طعن رقم 1174 لسنة 40 بتاريخ 12/11/1995 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
طعن رقم 1174 لسنة 40 بتاريخ 12/11/1995 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ صلاح عبد الفتاح سلامة نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمةوعضوية السادة الأساتذة المستشارين / محمد عبد الرحمن سلامة و مصطفى محمد المدبولى أبو صافى و السيد محمد السيد الطحان و إدوارد غالب سيفين نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم السبت الموافق 19 من فبراير 1994 أودعت هيئة قضايا الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1174 لسنة 40 قضائية عليا وذلك فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد أ فى الدعوى رقم 574 لسنة 48 القضائية بجلسة 21ديسمبر 1993 والقاضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وطلبت هيئة قضايا الدولة – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه مع إلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن المشار إليه ارتأت فيه للأسباب المبينة بالتقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 6 مارس 1995 حيث نظر الطعن بالجلسة المذكورة والجلسات التالية، وبجلسة 3 يوليو 1995 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 8 أكتوبر 1995 حيث تم نظر الطعن ومناقشة أدلته التفصيلية وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسباب عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – أنه بتاريخ 31أكتوبر 1993 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 574 لسنة 48 قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد أ طلب فى ختامها بصفته قيما على كل من عبود عبد اللطيف الزمر وطارق عبد الموجود الزمر الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار منع زيارتهما فى محبسهما، وذلك تأسيساً على أنه قيم على كل من عبود عبد اللطيف الزمر وطارق عبد الموجود الزمر اللذين يقضيان فترة عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة المقضى بها على كل منهما فى الجناية رقم 462 لسنة 1981 أمن دولة عليا والمعروفة بتنظيم الجهاد، وأن المدعى عليهما (الطاعنان) أصدرا قراراً بمنع الزيارة عن كل من عبود وطارق الزمر وآخرين بالرغم من أن حق زيارة ومراسلة المسجون مقرر فى الدستور والقانون ونظمته لائحة السجون الأمر الذى يعد معه قرار المنع من الزيارة عدواناً على حق قرره القانون ويشكل عقوبة جديدة فرضت على المحكوم عليهما دون سند من الدستور أو القانون وأنه إذا كان قد قصد معاقبة المحكوم عليهما بهذا القرار فقد تضمنت أيضا عقاب المدعى (المطعون ضده) بمنعه من زيارتهما، وعلى ذلك يكون القرار المطعون عليه قد صدر مخالفاً لأحكام الدستور والقانون ومشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة.
وفى مجال الرد على الدعوى قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم اصلياً بانعدام الخصومة فى الدعوى واحتياطياً برفض الدعوى فى شقيها العاجل والموضوعى، واستندت فى الطلب الأصلى إلى انعدام صفة رافع الدعوى وفى الطلب الاحتياطى إلى أن الجهة الإدارية استعملت سلطتها التقديرية المخولة لها بمقتضى المادة 42 من قانون تنظيم السجون التى أجازت لها منع الزيارة مطلقاً أو مقيداً فى أوقات معينة لأسباب صحية أو متعلقة بالأمن.
وبجلسة 21 ديسمبر 1993 أصدرت محكمة القضاء الإدارى – دائرة منازعات الأفراد- حكمها الطعين القاضى بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب، وأقامت قضاءها على أن مفاد المادتين 38، 42 من قانون تنظيم السجون أن المشرع بعد أن قرر للمحكوم عليه حق الزيارة والتراسل أجاز فى المادة 42 من ذات القانون لأسباب صحية أو أمنية حق الزيارة أو منعه مطلقاً فى أوقات معينة، وأنه ولئن كانت الجهة الإدارية قد أقرت صراحة بأن منع الزيارة فى الحالة الماثلة كان بناء على أسباب أمنية مع اجازة الزيارة بإذن من النيابة العامة، فإن الجهة الإدارية لم تفصح عن ماهية الأسباب الأمنية التى استندت إليها فى إصدار القرار، كما أنها نزلت عن اختصاصها فى الأذن بالزيارة للنيابة العامة دون سند من القانون مما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال المتمثل فى قطع الصلة بين المحكوم عليهما وبين ذويهم.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه أخطأ تطبيق القانون وتفسير ذلك أن المشرع أباح للجهة الإدارية – بمقتضى المادة 42 من قانون تنظيم السجون – المنع المطلق للزيارة أو تقييد هذا الحق بما يتناسب والأسباب التى تراها مصلحة السجون وأن النيابة العامة هى الجهة المنوط بها الإشراف على السجون وتبعاً لذلك يكون لها الإذن بالزيارة فى ضوء ما يستجد من ظروف المسجونين، وبالتالى فإن تقدير حق الزيارة بناء على إذن من النيابة العامة لا يعدو نزولاً عن اختصاص مصلحة السجون للنيابة العامة، وأن الحكم الطعين لم ينظر أسباب القرار المطعون فيه رغم قيامها صحيحة فى الوقائع ومبررة قانوناً لإجراء منع الزيارة، وعلى ذلك يكون الحكم المطعون فيه جديراً بالإلغاء.
ومن حيث أن المشرع نظم فى الفصل الثامن من القانون رقم 396 لسنة 1956 فى شأن تنظيم السجون أحكام الزيارة والمراسلة للمحكوم عليهم، حيث تضمن المواد التالية بصفوفها: مادة 38 يكون لكل محكوم عليه الحق فى التراسل ولذويه أن يزوره وذلك طبقاً لما تبينه اللائحة الداخلية وللمحبوسين احتياطياً هذا الحق دون إخلال بما يقضى به قانون الإجراءات الجنائية بشأنهم فى هذا الصدد.
مادة 40:- للنائب العام أو المحامى العام ولمدير عام السجون أو من يليه أن يأذنوا لذوى المسجون بزيارته فى غير مواعيد الزيارة العادية إذا دعت لذلك ضرورة.
مادة 42:- يجوز أن تمنع الزيارة مطلقاً أو مقيداً بالنسبة إلى الظروف فى أوقات معينة وذلك لأسباب صحية أو متعلقة بالأمن.وتنص المادة 43 الواردة بالفصل التاسع الخاص بتأديب المسجونين على أن الجزاءات التى يجوز توقيعها على المسجونين هى:-………………
6- وضع المحكوم عليه بفرقة التأديب المخصوصة التى تعينها اللائحة الداخلية لمدة لا تزيد على ستة أشهر.
ويترتب على ذلك الحرمان من الزيارة والتراسل خلال المدة التى تقضى بهذه الفرقة.
وقد صدرت اللائحة الداخلية للسجون بقرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1961 المعدل بالقرارين رقمى 989 لسنة 1977، 1980 ) متضمنة النصوص التالية:-
مادة 64:- يكون للمحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة أو السجن أو الحبس مع الشغل الحق فى التراسل ولذويهم أن يزوروهم بعد مضى شهرين من تاريخ تنفيذ العقوبة ثم تكون زيارتهم وتراسلهم ما دام سلوكهم حسناً – على الوجه الآتى:
( أ ) تكون الزيارة مرة واحدة شهرياً للمحكوم عليه بالأشغال الشاقة المنفذ عليهم بالليمانات.
مادة 71:- مدة الزيارة العادية ربع ساعة، أما الزيارة الخاصة التى يصرح بها بالتطبيق للمادة 40 من القانون فيجوز أن تزيد هذه المدة على ألا تتجاوز نصف ساعة، ويجوز لمدير السجن أو المأمور إطالة المدة إذا دعت لذلك ضرورة.
مادة 76:- لا يصرح بالزيارة أثناء وقفها لأسباب صحية إلا بموافقة مدير عام السجون مع اتخاذ الإجراءات الصحية المناسبة قبل الزائرين.
ومن حيث أن مفاد النصوص المتقدمة أن المشرع حرص على أن يهيئ للمسجون وسائل الاتصال بالعالم الخارجى رفعاً لروحه المعنوية وتيسيراً لمعيشته داخل السجن وتأكيداً للصلة التى تربطه بذويه وأصدقائه، ومن ثم فقد نظمت نصوص الفصل الثامن من القانون رقم 396 لسنة 1956 فى شأن تنظيم السجون أحكام الزيارة والمراسلة، فأعطت لكل محكوم عليه الحق فى التراسل، وأعطت لذويه الحق فى زيارته زيارة عادية بعد مضى شهرين من تاريخ تنفيذ العقوبة وذلك لمرة واحدة شهرياً بالنسبة للمحكوم عليهم بالأشغال الشاقة المنفذ عليهم بالليمانات مع تحديد مدة الزيارة بربع ساعة، كما أعطت لذويه فى أحوال الضرورة الحق فى زيارة خاصة فى مواعيد الزيارة العادية بناءً على إذن من النائب العامل أو المحامى العام أو مدير عام السجون أو من يليه ولمدة لا تزيد على نصف ساعة مع جواز إطالة هذه المدة إذا دعت إلى ذلك ضرورة وبموافقة مدير السجن أو من يليه.
وكأثر للعقاب التأديبي رتب المشرع على مجازاة المحكوم عليه بعقوبة الحجز بفرقة التأديب المخصوصة حرمانه من الزيارة والتراسل خلال المدة التى تقضى بهذه الغرفة والتى لاتزيد على ستة أشهر، أما عن المنع من الزيارة فقد أجاز المشرع منعها منعا مطلقا أو مقيدا – بحسب المظروف – فى أوقات معيدة أما لأسباب صحية أو لأسباب متعلقة بالأمن، واجازت اللائحة التصريح بالزيارة أثناء وقفها لأسباب صحية بموافقة مدير عام السجون مع اتخاذ الإجراءات الصحية المناسبة قبل الزائرين.
ومن حيث أنه ولئن كانت جهة الإدارة غير ملزمة بتسبيب قرارها، إلا أنه إذا أ فصحت جهة الإدارة عن سبب قرارها أو كان القانون يلزمها بتسبيبه فان ما تبديه منه يكون خاضعا لرقابة القضاء الإداري وله فى سبيل أعمال رقابية أن يمحصه للتحقيق من مدى مطابقة أو عدم مطابقة للقانون وأثر ذلك فى النتيجة التى إنتهى إليها القرار، وهذه الرقابة القانونية لركن السبب تجد حدها الطبيعى فى التأكد مما إذا كانت النتيجة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً، فإذا كانت منتزعة من غير أصول موجودة أو كانت مستخلصة من أصول لا تنتجها أو كان تكييف الوقائع على فرض وجودها مادياً لا يثمر النتيجة التى يتطلبها القانون كان القرار فاقداً لركن السبب ووقع مخالفاً للقانون، كما أن للقضاء الإدارى فى سبيل مباشرة ولايته فى تسليط الرقابة القضائية على القرارات الإدارية أن يكلف جهة الإدارة بالإفصاح عن سبب قرارها وبأن تطرح فى ساحته الأصول التى استمدت منها هذا السبب، بحيث يعتبر امتناع الإدارة عن الإفصاح عن سبب قرارها أو حجب الأصول التى استجمت منها قرينة على عدم قيام القرار على صحيح سببه.
ومن حيث أنه على هدى ما تقدم جميعه ولما كان الثابت من ظاهر الأوراق أنه بتاريخ 23 أكتوبر 1993صدر قرار مدير عام السجون (الطاعن الثانى) بمنع الزيارة عن المحكوم عليهما عبود عبد اللطيف الزمر وطارق عبد الموجود الزمر المودعين ليمان طره لتنفيذ عقوبة الأشغال الشاقة المقضى بها عليهما فى القضية رقم 462 لسنة 1981 أمن دولة إلا بتصريح من النيابة العامة وذلك لأسباب متعلقة بالأمن طبقاً للمادة 42 من القانون رقم 396 لسنة 1956 فى شأن تنظيم السجون، ولم يفصح مصدر القرار ماهية الأسباب الأمنية التى دعت لإصدار هذا القرار، ولم تطرح الجهة الإدارية فى ساحة القضاء الإدارى أى أصول استمدت منها هذه الأسباب الأمنية، وإنما امتنعت عن الإفصاح عن سبب قرارها وحجبت الأصول التى استمدته منها، واكتفت بالقول بأن القرار الصادر منها يستند لأسباب متعلقة بالأمن مما يعد من قبيل الأقوال المرسلة التى يتعين الالتفات عنها، وكل ذلك يقيم قرينة على عدم قيام القرار على صحيح سببه فيضحى مخالفاً لأحكام القانون.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد ذهب هذا المذهب وقضى بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون وأصاب وجه الحق فى قضائه مما يكون معه الطعن عليه غير قائم على أساس سليم من القانون متعين الرفض.
ومن حيث أنه لا حجاج فيما نعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه من أن المشرع أباح للجهة الإدارية المنح المطلق للزيارة أو تقييد هذا الحق بما يتناسب والأسباب التى تراها وأن النيابة العامة هى الجهة المنوط بها الإشراف على السجون وتبعاً لذلك يكون لها الإذن بالزيارة فى ضوء ما يستجد من ظروف المسجونين، كما أن تقييد حق الزيارة بناء على إذن من النيابة العامة لا يعد نزولاً عن اختصاص مصلحة السجون للنيابة العامة لا حجاج فى ذلك إذ أن حق الإشراف القضائى المقرر للنيابة العامة بموجب المادة (85) من القانون رقم 396 لسنة 1956 لم يسند إلى النيابة العامة هذا الاختصاص، وإنما جاء تمشياً مع ما يقضى به قانون الإجراءات الوقائية من أحكام خاصة بالحبس الاحتياطى (المواد من 134 إلى 143) أو خاصة بتنفيذ العقوبات المقيدة للحرية (المواد من 478 إلى 490) ومن هذا فقد خولت المادة (85) سالفة الذكر حق الإشراف القضائى للنائب العامة ووكلائه فى دوائر اختصاصهم الدخول فى جميع أماكن السجن فى أى وقت للتحفز مما تقضى به القوانين واللوائح ولاتخاذ ما يرونه لازماً بشأن ما يقع من مخالفات فى هذا الصدد، أما حقوق الزيارة المقررة للمحكوم عليهم فقد نظمها القانون على النحو السالف بيانه ولم يخول النيابة العامة فى هذا الخصوص سوى منح الإذن بالزيارة الخاصة الوارد بالمادة (40) منه، فإذا كان ذلك وكان المنح من الزيارة لمقتضيات الأمن متى قام على أسباب واهية لا يرتفع إلا بزوال هذه الأسباب فإنه لا يسوغ عقلاً القول بأن إذن النيابة العامة مما ترتفع به الأسباب الواقعية لمقتضيات الأمن ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا النهى على الحكم الطعين.
ومن حيث أن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (184) مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنين بصفتيهما المصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ