الطعن رقم 793 لسنة 42 بتاريخ : 2000/05/21
___________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حنا ناشد مينا رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين : سعيد احمد محمد حسين برغش ، وسامي أحمد محمد الصباغ ، ومحمود إسماعيل رسلان مبارك ، وأحمد عبد العزيز أبو العزم (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
في يوم الخميس الموافق 21/12/1995 أودعت الأستاذة ليلى محمد على المحامية بصفتها وكيلا عن رئيس المجلس الأعلى للآثار قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 793 /42 ق.ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بقنا في الدعوى رقم 1 لسنة 3 ق بجلسة 25/10/1995 القاضي بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات .
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبوله شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان عريضة الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني ارتأت فيه قبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وتحددت جلسة 1/2/1999 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حيث قررت إحالته إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 14/11/1999، وتداولت نظره إلى أن قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية المقررة قانونا.
ومن حيث أن عناصر هذا النزاع تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1 لسنة 3ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بقنا بتاريخ 1/10/1994 طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار رقم 1835 المؤرخ 28/8/1994 الصادر من الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار فيما تضمنته من إزالة التعدي على أرض الآثار للمنفعة العامة بالقطعة رقم 2 بحوض السقرية القبلي نمرة 3 بناحية البعيرات مركز الأقصر وفي الموضوع بإلغاء ذلك القرار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعى شرحا لدعواه بأنه يملك منزلا بالناحية المذكورة مقام على أرض مملوكة ملكية خاصة ويقع داخل الكتلة السكنية، وقد صدر قرار من لجنة المنشات الآيلة للسقوط والمشكلة طبقا للقانون 49/1977بإزالته حتى سطح الأرض، ولما قام بإعادة بنائه حررت له المحاضر أرقام 1071 ،1072 ،1073 ،1074 لسنة 1993 واتهمته النيابة العامة بالتعدي على أرض الآثار طبقا لما ورد بالمحاضر المذكورة إلا أن مكتب الخبراء المنتدب لتحقيق عناصر الدعوى انتهى في تقريره بعد إدانته من محكمة أول درجة إلى أن المنزل مقام على أرض ليست ملكا للآثار وأنه إحلال وتجديد لمبنى قديم كان قائما ولا يخالف أحكام القرار الجمهوري رقم 267/1981، وعلى ذلك حكمت المحكمة جنح الأقصر الاستئنافية ببراءته من الاتهام، ونعى على القرار مخالفته للواقع وصحيح حكم القانون وأنتهي في عريضة دعواه إلى طلباته المشار إليها.
وبجلسة 25/10/1995 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس ما استظهرته من الأوراق بأن المدعى أعاد بناء منزله القديم الذى آل للسقوط بناء على قرار صدر من اللجنة المختصة بذلك وفقا لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 ، وأن إعادة البناء لا تثريب عليه وفقا لما جاء في كتاب المشرف العام على مكتب خدمة المواطنين بوزارة الثقافة من أن جهة الاختصاص بهيئة الآثار أفادت بأنه بالنسبة للمباني التي تحتاج إلى ترميم أو إعادة بناء فإنه يسمح بذلك حرصا على صالح المواطنين هذا فضلا عن أنه برىء جنائيا من تهمة التعدي على أرض الآثار مما يجعل ركن الجدية توافر في طلب وقف تنفيذ القرار مرجح الإلغاء، فضلا عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار من نتائج يتعذر تداركها من تشريده من السكن الذى يأويه.
وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها السابق.
ومن حيث أن هذا الحكم لم يلق قبولا من جانب الجهة الإدارية فقد طعنت عليه لمخالفه الحكم للقانون والخطأ في تطبيق ذلك لان الأرض المقام عليها المبنى تعتبر منافع عامة للآثار بموجب الاستمارة 201 مساحة نظراً لأهميتها الأثرية- وأنه لا يجوز قانونا وضع اليد على أراضي المنفعة أو استغلالها دون ترخيص بذلك من المجلس الأعلى للآثار بعد موافقة اللجنة الدائمة، ويكون إجراء الأعمال التي رخص بها تحت الأشراف المباشر لمندوب الهيئة وفقا لحكم المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بحماية الآثار- يضاف إلى ذلك أن المطعون ضده لم يقدم سندا بملكيته لهذه الأرض وأنه لا يكفي في مجال إثباتها تقدمه بكشف رسمي مستخرج من مصلحة الضرائب العقارية بحيازته لها أو دفع ضرائب عنها.
واختتمت الجهة الإدارية طعنها بطلباتها المتقدمة
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن وقف تنفيذ القرار المطلوب إلغاءه رهين بتوافر ركنين أولهما، ركن الجدية ويتمثل في قيام الطعن في القرار بحسب الظاهر من الأوراق على أسباب تحمل ترجيح الحكم بإلغائه عند نظر الموضوع.
ثانيا: ركن الاستعجال: بأن يكون من شأن استمرار القرار وتنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضي بإلغائه.
ومن حيث انه بالنسبة لركن الجدية فإن المادة (3) من قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117/1983 تنص على أنه تعتبر أرضا أثرية الأراضي المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التي يصدر باعتبارها كذلك قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة، ويجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة إخراج أية أرض من عداد الأراضي الأثرية أو أراضي المنافع العامة للآثار إذا ثبت للهيئة خلوها من الآثار أو أصبحت خارج أراضي خط التجميل المعتمد للأثر.
وتنص المادة(20) على أنه لا يجوز منح رخص للبناء في الموقع أو الأراضي الأثرية ويحظر على الغير إقامة منشات أو مدافن أو شق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة فيها أو في المنافع العامة للآثار أو الأراضي الداخلة ضمن خطوط التجميل المعتمدة……….
ويسرى حكم الفقرة السابقة على الأراضي المتاخمة التي تقع خارج نطاق المواقع المشار إليها في الفترة السابقة والتي تمتد حتى مسافة ثلاثة كيلو مترات في المناطق غير المأهولة أو لمسافة تحددها الهيئة بما يحقق حماية بيئة الأثر في غيرها من المناطق.
ومن حيث أن المستفاد من هذه النصوص أن الأرض التي تعتبر أثرا هي تلك التي اعتبرت كذلك بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بالقانون المذكورة أو التي يصدر باعتبارها أثرا قرار من رئيس مجلس الوزراء ويدخل في حكم هذه الأرض الأراضي الواقعة داخل خطوط تجميل الآثار أو الواقعة في المنافع العامة للآثار حيث يحظر على الغير فيها جميعا إقامة منشات أو شق قنوات أو إعداد طرق أو الزراعة أو أخذ أتربة أو رفع أنقاض منها أو أي عمل يترتب عليه تغيير في معالم هذه المواقع إلا بترخيص من الهيئة وتحت إشرافها.
ولما كان من الثابت بالأوراق أن كبير مفتشي آثار القرنه حرر مذكرة للعرض على مدير عام منطقة آثار القرنه ضمنها أن أبو النجا محمود حسان قام بهدم منزله القديم بالطوب اللبن من دورين ثم قام ببنائه بالخرسانة والطوب الأحمر والأسمنت من طابقين على مساحة 11م×23.5م بحوض السقرية القبلي بالقطعة رقم 2 وقد قام التفتيش بتحرير محاضر مخالفات له بدءا من عام 1992 حيث يعتبر مخالفا للقرار الجمهوري رقم 267 /1981 الذى يمنع إقامة أية مباني أو منشآت على الأرض الفضاء حتى لا تشوه المناطق الأثرية وطلب في ختام مذكرته رفع الأمر للسلطة المختصة لاستصدار قرار الإزالة . ثم عرض المحضر على اللجنة الدائمة للآثار التي وافقت بجلستها المنعقدة في 6/6/1994 على إصدار قرار الإزالة فصدر القرار الطعين 1835في 30/7/1994 بإزالة التعدي على أرض الآثار المنفعة العامة بالموقع والناحية المذكورة.
ومن حيث أنه ولئن كان البادئ من القرار المطعون فيه وكذلك دفاع المطعون ضده أن النزاع يدور حول أرض مملوكة للآثار تم التعدي عليها، بينما أن حقيقة الأمر خلاف ذلك فلم تدع الهيئة الطاعنة ملكية لها عليها وإنما أشارت إلى أنها من أراضي المنافع العامة للآثار والتي تتساوى في نظر الحماية المقررة للأثر أن تكون أرضا مملوكة للدولة أو ملكا للأفراد، فلا يجوز إجراء أى تغيير بشأنها إلا بترخيص من الجهة المختصة وتحت إشرافها، وهو الأمر الذي لم يتم في الحالة المعروضة حيث استند المدعي إلى قرار الإزالة الصادر من لجنة المباني الآيلة للسقوط فقام بالهدم وإعادة البناء رغم أن تنفيذ قرار الهدم من شأنه أن تصبح الأرض فضاء خالية من المباني وعلى ذلك كان يتعين لإعادة البناء عليها الحصول على ترخيص بذلك وإشراف من الجهة المختصة، أما وأن المطعون ضده لم يسلك هذا السبيل فإنه يكون متعديا حتى ولو كانت المباني الجديدة محل القديم منها. ولا ينال من هذه النتيجة ما أستند إليه أيضا المطعون ضده من صدور حكم محكمة جنح مستأنف الأقصر ببراءته من التهمة الموجهة إليه وهى التعدي على أرض مملوكة للآثار ، إذ أنه فضلا عن أن هذا الحكم صدر في 20/10/1993 بينما أن القرار المطعون فيه صدر في 30/7/1994 إلا أن حجيته في الإثبات في مجال المنازعات الإدارية وأن كانت هي ذات الحجية في المنازعات المدنية من حيث حدوث الواقعة أو الوقائع محل الاتهام ونسبتها إلى المتهم فإنه يوجد اختلاف بين ما ذهب إليه الحكم الجنائي من براءة المتهم لما ثبت للمحكمة من أن التعدي وقع على أرض غير مملوكة للآثار طبقا للسبب الذى قام عليه وما تضمنه القرار الطعين من تعدى المذكور على منافع عامة للآثار وهو أمر محظور حتى لو ثبتت ملكيته للأرض الواقع عليها التعدي. مما ينفي وحدة الوقائع وبالتالي صحة السبب الذى قام عليه كل منهما، ومن ثم فلا يجوز الارتكاب لحجية هذا الحكم وانصراف أثره لموضوع الطعن حيث يبقي القرار الصادر في هذا الشان صحيحا لا مطعن عليه غير مرجح الإلغاء وينتفي بالتالي تحقق ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه دون ما حاجة لتوافر ركن الاستعجال لعدم وجدواه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى غير ذلك فإنه يكون حقيقا بالإلغاء ويكون الطعن عليه صحيحا مما يتعين معه رفض طلب وقف تنفيذ القرار.
ومن حيث أن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملا بحكم المادة(184) من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المطعون ضده المصروفات.