طعن رقم 1100 لسنة 37 بتاريخ 18/04/1992 الدائرة الثانية

Facebook
Twitter

طعن رقم 1100 لسنة 37 بتاريخ 18/04/1992 الدائرة الثانية
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدى عبد الله مليحى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعلى شحاتة محمد وحسنى سيد محمد والطنطاوى محمد الطنطاوى نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

بتاريخ 24/2/1991 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 1100 لسنة 37 قضائية والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 222 لسنة 1989 فيما تضمنه من تخطى المدعى في الترقية إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير من الدرجة العالية بكادر الأقسام العامة بديوان عام وزارة المالية مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه ورفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
ونظر الشق المستعجل أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة بجلسة 11/3/1991 والجلسات التالية عى النحو الثابت بالمحاضر.
حيث حضر المطعون ضده بجلسة 22/4/1991، وقررت الدائرة الحكم في الشق المستعجل بجلسة 27/5/1991 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وفى هذه الجلسة قررت الدائرة رفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية لنظره بجلسة 9/6/1991.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام المحكمة بجلسة 9/6/1991 حيث قررت إصدار الحكم بجلسة 21/7/1991 وبهذه الجلسة قررت فتح باب المرافعة لجلسة 3/11/1991 لتغير شكل الهيئة، وبجلسة 2/11/1991 حضر المطعون ضده كما حضرت الحكومة وطلب الطرفان حجز الطعن للحكم، حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 21/12/1991 وفى هذه الجلسة قررت إعادة الطعن للمرافعة بجلسة 25/1/1992 وعلى الجهة الإدارية الطاعنة ضم صورة الأعمال التحضيرية السابقة للقرار رقم 322 لسنة 89 خاصة صورة المذكرة المقدمة من وزير المالية لرئيس مجلس الوزراء ومشروع القرار المذكور، وقد قدمت الحكومة حافظة مستندات بالمطلوب وقدم المطعون ضده مذكرة وحافظة مستندات وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضده ………… أقام دعوى أمام محكمة القضاء الإدارى – دائرة الترقيات – قيدت بجدولها العام برقم 6976 لسنة 41 قضائية وذلك بإيداع عريضتها في 13/8/1989 وطلب في ختامها الحكم بقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 322 لسنة 1989 فيما تضمنه من تخطيه في التعيين في وظيفة رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير من الدرجة العالية بكادر الأقسام العامة بديوان عام وزارة المالية مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال شرحاً لدعواه أنه يعمل مديراً عاماً بكادر الأقسام العامة بديوان عام وزارة المالية اعتباراً من 18/12/1981 وتقارير كفايته بمرتبة ممتاز، وقد حصل على دبلوم الدراسات العليا في الإدارة العامة وعلاوة تشجيعية بسبب تميزه في أداء عمله واجتاز الدورة التدريبية للإدارة العليا، إلا أنه فوجئ بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 322 لسنة 1989 بتعيين ………….. في وظيفة رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير من الدرجة العالية على الرغم من أنه يسبقه في أقدمية درجة مدير عام ويتوافر في شأنه اشتراطات شغل هذه الوظيفة وبجلسة 7/2/1991 حكمت المحكمة بحكمها المستأنف السالف الإشارة إليه وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن الجهة الإدارية استندت في تخطيها المدعى إلى عدم توافر القدرة على القيادة والتوجيه ووضع الخطط والبرامج ومتابعتها في حين أن المطعون على ترقيته له خبرة واسعة في كافة المجالات ويتمتع بموضوعية في أدائه لعمله والمحافظة على أسراره، وهو قول مرسل لم يقم عليه دليل من الأوراق بل يدحضه ما حوته بيانات أداء المدعى عن الأعوام من 85 إلى 1988 وما حوته بما يفيد قدرته على تحمل القيادة وكفاءته الفنية وانضباطه وحسن علاقته بزملائه، واستخلصت المحكمة أنه لا يقل كفاءة عن المطعون على ترقيته ومن ثم ما كان يجوز طالما أنه قدم منه في درجة مدير عام.
ويقوم الطعن على أسباب مجملها أن الحكم المطعون فيه قد خالف أحكام القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن صياغة القرار المطعون فيه تؤكد أنه قرار تعيين وليس قرار ترقية، كما أن الموازنة العامة لوزارة المالية (الديوان العام عن عام 89/90) قسمت وظائف الوزارة إلى ثلاث كادرات (كادر الموازنة العامة – كادر الحسابات والحسابات الختامية كادر الأقسام العامة) وكل كاد له مجموعاته الوظيفية والمدرجات التى تشملها كل مجموعة على حده والمواصفات المشترطة في شاغليها، وإذ صدر القرار المطعون فيه بترقية …………….. في وظيفة رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير وهى وظيفة واردة بكادر الأقسام العامة وكان المذكور يشغل وظيفة مدير عام بكادر الميزانية فإن القرار المطعون فيه يكون قرار تعيين وليس قرار ترقية، وقد استوفى المطعون عليه كافة اشتراطات التعيين.
وأضاف تقرير الطعن أنه حتى مع التسليم بأن القرار المطعون عليه قرار ترقية فإنه سليم ولا مطعن عليه إذ أن ملف المطعون على ترقيته ناطق بالتميز وهو ما أجمع عليه وزارة المالية المتعاقدين منذ عام 1978، وأنه يتمتع بكفاءة عالية في مجالات العمل الفنى وكفاءة نادرة في الأداء وقد رخص له بالسفر للولايات المتحدة الأمريكية لمدة أربعة عشرة أسبوعاً للتدريب في مجال تقييم المشروعات، وكذلك إلى دولة الكويت لحضور ندوة إدارة الإنفاق العام وانتدب للعمل بالمكتب الفنى لوزير المالية منذ يناير 1978 ومارس جميع التخصصات والمسئوليات وهو ما يؤكد اقتدار المطعون على ترقيته وسلامة القرار المطعون عليه، أما بالنسبة للمطعون ضده فالثابت أنه يشغل وظيفة كبير باحثين شئون عاملين بدرجة مدير عام وهى وظيفة تكرارية وليست رئاسية أو قيادية وشاغلها لا يكتسب صفات ومزايا حق القيادة.
ومن حيث إنه يتعين ابتداء تحديد طبيعة القرار المطعون فيه حيث يترتب على تحديد هذه الطبيعة بالضرورة وحكم اللزوم ترتيب الآثار القانونية التى يتعين إنزالها على هذا القرار لدى بحث مشروعيته، حيث تختلف الأحكام التى تحكم قرار التعيين عن الأحكام التى تحكم قرار الترقية.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن العبرة في تحديد طبيعة القرار الإدارى ليست بألفاظه ومبانيه ولكن بمضمونه وفحواه، فلا يتقيد بتكييف القرار بعباراته وإنما بالأثر القانونى المترتب عليه، وأن صياغة القرار بلفظ تعيين لا يخرجه بصفة تلقائية عن نطاق وتطبيق أحكام الترقية إذا ما كان في حقيقته ومضمونه لا يعدو أن يكون قراراً بالترقية، أساس ذلك: أن قرار الترقية الذى أجاز القانون الطعن عليه إذا تضمن تخط لأحد العاملين إنما ينصرف أساساً إلى تعيين الموظف في درجة مالية أعلى من درجته وهو بالطبع يشمل تصعيد العامل أيضاً في سلم التدرج الوظيفى ليشغل وظيفة أعلى من وظيفته، وهو بهذا المعنى يعتبر تعديلاً في المركز القانونى للعامل يكون من شأنه تقديمه على غيره في مدارج السلم الوظيفى والإدارى.
ومن حيث إنه بتطبيق ذلك على القرار المطعون فيه فإن الثابت تضمنه تعديلاً في المركز القانونى للعامل الذى صدر القرار بشأنه وهو …………….. والشاغل لوظيفة من درجة مدير عام ليشغل وظيفة رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير، وهى وظيفة تعلو وظيفته في سلم التدرج الوظيفى، وهو بذلك لا يعدو أن يكون قرارا بالترقية حتى ولو جاء بلفظ التعيين، خاصة وأن الإجراءات السابقة على صدور هذا القرار جميعها إجراءات ترقية وليست إجراءات تعيين. وهو الأمر البين من حافظة المستندات المقدمة من الجهة الإدارية الطاعنة التى تضمنت صورة المذكرة المرفوعة من وزير المالية لرئيس مجلس الوزراء رفق مشروع القرار وكتب الرقابة الإدارية والمدعى العام الاشتراكى وبيان الحالة الوظيفية للمطلوب ترقيته.
ومن حيث إن المادة 37 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 تنص على أن تكون الترقية لوظائف الدرجتين الممتازة والعالية بالاختيار وذلك على أساس بيانات تقييم الأداء وما ورد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز …
ويشترط في الترقية بالاختيار أن يكون العامل حاصلاً على مرتبة ممتاز عن السنتين الأخيرتين ويفضل من حصل على مرتبة ممتاز في السنة السابقة مباشرة وذلك مع التقيد بالأقدمية في ذات مرتبة الكفاية ………).
ومن حيث إنه من الأمور المستقرة أن الترقية بالاختيار ولئن كانت من الأمور التى تترخص فيها جهة الإدارة، إلا أن مناط ذلك أن يكون هذا الاختيار قد استمد من عناصر صحيحة مؤدية إلى صحة النتيجة التى انتهت إليها. وأن تجرى مفاضلة حقيقية وجادة بين العاملين للتعرف على مدى تفاوتهم في مضمار الكفاية بحيث لا يتخطى الأحدث الأقدم إلا إذا كان الأحدث أكثر كفاية، وهو أمر تمليه دواعى المشروعية، فإذا لم يقع الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار وفسد القرار الذى اتخذ على أساسه، وأن هذه المفاضلة لا تكون بالضرورة والحكم إلا بين العاملين في وحدة واحدة والذين تربطهم وحدة الميزانية والأقدمية، ولا يمكن أن تتم هذه المفاضلة والمنافسة بين أحد العاملين بوحدة وعامل آخر بوحدة أخرى لكل منهما أقدمية منفصلة وفى موازنات مختلفة.
ومن حيث إن الثابت من مطالعة الموازنة العامة لوزارة المالية (الديوان العام) أنها قسمت وظائف الوزارة إلى ثلاثة كوادر مستقلة وهى: كادر الموازنة العامة والتمويل، وكادر الحسابات والمديريات المالية، وكادر الأقسام العامة وأن كل كادر من هذه الكوادر الثلاثة يعتبر في حكم الوحدة المستقلة عن الأخرى حيث يدرج للعاملين من شاغلى المجموعات النوعية ولكل كادر أقدمية مستقلة عن أقدمية العاملين بالكادرات الأخرى، ومقتضى ذلك ولازمه أن الترقية على وظيفة مدرجة بإحدى هذه الكوادر يتنافس عليها الشاغلون للوظائف الأدنى في هذا الكادر وحده وفقاً لشروط الصلاحية والأفضلية، ولا يدخل في هذه المنافسة شاغلو ذات الوظيفة في كادر آخر حتى ولو توافرت بشأنهم التفضيل والأقدمية.
ومن حيث إن الثابت أن قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 322 لسنة 1989 قد تضمن صدور قرار الترقية على وظيفة رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير وهى مدرجة بكادر الأقسام العامة بديوان عام وزارة المالية لأحد شاغلى وظيفة مدير عام بكادر الميزانية وهو السيد/ ……………… فإن القرار بهذه المثابة يكون قد أدخل في المنافسة لشغل هذه الوظائف بغير حق عاملاً من كادر مختلف وليس له أصل حق في ذلك.
وعليه فإن إفصاح الجهة الإدارية عن إرادتها في إجراء الترقية إلى هذه الوظيفة يكون قائماً إلا أنه لم يصادف المحل الصحيح له، ولا تستطيع المحكمة في مثل هذه الحالة أن تحدد المستحق له لهذه الترقية من بين المتنافسين عليها في ذات الكادر المدرجة به الوظيفة حيث يستلزم الأمر العودة مرة أخرى إلى الجهة الإدارية لتحديد المستحق لهذه الترقية ومن تاريخ القرار المطعون عليه والذى تتوافر في شأنه شروط الصلاحية والتفضيل للترقية في هذا التاريخ، وهو الأمر الذى يؤدى إلى القضاء بالإلغاء المجرد للقرار المطعون عليه وليس الإلغاء النسبى، ويكون الأثر المترتب على هذا الإلغاء المجرد عودة الحال إلى ما كانت عليه قبل صدور قرار رئيس مجلس الوزراء المطعون عليه – مع التأكيد على بقاء إرادة الإدارة في الترقية والإفصاح عنها وفى حدود هذا الإفصاح – بحيث تستعيد الجهة الإدارية سلطتها في إصدار قرار جديد بالترقية إلى هذه الوظيفة مع استبعاد من رقى عليها بغير الطريق القانونى ومن بين المتنافسين عليها من ذات الكادر الذى تنص عليه هذه الوظيفة ومراعاة الشروط القانونية للترقية بالاختيار من حيث شروط الصلاحية والتفضيل وعلى أن يكون ذلك من تاريخ القرار الملغى.
ومن حيث إن الحكم المطعون عليه قد انتهى إلى إلغاء القرار رقم 322 لسنة 1989 فيما تضمنه من تخطى المدعى (المطعون ضده) في الترقية إلى وظيفة رئيس الإدارة المركزية لشئون مكتب الوزير من الدرجة العالية بكادر الأقسام العامة بديوان عام وزارة المالية. فإنه يتعين تعديله ليكون بإلغاء القرار المذكور إلغاء مجرداً وليس إلغاء نسبياً على النحو السابق تفصيله.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبتعديل الحكم المطعون فيه ليكون بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 322 لسنة 1989 المطعون فيه إلغاء مجرداً وكما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اشترك في القائمة البريدية