طعن رقم 1091 لسنة 39 بتاريخ 18/12/1994 الدائرة الأولي
طعن رقم 1091 لسنة 39 بتاريخ 18/12/1994 الدائرة الأولي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: عبدالقادر هاشم النشار والسيد محمد السيد الطحان وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبدالعزيز أبوالعزم نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم 28/1/1993 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1091 لسنة 39 قضائية عليا وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالأسكندرية بجلسة 3/12/1992 فى الدعوى رقم 3000 لسنة 46 قضائية والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالامتناع عن قيد ابن المدعى المطعون ضده بالسنة الثانية بكلية الحقوق جامعة الأسكندرية وما يترتب على ذلك من آثار وإلزامها مصروفات الطلب المستعجل.
وطلب الطاعنون – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماه عن الدرجتين.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 4/7/1994 حيث تم نظر الطعن أمامها بالجلسة المذكورة وبالجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 4/7/1994 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الأولى” لتنظره بجلسة 7/8/1994 وقد أحيل الطعن إلى هذه المحكمة التى نظرته وناقشت أدلته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يتضح من الأوراق – فى أنه بتاريخ 12/5/1992 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 3000 لسنة 46 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالأسكندرية طالباً الحكم أولاً: وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ القرار السلبى بامتناع جامعة الأسكندرية عن قبول ابن المدعى كطالب بجامعة الأسكندرية. ثانياً: بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المصروفات والأتعاب وذلك تأسيساً على أن ابن المدعى قد اجتاز بنجاح امتحان النقل من السنة الأولى إلى السنة الثانية بكلية الحقوق – بجامعة بيروت العربية فى العام الجامعى 90/1991 وإذ طلب من جامعة الأسكندرية قبول تحويل أوراقه وقيده بالكلية المناظرة لها طبقاً للقواعد المتبعة فى هذا الشأن فامتنعت الإدارة عن قبول طلبه رغم توافر الشروط المقررة فى حقه وذلك بحجة صدور القرار الجمهورى رقم 354 لسنة 1991 بحظر تحويل الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعات المصرية إلا إذا كان الطالب حاصلاً على الثانوية العامة بمجموع لا يقل عن الحد الأدنى للقبول فى الكلية التى يرغب فى التحويل إليها، ومع أن القرار الجمهورى المشار إليه لا ينطبق بأثر رجعى على الطلاب الذين اكتسبوا الحق فى التحويل من جامعة بيروت إلى جامعة الأسكندرية طبقاً للقواعد المقررة قبل تعديل اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات بالقرار الجمهورى سالف الذكر، ونعى المدعى على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون وما يرتبه من أضرار جسيمة تترتب على تنفيذه يتعذر تداركها يستوجب الحكم بإلغائه.
وبجلسة 3/12/1992 أصدرت المحكمة حكمها الطعين القاضى بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه بالامتناع عن قيد ابن المدعى بالسنة الثانية بكلية الحقوق بجامعة الأسكندرية وما يترتب عليه من آثار. وأقامت قضاءها على أن الأصل طبقاً للقانون الطبيعى هو احترام الحقوق المكتسبة طبقاً لما تقضى به قواعد العدالة ويسلتزمه الصالح العام، وقد جاء الدستور مؤكداً هذا الأصل الطبيعى فحظر المساس بالحقوق المكتسبة أو المراكز القانونية التى تمت بقانون، ومن ثم فإن تقرير الرجعية رهين بنص خاص فى القانون، ولزم بحكم هذا الأصل ألا تسرى القرارات الإدارية بأثر رجعى إلا إذا كانت صادرة تنفيذاً لقانون نص فيه على الأثر الرجعى أو على الترخيص للإدارة بتقرير الرجعية، وتطبيقاً لهذا الأصل فإن وضع نظام جديد لقبول الطلبة لا يسرى على الماضى فلا يمس المراكز القانونية الذاتية التى نشأت قبل صدوره، فإذا كان البادى من الأوراق أن جامع الأسكندرية قد درجت على إتباع قواعد تتيح بمقتضاها تحويل الطلبة من جامعة بيروت العربية وقننت ذلك العرف الذى تواترت على تطبيقه بإصدار مجلس الجامعة لقرارات حددت فيها من تطبق عليه قواعد التحويل المذكورة بأن يكون حاصلاً على الثانوية العامة من مدارس المناطق التعليمية التى تدخل فى نطاق الجامعة – وهى محافظات الأسكندرية والبحيرة ومطروح ومراكز دسوق ومطوبس وفوه بمحافظة كفر الشيخ وأن تكون دراسة الطالب متصلة منذ الحصول على الثانوية العامة وهى التحاقه بجامعة بيروت العربية، أن يكون منقولاً إلى الفرقة الأعلى وظلت جامعة الأسكندرية تطبق هذه القواعد حتى صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، فإن هذا القرار لا يسرى بأثر رجعى ولا يجوز أن يمس المراكز القانونية الذاتية التى نشأت قبل العمل به بل يسرى بأثر مباشر على المستقبل، ومن ثم فإن من استوفى من طلاب جامعة بيروت العربية شروط التحويل أو نقل القيد فى ظل تلك القواعد يكون قد اكتسب مركزاً ذاتياً لا يجوز المساس به وتكون جامعة الأسكندرية ملزمة قانوناً بإجابته إلى طلبه، فإذا كان الطالب ابن المدعى حصل على شهادة الثانوية العامة سنة 1990 من مدرسة تابعة لمحافظة الأسكندرية والتحق بكلية الحقوق بجامعة بيروت العربية فى العام الدراى 90/1991 وإجتاز بنجاح امتحان النقل إلى السنة الثانية فى نهاية العام الدراسى المذكور فإنه يكون قد استوفى الشروط المقررة للتحويل ونقل القيد إلى الكلية المناظرة بجامعة الأسكندرية طبقاً للقواعد التى كان معمولاً بها قبل صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 المشار إليه لإكتسابها مركزاً ذاتياً لا يجوز المساس به، واستطرد الحكم الطعين قائلاً أه لا يدحض ذلك الاحتجاج بأن ابن المدعى يفتقد شرط عدم تجاوز الفرق بين مجموع درجاته فى الثانوية العامة والحد الأدنى للقبول بالكلية المطلوب قيده بها بنسبة 5% ذلك أن أياً كان الرأى فى مدى مشروعية هذا الشرط المبنى على افتراض نسبة حسابية تحكميه لا تجد لها أساساً قانونياً ويترتب عليها تفرقة لا موجب لها، فإن الوجه الصحيح لتطبيقها إنما يقتصر على حالة من يطلب التحويل من الفرقة الأولى دون من اجتاز بنجاح امتحان النقل إلى الفرقة الثانية، فأكسبهم ذلك النجاح مركزاً قانونياً جديداً يخولهم حق التحويل من الفرقة الأعلى إلى الفرقة المعادلة لها فى الكلية المناظرة.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد أخطأ تطبيق القانون وتأويله من وجهين أولهما: أن المحكمة قد سايرت المدعى – بغير حق – فى تكييفه للقرار الصادر من الجامعة – محل النزاع – على أنه قرار سلبى بالامتناع عن قيد الطالب ابن المدعى بإحدى كلياتها مع أن حقيقة القرار هو قرار إيجابى صريح برفض طلبه تنفيذاً للقانون، إذ ان سكوت الجامعة عن تنفيذ عرف سائد يشكل قراراً سلبياً بالامتناع، وعليه فإن عدول جهة الإدارة عن عرف إلى قواعد مكتوبة فى قانون أو لائحة لا يشكل قراراً سلبياً بالامتناع وإنما يكون قمة الإلتزام بأحكام القانون ومراعاة التدرج التشريعى فى تقديم النصوص القانونية على الأعراف السائدة، ولا ينال من ذلك ما جاء بمدونات الحكم المطعون فيه من ضرورة الإلتزام بالأثر الفورى المباشر للقرار الجمهورى المشار إليه وعدم تطبيقه بأثر رجعى على الحالات التى استقرت مراكزها القانونية قبل العمل به فهذا القول مردود بأن المركز القانونى للطالب لا ينشأ بمجرد نجاحه فى السنة الأولى بجامعة بيروت العربية، وإنما ينشأ ويستقر بصدور موافقة جامعة الأسكندرية على تحويله إليها أما قبل ذلك فلا يغدو أن يكون مجرد أمل قد يتحقق وقد لا يتحقق ولا يجوز التسوية بين الحق المكتسب ومجرد الأمل.
وثانيهما: إن الحكم الطعين قد اعتمد فى قضائه على المركز القانونى الذى اكتسبه الطالب من قرار مجلس جامعة الأسكندرية، وفاته أن المجلس الأعلى للجامعات قد أصدر بتاريخ 18/3/1991 قراراً يحدد فيه الشروط اللازمة لقبول تحويل الطلاب إلى الجامعات المصرية أهمها حصول الطالب على الحد الأدنى للدرجات فى الثانوية العامة اللازمة للقبول فى الكلية التى يرغب التحويل إليها وهو ذات الشرط الذى صدر به قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 المشار إليه الصادر فى 2/9/1991، وعليه فإن رفض جامعة الأسكندرية لطلب المدعى لم يكن تنفيذاً لقرار رئيس الجمهورية وإنما كان نفاذاً لقرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر فى 18/3/1991 والواجب التطبيق قبل نجاح ابن المدعى فى السنة الأولى بجامعة بيروت.
ومن حيث إن التعليم العالى بجميع كلياته ومعاهده بحسبانه الركيزة الأساسية لتزويد المجتمع بالمتخصصين والفنيين والخبراء الذين تقع على عواتقهم مسئولية العمل فى مختلف مجالاته، ويتعين أن يرتبط فى أهدافه وأسس تنظيمه بحاجات هذا المجتمع وإنتاجه، وهو ما تطلبته صراحة المادة 18 من الدستور المصرى بالنص صراحة على أن التعليم حق تكلفة الدولة. وتكفل استقلال الجامعات ومراكز البحث العلمى وذلك كله ما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع والإنتاج، وأكدته المادة الأولى من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 عند تحديدها لرسالة الجامعات، بأن يكون التعليم فيها موجهاً لخدمة المجتمع والإرتقاء به حضارياً بإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة لضمان تقدم الوطن وتنمية ثروته البشرية والعمل على بعث الحضارة العربية والتراث التاريخى للشعب المصرى وتقاليده الأصيلة وذلك كله بما يحقق الربط بين التعليم الجامعى وحاجات المجتمع والإنتاج، ولما كان ذلك وكانت الدولة مسئولة – دستورياً عن كفالة هذا التعليم الذى يخضع لإشرافها وكانت الفرص التى تلتزم الدولة بإتاحتها للراغبين فى الإلتحاق بالتعليم العالى مقيدة بإمكانياتها الفعلية التى قد تقصر على استيعابهم جميعاً فى كلياته ومعاهده المختلفة، فإن السبيل إلى فض تزاحمهم وتنافسهم على هذه الفرص المحدودة لا يتأتى إلا بتحديد مستحقيها وترتيبهم فيما بينهم وفق شروط موضوعية ترتد فى أساسها إلى طبيعة هذا التعليم وأهدافه ومتطلبات الدراسة فيه، ويتحقق بها ومن خلالها مبدأ التكافؤ فى الفرص والمساواة أمام القانون الحرص الدستور على إلزام الدولة بكفالة تحقيقه، بما يتولد من تلك الشروط فى ذاتها من مراكز قانونية متماثلة تكشف عن وجه الأحقية والتفضيل بين المتزاحمين فى الانتفاع بهذه الفرص بحيث إذا استقر لأى منهم الحق فى الامتحان بإحدى الكليات أو المعاهد العالية وفق هذه الشروط فلا يحل من بعد أن يفضل عليه من لم تتوافر فيه تلك الشروط وإلا كان ذلك مساساً بحقه المقرر بالدستور، ومن هذا المنطلق صاغ المشرع أحكام قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه ولائحته التنفيذية فنصت المادة 14 منه على أن تتولى المجالس والقيادات المبينة فيما بعد، كل فى دائرة اختصاصه، مسئولية تسيير العمل الجامعة وانطلاقه بما يحقق أهداف الجامعة فى حدود القوانين واللوائح والنظم المقررة ونصت المادة 19 منه على أن يختص المجلس الأعلى للجامعات بالمسائل” الآتية:
1) رسم السياسة العامة للتعليم الجامعى والبحث العلمى فى الجامعات والعمل على توجيهها وتنسيقها بما يتحقق معه حاجات البلاد وتيسير تحقيق الأهداف القومية والاجتماعية والاقتصادية والتنمية للدولة.
………. 2).
……….. 3).
………… 4)………… 5)
6) تنظيم قبول الطلاب فى الجامعات وتحديد أعدادهم:
كما نصت المادة 196 من القانون المذكور على أن تصدر اللائحة التنفيذية لهذا القانون بقرار من رئيس الجمهورية بناءً على عرض وزير التعليم العالى – وتتولى هذه اللائحة بصفة عامة وضع الإطار العام لبعض أحكامه.
. وتنظم هذه اللائحة علاوة على المسائل المحددة فى القانون المسائل الآتية بصفة خاصة:
1) تكوين الجامعات. 2) اختصاصات المجالس الجامعية واللجان المتعددة المنبثقةعنها 3).
……… 4) شروط قبول الطلاب وقيدهم ورسوم الخدمات التى تؤدى إليهم.
ومن حيث إنه تنفيذاً للقانون المشار إليه من تخويل رئيس الجمهورية إصدار اللائحة التنفيذية التى تحدد الإطار العام لتنفيذ أحكامه وبصفة خاصة شروط قبول الطلاب وقيدهم وتحويلهم ورسوم الخدمات التى تؤدى إليهم فقد أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 809 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية للقانون المشار إليه التى نصت المادة 74 منها على أن يحدد المجلس الأعلى للجامعات فى نهاية كل عام جامعة بناء على اقتراح مجالس الجامعات عدد الطلاب من أبناء جمهورية مصر العربية الذين يقبلون فى كل كلية أو معهد فى العام الجامعة التالى من بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو على الشهادات المعادلة ونصت المادة 75 من هذه اللائحة على أنه يشترط فى قيد الطالب فى الجامعة للحصول على درجة الليسانس أو البكالوريوس أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها ويكون القبول بترتيب درجات النجاح مع مراعاة التوزيع الجغرافى وفقاً لما يقرره المجلس الأعلى للجامعات بعد أخذ رأى مجلس الجامعات ومجالس الكليات كما نصت المادة 87 قبل تعديلها بقرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 على أنه يضع المجلس الأعلى للجامعات القواعد المنظمة لقبول تحويل ونقل الطلاب من كليات أو معاهد غير تابعة للجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات. ومقتضى النصوص المتقدمة أن فرص الإلتحاق بالتعليم الجامعى الذى يمثل الجانب الرئيسى للتعليم العالى – لا تتهيأ لجميع الناجحين فى شهادة الثانوية العامة وما يعادلها، وإنما تتوافر هذه الفرص لأعداد منهم التى يحددها المجلس الأعلى للجامعات فى نهاية كل عام جامعى طبقاً للتخطيط العام للجامعات فى الوفاء بحاجات المجتمع من المتخصصين والفنيين والخبراء، الأمر الذى من شأنه تزاحم الطلاب على المقاعد المتاحة بكليات الجامعة سواء من الحاصلين على الثانوية العامة الذين يطلبون الالتحاق لأول مرة بالجامعة، أو أولئك الذين التحقوا فى البداية بكليات لا تخضع لأحكام قانون تنظيم الجامعات، وقد تكلفت المادة 75 من اللائحة المشار إليها ببيان ما ارتأته من شروط موضوعية محققة لتكافؤ الفرص بين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها حيث ربطت القبول بالتعليم الجامعى بترتيب درجات النجاح فى امتحان تلك الشهادة بحسبان هذا الامتحان الذى يتم فى إطار مسابقة عامة تجريها الدولة وتضمن فيها لجميع المتقدمين فرصاً متكافئة للحصول على تلك الشهادة هو المعيار الموضوعى الوحيد للمفاضلة بينهم عند تقدمهم للإلتحاق بالتعليم الجامعة بالتفوق والجدارة التى يمتاز بها بعضهم على البعض الآخر. وهى النتيجة الحتمية المقبولة للتفاوت القائم بينهم فى الطاقات والقدرات الذهنية، ومن ثم فقد كان طبيعياً أن تقضى المحكمة فى الطاقات والقدرات الذهنية، ومن ثم فقد كان طبيعياً أن تقضى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية أى نص يتعارض مع هذه المبادئ التى تجعل من الجدارة والتفوق المعيار الوحيد المعتمد لشغل مقاعد كليات الجامعة وتستبعد أى معيار يقوم على القدرة المادية أو الدفعة الاجتماعية من عناصر التمييز بين الطلاب فى شغل هذه القاعدة.
ومن حيث إنه كان معيار الجدارة والتفوق هو المعيار الموضوعى الذى اعتمدته المحكمة الدستورية العليا بحسبانه المعيار الوحيد الذى يحقق مبدأ تكافؤ الفرص ولا يخل بمبدأ المساواة لدى القانون وهى المبادئ التى كانت رائدها وسندها فى القضاء بعدم دستورية القواعد التى تتضمن أى استثناء عليها فى القوانين واللوائح وأوقفت بذلك زحف الطوائف المستثناة من حملة الثانوية العامة على معقل المبادئ الدستورية ووضعت جميع المواطنين على قدم المساواة أمام القانون وجمعتهم على كلمة سواء قوامها ألا يرقى إلى مقاعد الجامعة إلا من بلغ مجموع درجاته فى الثانوية العامة الحد الأدنى الذى يؤهله للإلتحاق بالكلية التى يرغب فى الإلتحاق بها، فإن هذه المبادئ أولى بالتطبيق، وأقوى فى الدلالة وأمعن فى الحجة، وأمنع على الإختراق عند تحويل الطلاب الذين يشغلون أصلاً مقاعد فى كليات تتبع جامعات غير خاضعة لأحكام قانون الجامعات، بل يظل هذا المعيار هو وحده المعيار الواجب التطبيق فى شغل مقاعد الجامعات الخاضعة للقرار بقانون رقم 49 لسنة 1972 المشار إليه فى أية فرقة من الفرق الدراسية وسواء كان الإلتحاق بها عن طريق مكتب تنسيق قبول الطلبة الحاصلين على الثانوية العامة، أو كان ذلك من باب أولى عن طريق نقل الطالب من إحدى الكليات التابعة لجامعة غير خاضعة للقانون المذكور إلى إحدى كليات الجامعات الخاضعة له – والقول بغير ذلك يعطى لكل من يملك القدرة المالية على الإلتحاق بالكليات التابعة لجامعات أجنبية حقاً ثابتاً فى الانقضاض على مبدأ تكافؤ الفرص والتغول على مبدأ مساواة المصريين أمام المرافق العامة وهو مرفق التعليم، بما يمتلكه من عناصر لا تصلح أساساً موضوعياً عادلاً للتمييز بين المواطنين.
ومن حيث إن البادى من الأوراق أن مجلس جامعة الأسكندرية قد درج عند النظر فى طلبات تحويل الطلاب من كليات جامعة بيروت إلى كليات جامعة الإسكندرية على إتباع ضوابط تسمح لطلاب جامعة بيروت المنقولين إلى السنة الثانية بكلياتهم بالإلتحاق بالكلية المناظرة لها بجامعة الأسكندرية إذا كان الفارق بين مجموع درجاتهم فى الثانوية العامة والحد الأدنى لمجموع الدرجات الذى قبلته الكلية المناظرة لا يزيد على نسبة خمسة فى المائة وهو شرط يؤكد استثناء هذه الطائفة من الطلاب من شرط المجموع الكلى للدرجات ويميز بغير حق بينهم وبين أقرانهم من الطلاب الذين يتساوون معهم في ذات المركز القانونى مما يعد إخلالاً صريحاً بحقوقهم الدستورية فضلاً عما تتضمنه هذه الضوابط من اغتصاب مجلس جامعة الإسكندرية سلطة المجلس الأعلى للجامعات الذى ناط به المشروع وضع القواعد المنظمة لقبول الطلاب في الجامعات وتحديد أعدادهم وخصته اللائحة دون غيره بوضع القواعد المنظمة لقبول تحويل ونقل الطلاب من كليات ومعاهد الجامعات غير الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات.
ومن حيث إن المجلس الأعلى للجامعات قد تدارك هذا الوضع الشاذ وما ترتب عليه من خطر المساس بالمبادئ الدستورية وأصدر في 18 مارس سنة 1991 قراراً برفع الخلل الذى أصاب مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات ونص فيه صراحة على أنه تحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب المصريين وعدم السماح، بأية استثناءات، يحظر تحويل الطلاب المصريين من الجامعات الأجنبية إلى الجامعات المصرية إلا إذا كان الطالب حاصلاً على الحد الأدنى في شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها للقبول بالكلية المعنية التى يرغب في تحويله أو نقل قيده إليها على أن يتم التحويل مركزياً عن طريق مكتب تنسيق القبول بالجامعات وإمعاناً في تأكيد هذا الشرط صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 354 لسنة 1991 بتعديل نص المادة 87 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات متضمناً حظر تحويل الطلاب المشار المشار إليهم إلا إذا كان الطالب حاصلاً في الثانوية العامة على مجموع لا يقل عن الحد الأدنى للقبول في الكلية التى يرغب في التحويل إليها.
ومقتضى المبادئ المتقدمة أن النظام القانونى للجامعات المصرية سواء قبل تدخل المجلس الأعلى للجامعات أو بعد تدخل رئيس الجمهورية بتعديل اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات – لم يكن يسبح بأى حال من الأحوال بالاستثناء من شرط المجموع الكلى للدرجات في الثانوية العامة بحسبانه المعيار الموضوعى الوحيد للتمييز بين الطلاب في شغلهم المقاعد بالكليات في الجامعات الخاضعة لقانون تنظيم الجامعات سواء أكان ذلك عند إلتحاقهم مباشرة بالجامعة بعد حصولهم على الثانوية العامة أو عند تحويلهم أو نقلهم من كليات جامعات لا تخضع للقانون المذكور، إلا أن تدخل المجلس الأعلى للجامعات في 18 مارس سنة 1991 قد وضع حداً للشكوك حول الضوابط والأعراف التى جرت عليها خطأ بعض الجامعات في هذا الشأن وأوجه التحايل التى كان يلجأ إليها البعض للنفاذ منها، وأضحى محتماً على جميع الجامعات الخاضعة لهذا القانون الإلتزام بالضوابط التى وضعها المجلس الأعلى للجامعات على النحو الذى وردت به في جلسته المنعقدة في 18 مارس 1991.
فإذا كان الظاهر من الأوراق أن الطالب ابن المطعون ضده قد حصل على الثانوية العامة 1990 والتحق بكلية الحقوق بجامعة بيروت في العام الدراسى 90/1991 واجتاز بنجاح امتحان النقل إلى الفرقة الثانية في نهاية العام الدراسى المذكور، وعندما تقدم في شهر نوفمبر عام 1991 إلى جامعة الأسكندرية إلى افتقاده شرطاً من شروط القبول طلب التحويل الوارد قى قرار المجلس الأعلى للجامعات الصادر في 18 مارس سنة 1991 وهو حصوله على الثانوية العامة على مجموع يقل عن الحد الأدنى الذى قبلته كلية الحقوق في سبتمبر 1990 وهو أمر لا خلاف عليه بين طرفى الخصومة، فإن قراراها في هذا الشأن يكون قد قام على أساس سليم من القانون، وإذ انتهج الحكم المطعون فيه غير هذا النهج مسقطاً قواعد المجلس الأعلى للجامعات من التطبيق، مستنداً إلى بعض الضوابط التى درجت عليها جامعة الأسكندرية قبل صدوره مغفلاً البعض الآخر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المركز القانونى للطالب الذى ينشئ له حقاً ثابتاً في التحويل من كليات جامعة بيروت إلى الكلية النظيرة لها بجامعة الأسكندرية لا تكتمل له عناصره إلا وقت تقديم طلب الالتحاق إلى الجامعة المختصة مستوفياً شروطه وضوابطه، فإذا كان الطالب ابن المطعون ضده لم يجتز امتحان النقل أصلاً ولم يحصل على الشهادة المثبتة لذلك إلا بعد صدور قرار المجلس الأعلى للجامعات المشار إليه، فإنه لا يجوز له أن يدعى حقاً مكتسباً من الضوابط التى درجت عليها الجامعة في تاريخ سابق على صدوره.
ومن حيث إنه قد بان مما تقدم أن طلب المطعون ضده إلغاء قرار جامعة الأسكندرية برفض طلب تحويل ابن المدعى إلى الكلية المناظرة بالجامعة قد فقد ركناً من أركانه هو ركن الجدية لقيامه بحسب الظاهر – على غير أساس سليم من القانون الأمر الذى يجعله خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن المطعون ضده قد خسر الطعن فإنه يلزم بمصروفاته عملاً بالمادة 184 مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ