الطعن رقم 8712 لسنة 44 بتاريخ : 1999/12/14 الدائرة الثالثة
_____________________________________________
نص الحكم:
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ جمال السيد دحروج نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة/ كمال زكى عبد الرحمن اللمعى وسالم عبد الهادى محروس جمعه ومصطفى محمد عبد العاطى أبو عيشه ومحمد عبد الحميد أبو الفتوح (نواب رئيس مجلس الدولة)
* الإجراءات
فى يوم الاثنين الموافق 28/9/1998 أودع الأستاذ/ عطية سليمان المحامى نائباً عن الأستاذ/ جرجس أسحق أمين المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الماثل ضد المطعون ضده الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى- دائرة العقود والتعويضات بجلسة 3/8/1998 فى الدعوى رقم 5156 لسنة 47ق، والذى قضى: بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا للمدعى بصفته مبلغا مقداره 250004.420 مائتان وخمسون آلف وأربعة جنيهات واثنان وأربعون قرشا والفوائد القانونية بالواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 8/5/1993 وحتى تمام الوفاء والمصروفات .
وطلب الطاعن- للأسباب الواردة بالتقرير- بالحكم: بإلغاء حكم محكمة القضاء الإدارى الصادر بجلسة 3/8/1998 فى الدعوى رقم 5156لسنة 47ق، ورفض الدعوى، وما يترتب على ذلك من آثار واحتياطياً: إعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى- دائرة العقود والتعويضات للفصل فيها بهيئة مغايرة.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بتاريخ 13/10/1998.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعون ارتأت فيه الحكم: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من إلزام الضامن بالتضامن مع المبعوث بأداء مبلغ 250004.420، والقضاء مجدداً برفض الدعوى بالنسبة له، مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها المصرفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص المطعون ، حيث أودع الحاضر عن الطاعن مذكرة خلص فيها- للأسباب الواردة بها- طلب الحكم : أولا: بطلان الحكم المطعون فيه لمخالفة نص المادة/ 186 من قانون المرافعات. ثانياً: إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه إلزام الطاعن بالتضامن مع المبعوث بأداء مبلغ 250004.420 والقضاء مجدداً برفض الدعوى بالنسبة له، و إلزام الجهة الإدارية المصروفات، كما أودع الحاضر عن الدولة مذكرة خلص فيها- للأسباب الواردة بها- إلى طلب الحكم برفض الطعن، وبجلسة 28/7/1999 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 2/11/1999.
وعليه ورد الطعن إلى هذه المحكمة، حيث نظر بالجلسة المشار إليها، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 30/11/1999 ثم أمد اجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانوناً.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً، ومن ثم يكون مقبول شكلاً.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتلخص- حسبما يبين من الأوراق- فى انه بتاريخ 8/5/93 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 5156 لسنة 47ق أمام محكمة القضاء الإدارى – دائرة العقود وبالتعويضات ضد الطاعن وآخر (كمال اسحق كامل) للحكم بالزامهما متضامنين بان يؤديا له مبلغ مقداره 250004.420 والفوائد القانونية لهذا المبلغ بوقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، وذلك تأسيسا على أن المدعى عليه الأول (كمال اسحق كامل) أوفد فى بعثة دراسية لفرنسا للحصول على درجة الدكتوراه لصالح جامعةالمنيا، بعد أن قدم تعهدا كفله فيه المدعى عليه الثانى (الطاعن) التزام فيه بالعودة إلى ارض الوطن فور الانتهاء من البعثة وخدمة الجهة الموفدة المدة المقرره قانونا وألا كان ملزما برد كل ما انفق عليه خلال البعثة من نفقات. وقد انتهت مدة البعثة فى 16/10/1987 بيد انه لم يعد لاستلام عمله، فتقرر مطالبته وضامنه بالنفقات، حيث وافقت اللجنة التنفيذية للبعثات على ذلك بجلسة 10/7/1991 مع إلزامه بالفوائد القانونية عن المبلغ الطالب به وهو.250004.420 وذلك بواقع 4%سنويا.
وبجلسة 3/8/1989 قضت المحكمة بإلزام المدعى عليها متضامنين بان يؤديا للمدعى بصفته مبلغا مقداره 250004,420والفوائد القانونية المقرر بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 8/5/1993 وحتى تمام الوفاء، أقامت قضاها على انه بالنسبة لطلب المدعى الثانى (الطاعن) إخراجه من الدعوى بلا مصروفات، فان الثابت بالأوراق أن المذكور قد التزم برد جميع ما انفق على المدعى عليه الأول متضامنا معه فى حاله مخالفة قانون البعثات وإخلاله بالتزامه بخدمة الحكومة فى الجهة التى تحدد عند عودته ومن ثم يكون طلب إخراجه من الدعوى غير قائم على سند من القانون.
وبالنسبة للموضوع فان مؤدى أحكام المواد من 30-35 من القانون رقم 112 لسنة 1959 بشأن تنظيم البعثات والإجازات الدراسية والمنح، أن المشرع قد الزم عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة بالعودة إلى الوطن خلال شهر على الأكثر من انتهاء الدراسة، وان يعمل بخدمة الجهة التى أوفدته أو أى جهة حكومية أخرى المدة المنصوص عليها فى المادة /31 من هذا القانون وأضاف الحكم المطعون فيه أن الثابت ان المدعى عليه الأول لم يعد إلى ارض الوطن بعد انتهاء بعثته الدراسية، ومن ثم يكون قد أخل بالتزامه المقرر قانوناً مما يتعين إلزامه بسداد كافة النفقات والمرتبات التى صرفت له طوال مدة البعثة والبالغ مقدارها 250004.420، وذلك بالتضامن مع المدعى عليه الثانى (الطاعن)، الذى كفله فى سداد جميع ما انفق عليه طوال مدة البعثة بطريق التضامن، كما يتعين إلزامها بالفوائد القانونية عن هذا المبلغ 4% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد عملاً بحكم المادة /226من القانون المدنى.
ولم يرتض الطاعن (المدعى عليه الثانى) هذا الحكم، فأقام طعنه الماثل والذى شيد على مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون، ذلك أن محكمة القضاء الإدارى حين قررت حجز الدعوى للحكم صرحت بإيداع مذكرات فقط خلال ثلاثة أسابيع، وفى هذا الأجل أودعت هيئة قضايا الدولة حافظة مستندات وقد استندت المحكمة فى حكمها المطعون فيه إلى هذه المستندات والتى لا يعلم (الطاعن) عنها شيئاً، وهو ما يمثل إخلالاً بحق الدفاع، ويترتب عليه بطلان الحكم، كما أن التزامه الوارد بالتعهد الذى وقع عليه باعتباره كفيلاً للمدين الأصلى (المدعى عليه الأول) ورد على دين مستقبل لم ينشأ، ولم يشر إلى المبالغ الواردة بالحكم المطعون فيه، وبذلك يكون هذا الحكم قد صدر بالمخالفة لحكم المادة 778 من القانون المدنى والتى أوجبت تحديد الدين المكفول فى مقداره، فضلاً عن أن المحكمة لم تتناول المذكرة أو المستندات التى أودعها إبان حجز الدعوى للحكم، والتى تفيد انه معسراً، وذلك بالمخالفة لحكم المادة /774من القانون المدنى، التى أوجبت أن يكون الكفيل شخصاً موسراً.
ومن حيث انه فى ضوء ما تقدم، يبين أن الطاعن يهدف بطعنه الماثل إلى طلب الحكم ببطلان الحكم المطعون فيه لمخالفته أحكام المادة /168من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وذلك توصلاً إلى إلغاء هذا الحكم فيما تضمنه من إلزامه بالتضامن مع المدعى عليه الأول ان يودياً للمدعى (المطعون ضده) مبلغ 250004.420ن والقضاء مجدداً برفض الدعوى بالنسبة له.
ومن حيث أن المادة /168 من قانون المرافعات المشار إليه تنص على انه (لا يجوز للمحكمة أثناء المداولة أن تسمع احد الخصوم أو وكيله إلا بحضور خصمه، أو أن تقبل أوراقا أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الأخر عليها وألا كان العمل باطلاً ) والمستفاد من هذا النص أن المشرع كفل العدالة والمساواة بين طرفى الخصومة، وفى سبيل ذلك لم يجز للمحكمة أثناء المداولة أن تسمع أحد الخصوم أو وكيله دون حضور خصمه، كما لم يجز لها قبول أية مستندات أو مذكرات من أحد الخصوم دون اطلاع الخصم الأخر عليها. حتى لا يكون ثمة إهدار لحق الدفاع لأى من طرفى الخصومة بما يترتب على ذلك من فساد الحكم الذى يصدر ببطلانه، وعليه إذا قدمت مستندات من أحد الخصوم إبان حجز الدعوى للحكم دون إذن من المحكمة بإيداع هذه المستندات، ولم يطلع عليها الخصم الأخر وبالتالى لم يتسنى له الرد والتعقيب على ما ورد بها، أو بيان موفقة منها، فإذا استند الحكم فى قضائه على هذه المستندات يترتب عليه بطلان الحكم.
ومن حيث انه بناء على ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن محكمة القضاء الإدارى- دائرة العقود والتعويضات- قررت بجلستها المنعقدة فى 21/6/1998 حجز الدعوى (محل الطعن الماثل) للحكم بجلسة 3/8/1998 ومذكرات فى ثلاثة أسابيع، وخلال هذا الأجل أودع الحاضر عن الدولة حافظة مستندات طويت على صور طبق الأصل من التعهد الموقع عليه من المدعى عليهما ومذكرة اللجنة التنفيذية للبعثات، وكشف حساب بالمبالغ المطالب بها، وقد استندت المحكمة فى حكمها المطعون فيه إلى هذه المستندات ولما كان قرار المحكمة المشار إليه قد خول كلا الطرفين استيفاء دفاعه فى مذكرة، بيد أن هذه الرخصة لا تتجاوز الحد الذى قررته المحكمة، فلا يجوز لأى من الخصمين أن يستغل تلك الرخصة ويودع مستندات لم تأذن المحكمة بإيداعها ولما كان الدعى عليه الثانى (الطاعن) لم يطلع على مستندات الجهة الإدارية المشار إليها، والتى استند إليها الحكم المطعون فيه، ولم يبد بشأنها أى دفاع، ومن ثم يضحى هذا الحكم قد صدر مشوباً بالبطلان، معيناً الإلغاء.
ومن حيث أن المحكمة الإدارية العليا- دائرة توحيد المبادئ- قد قضت بجلسة 24/5/1988فى الطعن رقم 1352 لسنة 33 ق بان على المحكمة إذا ما تبينت بطلان الحكم المطعون فيه وانتهت إلى إلغائه، أن تفصل فى موضوع الدعوى متى كان صالحاً للفصل فيه.
ومن حيث انه قد توافرت كافة المستندات اللازمة للفصل فى موضوع الدعوى محل الطعن الماثل ومن ثم يتعين التصدى للموضوع فى تلك المستندات.
ومن حيث أن الثابت بالأوراق أن المدعى عليه الأول فى الدعوى محل هذا الطعن (كمال أسحق كامل) كان يشغل وظيفة معيد بكلية التربية جامعة المنيا، وقد أوفد فى بعثة دراسية إلى فرنسا بتاريخ 13/1/1982 للحصول على درجة الدكتوراه، ووقع على تعهد بتاريخ 27/10/1981، اقر فيه بإتمام دراسته فى المدة المقررة، وان يلتزم بأحكام قانون البعثات وان يعود إلى الوطن فى ظرف شهر من تاريخ انتهاء البعثة، وان يخدم عند العودة بالجهة التى تحددها لجنة البعثات، كما يلتزم برد كل ما انفق على بعثته سواء كان ذلك من أموال الدولة أو من منح قدمت إليها من جهة أجنبية فى حالة إخلاله بأى من التعهدات السابقة أو فى حالة صدور قرار بفصله أو بأنها البعثة كجزاء تأديبى وقد ضمنه فى ذلك المدعى عليه الثانى (الطاعن) حيث وقع على إقرار مؤرخ 23/12/1981 تعهد بان يرد كل ما اتفق على عضو البعثة (المدعى عليه الأول) بطريق التضامن والتكافل فى حالة إخلاله بأى من الالتزامات المشار إليها. وقد مدت مدة البعثة عدة مرات كان أخرها حتى 16/10/1987، ثم طلب المذكور مد مدة البعثة حتى أكتوبر /89، بيد أن جامعة المنيا لم توافق على ذلك وطالبته بالعودة ومن ثم عرض الأمر على اللجنة التنفيذية للبعثات، والتى قررت بتاريخ 29/12/1988 الموافقة على رأى الجهة الموفدة، واخطر المدعى عليه الأول بذلك عن طريق المكتب الثقافى بيد انه لم يرد، وبتاريخ 2/5/1991 قررت جامعة المنيا اتخاذ إجراءات مطالبة المذكور بالنفقات والتى بلغت- وفقاً لما هو ثابت بالكشف المقدم من الجهة الإدارية- 250004.420، ومن ثم قررت اللجنة التنفيذية للبعثات بجلستها المنعقدة فى 10/7/1991 الموافقة على إنهاء بعثة المدعى على الأول ومطالبته بنفقات البعثة.
ومن حيث أن المادة /30من القانون رقم 112 لسنة 1959 بتنظيم شئون البعثات والإجازات الدراسية والمنح تنص على انه (على عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة أن يعود إلى وطنه خلال شهر على الأكثر من انتهاء دراسته وألا أوقف صرفه مرتبه مع عدم الإخلال بما تقضى به القوانين واللوائح من أحكام أو إجراءات أخرى) وتنص المادة /31 من ذات القانون على انه يلتزم عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة بخدمة الجهة التى أوفدته أو أية جهة حكومية أخرى ترى الحاقة بها بالاتفاق مع اللجنة التنفيذية للبعثات لمدة تحسب على أساس سنتين عن كل سنة قضاها فى البعثة أو الإجازة الدراسية وبحد أقصى قدره 7 سنوات لعضو البعثة و5 سنوات لعضو الإجازة الدراسية إلا إذا تضمنت شروط البعثة أو الإجازة الدراسية أحكاماً أخرى وتنص المادة / 33من هذا القانون على انه ( للجنة التنفيذية أن تقرر أنهاء بعثة أو إجازة أو منحة كل عضو يخالف أحكام أحد فى المواد 30,0000ن كما أن لها أن تقرر مطالبة العضو بنفقات البعثة أو المرتبات التى صرفت له فى الإجازة أو المنحة إذا خالف أحكام المادة 25أ،31 ) ، وتنص المادة /35 منه على انه( يقدم عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المتمتع بمنحة أجنبية أو دولية كفيلاً تقبله إدارة البعثات يتعهد كتابة بمسئوليته التضامنية عن رد النفقات والمرتبات المشار إليها فى المادة /33)
ومن حيث أن مؤدى هذه النصوص، أن القانون هو المصدر المباشر لالتزام عضو البعثة أو الإجازة الدراسية أو المنحة الحكومة المدة المقررة التى حددها المشرع، بشرط تقديم كفيل تقبله إدارة البعثات يتعهد كتابة بمسئوليته التضامنية عن رد النفقات والمرتبات التى صرفت له إذا ما قررت اللجنة التنفيذية مطالبته بها، أما التزام الكفيل برد هذه النفقات والمرتبات فمصدره التعهد الذى يوقعه تنفيذاً لالتزام العضو الناشئ بمقتضى القانون، ومحله أداء هذه المبالغ بموجب مسئوليته التضامنية معه كما ورد النص على ذلك فى المادة /35 الأنفة الذكر، ذلك انه من الأصول المقررة فى تفسير العقود مدنية أو إدارية عدم اقتصار العقود على إلزام المتعاقد بها، بل يتناول أيضا ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام وهو اصل تضمنته المادة 1489/2من القانون المدنى، وهى لا تتعارض مع طبيعة الالتزامات الناشئة عن عقود إدارية، ولا مع طبيعة تلك العقود، ولا مع أصول القانون الإدارى وأحكام القانون العام، ومن تلك الأصول أيضا قواعد التفسير التى توجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين دون الوقوف عند المعنى العرفى للألفاظ، مع الاستهداء فى ذلك بطبيعة التعامل وبما ينبغى أن يتوافر من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقاً للعرف الجارى فى المعاملات. وإذ حدد قانون البعثات التزام المبعوث ومحله على وجه الدقة تحديداً منضبطاً، وأوجب تقديم كفيل متضامن مع المبعوث فى ذلك الالتزام على الوجه الذى حدده، وبذلك يكون محل التزام الكفيل هو بذاته وطبقاً لصريح نص القانون محل التزام المبعوث الأصيل الذى يرد عليه تضامن الكفيل مع الأصيل، وهو من مستلزمات الكفالة حتى تحقق غرضها، فيمكن المبعوث من البعثة، وتطمئن الدولة الدائنة إلى ضمان الكفيل لالتزام المبعوث إزاءها بشمول التزام الكفيل ذات محل التزام المبعوث، وهو موجب الكفالة، وألا أصبحت عديمة المعنى والجدوى وانتفت العلة التى من اجلها أوجبها القانون تقديم الكفالة، فلا يمكن أن تعبث إرادة الكفيل فتعدل فى محل التزامه ليختلف عن محل التزام الأصيل. وإذا كان هذا هو حكم القانون، فهو ما استقر عليه العرف وما تقتضيه العدالة بحسب طبيعة الالتزام، وهو موجب الإرادة المشتركة للمتعاقدين وما تقتضيه طبيعة التعامل وما ينبغى أن يتوافر من أمانة وثقة فى التعامل بين الدولة الدائنة والمبعوث المدين الأصيل والكفيل المتضامن، وبذلك فلا يمكن أن يستبعد تعهد الكفيل أو عنصراً من عناصر التزام المبعوث الأصيل إلا إذا اتفق الطرفان الدائن والمدين وإقراره صراحة أما التعهد المطبوع نصه فلابد ان ينصرف فى نية الطرفين إلى محل الالتزام الذى ألقاه القانون على الأصيل وضماناً له أوجب تقديم كفيل، وبذلك فلا يجوز تحديد محل هذا الالتزام على وجه يخالف القانون، وألا انتفت العلة من إلزام العضو بتقديم كفيل تقبله إدارة البعثات يتعهد كتابة بمسئوليته التضامنية عن رد المبلغ المشار إليه سلفاً (قيمة نفقات البعثة). وعلى هذا الأساس فطالما أن الثابت أن المدعى عليه الأول فى الدعوى محل الطعن الماثل قد أوفد فى بعثة دراسية إلى فرنسا للحصول على درجة الدكتوراه وقد انتهت مدة البعثة بعد مدها عدة مرات- ولم يعد إلى عمله، ومن ثم يكون قد أخل بالتزاماته المشار إليه، فيحل مقرراً الالتزام البديل بان يلزم بالتضامن مع الكفيل الذى ندبه بكامل نفقات البعثة الدراسية بناء على قرار اللجنة التنفيذية للبعثات الصادر وذلك بتاريخ 10/7/1991اعمالاً لنص المادة /33 الأنفة الذكر. وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأداء المبلغ المطالب به، ومن ثم يكون قد صادف فى صحيحة، الأمر الذى يضحى معه الطعن الماثل غير قائم على سند من القانون، مما يتعين الحكم برفضه. مع إلزام الطاعن المصروفات عملاً بحكم المادة /1984 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
* فلهذا الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبقبول الدعوى شكلاً، وفى موضوعها بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يؤديا للمدعى بصفته (المطعون ضده) مبلغا 250004.420 (مائتان وخمسون آلف واربعة جنيهات، 240/1000 مليما) والفوائد القانونية المقررة بواقع 4% سنويا من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة فى 8/5/1993 وحتى تمام الوفاء، والزمه الطاعن المصروفات عن درجتى التقاضى.