكرية مع زملائه واجتيازه كافة الاختبارات بنجاح، ولم يوقع عليه ثمة جزاء طوال الدراسة، وحتى دخوله الكلية فى العام الدراسى 99/2000 مما يدحض كل مزاعم جهة الإدارة.
ومن حيث أن المستقر عليه أن المحكمة الإدارية العليا وهى تستوى على القمة فى مدارج التنظيم القضائى لمجلس الدولة، بما وسد لها من اختصاص فى الرقابة على محاكم مجلس الدولة تحقيقا للشرعية وسيادة القانون، وبما تحمله من أمانة القضاء وعظيم رسالاته بغير معقب على أحكامها – فإنه لا سبيل إلى إهدار أحكامها إلا بدعوى البطلان الأصلية، وهى طريق استثنائى فى الأحكام الصادرة بصفة انتهائية، وفى غير حالات البطلان المنصوص عليها فى قانون المرافعات المدنية والتجارية – يجب أن تقف هذه الدعوى عند الحالات التى تنطوى على عيب جسيم يمثل إهداراً للعدالة على نحو يفقد معها الحكم وظيفته وبه تتزعزع قرينة الصحة التى تلازمه، ويجب أن يكون الخطأ الذى شاب الحكم ثمرة غلط فاضح يكشف بذاته عن أمره ويقلب ميزان العدالة على نحو لا يستقيم معه سوى صدور حكم من نفس المحكمة تعيد فيه الأمور إلى نصابها الصحيح.
راجع الحكم الصادر من دائرة توحيد المبادئ بجلسة 3/6/1990 فى الطعن رقم 3564 لسنة 32 ق ع، والحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 1/7/1989 فى الطعن رقم 2674 لسنة 34 ق ع، وحكمها بجلسة 26/12/1982 فى الطعن رقم 737 لسنة 24 ق ع.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه بدعوى البطلان قد استند على أن نجل الطاعن كان قد اجتاز مراحل الكشوف الطبية والرياضية بنجاح، وتوافرت فيه سائر الاشتراطات الأخرى المرتبطة بالمؤهل الدراسى والسن، وأصبح فى مركز متحد مع جميع زملائه ممن اجتازوا هذه المراحل ووقفوا عند مرحلة كشف الهيئة، إلا أن وضعه تغاير بعد ذلك، حيث قررت اللجنة المختصة عدم توافر مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية فى شأنه، ومن ثم لم يعد الارتكان لقاعدة المجموع أو صغر السن مجدية فى حالته لأن إعمالها يكون بين ذوى المراكز القانونية المتماثلة أى الذين اجتازوا كافة الاختبارات بنجاح فى مراحلها المتنوعة بما فيها كشف الهيئة وصلاحية البيئة والتحريات الجادة، وهى شروط موضوعية حددها المشرع وتولدت عنها المراكز القانونية التى يتكافأ أصحابها أمام القانون، ولا ينال من ذلك ما أشار إليه حكم محكمة القضاء الإدارى بشأن المذكرة المتقدمة لوزير الداخلية لاعتماد قبول عدد واحد وثلاثين طالبا بعد إعلان النتيجة- لأنه ليس ثمة دليل على أن من قبلوا كانوا راسبين فى كشف الهيئة، وأيا ما كان الأمر فى هذا الخصوص فإن الطالب المذكور ثبت أنه رسب فى كشف الهيئة ومن ثم لا يكون قد استوفى شروط القبول بكلية الشرطة ولا يكون له حق فى الطعن على قرار عدم قبوله لأن الخطأ لا يبرر الخطأ.
ومن حيث أن مفاد ما تقدم أن الحكم المطعون فيه شيد قضاءه على أن الطالب المذكور رسب فى كشف الهيئة وبذلك لم يستوف شروط القبول بالكلية.
ومن حيث أن جهة الإدارة وقد أفصحت عن سبب القرار المطعون فيه وهو أن اللجنة المختصة كانت قد انتهت إلى عدم توافر مقومات الهيئة العامة واتزان الشخصية، ومن ثم فإن للمحكمة أن تراقب مدى صحة هذا السبب وما إذا كان مستمدا من أصول تنتجه ماديا وقانونيا من عدمه.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق التى قدمها الطاعن أن نجله عاطف اجتاز كافة الاختبارات والكشوف الطبية والرياضية، وجاءت كافة التحريات إيجابية، وتضمنت صورة النموذج المطبوع الصادر عن كلية الشرطة، والذى يتضمن نتيجة مراحل الاختبارات- أن اللجنة المختصة انتهت إلى أنه لائق، ومن ثم يكون سبب الاستبعاد غير قائم على سند من الواقع والقانون لأن اجتياز كافة الاختبارات بما فيها كشف الهيئة يدحض ما استندت عليه الإدارة من عدم توافر مقومات الهيئة واتزان الشخصية، ومما يؤكد عدم صحة هذا السبب أن الطالب المذكور انتظم فى دراسته بكلية الشرطة فى العام الدراسى 99/2000 واجتاز بنجاح الاختبارات التى أجرتها الكلية حسبما جاء بصحيفة الطعن ولم تدحض جهة الإدارة ذلك البيان، كما أن المذكرة التى عرضها رئيس أكاديمية الشرطة على السيد وزير الداخلية بشأن اعتماد قبول عدد من الطلاب للدراسة بالكلية أشارت إلى أنهم جميعا قد اجتازوا كافة الاختبارات المقررة، مما يفيد انهم اجتازوا كشف الهيئة، وليس صحيحا ما ذهب إليه الحكم الطعين من أن نجل الطاعن يختلف عن أقرانه الذين تقرر قبولهم بعد ذلك- فحقيقة الأمر أن نجل الطاعن قد تساوى مع من وردت أسماؤهم بذلك الكشف وانه يفوق بعضا ممن قبلتهم الكلية سواء من حيث المجموع وصغر السن- على النحو الذى استظهره بحق الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 29/5/1999 فى الدعوى رقم 2322 لسنة 52 ق والذى قضى بإلغاء القرار المطعون فيه.
ومن حيث أنه عما جاء بدفاع هيئة قضايا الدولة من أن الورقة التى قدمها الطاعن وبفرض صحتها لا تعد دليلا فى الإثبات- فإن هذا الدفاع مردود بأن عبء الإثبات فى المنازعة الإدارية يقع بحسب الأصل على المدعى إلا أن هذا العبء ينقلب إلى جهة الإدارة باعتبار أنها هى التى تحتفظ بالملفات والمستندات والأوراق الخاصة بالموضوع، فإذا عجزت عن تقديم مستند يدحض ما قدمه الخصم فلا إلزام على المحكمة أن تكلفه بتقديم أصل المستند، وإلا عد ذلك تكليفا بمستحيل وهو ما تأباه قواعد العدالة، هذا بالإضافة إلى أنه من المستقر عليه أن القاضى يتمتع بحرية كاملة فى تكوين اقتناعه بأدلة الإثبات المطروحة فى الدعوى بغض النظر عن تقديم جهة الإدارة أصول المستندات التى تحتفظ بها.
ومن حيث أن الثابت مما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد أهدر بعض الحقائق الثابتة وهى أن نجل الطاعن اجتاز كافة الاختبارات بما فيها كشف الهيئة، كما أهدر حقه فى المساواة بمن هم فى مثل مركزه، واستند على قاعدة أن الخطأ لا يبرر الخطأ بينما لم يستظهر ماهية ذلك الخطأ، وهى أمور تنطوى على إخلال جسيم بالعدالة مما يبطل الحكم ويستوجب إلغاءه.
ومن حيث أن قرار استبعاد نجل الطاعن بالقبول بكلية الشرطة غير قائم على سند من الواقع والقانون فإن الحكم الصادر بإلغائه يكون قد صادف صحيح حكم القانون مما يتعين معه والحال كذلك القضاء برفض الطعن عليه.
ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بنص المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة أولا: بعدم قبول الطعن رقم 7393 لسنة 46 ق ع شكلا، وألزمت الطاعنين
المصروفات .
ثانيا: بقبول دعوى البطلان شكلا وفى الموضوع ببطلان الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 30/4/2000 فى الطعن رقم 7236 لسنة 45 ق ع، وبرفض الطعن، وألزمت جهة الإدارة المصروفات.