الطعن رقم 7646 لسنة 44 بتاريخ : 2000/11/18 الدائرة الثانية
______________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق على عبدالقادرنائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: سعيد أحمد حسين برغش ومحمود إسماعيل رسلان ومصطفى محمد عبدالمنعم وعطية عماد الدين نجم نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 13/8/1998 أودع هيئة قضايا الدولة بوصفها نائبة عن السيد/ محافظ كفر الشيخ بصفته والسيد وكيل الوزارة مدير مديرية كفر الشيخ بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 7646/44 ق.عليا ضد السيدة/ ………………. طعناً في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بطنطا في الدعوى رقم 3933/4ق بجلسة 12/7/1998 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 7 لسنة 1988 فيما تضمنه من إنهاء خدمة المدعية اعتباراً من 7/10/1987 مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه مع إلزام المطعون ضدها مصروفات هذا الطلب وقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً – أولاً: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليه الثانى لرفعها على غير ذى صفة، ثانياً: برفض الدعوى موضوعاً مع إلزام المطعون ضدها بالمصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
أعلن الطعن قانوناً إلى المطعون ضدها، وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من قبول الدعوى شكلاً والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى بالنسبة لوكيل الوزارة مدير مديرية التربية والتعليم بكفر الشيخ بصفته لرفعها على غير ذى صفة، ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
تحددت جلسة 2/6/1999 لنظر الطن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بالدائرة الثانية، وبجلسة 3/11/1999 قررت إحالة الطعن إلى دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا بالدائرة الثانية للاختصاص وبها نظر على النحو الموضح بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 27/3/2000 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية موضوع لنظره بجلسة 27/5/2000 وبها نظر على النحو الموضح بمحاضر الجلسات إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة تتحصل في أنه بتاريخ 29/10/1994 أقامت السيدة/ ………………. الدعوى رقم 307/33ق وذلك بإيداع عريضتها قلم كتاب المحكمة الإدارية بطنطا وطلبت في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 7 لسنة 1988 فيما تضمنه من إنهاء خدمتها اعتباراً من 7/10/1987 للانقطاع عن العمل مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقالت المدعية شرحاً لدعواها أنها كانت تعمل مدرسة بمدرسة الشارقة الإعدادية التابعة لإدارة كفر الشيخ التعليمية اعتباراً من 1/9/1985 ولظروف مرضية انقطعت عن العمل بانتهاء هذه الظروف تقدمت بتاريخ 18/9/1994 إلى جهة الإدارة لاستلام عملها إلا أنها فوجئت بصدور القرار رقم 7/1988 المطعون فيه بتاريخ 21/3/1988 بإنهاء خدمتها اعتباراً من تاريخ انقطاعها عن العمل في 7/10/1987 وتنعى المدعية على هذا القرار أنه صدر مخالفاً للقانون استناداً إلى أنه لم يتم إنذارها كتابة قبل إنهاء خدمتها على الوجه المبين بالمادة (98) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 وأضافت المدعية أنها تظلمت من القرار المطعون فيه بتاريخ 28/9/1994 ثم أقامت دعواها الماثلة بطلب الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وبجلسة 18/1/1997 حكمت المحكمة الإدارية بطنطا بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بطنطا للاختصاص وأبقت الفصل في المصروفات، وقد أحيلت إلى محكمة القضاء الإدارى بطنطا وقيدت بجدولها تحت رقم 3933/4ق.
وبجلسة 12/7/1998 صدر الحكم المطعون فيه وأقامت المحكمة قضاءها بعد استعراضها لنص المادة (98) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 على أساس أن القرار الصادر بإنهاء خدمة العامل ينبغى أن يكون مسبوقاً بإنذار كتابى موجه إليه على الوجه المبين بالمادة (98) المشار إليها ولما كان القرار المطعون لم يشر في ديباجته إلى مثل هذا الإنذار كما لم تقدم جهة الإدارة ما يدل على أنها وجهت إلى المدعية إنذاراً من هذا القبيل فإن قرار إنهاء خدمتها يقع مفتقداً أحد الإجراءات الجوهرية التى يترتب على إغفالها بطلان القرار وذلك بالنظر إلى ما ينطوى عليه هذا الإجراء من ضمانة أساسية تتمثل في إحاطة العامل بما يراد اتخاذه حياله من إجراء تنتهى به خدمته تمكيناً له من إبداء عذره قبل اتخاذه.
وأضافت المحكمة أن الثابت أن القرار المطعون فيه الصادر بإنهاء خدمة المدعية للانقطاع عن العمل لم يسبقه توجيه إنذار قانونى إليها فإن هذا القرار يقع باطلاً ويتعين لذلك الحكم بإلغائه وما يترتب عليه من آثار.
وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن فقد أقام طعنه على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وذلك للأسباب الآتية:
أولاً: دفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى الثانى لرفعها على غير ذى صفة إذ أن المحافظ وحده هو صاحب الصفة في تمثيل فروعها بالوزارة والمصالح الحكومية بدائرة المحافظة. ثانياً: أن المطعون ضدها انقطعت عن العمل اعتباراً من 7/10/1987 واستمر انقطاعها زمناً طويلاً زاد على سبع سنوات دون أن يحصل منها ثمن اتصال بجهة عملها مما ينم عن عزوفها عن الوظيفة وتوافر فيه هجر الوظيفة بما لا يحتمل الجدل أو الشك فإن الإصرار على القول بضرورة الإنذار في مثل هذه الظروف لا مبرر له ولا جدوى منه ذلك أن انقطاع المطعون ضدها انقطاعاً متصلاً لسنين عددا دون أن تقوم طوال هذه المدة بمخاطبة الجهة الإدارية بما يفيد أن هناك أعذاراً مقبولة لها ما يبررها هى سبب الانقطاع، وطلب الحكم له بطلباته سالفة الذكر.
ومن حيث إن المادة (98) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/1978 تنص على أن يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية:
1-إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفى هذه الحالة يجوز للسلطة المختصة أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن مدة الانقطاع إذا كان له رصيد من الإجازات يسمح بذلك وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2- إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة ………….
وفى الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة .. بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في جميع الأحوال إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالى لانقطاعه عن العمل.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على تفسير هذا النص بأن المشرع أقام قرينة قانونية قابلة لإثبات العكس مقتضاها اعتبار العامل مستقيلاً استقالة ضمنية إذا انقطع عن العمل المدة المحددة بهذا النص بغير إذن غير أن هذه القرينة مقررة لصالح الجهة الإدارية إن شاءت أعملتها واعتبرت خدمة العامل المنقطع عن العمل منتهية اعتباراً من تاريخ الانقطاع وإن شاءت لم تعملها واتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر الحالى للانقطاع فإذا لم تتخذ ضده الإجراءات التأديبية خلال تلك الفترة فإن مسلك الجهة الإدارية يكشف عن اتجاه إرادتها إلى إعمال تلك القرينة باعتباره مستقيلاً استقالة ضمنية وإنهاء خدمته.
كما جرى قضاء هذه المحكمة على أن مؤدى حكم المادة (98) سالفة البيان أنه يجب لاعتبار العامل مقدماً استقالته مراعاة إجراء شكلى حاصله إلزام جهة الإدارة بإنذار العامل كتابة بعد انقطاعه عن العمل وهذا الإجراء جوهرى القصد منه أن تستبين الجهة الإدارية مدى إصرار العامل على ترك العمل وعزوفه عنه وفى ذات الوقت إعلانه بما يراد اتخاذه من إجراء حياله بسب انقطاعه عن العمل وتمكينه له من إبداء عذره قبل اتخاذ هذا الإجراء حت لا يفاجأ بإعمال قرينة الاستقالة وإنهاء خدمته في الوقت الذى لا يرغب قيده في الاستقالة وأنه كان لديه من الأعذار المبررة للانقطاع إذا كان هذا هو القصد من الإنذار ومراد المشرع منه فإنه مقتضى ذلك ولازمه العزوف عنها بما لا يحتمل الجدل أو الشك فإن الإصرار على القول بضرورة الإنذار في مثل هذه الظروف أمر لا مبرر له ولا جدوى منه من ذلك انقطاع العامل مدة طويلة استمرت سنوات عدة عقب انتهاء إعارته أو أجازته دون أن يحاول طوال هذه المدة أن يخاطب الجهة الإدارية بما يفيد أن هناك عذراً مقبولاً لها ما يبررها هى سب الانقطاع كما أنه من المنطق والمعقول طبقاً للمجرى العادى للأمور لو أن العامل لديه رغبة في الحفاظ على وظيفته أن يبادر بتقديم أسباب انقطاعه عن العمل دون اكتمال مدة انقطاعه القانونية حتى يمكن حمل هذه الأسباب على نية عدم رغبته في ترك الوظيفة أما لم يفعل العامل ذلك واستطالت مدة انقطاعه زمناً طويلاً فإن الانقطاع عن العمل طوال هذه المدة وخلو الأوراق من ثمة ما يفيد أى اتصال بين العامل وجهة عمله بكاف وحده للقطع بأن العامل لا يرغب في وظيفته وكشف هذا الانقطاع الطويل الذى استمر سنوات عدة عن نيته في هجر الوظيفة وتركها وهو القصد من الإنذار فإذا كان هذا القصد بات وأضحى جلياً من الانقطاع الطويل فقد انقض موجب الإنذار ومقتضاه وصار التمسك بالإنذار نوعاً من الإغراق في الشكليات لا مبرر له ولا فائدة منه بل أن مثل هذه الحالة تخرج من نطاق حكم الإنذار الوارد في المادة (98) سالفة الذكر لعدم فائدته.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها انقطعت عن العمل اعتباراً من 7/10/1987 لم تعد للعمل واستمرت في انقطاعها عن العمل ولم تتصل بجهة الإدارة ولم تقدم ما يفيد أسباب انقطاعها إلا أنه بتاريخ 18/9/1994 تقدمت بطلب للجهة الإدارية تطلب قيد عودتها إلى العمل بعد الانقطاع عن العمل لمدة قاربت سبع سنوات الأمر الذى يقطع على وجه اليقين عن عزوفها عن العمل وعدم رغبتها فيه وهجرها لوظيفتها ومن ثم يكون القرار الصادر بإنهاء خدمتها قد صدر سليماً ومتفقاً وصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف النظر المتقدم فإنه يكون قد جانبه الصواب في تطبيق القانون ويتعين الإلغاء ورفض الدعوى.
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته إعمالاً لنص المادة 184 مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.