الطعن رقم 8698 لسنة 44 بتاريخ : 2000/11/19 الدائرة الخامسة
________________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسينى مسلم نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، أحمد عبد الحليم أحمد صقر، د. محمد ماهر أبو العينين حسين، أحمد محمد حامد محمد حامد (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
فى يوم الاثنين الموافق 28/9/1998 أودع الأستاذ/ محمد محمد الخطيب المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا – تقرير طعن – بجدولها برقم 8698 لسنة 44 ق.ع 23/8/1998 والذى قضى بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن وإحالته بحالته إلى المحكمة الابتدائية – إحدى الدوائر العمالية بالمنصورة – للاختصاص مع إبقاء الفصل فى المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء قرار الشركة المطعون ضدها رقم 6 لسنة 1994 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بالمحاضر، حيث أودع الطاعن حافظتى مستندات ومذكرة دفاع، كما أودعت الشركة المطعون ضدها حافظة مستندات ومذكرة دفاع، وبجلسة 23/5/2000 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة الخامسة (موضوع) لنظره بجلسة 16/7/2000 وفيها أودع الطاعن مذكرة دفاع حيث أجل نظر الطعن لجلسة 22/10/2000 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً، فمن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر النزاع تتحصل حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه بالقدر اللازم لإصدار هذا الحكم فى أنه بتاريخ 1/4/1997 أقام المدعى (الطاعن) الطعن رقم 215 لسنة 25ق وذلك بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة ضد المطعون ضده بصفته وطلب فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار الشركة المطعون ضدها رقم 6 لسنة 1994 فيما تضمنه من مجازاته بالفصل من الخدمة واعتباره كأن لم يكن وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شرحاً لطعنه الطعين بالشركة المطعون ضدها اعتباراً من 8/7/1980 على وظيفة مهندس آلات من الدرجة الثالثة ثم رقى للدرجة الثانية، وأثناء ذلك منح أجازة للعمل بالخارج وقبل انتهاء هذه الأجازة فوجئ باستدعائه من قبل الشركة وفور عودته تم تكليفه بالعمل بمصنع الشركة بالسويس لمدة أسبوعين اعتباراً من 5/12/1993 فتظلم من هذا التكليف لظروفه العائلية، فأرسلت الشركة له إنذاراً بتغيبه عن العمل سبعة أيام متصلة اعتباراً من 5/12/1993 حتى 11/12/11993 ثم تلى ذلك صدور قرار المطعون فيه باعتباره مقدماً استقالته من تاريخ انقطاعه عن العمل فى 5/12/1993 مما اضطره إلى إقامة الدعوى رقم 485 لسنة 1995 كلى – عمال المنصورة والتى قضى فيها أولاً: بعدم الاعتداد بقرار إنهاء خدمته رقم 6 لسنة 1994 وما يترتب على ذلك من آثار. وثانياً: بإلزام الشركة بأن تؤدى له مبلغ ثمانية آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية ولدى استئناف كل من الطاعن والشركة لهذا الحكم قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم الاعتداد بقرار إنهاء خدمته وما يترتب على ذلك من آثار ورفض هذا الشق موضوعاً وتعديل مبلغ التعويض المقضى به للطاعن إلى خمسة عشر ألف جنيه، واستطرد الطاعن موضحاً أنه نظراً لأن الحكم الصادر من الدائرة العمالية فى الدعوى رقم 485 لسنة 1995 واستئنافه قد صدرا من محكمة غير مختصة وبالتالى لا يجوز حجية الأمر المقضى به، فمن ثم ينعقد الاختصاص للمحكمة التأديبية واختتم الطاعن صحيفة طعنه أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة بطلب الحكم له بطلباته سالفة الذكر …. وبجلسة 23/8/1998 أصدرت المحكمة المذكورة الحكم المطعون فيه والذى قضى بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن وإحالته بحالته إلى المحكمة الابتدائية – إحدى الدوائر العمالية بالمنصورة للاختصاص وأبقت الفصل فى المصروفات، وشيدت المحكمة قضاءها هذا على أن الطاعن من العاملين بشركة النصر للأسمنت والصناعات الكيماوية وهى إحدى شركات القطاع العام وأن المنازعة تتعلق بإنهاء خدمته من هذه الشركة ومن ثم وطبقاً لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا فإن شركات القطاع العام من أشخاص القانون الخاص وتنتفى عن العاملين بها صفة الموظفين العموميين وبالتالى طبقاً للقانون رقم 47 لسنة 1972 ألا تختص محاكم مجلس الدولة ولائياً بنظر المنازعات التى تدور حول المراكز القانونية بالنسبة لهم، إلا ما استثنى من ذلك بنص خاص بشأن تأديبهم وعليه خلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها المتقدم.
ومن حيث أن الطعن الماثل يقوم على أساس أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، وفيه إخلال بحق الدفاع وصدوره على خلاف حكم سابق حاز قوة الشئ المحكوم فيه للأسباب الآتية:
1- بالنسبة للخطأ فى تطبيق القانون وتأويله أن المادة السادسة من القانون رقم 203 لسنة 1991 أناطت بالمحاكم التأديبية الفصل فى الدعاوى التأديبية والطعون فى الجزاءات التأديبية بشأن العاملين الخاضعين لأحكام هذا القانون متى كانت قد رفعت قبل العمل باللوائح المنصوص عليها فى المادة السابقة، ولما كانت الشركة لم تضع هذه اللوائح قبل رفع الطاعن للدعوى رقم 485 لسنة 1995 عمال كلى المنصورة واستئنافها رقمى 1979 و 2037 لسنة 48ق. س المنصورة وبالتالى ينعقد الاختصاص الولائى بنظر الدعوى للمحكمة التأديبية وليس للقضاء المدنى باعتبار أن القرار المطعون فيه الصادر بفصل الطاعن من الخدمة قد انطوى على جزاء تأديبى مقنع بسبب امتناعه عن تنفيذ المأمورية المكلف بها وليس لانقطاعه عن العمل، كما أن القرار المطعون فيه صدر من رئيس مجلس إدارة الشركة والعضو المنتدب خلال المرحلة الانتقالية الواقعة بين تاريخ نفاذ القانون رقم 203 لسنة 1991 وتاريخ العمل بلوائح العاملين بالشركة المطعون ضدها الصادرة تطبيقاً لنص المادة الخامسة من القانون رقم 203 لسنة 1991 ومن ثم فإن أحكام القانون رقم 48 لسنة 1978 كانت مازالت سارية وقت صدور القرار المطعون فيه على العاملين بالشركة المطعون ضدها وبالتالى فإنه تطبيقاً للمادة (82) من القانون الأخير تكون المحكمة التأديبية دون غيرها هى المختصة بنظر الطعن على القرار المطعون فيه، مما يجعل الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم اختصاص المحكمة التأديبية قد جاء مخطئاً فى تطبيق القانون وتأويله، مما يتعين إلغاؤه.
2- فى شأن الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن تقدم بمذكرة دفاع تضمنت الرد على الدفع المبدى من الشركة المطعون ضدها بعدم اختصاص المحكمة التأديبية بنظر الطعن، إلا أن المحكمة لم تلتفت إلى هذه المذكرة ولم تشر إليها عند قضاءها بعدم اختصاصها بنظر الطعن، مما يعد إخلالاً من المحكمة بحق الطاعن فى الدفاع.
3- فى شأن صدور الحكم المطعون فيه على خلاف حكم سابق حاز قوة الشئ المحكوم فيه، ذلك أن المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلى قد قضت فى الطعن رقم 215 لسنة 18ق بجلسة 10/2/96 بأن المحاكم العادية لا ينعقد لها الاختصاص بنظر الطعون فى القرارات التأديبية الصادرة من السلطات الرئاسية ضد العاملين بشركات القطاع العام طالما لم تصدر اللوائح المنظمة لشئونهم الوظيفية، مما يجعل الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة قد صدر على خلاف حكم حائز لقوة الأمر المقضى به، مما يستوجب معه إلغاؤه … وخلص الطاعن بتقرير الطعن إلى طلب الحكم له بطلباته المسطرة بصدر هذا الحكم.
ومن حيث أنه عن الموضوع، فإن الثابت من الأوراق أن القرار المطعون فيه حسب التكييف القانونى السليم له إنما هو فى حقيقته وبجوهره قراراً بإنهاء خدمة الطاعن لانقطاعه عن العمل اعتباراً من 5/12/1993 عقب تكليفه بالعمل بمصنع السويس التابع للشركة المطعون ضدها.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى ع لى أن “اختصاص المحاكم التأديبية المحدد فى الفقرة الأخيرة من المادة (15) من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة بنظر المنازعات المتعلقة بالعاملين بالقطاع العام قاصراً على الطعون فى القرارات النهائية للسلطات التأديبية بالجزاءات الموقعة على هؤلاء العاملين فى الحدود المقررة قانوناً، وهذا الاختصاص ورد على سبيل الاستثناء من الولاية العامة للقضاء العادى بالمنازعات العمالية، والاستثناء لا يقاس عليه ولا يتوسع فى تفسيره ….. الطعن رقم 1208 لسنة 28ق.ع – جلسة 3/1/1984.
ومن حيث أنه على هدى ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن كان من عداد العاملين بشركة النصر للأسمدة والصناعات الكيماوية وهى إحدى شركات القطاع العام ويطعن على القرار الصادر بإنهاء خدمته للانقطاع عن العمل، فمن ثم فإن المنازعة بشأنه تخرج من ولاية محاكم مجلس الدولة وتدخل فى ولاية القضاء العادى، ولا يغير من ذلك ما ذهب إليه الطاعن من أن القرار المطعون فيه إنما هو جزاء تأديبى مقنع وليس بانهاء خدمته للانقطاع على النحو الظاهر فيه، ذلك أن اختصاص المحاكم التأديبية كما سلف القول بالنسبة لمنازعات العاملين بالقطاع العام ورد على سبيل الاستثناء من الولاية العامة للقضاء العادى بنظر هذه المنازعات وجاء قاصراً على الطعون فى الجزاءات التأديبية الصريحة، ومن ثم فإن هذا الاستثناء لا يجوز التوسع فى تفسيره وتأويله أو القياس عليه. وكما لا ينال من ذلك ما أورده الطاعن من أوجه بتقرير الطعن بشأن الحكم المطعون فيه، ذلك أن الحكم المذكور لم يشيد قضاءه على أساس انحسار اختصاص المحاكم التأديبية عن نظر الطعن المقام من الطاعن بصدور لوائح العاملين بالشركة المطعون ضدها تطبيقاً للقانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون قطاع الأعمال العام إنما على أساس الولاية المحددة للمحاكم التأديبية بنظر منازعات العاملين بالقطاع العام.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم اختصاص المحكمة التأديبية بالمنصورة بنظر الطعن فى قرار إنهاء خدمة الطاعن للانقطاع عن العمل وإحالته بحالته إلى إحدى الدوائر العمالية بالمحكمة الابتدائية بالمنصورة للاختصاص عملاً بنص المادة (110) من قانون المرافعات مع إبقاء الفصل فى المصروفات، فإنه يكون قد صدر متفقاً وصحيح حكم القانون بلا مطعن عليه، الأمر الذى يتعين معه الحكم برفض الطعن الماثل.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.